برامج مجانية

تحميلات نداء الابمان تحت الصورة

تحميلات : برنامج الذاكرالقرآن مع الترجمةبرنامج القرآن مع التفسيربرنامج القرآن مع التلاوةبرنامج المكتبة الالكترونية.

*********** 9 مصاحف في الوسط جاهزة جديدة

/ /   /

Translate الترجمة

الثلاثاء، 31 يناير 2023

طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية نجم الدين بن حفص النسفي

 

طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية نجم الدين بن حفص النسفي

ص -10- بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

الحمد للّه الّذي رفع العلم وأهله ووضع الرّاضي بالجهل وجهله. والصّلاة على رسوله المصطفى محمّد الّذي علّم به الجهّال وهدى به الضّلّال.

قال الشّيخ الإمام الزّاهد نجم الدّين زين الإسلام فخر الأئمّة أبو حفص عمر بن محمّد بن أحمد النّسفيّ رحمة اللّه عليه سألني جماعة من أهل العلم شرح ما يشكل على الأحداث الّذين قلّ اختلافهم في اقتباس العلم والأدب ولم يمهروا في معرفة كلام العرب من الألفاظ العربيّة المذكورة في كتب أصحابنا الأخيار وما أورده مشايخنا في نكتها من الأخبار إعانة لهم على الإحاطة بكلّها وإغناء عن الرّجوع إلى أهل الفضل لحلّها فأجبتهم إلى ذلك اغتناما لمسألتهم ورغبة في صالح أدعيتهم واللّه الموفّق والمثيب عليه توكّلت وإليه أنيب.

 

ص -11-         كتاب الطّهارة:

افتتحت بقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "مفتاح الصّلاة الطّهور".

وهو على ألسنة الفقهاء بفتح الطّاء ومسموعي من أهل الإتقان من مشايخي رحمهم اللّه بضمّها وهو الصّحيح لان الطّهور بالضّمّ الطّهارة وهو المراد بهذا الحديث وبالفتح هو اسم ما يتطهّر به من الماء والصّعيد قال اللّه تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً}1 وقال النّبيّ عليه السلام: "التّراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج".

ونظيره من اللّغة السّحور وهو ما يتسحّر به والسّعوط وهو ما يستعط به وكذلك قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "لا يقبل اللّه صلاة امرئ بغير طهور" وهو بالضّمّ أيضا فأمّا قوله عليه السلام: "لا يقبل اللّه تعالى صلاة امرئ حتّى يضع الطّهور مواضعه" فهذا بالفتح لأنّ المراد به الماء الّذي يتطهّر به أو التّراب الّذي يتيمّم به. وقول النّبيّ عليه السلام: "الوضوء شطر الإيمان" أي شرط جواز الصّلاة لأنّ الشّطر في الأصل هو النّصف والإيمان هاهنا أريد به الصّلاة كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي صلاتكم إلى بيت المقدس.

سمّيت الصّلاة إيمانا لأنّ جوازها وقبولها به فجعل الوضوء نصف الصّلاة على معنى أنّهما فعلان أحدهما وهو الوضوء شرط الآخر وهو الصّلاة.

والاستنجاء طلب طهارة القبل والدّبر ممّا يخرج من البطن بالتّراب أو الماء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورة البقرة143.

 

ص -12-         قال صاحب مجمل اللّغة النّجو: ما يخرج من البطن.

وقال القتبيّ أصله من النّجوة وهي الارتفاع من الأرض، وكان الرّجل إذا أراد قضاء الحاجة تستّر بنجوة فقالوا ذهب ينجو كما قالوا ذهب يتغوّط إذا أتى الغائط وهو المكان المطمئنّ من الأرض لقضاء الحاجة.

ثمّ سمّي الحدث نجوا واشتقّ منه استنجى إذا مسح موضعه أو غسله.

والاستطابة: كذلك وهي طلب الطّيب أي الطّهارة.

والاستجمار: التّمسّح بالجمار وهي جمع جمرة وهي الحجر قال النّبيّ عليه السلام: "إذا استجمرت فأوتر وإذا توضّأت فاستنثر".

والإيتار: أن تجعل ذلك وترا لا شفعا.

والاستنثار: الاستنشاق وهو جعل الماء في النّثرة أي الأنف قاله القتبيّ في الدّيوان النّثرة الفرجة بين الشّاربين حيال وترة الأنف.

وقال في مجمل اللّغة النّثرة: الخيشوم وما والاه ونثرت الشّاة إذا طرحت من أنفها الأذى.

والخيشوم أقصى الأنف ويروى فاستنتر بتاء معجمة من فوقها بنقطتين أي اجتذب الذّكر مرّة بعد مرّة وهو الاستبراء.

ويروى فانتر أي ادلك من حدّ دخل.

والمضمضة: تطهير الفم بالماء، وأصلها تحريك الماء في الفم.

والاستنشاق: تطهير الأنف بالماء وأصله من قولهم استنشق الرّيح أي تنسّمها.

والاستبراء: الاستنظاف وهو طلب النّظافة باستخراج ما بقي في الإحليل ممّا يسيل والاستبراء في الجارية من هذا وهو تعرّف نظافة رحمها من ماء الغير

 

ص -13-         بحيضة وكذا قولك للمنكوحة استبرئي رحمك كناية عن الطّلاق وهو في أصل الوضع أمر بالاعتداد الّذي به تعرف نظافة الرّحم.

واليد تغسل إلى المرفق وهو ما بين الذّراع والعضد وفيه لغتان مرفق بفتح الميم وكسر الفاء ومرفق بكسر الميم وفتح الفاء.

والرّجل تغسل إلى الكعب وهو العظم النّاتئ عند أبي حنيفة وأبي يوسف مأخوذ من الكاعب وهي الجارية الّتي نتأ ثديها أي ارتفع من حدّ صنع وهي مهموزة وأكعب الفصيل إذا ارتفع سنامه.

وعند محمّد الكعب: هو العظم المربّع الّذي عند معقد الشّراك والتّكعّب التّربّع وسمّيت الكعبة بها لتربّعها

وقولهم في حدّ الوجه: هو من قصاص الشّعر بضمّ القاف هو حيث ينتهي إليه شعر الرّأس.

وقولهم: البياض الّذي بين العذار وشحمة الأذن.

فالعذار رأس الخدّ.

وشحمة الأذن ما لان منها.

وقصبة الأنف عظمه.

والمارن ما لان منه.

وقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "ويل للعراقيب من النّار" هي جمع عرقوب وهو عصب العقب.

والولاء: في الوضوء هو المتابعة يقال والى بين الشّيئين أي تابع بينهما وأصله القرب يقال وليه ويليه أي قرب منه.

ومنه قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليلني منكم أولو الأحلام والنّهى" أي ليقرب منّي أي وليقم خلفي بقرب منّي والرّواية الصّحيحة بحذف الياء بين اللّام والنّون لأنّه أمر

 

ص -14-         والأمر مجزوم وسمّيت المتابعة بين أفعال الوضوء ولاء لما فيها من تقريب البعض من بعض.

والتّرتيب في الوضوء والصّلاة ترك التّقديم والتّأخير أصله مراعاة مراتب المذكورات.

والوضوء مأخوذ من الوضاءة وهي النّظافة والحسن يقال وضؤ يوضؤ وضاءة فهو وضيء من حدّ شرف أي حسن ونظف والمتوضّئ ينظّف أعضاءه ويحسّنها.

والوضوء يذكّر ويراد به غسل اليد وحدها قال النّبيّ عليه السلام: "الوضوء قبل الطّعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللّمم" أي الجنون لأنّه تنظيف لليد وتحسين لها.

والوضوء ممّا مسّته النّار.

والوضوء من ثور أقط، أي: قطعة منه.

والوضوء من مسّ الذّكر هذا كلّه محمول عندنا على غسل اليد لما قلنا.

وقال النّبيّ عليه السلام في مسّ الذّكر: "إنّما هو بضعة منك" بفتح الباء أي قطعة لحم مجتمعة والبضع القطع من حدّ صنع.

اغترف غرفة بضمّ الغين فمسح بها رأسه وأذنيه هي قدر ما يغترف بالكفّ.

والصّلاة في اللّغة هي الدّعاء ويستشهدون في ذلك بقول القائل وهو قول الأعشى:

تقول بنتي وقد قرّبت مرتحلا                     يا ربّ جنّب أبي الأوصاب والوجعا

عليك مثل الّذي صلّيت فاغتمضي              نوما فإنّ لجنب المرء مضطجعا

هذا رجل أراد أن يسافر وقد قرّب مرتحله بفتح الحاء أي راحلته وهي مركبه الّذي يضع عليه رجله ويركبه فدعت له ابنته وقالت: يا ربّ أبعد عن أبي

ص -15-         الأوجاع فإنّ الأوصاب جمع وصب وهو الوجع وإنّما عطف الوجع على الأوصاب ومعناهما واحد لمغايرة اللّفظين فأجابها أبوها فقال عليك مثل الّذي صلّيت أي لك مثل ما دعوت لي وهذا دعاء لها بمثل دعائها له. وقوله اغتمضي أي غمّضي عينيك للنّوم فلا بدّ للمرء أن يكون لجنبه مضطجع بفتح الجيم أي موضع اضطجاع ويستشهدون أيضا بقول الآخر:

وصهباء طاف يهوديّها                              وأبرزها وعليها ختم

وقابلها الشّمس في دنّها                        وصلّى على دنّها وارتسم

الصّهباء الخمر الحمراء واليهوديّ هاهنا صاحبها يقول هذا اليهوديّ الّذي هو صاحب هذه الخمر طاف عليها وأبرزها أي أخرجها وختم عليها ووضعها في مقابلة الشّمس في دنّها ودعا على دنّها وارتسم أي كبّر وتعوّذ وحذّر انكسار الدّنّ وانصباب الخمر يصف عزّتها عليه ورغبته فيها وحذره عليها.

وللصّلاة معان أخر ذكرناها في أوّل كتاب حصائل المسائل وغرضي هاهنا شرح الألفاظ الّتي أوردها أصحابنا ومشايخنا في كتبهم فلم أتعدّها إلى غيرها.

وقوله عليه السلام: ويحذف التّكبير أي لا يمدّه وحقيقة الحذف الإسقاط أي يسقط الألف الزّائدة في أوّله.

وقول النّبيّ عليه السلام: "التّكبير جزم" أي مقطوع المدّ وقيل أي مقطوع حركة الآخر للوقف وكذا قول النّبيّ عليه السلام: "الأذان جزم" فإنّ الصّواب أن يقول اللّه أكبر بتسكين الرّاء ولا يقف على الرّفع وكذا سائر كلماته الأواخر.

وتعديل أركان الصّلاة تسويتها أي إتمام فرائضها.

ويعتمد على راحتيه أي كفّيه والرّاحة والرّاح الكفّ.

ويبدي ضبعيه بتسكين الباء أي عضديه وفي شرح الغريبين وغريب

 

ص -16-         الحديث للقتبيّ، الصّحيح يبدّ ضبعيه بدون الياء مشدّد الدّال والإبداد المدّ أي يباعدهما عن جنبيه.

ويجافي عضديه عن جنبيه أي يباعد قال اللّه تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}1 أي يتباعد حتّى يرى عفرة إبطيه أي بياضهما.

والنّقر في الصّلاة تخفيف السّجود على النّقصان كنقر الدّيك وهو التقاطه الحبّ عن سرعة.

وافتراش الذّراعين بسطهما.

والإقعاء في اللّغة: إلصاق الأليتين بالأرض ونصب السّاقين ووضع اليدين على الأرض كما يفعل الكلب. وعند الفقهاء هو: أن يضع أليتيه على عقبيه بين السّجدتين.

وقيل هو أن يجلس على وركيه.

والتّورّك: أن يقعد على وركه الأيسر ويخرج رجليه إلى يمينه.

وفرقعة الأصابع تنقيضها.

ولا يضع يديه على خاصرتيه، الخاصرة المستدقّ فوق الوركين ويستدلّون على هذا بحديثه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نهى عن الاختصار في الصّلاة وله وجوه أخر.

قيل هو الاتّكاء على المخصرة أي العصا والعكّازة.

وقيل هو قراءة آية أو آيتين من آخر السّورة.

والاعتجار: هو لفّ العمامة على الرّأس وابداء الهامة وهو فعل الشّطّار.

وقيل هو ترك التّلحّي أي شدّ بعض العمامة تحت الحنك.

وقيل هو التّقنّع بالمنديل كما تفعله النّساء بمعاجرهنّ ويوردون في بعض النّكت هذا البيت الّذي قيل في أبي يوسف القاضي رحمه اللّه تعالى:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 السجدة: من الآية16

 

ص -17-                                    جاءت به معتجرا ببرده     سفواء تردي بنسيج وحده

أي جاءت السّفواء وهي البغلة الخفيفة النّاصية به أي بأبي يوسف والباء هاهنا للتّعدية.

معتجرا أي في حال ما كان متقنّعا ببرده الّذي هو رداؤه أو طيلسانه تردي أي تسرع هذه البغلة والرّديان سير بين العدو والمشي الشّديد من حدّ ضرب بنسيج وحده والباء للتّعدية أيضا ونسيج وحده يعني أبا يوسف وهو فريد عصره وأصله في الثّوب النّفيس الّذي لا ينسج على منواله غيره.

والتّصويب والتّدبيج معا بالدّال والذّال ألفاظ رويت ومعناها خفض الرّأس في الرّكوع وقد نهي عنه.

والتّطبيق في الرّكوع أن يجمع بين كفّيه ويجعلهما ما بين ركبتيه. وعقص الشّعر هو أن يلويه على الرّأس ويجمعه من حدّ ضرب.

وقول النّبيّ عليه السلام في ذلك: "ذاك كفل الشّيطان" بكسر الكاف وتسكين الفاء أي معقد الشّيطان وأصله كساء يدار حول سنام البعير وقيل هو كساء يعقد طرفاه على عجز البعير ليركبه الرّديف وقيل هو ما يكتفل به الرّاكب من كساء ونحوه أي يجعله تحت كفله أي عجزه ومعانى هذه الكلمات واحدة.

والتّوشّح بالثّوب التّلفّف به.

"لا يقبل اللّه تعالى صلاة من لا يمسّ أنفه الأرض كما يمسّ جبهته" بضمّ الياء وكسر الميم من قولهم أمسّ الشّيء أي جعله ماسّا وقد مسّ بنفسه يمسّ من حدّ علم وأمسّه غيره أي حمله عليه.

"أمرت أن أسجد على سبعة آراب" بمدّ الألف جمع إرب وهو العضو.

ص -18-         وقوله عليه السلام: "ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنّها أذناب خيل شمس" بضمّ الميم جمع شموس كقولك رسول وجمعه رسل والشّموس الّذي يمنع ظهره أي لا يترك أحدا يركبه وقد شمس شماسا من حدّ دخل.

تثاءب في صلاته الصّحيح بالهمزة بدون الواو والاسم منه الثّؤباء بضمّ الثّاء وفتح الهمزة ومدّ الآخر وقول النّبيّ عليه السلام: "إذا تثاءب أحدكم فليكظم فاه" أي ليضمّه ويشدّه. وقول أبي سعيد مولى أبي أسيد بفتح الألف عرّست بأهلي فدعوت إلى ذلك رهطا من الصّحابة يقال أعرس الرّجل يعرس إعراسا أي بنى بأهله وهو حملها إلى بيته وعرس بها من حدّ علم أي لزمها.

فأمّا التّعريس فهو النّزول في آخر اللّيل بعد السّير في أقلّه ومنه ليلة التّعريس.

وقوله عليه السلام: "ولا يجلس على تكرمة أخيه" وهو صدر بيته والموضع الّذي حسّنه وهيّأه لجلوسه.

وقوله عليه السلام: "لا صلاة لمنتبذ" أي لمنفرد خلف الصّفّ من قولك نبذ كذا إذا ألقاه وانتبذ لازم له أي ألقى نفسه خلف الصّفّ.

وقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي بكرة رضي اللّه عنه حين دبّ راكعا حتّى التحق بالصّفّ: "زادك اللّه حرصا ولا تعد" يروى هذا بثلاث روايات.

إحداها ولا تعد بفتح التّاء وضمّ العين وجزم الدّال من العود وهو نهي عن المعاودة إلى مثله لأنّه مكروه. والثّانية ولا تعد بضمّ التّاء وكسر العين وجزم الدّال من الإعادة وهو نهي عن إعادة الصّلاة لما أنّها لم تفسد بهذا القدر.

والثّالثة ولا تعد بفتح التّاء وتسكين العين وضمّ الدّال من العدو وهو نهي عن

 

ص -19-         السّرعة في المشي في الصّلاة، وبيان أنّ الخطوة ونحوها لا تقطع الصّلاة والمشي عن سرعة تقطع.

وروى عليّ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "تحت كلّ شعرة جنابة فبلّوا الشّعرة وأنقوا البشرة" قال عليّ فمن ثمّ عاديت شعري أي استأصلته وحلقته ليصل الماء إلى ما تحته.

وقيل: أي رفعته عند الغسل من قولهم عاديت رجلي عن الأرض أي جافيتها وعاديت الوسادة أي ثنيتها.

وقولها: إنّي أشدّ ضفر رأسي بفتح الضّاد وهو شدّ الضّفيرة وهي الذّؤابة.

وقوله عليه السلام: "لا يضرّ الجنب والحائض أن لا ينقضا شعرهما إذا بلغ الماء شؤون شعرهما" جمع شأن والشّؤون مواصل قطع الرّأس ومنها تجيء الدّموع.

وفي الخبر ومن يملك نشر الماء بفتح الشّين أي ما انتشر منه يقال رأيت نشرا أي قوما منتشرين.

وفي الخبر: "موت ما ليس له نفس سائلة في الماء لا يفسده" أي دم سائل.

المائعات الذّائبات ماع يميع أي ذاب ويراد بها السّائلات.

وفي حديث العرنيّين قتلوا الرّعاء بكسر الرّاء ومدّ الآخر هو جمع الرّاعي وفيه: سمل أعينهم هو فقء العين بشوك أو غيره ويروى فسمر أعينهم بالرّاء أي أحمى لها مسامير الحديد وكحّلهم بها جمع مسمار وفيه أنّه ألقاهم في الحرّة هي الأرض الّتي عليها حجارة سود.

وفيه: يكدمون الأرض، الكدم العضّ من حدّ دخل وضرب جميعا.

وقوله عليه السلام: "نعم لو كنت على ضفّة نهر جار" بكسر الضّاد هي جانب النّهر.

ومن الواقعات في الماء الصّرار وهو اسم لشيئين.

 

ص -20-         أحدهما دويبّة تصرّ باللّيل أي تصوّت وهو بالفارسيّة ورّوك.

والآخر تصرّ بالنّهار في الصّيف وهو بالفارسيّة زلّه ومنها الأخطب وهي دويبّة صغيرة يقال لها بالفارسيّة سبوي شكنك وهو اسم للشّقراق أيضا وللصّرد.

وأصله أنّ الأخطب هو الحمار الّذي بظهره خضرة والخطبان الحنظل وقد أخطب الخطبان أي صارت فيه خطوط خضر.

وفي مسألة التّرتيب يروون حديث عمر رضي اللّه عنه أنّه رأى أعرابيّا توضّأ وقد بقي لمعة هي بضمّ اللّام ومن فتحها فقد أخطأ وهي قطعة من البدن أي العضو لم يصبها الماء في الاغتسال أو الوضوء.

وأصله في اللّغة قطعة من نبت أخذت في اليبس وفي هذا الحديث أنّ عمر رضي اللّه عنه أعطاه خميصة هي كساء أسود مربّع له علمان.

وقيل هو ثوب خزّ أو صوف معلّم بالسّواد والضّفدع بكسر الدّال.

ويذرق الطّائر بضمّ الرّاء وكسرها لغتان ويزرق بالزّاي مكان الذّال لغة أيضا أي يلقي خرأه.

والتّور المذكور في أوّل الجامع الصّغير هو إناء يشرب منه.

وقوله عليه السلام لخولة: "حتّيه" أي حكّيه وقيل أي اقشريه.

نزح ماء البئر أي استخرجه والمستقبل منه ينزح بفتح الزّاي ونزفه استخرجه كلّه والمستقبل منه ينزف بكسر الزّاي.

وتمعّك شعره أي ذهب.

والبالوعة بئر المغتسل.

والمذي بتسكين الذّال ماء رقيق أبيض يخرج عند ملاعبة الأهل والفعل منه مذيت وأمذيت.

 

ص -21-         والودي بتسكين الدّال ما يخرج بعد البول.

والمنيّ النّطفة هذا بالتّشديد والمذي ساكنة الذّال.

وإذا التقى الختانان أي موضع ختان الرّجل وموضع المرأة.

والحشفة ما فوق الختان.

وأبو اليسر بيّاع العسل من الصّحابة مفتوح الياء والسّين.

ولقيط بن صبرة راوي حديث المبالغة في المضمضة مفتوح الصّاد والباء هو لقيط بن عامر بن صبرة ينسب إلى جدّه ولقيط هذا أبو رزين العقيليّ يعرف بكنيته.

والحوض الكبير الّذي لا يخلص بعضه إلى بعض الخلوص هو الوصول وفسّره الفقهاء بالتّحريك والصّبغ وغير ذلك كما عرف.

وبئر بضاعة بضمّ الباء أصحّ ويقال بالكسر أيضا وهي بئر معروفة بالمدينة.

والقلّة جرّة يقلّها إنسان أي يحملها أي هي بقدر ما يطيق حملها واحد.

كان له ثوب ينشف أعضاءه بعد وضوئه أي ينتشر به من حدّ علم والجبائر الّتي تربط على الجرح جمع جبيرة وهي العيدان الّتي تجبر بها العظام.

والدّسعة الدّفعة من القيء.

والقلس بفتح اللّام ما يخرج من الفم بالقيء وبتسكينها المصدر منه.

والصّديد الدّم المختلط بالقيح والقيح الصّفرة الّتي لا دم فيها.

ورعف من حدّ دخل أي سال رعافه ورعف من حدّ شرف لغة ضعيفة فيه ورعف على ما لم يسمّ فاعله أي صار مرعوفا أي معلولا بعلّة الرّعاف.

وسلس البول: استرخاء سبيله.

واستطلاق البطن: سيلان ما يخرج منه.

 

ص -22-         فمن ضحك منكم قرقرة أي قهقهة وهما الضّحك مع الصّوت.

وتنخّم أي أخرج النّخامة وهي البلغم.

وتوضّئوا من ثور أقط أي قطعة منه.

أنتوضّأ من ماء سخن بضمّ السّين وتسكين الخاء هو الحارّ.

وفي حديث عكراش بن ذؤيب أتينا بقصعة كثيرة الثّريد كثيرة الوذر أي قطع اللّحم والواحدة وذرة بفتح الواو وتسكين الذّال وهي القطعة من اللّحم.

وفرك المنيّ من الثّوب يفركه من حدّ دخل أي حتّه وأزاله.

ومن غمّض ميّتا بتشديد الميم أي ضمّ أجفانه.

وغسل المحاجم أي مواضع الحجامة وقد احتجمت أنا وحجمني الحجّام يحجمني من حدّ دخل حجامة.

وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم للمستحاضة: "خذي فرصة ممسّكة" أي قطعة من قطن أو صوف والممسّكة المطيّبة بالمسك إزالة لريح دم القبل.

وقيل أي مأخوذة وهي من قولك مسّك بالشّيء وتمسّك به قال اللّه تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ}1 وقال لها: "تلجّمي واستثفري" أي شدّي فرجك بخرقة عريضة توثقين طرفيها في شيء تشدّين ذلك على وسطك لمنع الدّم مأخوذ من اللّجام والثّفر للدّابّة.

ولو وطئ على مشاقة أي مشاطة وهو ما يسقط من الشّعر بالامتشاط يريد به إنّ من وطئ الشّعر الّذي زال عن الإنسان بالمشط أو الحلق أو التّقصير وهو ساقط على الأرض فوطئه لا ينسّجه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  الأعراف: من الآية170

 

ص -23-         وقوله لو داس الطّين أي وطئه برجليه وهو من قولك داس الطّعام يدوسه دياسة.

وقولهم إنّ الرّيح تسفيها بفتح التّاء من باب ضرب أي تذروها.

وأخثاء البقر جمع خثى بكسر الخاء وهو الرّوث.

وقوله وإن كان يعتريه ذلك كثيرا أي يأتيه ويعرض له وقد عراه يعروه واعتراه يعتريه أي أتاه وأصابه قال اللّه تعالى: خبرا عن قوم هود عليه السلام: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ}1

أي عرض لك.

وقوله نضح فرجه أي رشّ عليه والمستقبل منه ينضح بكسر الضّاد.

والدّم المسفوح يراد به السّائل وقد سفحه يسفحه بالفتح أي هراقه.

والحلمة القراد العظيم وجمعها الحلم بإسقاط الهاء.

وإذا انتضح البول عليه مثل رءوس الإبر جمع إبرة وهو تمثيل للتّقليل.

والإغماء الغشي وقد أغمي عليه أي غشي عليه.

والخابية الحبّ وأصلها مهموز لأنّها تخبئ ما يجعل فيها أي تستره.

والإجّانة المركن بتشديد الجيم والإنجانة بزيادة النّون خطأ.

واذا ولغ الكلب في الإناء أي جعل فيه لسانه وشرب منه ولغ يلغ ولوغا من حدّ صنع.

وقوله عليه السلام: "وعفّروا الثّامنة بالتّراب" أي مرّغوا ولطّخوا.

وقوله عليه السلام: "إذا وقع الذّباب في الإناء فامقلوه" أي اغمسوه من حدّ دخل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 هود: من الآية54.

 

ص -24-         ويجوز الاستصباح بالدّهن النّجس أي إيقاد المصباح وهو السّراج.

وفي الحديث ذكر المسح على المشاوذ والتّساخين فالمشوذ العمامة وجمعها المشاوذ.

والتّساخين الخفاف واحدتها تسخن أو تسخان وقيل لا واحد لها من لفظها كالأبابيل والإبل والنّسوة.

والخفّ الثّخين هو خلاف الرّقيق وقد ثخن ثخانة من حدّ شرف.

والمنعّل الّذي جعل عليه النّعل.

وفي حديث المسح على الجرموق حديث عمر رضي اللّه عنه أتي بعسّ من لبن وهو القدح العظيم.

والتّيمّم التّعمّد. والصّعيد التّراب والصّعيد الأرض أيضا من قوله تعالى: {صَعِيداً زَلَقاً}1

وقوله إلى: "عشر حجج" أي سنين واحدتها حجّة بكسر الحاء.

ولا يمسح على القفّازين مشدّد الفاء القفّاز شيء تلبسه النّساء في أيديهنّ لتغطية الكفّ والأصابع ومنه الحديث رخّص للمحرمة في القفّازين يقال لها بالفارسيّة دسّت موزه.

والجرموق فارسيّ معرّب وأصله جرموك.

وأسلع من الصّحابة بالسّين والصّاد وآخره بعين لها علامة من تحتها.

وتمعّك في التّراب أي تمرّغ فيه.

والنّورة بضمّ النّون ما يتنوّر به أي يطلى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 الكهف: من الآية40.

 

ص -25-         والجصّ بفتح الجيم ليس بعربيّ محض وبالكسر لغة أيضا.

والاستيعاب الاستيفاء.

والرّدغة والرّدغة بتسكين الدّال وفتحها الوحل الشّديد والوزعة بالزّاي المفتوحة كذلك.

والسّراب ما يتخايل ماء.

والمحبوس في المخرج أي في المتوضّأ. والصّلاة بالإيماء أي بالإشارة وقد أومأت بالهمزة كذلك في اللّغة والفقهاء يقولون أوميت وهو على وجه تليين الهمزة. وكذلك يقولون الصّلاة أجزته واللّغة أجزأته أي كفته.

ويقولون استبريت الجارية واللّغة استبرأت وعلى هذا حديث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "حتّى يستبرين بحيضة" هو بالياء على ألسن الفقهاء ويمنعهم الأدباء عن التّلفّظ بهذا ويقولون بل يقال: "حتّى يستبرئن" لكنّ الرّواية بالياء ثابتة لأنّ النّبيّ عليه السلام: كان لا يهمز.

 

ص -26-         كتاب الصّلاة:

والأذان الإعلام،

وقالوا نضرب. بالشّبّور أي بالبوق وهو الّذي يضرب به اليهود وقالوا نضرب بالنّاقوس وهو الّذي يضرب به النّصارى.

والهنيّة ببنية التّصغير السّاعة اليسيرة. والتّرجيع في الأذان ترديد الشّهادتين أي تكريرهما.

والتّثويب الدّعاء مرّة بعد مرّة من قولك ثاب أي رجع وقيل هو من قولهم ثوّب الطّليعة أي رفع ثوبه على عود وحرّكه يعلم النّاس بذلك عن مجيء العدوّ وهو المبالغة في الإعلام والمؤذّن كذلك يفعل إذا ثوّب.

والتّرسّل في الأذان هو الإبطاء فيه وكذلك في القراءة وقد ترسّل فيهما.

والحدر الإسراع في الأذان والقراءة وقد حدر يحدر من حدّ دخل. وقول عمر رضي اللّه عنه أما تخشى أن تنقطع مريطاؤك هي ما بين السّرّة إلى العانة وقال في مجمل اللّغة ما بين الصّدر إلى العانة من البطن.

والّذي يواظب على الأذان أفضل من غيره أي يداوم الوظوب والمواظبة المداومة وقد وظب كوعد وواظب.

وجبت الشّمس أي غابت وأصل الوجوب السّقوط.

إذا قام قائم الظّهيرة وهو نصف النّهار في القيظ أي الصّيف. والهاجرة ما بعد

 

ص -27-         الزّوال إلى قرب العصر وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه إذا كان في الشّتاء بكّر بالظّهر بالتّشديد أي أتى بها في أوّل الوقت وإذا كان في الصّيف أبرد بها أي حين ينكسر الوهج أي توقّد الحرّ بفتح الهاء وتسكينها وروي أنّه كان يصلّي الظّهر بالهجير أي الهاجرة.

وقوله عليه السلام: "أبردوا بالظّهر فإنّ شدّة الحرّ من فيح جهنّم" أي غليانها.

والتّنوير بالفجر أداؤها حين يستنير النّهار.

وأسفروا بالفجر أي حين يضيء النّهار.

والفجر فجران مستطيل أي يظهر طولا في السّماء ثمّ يعقبه ظلام أي يخلفه ويأتي بعده من حدّ دخل ويسمّى ذنب السّرحان أي الذّئب. ومستطير أي منتشر في الأفق من قوله تعالى: {كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} الانسان: 7 وهو الّذي ينتشر يمنة ويسرة عرضا. والشّفق بقيّة ضوء الشّمس وهو الحمرة عند أبي يوسف ومحمّد رحمهما اللّه والبياض عند أبي حنيفة رحمه اللّه وهو قول كبار الصّحابة رضوان اللّه عليهم أجمعين.

ودلوك الشّمس من حدّ دخل زوالها وقيل غروبها وأصله الميلان.

والتّعريس قد مرّ تفسيره وفيه قول آخر وهو نومة آخر اللّيل بعد سري أوّله.

وقوله عليه السلام: "لن يلج النّار عبد صلّى قبل العصر أربعا" الولوج الدّخول

وأن نقبر فيها موتانا أي ندفن يقال قبره أي دفنه في القبر وأقبره أي جعل له قبرا والمراد من قوله نقبر أي نصلّي على الميّت فإنّ الدّفن في هذا الوقت مطلق.

"من ثابر على اثنتي عشرة ركعة" أي داوم.

 

ص -28-         وتكرار الجماعة في مسجد الشّوارع والقوارع جائز الشّارع الطّريق الأعظم وقارعة الطّريق أعلاه.

وقوله عليه السلام في الوتر: "هي خير لكم من حمر النّعم" بتسكين الميم جمع أحمر والنّعم واحد الأنعام وهي البهائم وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل والإبل الحمر أعزّ أموال العرب فأخبر أنّها خير من الأموال النّفيسة.

والقنوت في الوتر الدّعاء وفي قوله عليه السلام: "أفضل الصّلاة طول القنوت" هو القيام وفي قوله تعالى: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}1 هو الطّاعة وفي القنوت وإليك نسعى ونحفد أي نسرع للخدمة وقول اللّه تعالى: {بَنِينَ وَحَفَدَةً}2 أي أعوانا وخدما وفي صفة النّبيّ عليه السلام: محفودا أي مخدوما.

وفي حديث قنوت الفجر ذكر رعل بفتح الرّاء وتسكين العين هو اسم قبيلة وذكوان وعصيّة وأسلم وغفار قبائل أيضا.

وفيه: "واشدد وطأتك على مضر" أي عقوبتك وأخذك وفي آخر القنوت: "إنّ عذابك بالكفّار ملحق" بكسر الحاء وهو المرويّ وهو بمعنى اللّاحق يقال لحقه وألحقه بمعنى واحد.

مكّن جبهتك من الأرض حتّى تجد حجمها أي شدّتها وقوله حتّى يتبيّن له حجم عظامها أي نشوزها ونتوّها والأوّل من هذا أيضا.

وكوّر العمامة دوّرها وقد كار العمامة أي لفّها.

"لا تنتفعوا من الميتة بإهاب" أي جلد لم يدبغ رواه عبد اللّه بن عكيم مضموم العين مفتوح الكاف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 البقرة: 116

2 النحل: 72

 

ص -29-         وقول عليّ رضي اللّه عنه إذا قعدت المرأة في الصّلاة فلتحتفز، أي فلتستوفز ومعنى ذلك: الاستعجال وهو أن تجلس وهي تريد تعجيل القيام.

وإذا كان الثّوب يشفّ بكسر الشّين أي يرقّ حتّى يرى ما تحته.

والمراهقة الجارية الّتي قاربت البلوغ والمراهق الغلام الّذي قارب ذلك ومن صلّى إلى سترة فليرهقها بفتح الياء والهاء ليقاربها من قولهم رهقه الشّيء أي غشيه وأدركه.

ونهى عن بروك كبروك الجمل وهو أن يبدأ بأعاليه إذا انحطّ إلى الأرض والجمل يفعل كذلك وأصله وضع البرك على الأرض أي الصّدر بفتح الباء وتسكين الرّاء.

"حتّى إذا صارت الشّمس بين قرني الشّيطان" أي ناحيتي رأسه لأنّه روي أنّ الشّمس إذا طلعت قارنها الشّيطان وكذلك إذا غربت وعبدة الشّمس يستقبلونها في العبادة وقد استقبلوا الشّيطان ونهينا نحن عن الصّلاة ساعتئذ مخالفة لهم.

قام ونقر أربعا وفي رواية: صلّى أربعا ينقر فيها نقر الدّيك وأراد به تخفيف السّجود على النّقصان من قولهم نقر الطّائر الحبّ أي التقطه من حدّ دخل وهو غاية السّرعة.

"وكلّ صلاة لم يقرأ فيها بأمّ الكتاب فهي خداج" أي ناقصة نقصان فضيلة يقال خدجت النّاقة إذا ألقت ولدها قبل وقت النّتاج وإن كان تامّ الخلق وأخدجت إذا جاءت به ناقصا وإن كان لتمام وقت النّتاج.

"اقتلوا ذا الطّفيتين" أي الحيّة ذات الخطّين على ظهرها كخوصتين من المقل.

والأبتر الحيّة الّتي لا ذنب لها.

"واقتلوا الأسودين" أي الحيّة والعقرب.

وعبد اللّه ابن بحينة : راوي حديث سجدتي السّهو مضمومة الباء مفتوحة الحاء

 

ص -30-         هي اسم أمّه وهو عبد اللّه بن مالك ينسب إلى أمّه ، وجماعة من الصّحابة رضي اللّه عنهم يعرفون بالنّسبة إلى أمّهاتهم كشرحبيل ابن حسنة وعبد الرّحمن ابن حسنة ينسبان إلى أمّهما ، وأبوهما عبد اللّه بن المطاع بن عمرو الكنديّ ، وكسهيل بن البيضاء الّذي صلّى عليه رسول اللّه في المسجد ينسب إلى أمّه ، وأبوه وهب بن ربيعة بن هلال القرشيّ ، وهذا أيضا كذلك وبحينة هي بنت الحارث بن المطّلب بن هاشم بن عبد مناف وهو عبد اللّه بن مالك بن القشب من أزد شنوءة وينسب ففيقال: الأسديّ بالتّسكين وإذا حذفوا التّعريف قالوا أزديّ بالزّاي.

وقدّر الشّافعيّ رحمه اللّه مدّة السّفر بأربعة برد جمع بريد وهو اثنا عشر ميلا.

وقوله عليه السلام: "للظّاعن ركعتان" أي للمسافر وقد ظعن يظعن بفتح العين أي سار وارتحل والمصدر الظّعن بفتح الظّاء وفتح العين وتسكينها لغتان.

والحيرة من قرى الكوفة وكذا القادسيّة.

وأمّا النّجف فهو ناحية بها وفيها مشهد عليّ رضي اللّه عنه ومساكن جيرانه.

والمنقلة المرحلة.

والجدّة الشّاطئ وهو جانب البحر أو النّهر.

وطلل السّفينة جلالها وهو بالفارسيّة بادبان كشتّى.

وقوله عليه السلام: "فإنّا قوم سفر" بتسكين الفاء أي مسافرون وهو اسم على وزن المصدر فيصلح للواحد والاثنين والجمع والذّكر والأنثى.

وقول عليّ رضي اللّه عنه لو كنّا جاوزنا ذلك الخصّ لقصرنا بضمّ الخاء وهو بيت يتّخذ من قصب قال الفزاريّ:

الخصّ فيه تقرّ أعيننا                             خير من الآجرّ والكمد

 

ص -31-         وفي مسائل الحيض:

ذكر الدّم العبيط وهو الخالص الطّريّ. والدّم المحتدم هو المحترق وقد احتدم اليوم أي أشتدّ حرّه.

وقوله عليه السلام: "تقعد المرأة شطر عمرها لا تصوم ولا تصلّي" الشّطر النّصف واستدلّ الشّافعيّ بظاهره على أنّ أكثر الحيض خمسة عشر وأقلّ الطّهر خمسة عشر ليستوي النّصفان وقلنا أعمار هذه الأمّة على ما عليه الأعمّ الأغلب ستّون سنّة وخمس عشرة سنّة مدّة الصّبا وبقيّة العمر ثلثها في الأعمّ الأغلب حيض عشرة عشرة وثلثاها طهر عشرون عشرون فاستوى النّصفان في الصّوم والصّلاة وتركهما من هذا الوجه

وقالوا أيضا أراد به انقسام عمرها إلى شيئين وإن لم يستو القسمان كما يقال نصف عمر فلان سفر ونصفه إقامة إذا تعوّدهما وإن لم تستو مدّتاهما.

وقول عائشة رضي اللّه عنها لا حتّى ترين القصّة البيضاء.

قيل هي شيء كالخيط الأبيض يخرج عند انقطاع الدم.

وقيل معناه حتّى تخرج الخرقة كالجصّ الأبيض فالقصّة الجصّ ومنه النّهي عن تقصيص القبور أي تجصيصها.

ومن ألوان الحيض التّريّة قال الشّيخ الإمام شمس الأئمّة الحلوانيّ رحمه اللّه منهم من يخفّف ياء هذه الكلمة ومنهم من يشدّدها.

 

ص -32-         قال وقال محمّد بن إبراهيم الميدانيّ هي ليست بشيء قال.

وقيل: بأنّ موضع الفرج إذا اشتدّت فيه الحرارة تحلّب منه ماء رقيق فذلك هو التّريّة.

قال وقيل هي بين الكدرة والصّفرة قال المصنّف رحمه اللّه وقيل هي الّتي على لون الرّئة مشتقّة منها.

وقيل: هي التّربيّة بزيادة باء قبل الياء منسوبة إلى التّرب وهي الّتي على لون التّراب.

وفي غريب الحديث لأبي عبيد أنّ التّريّة هي الشّيء اليسير الخفيّ يريد به الخفاء في اللّون يعني لونا غير خالص وهو أقلّ من الكدرة والصّفرة.

قال ولا يكون التّريّة إلّا بعد الاغتسال فأمّا ما كان في أيّام الحيض فهو حيض وليست بتريّة

وقيل هو ما يتراءى أنّه حيض.

وفي مجمل اللّغة ذكر في فصل الرّاء والواو والياء وقال التّريّة ما تراه المرأة من الحيض صفرة أو غيرها قال ويقال تريئة بالهمزة.

قال المصنّف رحمه اللّه فعلى القول الأوّل هو تفعلة والواو صارت ياء وأدغمت في الياء الّتي بعدها.

وعلى القول الثّاني فعيلة.

وقال الخليل في كتاب العين في فصل الرّاء والهمزة والياء التّريئة مكسورة الرّاء ممدودة مهموزة والتّرية مكسورة التّاء والتّرية مكسورة الرّاء خفيفة والتّرية مجزومة الرّاء كلّ هذه لغات وتفسيرها ما ترى المرأة من الحيض صفرة وبياضا قبلا وبعدا.

 

ص -33-         وإذا سال منخراه بفتح الميم وكسر الخاء وبكسرهما لغتان وهما جوفا الأنف، والنّخير صوت الأنف من حدّ ضرب وقال في مجمل اللّغة: النّخرة بضمّ النّون الأنف.

 

ص -34-         في باب الجمعة:

يروى في الحديث: "لا جمع اللّه شمله" أي ما تشتّت من أمره ويقال فرّق اللّه شمله أي ما اجتمع من أمره وهو من الأضداد.

وفي الحديث: "من قال لصاحبه والإمام يخطب صه فقد لغا" صه كلمة تقال للإسكات ولغا أي قال باطلا وقد لغا يلغو من حدّ دخل ولغي يلغى من حدّ علم لغتان

وفي الحديث: "من مسّ الحصى فقد لغا" قيل كأنّه تكلّم بباطل

وقيل أي مال عن الصّواب وقيل أي خاب.

أرتج عليه بضمّ الهمزة وكسر التّاء وتخفيف الجيم أي أغلق عليه يعني عجز عن التّكلّم وقد أرتج الباب أي أغلقه الرّتاج الباب العظيم.

لا بأس بأداء الجمعة في الطّاقات والسّدّة هي الظّلّة الّتي عند باب المسجد والظّلّة الّتي حول المسجد وقد تكون السّدّة الباب وأراد بالطّاقات طاقات حوائطها وأبوابها.

والجلوس محتبئا هو أن ينصب ركبتيه ويجمع يديه عند ساقيه وكان احتباء الواحد من العرب بجمع ظهره وساقيه بثوب والاسم منه الحبوة بضمّ الحاء وكسرها.

بكّر وابتكر أي أتى الجمعة أوّل وقتها لا يريد به الإتيان بكرة النّهار وابتكر أي أدرك أوّل الخطبة من الباكورة.

 

ص -35-         وغسل بالتّخفيف أي غسل الأعضاء وغسّل بالتّشديد أي حمل امرأته على الغسل بأن وطئها حتّى أجنبت ثمّ اغتسلت وندب إلى ذلك لأنّه أغضّ للبصر في الطّريق.

والموالاة بين القراءتين في صلاة العيد هي المتابعة بينهما وهي أن يؤخّر القراءة عن التّكبيرات في الأولى ويقدّمها على التّكبيرات في الثّانية.

ونادى في أهل العوالي جمع عالية وهي ما فوق نجد إلى أرض تهامة أي في القرى الّتي هي في أعالي المدينة.

أمر بخروج العواتق إلى مصلّى العيد جمع عاتق وهي الجارية الّتي أدركت فخدّرت ولم تزفّ إلى الزّوج.

والتّشريق الخروج إلى المشرقة للصّلاة وهي المكان الّذي شرقت عليه الشّمس أي طلعت وأشرقت أي أضاءت ونسبت تكبيرات هذه الأيّام إلى التّشريق لوقوعها في أيّام العيد.

وقيل: التّشريق تجفيف لحوم الأضاحيّ في الشّمس.

أمير الموسم أصله المجمع من مجامع العرب ويراد به هاهنا مجمع الحاجّ.

وقوله عليه السلام في الشّهداء: "زمّلوهم بكلومهم ودمائهم فإنّهم يبعثون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما" أي لفّوهم يقال تزمّل بنفسه وازّمّل بتشديد الزّاي والميم أي تلفّف والكلوم جمع كلم وهو الجرح وقد كلمه يكلمه من باب ضرب أي جرحه وتشخب من باب دخل وصنع أي تسيل والشّخب بضمّ الشّين مصدره.

وارمسوني في التّراب من باب دخل أي ادفنوني والرّمس تراب القبر خاصّة.

وقوله: فإنّي وفلانا على الجادّة هي الطّريق الأعظم.

 

ص -36-         وقصته ناقته في أخاقيق جرذان فقال: "لا تخمّروا رأسه ووجهه فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّدا أو قال ملبّيا".

قوله وقصته أي ألقته ودقّت عنقه من حدّ ضرب.

والأخاقيق جمع أخقوق وهو الشّقّ في الأرض والجرذان بكسر الجيم جمع جرذ بضمّها وهو الفأرة العمياء. ولا تخمّروا أي لا تغطّوا وملبّدا من قولك لبّد الحاجّ رأسه أي ألصق شعره بلزوق من صمغ ونحوه صيانة له عن القمل.

وأشعث أي يبعث مع علامة الإحرام وملبّيا أي قائلا لبّيك اللّهمّ لبّيك وهو شعار الحجّ أيضا.

وكان على حمزة نمرة هي كساء مخطّط ملوّن مأخوذ من النّمر وفارسيّته بلنك.

وكفّن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في ثلاثة أثواب سحوليّة أي بيض من القطن والسّحل كذلك.

وقيل: هو منسوبة إلى موضع يسمّى سحولا ينسج به. وقالت عائشة رضي اللّه عنها في تسريح ميّت علام تنصّون ميّتكم أي تأخذون ناصيته.

والسّدر ورق شجر النّبق وهو غسول.

والخطميّ نبت يغسل به الرّأس.

والماء القراح الّذي لا يخالطه شيء.

وقد أجمر وترا أي جمع ثلاثا أو خمسا وقيل أي طيّب بعود أحرق في مجمر.

والحمل بين العمودين هما قائمتا السّرير.

والجنازة بالكسر والفتح لغتان ويقال الجنازة بالفتح الميّت والجنازة بالكسر

 

ص -37-         السّرير مأخوذ من الجنز وهو التّسيّر قال ذلك في مجمل اللّغة.

ما دون الخبب وهو ضرب من العدو من حدّ دخل يقال خبّ الفرس خببا إذا راوح بين يديه أي مال على هذه مرّة وعلى هذه مرّة وهو بالفارسيّة يويه رفّتن.

ويسجّى قبر المرأة بثوب أي يستر به.

وارتثاث الجريح حمله من المعركة وبه رمق أي بقيّة روح مأخوذ من الثّوب الرّثّ أي الخلق يعني لم يمت حين جرح بل صار خلقا.

واستهلّ الصّبيّ أي رفع صوته وصاح عند الولادة.

ومن أكفان المرأة الدّرع وهو قميص النّساء هذا مذكّر ودرع الرّجال وهي درع الحديد مؤنّثة سماعا.

وسدل الشّعر إرخاؤه من باب دخل.

وقوله عليه السلام للنّساء اللّاتي أعطاهنّ حقوه -أي إزاره- لتكفين ابنته رضي اللّه عنها "أشعرنها إيّاه" أي اجعلنه شعارها أي يلي شعر جسدها أشعر من باب أدخل.

"ارجعن مأزورات" أي موزورات من الوزر أي الأثم وآزرة أي آثمة ويقال وزره أي جعله ذا إثم وإنّما جعله مهموزا مع أنّ أصله الواو للازدواج بقوله: "غير مأجورات" كما يقال آتيك بالغدايا والعشايا والغدوة لا تجمع على غدايا لكن لازدواجه بالعشايا صار كذلك.

وإنّما هما للمهل والصّديد هما واحد وهو الدّم المختلط بالقيح.

وتسنيم القبر رفع ظهره كالسّنام.

هال التّراب أي صبّه قال اللّه تعالى: {كَثِيْبَاً مَهِيْلاً} وأهال لغة فيه.

وفي حديث الاستسقاء: إنّ الأرض أجدبت أي صارت ذات جدب وهو ضدّ

 

ص -38-         ولو أنّ الكعبة تبنى أي صارت إلى حال يحتاج إلى بنائها وهو تجوّز عن إطلاق لفظة الهدم عليها هذا كما قال إذا ذكر الخطيب اسم اللّه تعالى واسم رسوله عليه السلام: واسم الصّحابة سكت السّامع ولم يقل لا يقول جلّ جلاله ولا يصلّي على رسوله ولا يقول رضي اللّه عنه في حقّ الصّحابة تحاميا عن التّصريح بالنّهي عن أعمال البرّ.

وقال في الإكراه إذا أصفى الإمام أرضا ولم يقل غصب لكن قال جعلها صافية لنفسه وهذا ممّا أطرف أصحابنا في العبارة.

 

ص -39-         كتاب الزّكاة:

الزّكاة هي: النّماء يقال زكى الزّرع يزكو أي نما.

وهي الطّهارة أيضا وسمّيت الزّكاة زكاة لأنّه يزكو بها المال بالبركة ويطهر بها المرء بالمغفرة.

والنّصاب الأصل وهو كلّ مال لا يجب فيما دونه الزّكاة.

والسّائمة الرّاعية سامت تسوم سوما أي رعت وأسامها صاحبها يسيمها إسامة قال اللّه تعالى: {فِيهِ تُسِيمُونَ}1.

والعلوفة الّتي تعلف.

والحوامل الحاملات وهي المعدّة لحمل الأثقال.

والعوامل المعدّة للأعمال.

والمثيرة البقرة الّتي تثير الأرض للزّراعة.

والذّود من الإبل ما بين الثّلاث إلى العشر.

والطّروقة بفتح الطّاء الأنثى الّتي ينزو عليها الفحل.

وبنت مخاض هي الّتي استكملت سنة ودخلت في الثّانية سمّيت بها لأنّ أمّها صارت حاملا بولد آخر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  النحل: من الآية10

 

ص -40-         والمخاض اسم للحوامل من النّوق.

وبنت لبون هي الّتي استكملت سنتين ودخلت في الثّالثة سمّيت بها لأنّ أمّها صارت لبونا أي ذات لبن بلبن ولد آخر.

والحقّة هي الّتي استكملت ثلاث سنين ودخلت في الرّابعة سمّيت بها لاستحقاقها الحمل والرّكوب.

والجذعة بفتح الذّال هي الّتي استكملت أربعا ودخلت في الخامسة والذّكر منها ابن مخاض وابن لبون وحقّ وجذع.

وعن ابن زياد رحمه اللّه أنّه قال ابن مخاض ابن سنة وابن لبون ابن سنتين والحقّ ابن ثلاث سنين والجذع ابن أربع سنين والثّنيّ ابن خمس سنين والسّديس ابن ستّ سنين والبازل ابن ثمان سنين وهذا كلّه عن ابن زياد. وقالوا البازل من الإبل الّذي دخل في السّنة التّاسعة والأنثى كذلك سمّي به لطلوع بازله وهو السّنّ الّذي يطلع في تلك السّنة.

وقالوا الجذع قبل أن يصير ثنيّا والجذع من الغنم ما مضى عليه أكثر السّنة والثّنيّ ما دخل في السّنة الثّانية ومن الإبل الجذع ما دخل في السّنة الخامسة.

والثّنيّ ما دخل في السّنة السّادسة وهو الّذي ألقى ثنيّته والأنثى ثنيّة.

وتستأنف الفريضة أي تبتدأ يقال استأنف استئنافا وائتنف ائتنافا أي ابتدأ

والتّبيع من البقر هو الّذي جاوز الحول والتّبيعة الأنثى.

والمسنّ الّذي جاوز حولين والمسنّة الأنثى والجمع المسانّ بفتح الميم.

والسّخلة الصّغيرة من أولاد الغنم.

 

ص -41-         الكوماء النّاقة العظيمة السّنام من حدّ علم والكومة بضمّ الكاف تراب مجموع قد رفع رأسه وقد كوّم كومة أي فعل ذلك.

ارتجعتها ببعيرين أي أخذتها مكان اثنين وقال في ديوان الأدب يقال باع إبله فارتجع منها رجعة صالحة بكسر الرّاء إذا صرف ثمنها فيما يعود عليه بالعائدة الصّالحة.

وقال في مجمل اللّغة الرّاجعة النّاقة تباع ويشترى بثمنها مثلها والثّانية الرّاجعة أيضا وقد ارتجعتها ارتجاعا ورجعتها رجعة.

لا ثنى في الصّدقة أي لا إعادة ولا تكرار ولا تثنية وهو مقصور. وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "لا صدقة إلّا عن ظهر غنى" أي عن فضل غنى وقيل عن قوّة غنى.

ولا يؤخذ في الصّدقة الرّبّى والأكيلة والماخض قال محمّد رحمه اللّه الرّبّى الّتي تربّي ولدها والأكيلة الّتي تسمّن للأكل والماخض الّتي في بطنها ولد وقال في ديوان الأدب الرّبّى الّتي وضعت حديثا أي هي قريبة العهد بالولادة وأكيلة السّبع ما أكله السّبع والأكولة شاة تعزل للأكل والماخض كلّ حامل ضربها الطّلق. وقال في مجمل اللّغة الرّبّى الشّاة الّتي تحبس في البيت للّبن والأكيل المأكول ومنه أكيلة السّبع والماخض الحامل إذا ضربها الطّلق.

وزعم الطّاعن أنّ تفسير محمّد -رحمه اللّه- خطأ بل الرّبّى المربّاة والأكيلة المأكولة وهذا الطّعن مردود عليه وتقليد محمّد في اللّغة واجب فقد كان إماما جليلا في اللّغة قلّده أبو عبيد القاسم بن سلّام صاحب غريب الحديث وغريب القرآن والأمثال وكبار التّصانيف في أشياء من اللّغة مع جلالة قدره وعلوّ أمره وتفسير صاحب الدّيوان وصاحب المجمل للرّبّى بما فسّرا على وفق تفسير محمّد رحمه اللّه أيضا فإنّ الّتي ولدت والّتي تحبس في البيت للّبن مربّية لا مربّاة وتفسير الأكيلة

 

ص -42-         الخصب وحقيقته يبسها عن النبات لعدم المطر، وأقحط الناس أي صاروا في القحط وهو احتباس المطر.

وفيه كانت السماء كالزجاجة ليس فيها قزعة بفتح القاف والزاي وهي قطعة من السحاب عظيمة.

وفيه نشأ السحاب: أي ارتفع.

وأرخت السماء عزاليها وهي جمع عزلاء وهي مستخرج ماء القربة يريد به أرسلت مياهها الله.

در أبي طالب أي خيره وهو دعا خير وقول أبي طالب في النبي عليه الصلاة والسلام:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه                  ثمال اليتامى عصمة للأرامل

يصفه بأنه سيد فإن الوصف بالبياض والغرة منهم عبارة عن الجمال والبهاء واستسقاء الغمام بوجهه عبارة عن كونه مباركا ميمونا وثمال اليتامى أي غياثهم والقائم بأمرهم ومطعمهم.

عصمة للأرامل أي تتمتع به النساء اللاتي لا أزواج لهن ويتمسكن به.

حوالينا لا علينا أي حولنا.

علة الآكام جمع أكمة وهي التل أكام جمع وآكام جمع الجمع.

فانقشعت السحابة: أي انكشفت وصارت كالإكليل حول المدينة وهو التاج يتكلل أي يحيط بجوانبه.

ويتنكب قوسا عربية أي يجعلها في منكبه.

{فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} أي نحوه.

تحلقوا أي صاروا حلقة.

 

ص -43-         بما فسّره محمّد أولى وأوفق للأصول من تفسيرهما لأنّ المفعول إذا أخرج على لفظ الفعيل يستوي فيه الذّكر والأنثى ولا يدخل فيها الهاء للتّأنيث يقال امرأة قتيل وجريح فإدخال الهاء في الأكيلة يدلّك على أنّه ليس باسم المأكول نعتا له بل هو اسم لما أعدّ للأكل كالضّحيّة اسم لما أعدّ للتّضحية.

وقال عليه السلام: "ليس في الجبهة ولا في الكسعة ولا في النّخّة صدقة" قال في الدّيوان الجبهة الخيل والكسعة الحمر والنّخّة الرّقيق بفتح النّون وضمّها قال ويقال البقر العوامل قال وقال ثعلب هذا هو الصّواب وأصله من النّخّ وهو السّوق الشّديد قال والنّخّة أيضا أن يأخذ المصدّق دينارا بعد أخذ الصّدقة كما قال الشّاعر وهو الفرزدق:

عمّي الّذي منع الدّينار ضاحية                   دينار نخّة كلب وهو مشهود

يفتخر بعزّة عمّه يقول منع دينار الصّدقة الّتي تؤخذ زيادة ضاحية أي علانية جهارا بارزة وهو مشهود أي فعل ذلك بمحضر النّاس.

وقال القتبيّ: يقال الكسعة الحمير ويقال الكسعة الرّقيق.

والحاصل أنّها العوامل من البقر والإبل والحمير سمّيت بها لأنّها تكسع أي تضرب أدبارها إذا سيقت.

وقيل في الجبهة هي القوم الّذين يحملون الدّية أي إذا وجد عندهم إبل لم يؤخذوا بزكاتها وقيل في النّخّة هي الرّقيق وقيل الحمير وقيل البقر العوامل وقيل الإبل العوامل جميع هذه الأقاويل الأربعة في شرح الغريبين.

وقال عليه السلام: "لا صدقة في الإبل الجارّة ولا القتوبة" الجارّة المجرورة بأزمّتها فاعلة بمعنى مفعولة كما يقال سرّ كاتم أي مكتوم.

 

ص -44-         والقتوبة المقتوبة وهي الّتي توضع الأقتاب على ظهرها جمع قتب بفتح القاف والتّاء وهو رحل صغير على قدر السّنام فعولة بمعنى مفعولة كالرّكوبة والحلوبة.

وقوله عليه السلام: "وإيّاكم وكرائم أموال النّاس" بنصب الميم على التّحذير والكرائم النّفائس.

"وخذ من حواشيها" الحواشي صغار الإبل جمع حاشية.

ورذّال الإبل بضمّ الرّاء وتشديد الذّال خطأ والصّحيح الأرذال جمع رذل بتسكين الذّال بعد فتح الرّاء وهو الخسيس وقد رذل رذالة من حدّ شرف فهو رذل.

ولو منعوني عناقا بفتح العين هي الأنثى من أولاد المعز ولا تجب هذه في الزّكاة لكن معناه لو وجبت هذه ومنعوها لقاتلتهم وفي رواية لو منعوني عقالا بكسر العين وهو صدقة عام، قال الشّاعر:

سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا               فكيف أن لو سعى عمرو عقالين

وقيل: هو الحبل الّذي يعقل به إبل الصّدقة.

وثوب المهنة ثوب الخدمة، وثوب البذلة ما يتبذّل به كلّ وقت.

وقال الأصمعيّ: الصّحيح المهنة بفتح الميم وبالكسر باطل والامتهان الابتذال.

والخليط الشّريك والخلطة الشّركة بكسر الخاء.

التّبر: ما كان من الذّهب والفضّة غير مصوغ.

والنّاضّ: الصّامت، وهو غير الحيوان والنّاطق الحيوان.

والورق: الفضّة بفتح الواو وكسر الرّاء، والورق بفتح الواو وتسكين الرّاء

 

ص -45-         أيضا والورق بكسر الواو وتسكين الرّاء أيضا على التّخفيف ونقل كسرة الرّاء إلى الواو كما فعلوا ذلك في الفخذ وهو اسم للدّراهم المضروبة أيضا قال تعالى: خبرا عن أصحاب الكهف: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ}1 على القراءات الثّلاث.

والرّقة بكسر الرّاء وتخفيف القاف كذلك قال النّبيّ عليه السلام: "وفي الرّقة ربع العشر" وأصله ورقة بكسر الواو وتسكين الرّاء على وزن فعلة كالعدة والزّنة والصّفة وتجمع على الرّقين.

تقول العرب إنّ الرّقين تغطّي أفن الأفين الأفن نقص العقل والأفين فعيل بمعنى مفعول أي الدّراهم تستر عيب المعيب وجهل الجاهل.

رأى في يديّ فتخات جمع فتخة بفتح التّاء والخاء وهي الخاتم بغير فصّ، كنت ألبس.

وضح أوضاحا جمع وضح بفتح الضّاد وهي الحليّ.

وفي يديها مسكتان بفتح السّين أي سواران.

وقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}2 الفقير: المحتاج وقد افتقر أي احتاج وقيل الفقير بمعنى المفقور وهو الّذي أصيب فقاره.

والمسكين: الّذي أسكنه العجز عن الطّوف للسّؤال.

والغارم: المديون الّذي لا يجد ما يقضي به الدّين فإنّ الغرم هو الخسران.

وقيل المسكين الّذي لا شيء له والفقير الّذي له شيء قال الرّاعي يمدح عبد الملك بن مروان ويشكو إليه سعاته:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  الكهف: 19.

2  التوبة: 60.

 

ص -46-                                        أمّا الفقير الّذي كانت حلوبته   وفق العيال فلم يترك له سبد

وفي الرّقاب أي العبيد الّذين ثبت في رقابهم ديون الموالي بالكتابة وقوله: {وَابْنِ السَّبِيلِ} التوبة: من الآية60 أي الّذين في سبيل اللّه وهم فقراء الغزاة وابن السّبيل أي الغريب البعيد عن ماله: {فَرِيْضَةً مِنَ الْلَّهِ}1 أي تقديرا أو إيجابا من اللّه.

إذا كان على رجل دين فناكره سنين أي جحده وهي مفاعلة من الإنكار.

ولا زكاة في مال الضّمار أي الغائب الّذي لا يرجى والإضمار التّغييب قال الشّاعر:

حمدن مزاره فأصبن منه                         عطاء لم يكن عدة ضمارا

والسّاعي آخذ الصّدقات وقد سعى سعاية من حدّ صنع والمصدّق أيضا آخذ الصّدقات.

والعاشر آخذ العشر وقد عشر من حدّ دخل أي أخذ العشر ومن حدّ ضرب إذا صار عاشرا لعشرة.

والعمالة بضمّ العين رزق العامل.

والفيفاء المفازة والفيافي المفاوز والفيف هو المكان المستوي.

وقال عليه السلام: "ليس في الخضراوات صدقة" وهو على ألسن الفقهاء بضمّ الخاء وإثبات الألف والواو بعد الرّاء ولا وجه له وقال المتقنون من مشايخنا الصّحيح ليس في الخضرات بضمّ الخاء بغير الواو جمع خضرة والخضراوات بفتح الخاء جمع خضراء.

والسّعف غصون النّخل جمع سعفة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة التوبة 60.

 

ص -47-         والطّرفاء بفتح الطّاء وتسكين الرّاء واحدها طرفة بفتح الرّاء وفارسيّته كثر.

والذّريرة ما يذرّ على الميّت أي ينشر وقد ذرّه يذرّه من حدّ دخل وهو بالفارسيّة يركنه.

والقرطم بضمّ القاف والطّاء حبّ العصفر وبكسرهما لغة.

وريع الأرض بفتح الرّاء النّماء والزّيادة.

والقصيل الزّرع يقصل أي يقطع.

والوسق وقر بعير وهو ستّون صاعا.

والأفراق جمع فرق قيل هو ستّة وثلاثون رطلا.

وقال القتبيّ الفرق بفتح الرّاء مكيال يسع فيه ستّة عشر رطلا. وهو الّذي جاء في الحديث: "ما أسكر الفرق منه فالجرعة منه حرام" وقال في شرح الغريبين كصاحب فرق الأرزّ هو اثنا عشر مدّا وكان النّبيّ عليه السلام: يغتسل مع عائشة رضي اللّه تعالى عنها من فرق وهو إناء يأخذ ستّة عشر رطلا.

منعت العراق قفيزها ودرهمها ومنعت الشّام مديها وإردبّها أراد بالقفيز العشر وبالدّراهم الخراج والمدي مكيال يأخذ جريبا والإردبّ مكيال ضخم.

والخلايا جمع خليّة وهي موضع النّحل وقال في مجمل اللّغة هي بيت النّحل وهو الّذي يعسل فيه.

وقوله عليه السلام: "ما سقي فتحا" بتاء معجمة من فوقها بنقطتين هو الماء الجاري في الأنهار على وجه الأرض.

وقال في مجمل اللّغة هو ما يخرج من عين أو غيرها.

 

ص -48-         ويروى: "ما سقي سيحا" وهو الماء الجاري على وجه الأرض قال الشّيخ الإمام نجم الدّين رحمه اللّه ولو ثبت ما سقي فيحا بياء معجمة من تحتها بنقطتين فمعناه الصّبّ.

والفوران يقال فاح الطّيب وفاحت القدر أي فارت وغلت ويقال دم مفاح أي مصبوب.

وقوله: "وما سقي بغرب أو دالية أو سانية ففيه نصف العشر" فالغرب بتسكين الرّاء الدّلو العظيمة.

والدّالية المنجنون.

والسّانية النّاقة الّتي يستقى عليها وقد سنا يسنو سناوة من حدّ دخل بكسر السّين في المصدر.

حصاد الزّرع وحصاده بالفتح والكسر لغتان وصرفه من حدّ دخل.

في أرض عاديّة أي قديمة منسوبة إلى عاد وهم قوم قدماء.

الرّكاز الكنز والمعدن وحقيقته للمعدن لأنّ الرّكز هو الإثبات من حدّ دخل والمعدن هو الّذي أثبت أصله بحيث لا ينقطع مادّته بالاستخراج.

وأمّا الكنز إذا استخرج فلا يبقى شيء فلم يتحقّق فيه معنى الإثبات.

وينطبع بالحيلة أي يقبل الطّبع وهو ضرب السّيف والأواني والدّراهم والدّنانير ونحوها.

"والمعدن جبار" أي هدر يعني من عمل في المعدن فانهار عليه فمات فلا دية فيه.

أقطع معادن القبليّة يقال أقطعته الماء العدّ الإقطاع إعطاء السّلطان أرضا ونحوها للانتفاع.

 

ص -49-         والقبليّة بفتح القاف والباء موضع والماء العدّ بكسر العين هو الّذي لا ينقطع وله مادّة.

والكتلة قطعة مجتمعة.

والنّفط بكسر النّون وفتحها لغتان والكسر أفصح.

والمغرة بفتح الميم والغين الطّين الأحمر. دسره البحر أي دفعه من حدّ دخل.

وبنو تغلب قوم من النّصارى.

وبنو نجران آخرون منهم.

"ائتوني بخميس أو لبيس" الخميس ثوب طوله خمسة أذرع واللّبيس الملبوس الخلق.

المهازيل الرّزّح مذكورة في الزّيادات وهي جمع رازح وهو شديد الهزال وقد رزح رزاحا من حدّ صنع وبضمّ راء المصدر.

والعجاف جمع أعجف وهو المهزول على غير قياس من حدّ علم.

وأثناء الحول جمع ثنى بكسر الثّاء أي خلال الحول.

فإذا أنفقت السّائمة أي هلكت والفعل من حدّ دخل والمصدر النّفوق.

والتّفريط في باب الزّكاة التّقصير.

واستسلفنا من العبّاس أي استعجلنا من قولهم سلف سلوفا من باب دخل أي مضى.

وإذا ظهر أهل البغي أي غلب من قوله تعالى: {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}1 أي غالبين وقد ظهر ظهورا من حدّ صنع.

"ومن سأل عن ظهر غنى فإنّما يجرجر في بطنه نار جهنّم".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  الصف: 14.

 

ص -50-         الجرجرة الصّوت أي يردّدها في جوفه مع صوت وقيل الجرجرة الصّبّ وعلى هذا القول تنصب الرّاء من النّار.

إصلاح المسنّيات جمع مسنّاة وهي العرم.

توضع الجزية على جماجمهم جمع جمجمة بضمّ الجيمين وهي عظيم الرّأس المشتمل على الدّماغ، وهي بالفارسيّة كأسه سرّ أي توضع على رءوسهم.

لم يبق فيهم عين تطرف من حدّ ضرب هو تحريك الجفون للنّظر.

انبثق النّهر لازم من قولهم بثق الماء موضع كذا أي خرقه وشقّه.

ويكفرن العشير من الكفران والعشير المعاشر وأراد به الزّوج.

"أعطوا أبا بكر ناضحا وحلسا" النّاضح البعير الّذي يستقى عليه والحلس ما يبسط تحت جياد الثّياب.

 

ص -51-         كتاب الصّوم:

قال الصّوم في اللّغة: هو الكفّ والإمساك يقال صامت الشّمس في كبد السّماء أي قامت في وسط السّماء ممسكة عن الجري في مرأى العين.

وقال النّابغة الذّبيانيّ:

خيل صيام وخيل غير صائمة                تحت العجاج وأخرى تعلك اللّجما

الخيل الأفراس ولا واحد لها من لفظها وقيل واحدها خائل والجمع خيل كما يقال سافر وسفر.

وقوله صيام نعت لها وهو جمع صائم ومعناه، ممسكات عن الاعتلاف.

وخيل غير صائمة أي وأفراس أخر غير ممسكات عنه بل هي معتلفة تحت العجاج أي الغبار وهو في الحرب وأفراس أخر تعلك أي تلوك اللّجما جمع لجام والألف الّتي في آخره زيادة إشباعا للفتحة وتسوية للقافية وقد علك يعلك من حدّ دخل أي لاك يلوك والعلك بالكسر ما يلاك.

والعلك بالفتح المصدر وهو اللّوك.

وفي الشّرع عبارة عن الإمساك عن الأكل والشّرب والمباشرة مع النّيّة في جميع النّهار لقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}1 بعد قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}2 البقرة: 187 أي الجماع والرّفث في غير هذا هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  البقرة: 187.

2  البقرة: 187.

 

ص -52-         الكلام القبيح وقد رفث يرفث رفثا من حدّ دخل وأرفث يرفث إرفاثا من حدّ أدخل أي تكلّم بالقبيح: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ}1 أي سكن وقيل أي ستر من النّار، {وَأَنْتُم لِبَاسٌ لَهُّنَّ}2 كذلك: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ}3 أي قد ائتمنكم اللّه على أمر دينكم فإذا خالفتم فقد خنتم: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}4 أي جامعوهنّ والمباشرة مسّ البشرة البشرة وهي ظاهر جلد الإنسان: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}5 أي قضى لكم من الولد وقيل ما أحلّ اللّه لكم في القرآن.

وقيل التمسوا ليلة القدر الّتي جعلها اللّه لكم: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ}6 أي بياض النّهار {مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}7 أي سواد اللّيل قال أميّة بن أبي الصّلت:

الخيط الأبيض لون الصّبح منفتق              والخيط الأسود لون اللّيل مطموم

بحذف الهمزة من الأبيض والأسود وتحرّك اللّام ليستوي النّظم والمنفتق المنشق والمطموم المجموع بعضه إلى بعض من قولك طمّ البئر إذا كبسها بوضع التّراب ونحوه بعضه على بعض.

وفي حديث إفطار الأعرابيّ: هلكت وأهلكت أي هلكت بنفسي وأهلكت غيري وفسّره بقوله واقعت امرأتي أي جامعتها ووقعت عليها. وفيه: فأتي بعرق فيه تمر هو مفتوح العين والرّاء وهو الزّنبيل من اللّيف وغيره.

وفيه: واللّه ما بين لابتي المدينة تثنية اللّابة وهي الحرّة وهي كلّ أرض ألبستها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  البقرة: 178.

2  البقرة: 178.

3 البقرة: 178.

4 البقرة: 178.

5 البقرة: 178.

6 البقرة: 178.

7 البقرة: 178.

 

ص -53-         حجارة سود.

فتبسّم حتّى بدت نواجذه جمع ناجذ وهو ضرس الحلم قاله صاحب الدّيوان.

وقال صاحب المجمل: هو السّنّ بين النّاب والضّرس.

وفيه: "يجزيك ولا يجزي أحدا غيرك" أي ينوب عنك ويكفيك وصرفه من حدّ ضرب كقوله تعالى: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}1 ويجزئك بضمّ الياء وهمزة الآخر أي يكفيك ويغنيك من قولك جزأت الإبل بالعشب عن الماء أي اكتفت به وأجزأها العشب أي كفاها وأغناها فأمّا بضمّ الياء وآخره بالياء فغير ثابت على الأصل إلّا على وجه تليين المهموز للتّخفيف.

ورمضان مشتقّ من الإرماض أي الإحراق وقد رمض يرمض رمضا من حدّ علم أي احترق وأرمضه غيره والرّمضاء الحجارة المحماة وفي المثل كالمستغيث من الرّمضاء بالنّار يضرب لمن استغاث من ظالم إلى من هو أظلم منه أو نفر من أمر شديد إلى أمر أشدّ منه وسمّي هذا الشّهر به لأنّه يحرق الذّنوب أي يمحوها وفي اشتقاقه وجوه أخر نذكرها تتميما للفائدة.

أحدها أنّه مشتقّ من قولهم سكّين رميض أي حادّ فعيل بمعنى فعول وقد رمضته أرمضه رمضا من حدّ ضرب أي حدّدته سمّي به الشّهر لأنّه يهيّج القلوب والنّفوس على الاستكثار من الخيرات والطّاعات.

ووجه آخر أنّه من قولهم أتيت فلانا فلم أصبه فرمضته ترميضا وهو أن تنتظر شيئا سمّي به لأنّ المؤمنين ينتظرون الكرامات فيه ويتوقّعون المثوبات.

ووجه آخر أنّه من قولهم رمضت الظّبي إذ اتّبعته وسقته في الرّمل الّذي اشتدّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 البقرة: 48

 

ص -54-         حرّه لترمض قوائمه فتتفسّخ فيقف فتأخذه سمّي به الشّهر لأنّ المؤمن يؤمر بالصّوم والقيام فيجوع ويعطش بالنّهار ويتعب ويسهر باللّيل فيعجز فيقف عن اتّباع الشّهوات وطلب اللّذّات فيخلص للّه تعالى ولذلك قال: "الصّوم لي وأنا أجزي به" فإنّ الصّيام يخلص لي كما يخلص ذلك الظّبي للصّائد إذا انقطع سعيه وظهر عجزه.

وقوله عليه السلام: "رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له" أي لصق بالرّغام بفتح الرّاء وهو التّراب والرّمل اللّين وهو دعاء سوء كأنّه قال كبّه اللّه وأذلّه وفي بعض الرّوايات: "من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده اللّه" قيل معناه أهلكه اللّه من قولك بعد يبعد بعدا فهو بعيد من حدّ علم أي هلك قال اللّه تعالى: {أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}1.

وقيل معناه بعده اللّه من رحمته وكرامته من البعد الّذي هو ضدّ القرب وقد بعد يبعد بعدا فهو بعيد من حدّ شرف.

فإن قالوا كيف دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على هؤلاء الثّلاثة دعاء السّوء وقد أرسل رحمة للعالمين وكان يدعو لعصاة أمّته في جميع مدّته ويبشّر أهل الكبائر بشفاعته؟.

قلنا عنه جوابان أحدهما يشتمل الرّوايتين والثّاني يخصّ الرّواية الثّانية.

أمّا الأوّل فإنّما قال ذلك موافقة لجبريل عليه السلام: في الحال وقد تدارك ذلك بما كان دعا قبل ذلك ربّه أن يستجيب مثل هذا الدّعاء في أهله بالخير على ما روي أنّه عليه السلام قال: "إنّي عاهدت ربّي وقلت يا ربّ إنّي بشر أغضب كما يغضب البشر فأيّما عبد مسلم سببته أو لعنته في حال غضبي فاجعل ذلك رحمة له وكرامة فأجابني إلى ذلك".

وأمّا الجواب الثّاني في الرّواية الثّانية وهو قوله عليه السلام: "فأبعده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1هود: 95.

 

ص -55-         اللّه" فقد سمعت عن شيخي الإمام الخطيب الأستاذ إسماعيل بن محمّد النّوحيّ يحكي عن الشّيخ الإمام عبد العزيز بن أحمد الحلوانيّ رحمهم اللّه أنّه حكى عن أبي حنيفة رحمه اللّه أنّه سئل لم دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على هؤلاء النّفر الثّلاثة المذكورين في هذا الحديث دعاء السّوء وهو نبيّ الرّحمة فقال لم يدع عليهم بالسّوء ولم قلتم إنّه دعاء سوء فقالوا إنّه قال فأبعده اللّه قال فأيّ شيء أبعده اللّه قالوا أبعده اللّه من الرّحمة والكرامة ونحو ذلك قال وما الدّليل على ذلك قالوا فأيّ شيء معناه.

قال معناه واللّه أعلم من أدرك رمضان فلم يغفر له أو أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له أو ذكرت بين يديه فلم يصلّ عليّ فقد استحقّ الوعيد فأبعده اللّه من ذلك الوعيد فهذا دعاء لهم بالخير وليس بدعاء عليهم بالشّرّ وهذه فائدة جليلة تنبّه لها إمام الأئمّة ونبّه عليها علماء الأمّة وباللّه التّوفيق.

وقوله: وهو يرى أنّ الشّمس قد غابت بضمّ الياء أي يظنّ يقال أري على ما لم يسمّ فاعله أي ظنّ ومستقبله يرى بحذف الهمزة وأصله يرأى كما قيل في الرّؤية رأى يرى وأصله يرأى فحذف الهمزة في المستقبل للتّخفيف.

وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه فأتي بعسّ من لبن وهو القدح العظيم وقوله: بعثناك داعيا ولم نبعثك أي بعثناك داعيا إلى الصّلاة بالأذان ولم نبعثك حافظا للشّمس، فظنّ بعض النّاس أنّ عمر رضي اللّه عنه قال ذلك إنكارا على المؤذّن إخباره بأنّ الشّمس لم تغرب، وأنّه إنّما بعثه للأذان لا للتّعرّف عن حال الشّمس والإخبار به، وبئسما ظنّوا وكيف يظنّ به الإنكار للإخبار بالحقّ وحاله في كونه قائما بالحقّ قابلا له، لكن قال ذلك شكرا له وثناء عليه ، أي كنّا بعثناك لأمر واحد وهو الأذان، وخفى علينا الأهمّ وهو أن نقول لك: تعرّف لنا حال الشّمس وأخبرنا بها، وقد قمت لنا في هذا المهمّ أحسن القيام وأخبرتنا به فنحن لك شاكرون وبالخير ذاكرون.

ثمّ قال: ما تجانفنا لإثم أي ما ملنا إليه قاصدين يقال جنف يجنف جنفا من حدّ علم وتجانف تجانفا أي مال.

 

ص -56-         وفي حديث أمّ سلمة رضي اللّه عنها كان يصبح جنبا من قراف أي جماع وقد قارف قرافا ومقارفة أي جامع وباشر كما يقال خالف خلافا ومخالفة وهو من القرف وهو القشر والقرفة القشرة والمقارفة مسّ الجلد الجلد كالمباشرة.

رجل ذرعه القيء أي سبقه وغلبه يذرع بفتح الرّاء وإذا تقيّأ أي تكلّف القيء واستقاء أي طلب القيء وسأله فسين الاستفعال للطّلب والسّؤال أي فعل فعلا يخرج به القيء والمصدر منه الاستقاءة بزيادة الهاء كالاستقالة والاستطالة في الوزن.

وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه احتجم وهو صائم محرم بالقاحة هي موضع بين مكّة والمدينة.

وأهل العوالي أهل قرى في أعالي المدينة.

والحروريّة نسبة إلى حروراء اسم قرية.

يسألون سؤال التّعنّت هو طلب العنت وهو المشقّة والضّيق.

وكان أملككم لإربه الألف للتّفضيل والكاف منصوبة لأنّه خبر كان أي أقدركم لإربه بكسر الهمزة وتسكين الرّاء أي لعضوه ولحاجته أيضا فهو اسم لهما جميعا أي كان يملك حفظ عضوه عن الإنزال وعن الوقوع في المواقعة وكان يقدر على الامتناع عن حاجة الرّجال.

وفي رواية لأربه بفتح الهمزة والرّاء وهو الحاجة ومعناه ما مرّ.

وقوله عليه السلام: "ألا إنّ لكلّ ملك حمى وحمى اللّه محارمه فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه" الحمى الحريم لأنّه يحمى أي يحفظ وقد حمى حماية من حدّ ضرب وحام يحوم حوما أي دار ويوشك بضمّ الياء وكسر الشّين أي يسرع ووشك يوشك وشكا فهو وشيك من حدّ شرف أي سرع وأوشك يوشك إيشاكا من حدّ أدخل أي أسرع.

 

ص -57-         أصبحوا يوم الشّكّ متلوّمين أي منتظرين غير آكلين ولا عازمين على الصّوم إلى أن يظهر أنّه شعبان أو رمضان.

"لا صيام لمن لم يبيّت الصّيام من اللّيل" روي هذا الحديث بألفاظ مختلفة لم يبيّت بياء مشدّدة بين الباء والتّاء من التّبييت يقال بيّت هذا الأمر باللّيل تبييتا أي فكّر فيه ليلا ودبّر فيه قال تعالى: {بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ}1.

ورواية أخرى لم يبت الصّيام من اللّيل بضمّ الأوّل وكسر الثّاني وتخفيف الثّالث من الإباتة من هذا أيضا من باب الإفعال يقال أبات هذا الأمر باللّيل يبيته إباتة ومعنى هاتين الرّوايتين لا صيام لمن لم يفكّر في أمر صومه في ليله ورواية لم يبتّ بضمّ الأوّل وكسر الثّاني وتشديد الثّالث من الإبتات وهو القطع.

ورواية أخرى لم يبتّ بفتح الأوّل وضمّ الثّاني وتشديد الثّالث من البتّ وهو القطع من حدّ دخل ومعنى هاتين الرّوايتين لا صيام لمن لم ينوه باللّيل قطعا من غير تردّد.

وفي رواية لمن لم يؤرّضه من اللّيل بالهمزة من التّأريض وبغير همز من التّوريض أي لم يهيّئه ولم يؤسّسه.

وفي رواية: "لمن لم يعزم الصّيام من اللّيل".

وفي رواية: "لمن لم ينو قبل طلوع الفجر" وهذا كلّه لنفي الكمال دون الوجود.

وفي مسألة الشّهادة على رؤية الهلال يروى قوله عليه الصّلاة والسلام: "أطيعوا السّلطان ولو أمّر عليكم عبد حبشيّ أجدع" أي مقطوع الأذن من حدّ علم. وقوله عليه السلام: "تمّ على صومك" أي امض عليه وأتممه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 النساء: 81.

 

ص -58-         وإذا استعط الصّائم هو من السّعوط بفتح السّين وهو دواء يجعل في الأنف بالمسعط بضمّ الميم والعين وهو الّذي يسعط به الصّبيّ الدّواء وقد أسعطه غيره واستعط بنفسه والوجور كذلك والّذي يوجر به الميجرة يقال وجره وأوجره وجمع المسعط المساعط وجمع الميجرة المواجر.

والحقنة دواء يجعل في مؤخّر الإنسان يقال حقنه يحقنه من حدّ ضرب واحتقن بنفسه.

والجائفة طعنة تبلغ الجوف وقد جافه يجوفه جوفا أي طعنة بلغ بها جوفه.

والآمّة على وزن فاعلة شجّة تبلغ أمّ الرّأس وهي الجلدة الّتي تجمع الدّماغ يقال أمّه يؤمّه من حدّ دخل أي شجّه آمّة.

والإحليل مخرج البول من الذّكر.

عليكم بصيام الأبخر وهو منتن الفم من حدّ علم أي غير المتطيّب.

قالت عائشة وحفصة رضي اللّه عنهما: فأهدي لنا حيس هو طعام يصنع من تمر وزبد فبادرتني حفصة أي سارعتني وعاجلتني وكانت بنت أبيها أي على صفة أبيها في المسارعة إلى الخيرات.

رجل هجم عليه شهر رمضان أي دخل يهجم من حدّ دخل. حتّى أتى قديدا هو اسم موضع بين المدينة ومكّة فشكا النّاس إليه الجهد بفتح الجيم أي المشقّة وقد جهده الصّوم وغيره جهدا من حدّ صنع أي أتعبه وشقّ عليه فأمّا الجهد بضمّ الجيم فهو الوسع والطّاقة قال اللّه تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ}1.

وقوله عليه السلام: "ليس من البرّ الصّيام في السّفر" يروى هذا الحديث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1التوبة: 79.

 

ص -59-         بالميم مكان اللّام الّتي للتّعريف في هذه الكلمات الثّلاث، "ليس من امبرّ ام صيام في أمسفر" وهي لغة بعض العرب، وهو كما روي: طاب امضرب أي حلّ الضّرب والقتال.

الشّيخ الفاني الهرم الّذي فنيت قوّته وقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}1 أي لا يطيقونه ولا مضمرة ونظيره في القرآن {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}2 معناه لئلّا تضلّوا وفي قراءة بعضهم: "وعلى الّذين يطوّقونه" بتشديد الواو وفتحها أي يكلّفونه فلا يطيقونه.

وقوله عليه الصّلاة والسلام: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" أي لا يشكّكك يقال رابه يريبه ريبا أي شكّكه وارتاب يرتاب إذا شكّ وأراب يريب إرابة أي أتى بما يتّهم عليه والرّيبة التّهمة.

"فإن غمّ عليكم الهلال" أي ستر من حدّ دخل.

كالدّم المتوالي أي المتتابع.

الظّهار والمظاهرة مصدران لقولك ظاهر الرّجل من امرأته أي قال لها أنت عليّ كظهر أمّي.

وفيه لغتان أخريان إحداهما اظّاهر يظّاهر اظّاهرا وأصله تظاهر فأدغمت وشدّدت.

واللّغة الأخرى اظّهّر يظّهّر اظّهّرا بتشديد الظّاء والهاء جميعا وأصله تظهّر وقرئ بها كلّها قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}3

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1   البقرة: 184

2  النساء: 176

3  المجادلة: 2.

 

ص -60-         وفي حديث سلمة بن صخر في الظّهار فلم أتمالك أي لم أملك نفسي.

انسلخ الشّهر أي مضى.

الجنون المطبق بكسر الباء الثّابت المالئ المشدّد.

والإفاقة الصّحو.

المدّ مكيال يسع فيه منّا من ماء.

والصّاع مكيال يسع فيه أربعة أمنان.

الهاشميّ صاع منسوب إلى هاشم يسع فيه ستّة عشر منّا والحجّاجيّ منسوب إلى الحجّاج لأنّه هو الّذي أخرجه وأظهره وكان يمنّ به على أهل العراق ويقول ألم أخرج لكم صاع عمر رضي اللّه تعالى عنه.

وينشدون في مسألة نيّة اليمين في قوله للّه عليّ صوم كذا قول القائل معناه:

لهنّك من عبسيّة لوسيمة                    على هنوات كاذب من يقولها

واللّه إنّك من عبسيّة أي منسوبة إلى قبيلة عبس لوسيمة أي لجميلة على هنوات أي خصلات سوء كاذب من يقولها أي كذب من قال ذلك فيك فالأوّل اختصار من كلمتين واللّه إنّك حذف الواو والألف واللّام من أوّلها والألف الوسطى والهمزة من إنّك.

وقوله من عبسيّة هو على التّعجّب وهو مدح والوسيمة الجميلة من حدّ شرف.

والهنوات جمع هناة وهي الخصلة الرّديئة وكاذب خفض على المجاورة وهو نعت من يقولها أي من يصفك بالهنوات فقد كذب.

وقوله عليه السلام: "السّواك مطهرة للفم مرضاة للرّبّ" أي سبب للطّهر وسبب للرّضاء كما روي: "الولد مبخلة مجبنة مجهلة" أي سبب للبخل والجبن والجهل.

 

ص -61-         وقوله عليه السلام: "ما زال جبريل يوصيني بالسّواك حتّى خشيت لأدردنّ" وفي رواية: "أن يدردني".

الدّرد سقوط الأسنان وقد درد يدرد دردا فهو أدرد من حدّ علم وأدرده غيره إدرادا.

لخلوف فم الصّائم بضمّ الخاء أي تغيّر رائحته وقد خلف من حدّ دخل.

والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما أفطرتا وقضتا الحامل المرأة الّتي في بطنها حمل بفتح الحاء أي ولد.

والحاملة بالهاء الّتي على رأسها أو ظهرها حمل بكسر الحاء وقد أخجل بعض أهل اللّغة بعض من يدّعي علم الفقه ولا حظّ له من الأدب بسؤال يبتنى على معرفة اللّغة فقال.

ما تقول في الحاملة إذا خافت على حملها وذكر هذه الكلمة بالكسر وهي صائمة هل يباح لها أن تفطر قال نعم قال أخطأت ولا خلاف بين الأمّة في أنّه لا يباح لها ذلك.

قال وكيف قال إنّي سألتك عن امرأة حملت على ظهرها أو رأسها حملا وخافت على ذلك سقوطا أو نحوه وليس في هذا ما يبيح لها الإفطار فخجل وهذا تبيين لكم أنّ الفقيه لا يكمل ولا يأمن الغلط إلّا بكماله في علم الأدب واللّه تعالى يمنّ علينا بحسن التّهدّي فيه بمنّه وطوله.

والمرضع الّتي لها ولد رضيع والمرضعة هي الّتي ترضع ولدها.

وقوله عليه السلام: "أدّوا صدقة الفطر عن كلّ منفوس" أي مولود.

السّمراء الحنطة.

كانوا يكرهون الأشقاص جمع شقص وهو الطّائفة من الشّيء أي البعض وهو

 

ص -62-         بكسر الشّين.

وقوله عليه السلام: "أدّوا عمّن تمونون" أي تحملون مؤنتهم.

المستسعى معتق البعض يستسعى أي يطلب منه السّعاية في قيمة ما لم يعتق منه.

والمدبّر الّذي أعتق عن دبر أي بعد موت المولى.

القنّ الرّقيق الّذي لم ينعقد له سبب عتق ويقول في ديوان الأدب عبد قنّ إذا ملك هو وأبواه ويستوي فيه الواحد وما فوقه والذّكر والأنثى قلت وهو عند الفقهاء ما أعلمتك.

والاعتكاف الاحتباس في المسجد وكذا العكوف وقد عكف يعكف بالضّمّ والكسر وقيل هو الإقامة والعكف الحبس والوقف قال اللّه تعالى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}1 وفي حديث اعتكاف أمّهات المؤمنين قال عليه السلام: "البرّ ترون بهنّ" البرّ منصوب وهو مفعول بقوله ترون بضمّ التّاء أي تظنّون أنّ هذا منهنّ طاعة أي برّهنّ أن لا يخرجن.

وفي حديث ليلة القدر إنّها ليلة إحدى وعشرين.

قال جبريل عليه السلام: إنّ الّذي تطلب وراءك، أي: أمامك كما في قوله تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ}2  أي أمامهم وقال اللّه تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ}3.

فعاد إلى معتكفه، بفتح الكاف أي موضع اعتكافه.

فهاجت السّماء، عشيّتئذ أي ثار السّحاب تلك العشيّة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  الفتح: 25.

2  الكهف: 79.

3  ابراهيم: 16.

 

ص -63-         وكان عرش المسجد من جريد أي سقفه من أغصان النّخلة.

فوكف أي قطر المطر وسال من العرش.

وجبهته وأرنبة أنفه في الماء والطّين الأرنبة طرف الأنف.

وفي نوادر الصّوم قال إذا أكل لحما مدوّدا بكسر الواو وتشديدها وهو الّذي وقع فيه الدّود.

إذا كانت السّماء مصحية أي منكشفة.

ويجري على ألسن الفقهاء الرّمضان الأوّل والرّمضان الثّاني معرّفا بالألف واللّام وهو خطأ فإنّه اسم علم لهذا الشّهر والأعلام معارف بأنفسها فلا حاجة إلى تعريفها بما تعرّف به أسماء الأجناس واللّه تعالى أعلم.

 

ص -64-         كتاب المناسك:

الحجّ بفتح الحاء وكسرها لغتان وهو القصد وهو من باب دخل.

وقيل هو الزّيارة.

وقيل هو إطالة الاختلاف إلى الشّيء.

وقيل هو العود إلى الشّيء مرّة بعد مرّة قال الشّاعر:

ألم تعلمي يا أمّ أسعد أنّما                    تخاطأني ريب الزّمان لأكبرا

وأشهد من عوف حلولا كثيرة                  يحجّون سبّ الزّبرقان المزعفرا

يقول لامرأة كنيتها أمّ أسعد أما علمت أنّ ريب الزّمان أي الموت تخاطأني أي أخطأني فلم يصبني لأكبر بفتح الباء من باب علم أي أصير كبيرا في السّنّ هرما ولأحضر حلولا كثيرة من عوف أي نازلين من هذه القبيلة من حلّ يحلّ حلولا من باب دخل أي نزل وأرى هؤلاء الجماعات الكثيرة يزورون ويقصدون ويديمون الاختلاف إلى سبّ هذا الرّجل وهو العمامة بكسر السّين وهذا الرّجل اسمه حصين بن بدر الفزاريّ ولقبه الزّبرقان والزّبرقان أصله القمر لقّب به لجماله تشبيها به والمزعفر نعت السّبّ وهو المصبوغ بالزّعفران وكانت عمائم سادات العرب تصبغ بهذا ونحوه.

يقول إنّما طال عمري لأقع في هذه الغصّة وهي أن يصير مثل هذا الرّجل سيّدا يزوره كثير من النّاس مرّة بعد مرّة.

 

ص -65-         والمناسك أمور الحجّ واحدها منسك ومنسك بالفتح والكسر والفعل منه من حدّ دخل والمصدر النّسك بضمّ النّون وسكون السّين.

وأصله العبادة ويطلق على أمر الحجّ ويطلق على أمر القربان أيضا والنّسيكة الذّبيحة وجمعها النّسك بضمّ النّون والسّين قال اللّه تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}1 وقال تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي}2 والمنسك بفتح السّين وكسرها المذبح قال اللّه تعالى: {ولكلّ أمّة جعلنا منسكا}3.

ومن الاستطاعة أن يملك الرّاحلة وحده أو مع زميل أي رديف وقيل أي عديل والرّديف يكون خلف الرّاكب والعديل في أحد شقّي المحمل يراد به أن يشترك اثنان في راحلة.

والرّاحلة المركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى.

وعقبة الأجير لا يكفي لثبوت الاستطاعة وهو أن يكتري اثنان بعيرا يتعاقبان في الرّكوب أي يركب هذا فرسخا أو منزلا ثمّ ينزل فيعقبه الآخر في الرّكوب فرسخا أو منزلا.

وعن الضّحّاك أنه قال: لو كان لأحدكم بمكّة مال ليخرجنّ إليها ولو حبوا أي زحفا على استه وهو مشي المقعد يقال حبا يحبو من حدّ دخل.

ويروى في حديث الاغتسال عند الإحرام والحديث المشهور: "من توضّأ يوم الجمعة فبها ونعمت" أي بالرّخصة أخذ ونعمت الخصلة هذه ومنهم من قال أي بالسّنّة أخذ والأوّل أولى لأنّه قال ومن اغتسل فالغسل أفضل فثبت أنّ الوضوء رخصة لا سنّة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورة البقرة: 196.

2  سورة الأنعام: 162

3  سورة الحج 34.

 

ص -66-         ويحرم في ثوبين جديدين أو غسيلين أي خلقين قد غسلا والجديدان أولى لأنّ الوسخ يقمل من حدّ علم أي يصير ذا قمل.

وجدت وبيص الطّيب على مفرق رسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه وسلّم.

الوبيص البريق من حدّ ضرب والمفرق موضع فرق شعر الرّأس بفتح الميم وكسر الرّاء.

انتهينا إلى الرّوحاء والطّيب يسيل من جباهنا من العرق الرّوحاء موضع بقرب مكّة قال عمر رضي اللّه عنه لمعاوية رضي اللّه عنه حين وجد منه رائحة الطّيب بعد الإحرام أنت لها أي أنت لمثل هذه الخصلة ومثلك يعمل مثل هذا.

لبّى من البيداء، أي: المفازة سمّيت بها لأنّها مهلكة وقد باد يبيد بيودا أي هلك قال تعالى: {أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً}1.

لبّى حين وضع رجله في الغرز هو ركاب الإبل.

التّلبية أن يقول لبّيك اللّهمّ لبّيك والكلمة مأخوذة من قولهم ألبّ بالمكان أي أقام.

وقيل أي لزم فمعناها: أنا مقيم على طاعتك لازم لها غير خارج عنها والتّثنية فيها لزيادة إظهار الطّاعة كأنّه يقول أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة.

وكذلك وسعديك أي مساعد لأمرك مساعدة بعد مساعدة.

وكذلك قولهم حنانيك أي نسألك حنانا بعد حنان أي رحمة بعد رحمة.

إنّ الحمد والنّعمة لك بالفتح والكسر روايتان ومعنى الفتح أي ألبّي بأنّ الحمد لك أو لأنّ الحمد لك والكسر أصحّ فيكون ابتداء ذكر لا تعليلا للأوّل وهو أبلغ وأكمل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورة الكهف: 35.

 

ص -67-         والإهلال رفع الصّوت بالتّلبية.

"وأفضل الحجّ العجّ والثّجّ" فالعجّ والعجيج رفع الصّوت بالتّلبية من حدّ ضرب.

والثّجّ إسالة دماء الهدايا من حدّ دخل وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً}1 أي سيّالا.

فإذا أحرمت فاتّق ما نهى اللّه عنه من الرّفث فسّرناه في أوّل كتاب الصّوم أنّه الجماع وهو اسم لذكر الجماع أيضا مجازا لأنّه يفضي إليه وعن ابن عبّاس رضي اللّه تعالى عنهما أنّه كان محرما فأنشد:

فهنّ يمشين بنا هميسا                      إن تصدق الطّير ننك لميسا

فقيل له أترفث وأنت محرم: فقال: إنّما يحرم الرّفث بحضرة النّساء.

ومعنى البيت أنّه يقول فهنّ أي النّوق يمشين هو فعل لازم وقد تعدّى هاهنا بالباء الّذي في قوله بنا هميسا أي مشيا خفيفا لا صوت فيه.

إن تصدق الطّير إن تحقّق الفأل الّذي تفأّلنا بالطّير ننك أي نجامع لميسا أي الجارية الّتي اسمها هذا.

وحديث وقص النّاقة محرما في أخاقيق جرذان مرّ في آخر كتاب الصّلاة.

ولا بأس بالمصبوغ إذا غسل بحيث لا ينفضّ قيل أي لا يتناثر صبغه وقيل أي لا يفوح ريحه من حدّ دخل روى هذا التّفسير ابن هشام عن محمّد رحمه اللّه تعالى.

والبرنس كساء المحرم.

الشّعث التّفل يقال شعث من حدّ علم فهو شعث وأشعث أي مغبرّ الرّأس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورة النبأ:14

 

ص -68-         والتّفل غير التّطيّب وصرفه من حدّ علم.

وكلّما لقيت ركبا بتسكين الكاف أي ركبانا جمع راكب.

أو علوت شرفا أي صعودا ونحوه الشّرف المكان المرتفع من الأرض.

شعار الحجّ أي علامته والشّعائر العلامات جمع شعيرة وهي ما جعل علما على الطّاعة.

والإشعار الإعلام بتدمية السّنام.

والحجّ المبرور أي المقبول يقال برّه اللّه برّا من حدّ علم أي قبله ويقولون للحاجّ في الدّعاء برّ حجّك على ما لم يسمّ فاعله وبرّ على الظّاهر أي صلح وحسن ويقال الحجّ المبرور الّذي لا يخالطه مأثم والبيع المبرور الّذي لا يدخله شبهة ولا خيانة.

واستلام الحجر الأسود لمسه بفم أو يد وقيل هو استعمال مأخوذ من السّلمة بكسر اللّام بعد فتح السّين وهي الحجر وجمعه السلام: بكسر السّين كما يقال اكتحل أي استعمل الكحل فكذلك استلم أي استعمل السّلمة.

ويطوف سبعة أشواط جمع شوط والشّوط الشّأو.

والطّلق بفتح اللّام واحد يقال عدا شوطا وفارسيّته بدويد يك يك يراد به الطّواف مرّة.

والرّمل بفتح الميم في المصدر من باب دخل هو الجمز والإسراع قاله القتبيّ وفي ديوان الأدب هو ضرب من العدو مشيا. على هينتك بكسر الهاء أي على رسلك ووقارك وهي فعلة من الهون بفتح الهاء قال اللّه تعالى: {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً}1

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورة الفرقان: 63.

 

ص -69-         والاضطباع في الارتداء في الطّواف هو إخراج الرّداء من تحت إبطه الأيمن وإلقاؤه على المنكب الأيسر وإبداء المنكب الأيمن وتغطية الأيسر يسمّى اضطباعا لأنّه يبدي ضبعه أي عضده.

وفي حديث طواف النّبيّ عليه الصّلاة والسلام: وكان المشركون على قعيقعان هو اسم جبل بمكّة.

يتحدّثون أنّ بالصّحابة هزالا وجهدا بفتح الجيم أي مشقّة. وقالوا أوهنتهم حمّى يثرب أي أضعفتهم حمّى المدينة وقد وهن من حدّ ضرب أي ضعف وأوهنه غيره ويثرب اسم المدينة قال اللّه تعالى: {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ}1.

وقول عمر رضي اللّه تعالى عنه: على ماذا أهزّ كتفي أي أحرّك من حدّ دخل.

وطف من وراء الحطيم وهو ما كان في الأصل في بناء الكعبة سمّي به لأنّه حطم أي كسر من حدّ ضرب وأزيل من بناء الكعبة وله اسمان آخران.

أحدهما: الحجر بكسر الحاء من الحجر بفتح الحاء وهو المنع سمّي به لأنّه منع عن الإدخال في بناء الكعبة. واسمه الآخر الحظيرة وهي من الحظر أي المنع من حدّ دخل لمنعه عن بناء الكعبة.

خرج عمر رضي اللّه تعالى عنه بعد الطّواف إلى ذي طوى بضمّ الطّاء موضع خارج مكّة في طريق المدينة.

وفسخ العمرة نقضها وإبطالها قبل تمامها والعمرة الزّيارة وقد اعتمر أي زار وهي في الشّرع اسم لزيارة خاصّة.

وجعلنا مكّة بظهر أي خلف ظهورنا بتوجّهنا إلى عرفات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورة الأحزاب: 13.

 

ص -70-         وقول عمر رضي اللّه عنه متعتان أنهى عنهما ولو كنت تقدّمت فيهما لعاقبت أي لو كنت نهيتكم عن هذا قبل هذا وعلمتم بنهيي لعاقبتكم بهذه الجناية لكن لا أؤاخذكم لعدم تقدّم النّهي.

ثمّ تروح مع النّاس يوم التّروية إلى منى أي تغدو كقوله عليه السلام: "من راح إلى الجمعة" أي غدا وقيل أي تخفّ وتسرع من الرّوح الّذي هو الرّاحة والخفّة.

ويوم التّروية سمّي بذلك لأنّ الحاجّ يروون إبلهم فيه تروية وقد روي بنفسه يروى ريّا فهو ريّان من حدّ علم بكسر الرّاء في المصدر وروّاه غيره يروّيه تروية وأرواه يرويه إرواء من باب التّفعيل والإفعال.

وقيل سمّي به لأنّ إبراهيم عليه السلام: رأى تلك اللّيلة في منامه أنّه يذبح ولده فلمّا أصبح كان يروّئ في النّهار كلّه بالهمزة أي يتفكّر أنّ هذا الّذي رأى في المنام من اللّه تعالى فيأتمر به أو ليس كذلك وقد روّأ يروّئ تروئة بالهمزة أي تفكّر في الأمر ونظر فيه.

ومنى قرية يذبح بها الهدايا والضّحايا سمّي ذلك الموضع منى لوقوع الأقدار فيه على الهدايا والضّحايا بالمنايا وقد منى يمني منيا أي قدّر والمنيّة الموت وهي مقدّرة على البرايا ومنا يمنو منوا لغة أيضا والياء أظهر وأشهر قال الشّاعر:

فلا تقولن لشيء سوف أفعله                حتّى تلاقي ما يمني لك الماني

أي يقدّر لك المقدّر وهو اللّه تعالى والنّون في قوله: {وَلا تَقُولَنَّ}1 مخفّفة لتسوية النّظم.

وفي منى مسجد الخيف والخيف ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 الكهف: 23

 

ص -71-         ويوم عرفة سمّي بذلك لأنّ آدم عليه السلام: وجد حوّاء رضي اللّه عنها بعدما أهبطا إلى الدّنيا وافترقا فلم يجتمعا سنين ثمّ التقيا يوم عرفة بعرفات على جبل الرّحمة فعرفها وعرفته فسمّي اليوم يوم عرفة والموضع عرفات بذلك.

وقيل سمّي به لأنّ جبريل عليه السلام: أرى إبراهيم المناسك أي مواضع النّسك في ذلك اليوم وكان يقول له عند كلّ موضع أعرفت هذا فيقول: نعم.

وقيل: هو يوم اصطناع المعروف إلى أهل الحجّ.

وقيل: يعرفهم اللّه يومئذ بالمغفرة والكرامة أي يطيّبهم من قول اللّه تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ}1 أي طيّبها.

وروي: "أنّ اللّه تعالى يباهي ملائكته بأهل عرفة".

المباهاة إذا كانت من الخلق يفهم منها المفاخرة وهي من اللّه تعالى تشريف العبد وتشهيره وإظهار حاله للملائكة فيقول: "ملائكتي انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا" جمع أشعث أغبر.

والأشعث متغيّر شعر الرّأس.

والأغبر مغبرّ الوجه وغيره.

{مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}2 أي طريق بعيد والفجّ الطّريق الواسع وجمعه الفجاج والعميق البعيد.

وقال عليه السلام: "ما رئي إبليس بعد يوم بدر أصغر ولا أحقر ولا أدحر منه يوم عرفة".

الأصغر الأذلّ وقد صغر يصغر صغرا وصغارا فهو صاغر من حدّ علم أي ذلّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة محمد:6.

2 سورة الحج: 27.

 

ص -72-         وصغر يصغر صغرا فهو صغير أي صار صغيرا من حدّ شرف ومصدر الأوّل بضمّ الصّاد وتسكين الغين ومصدر الثّاني بكسر الصّاد وفتح الغين.

والحقارة من حدّ شرف مصدر يحقر والاحتقار الاستصغار.

والأدحر الأفعل من دحره إذا طرده دحورا من حدّ صنع قال اللّه تعالى: {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍدُحُوراً}1 وقال تعالى: {مَلُوماً مَدْحُوراً}2

دفع من عرفات أي ذهب وساق المركب.

وقال النّبيّ عليه السلام: "إنّ البرّ ليس في إيجاف الخيل ولا في إيضاع الإبل" يقال وجف الفرس يجف وجيفا إذا أسرع وأوجفه راكبه إيجافا أي حمله على الإسراع قال اللّه تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ}3 ووضع البعير يضع وضعا إذا سار سيرا سهلا سريعا وكذلك غير البعير وأوضعه غيره قال اللّه تعالى: {وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ}4 وكان عليه السلام يسير العنق فإذا وجد فجوة نصّ العنق السّير الفسيح بفتح العين والنّون وهو اسم والفعل منه أعنق إعناقا.

والنّصّ من حدّ دخل فعل متعدّ يقال: نصّ الرّجل بعيره إذا استخرج ما عنده من السّير.

وقيل أي سيّره أرفع السّير من قولك نصّ الحديث إلى فلان أي رفعه.

وقيل نصّ كلّ شيء منتهاه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الصافات: 8-9.

2 سورة الاسراء: 39.

3 سورة الحشر: 6.

4 سورة التوبة: 47.

 

ص -73-         ومعنى الحديث أي بلّغه في السّير منتهاه. والفجوة الفرجة والسّعة بين الشّيئين وقال اللّه تعالى: {وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ}1.

ويصلّي الفجر بغلس وأصله ظلام آخر اللّيل ويراد به حين يطلع الفجر الثّاني من غير تأخير قبل أن يزول الظّلام وينتشر الضّياء وقد غلّس تغليسا إذا صلّى في ذلك الوقت أو سار فيه.

والمزدلفة مفتعلة من الزّلفة وهي القرب يقال أزلفته فازدلف أي قرّبته فتقرّب سمّيت بها لأنّ النّاس إذا أفاضوا من عرفات أي رجعوا وانتهوا إليها قربوا من منى ويسمّى بها المشعر الحرام وهو المعلم أي موضع العلامة. والمزدلفة كلّها موقف إلّا بطن محسّر بتشديد السّين الّتي هي غير معجمة وكسرها وعرفات كلّها موقف إلّا بطن عرنة هما طرفان معيّنان فيهما.

وجبل قزح يكون وراء الإمام عن يمين المشعر الحرام يستحبّ الوقوف عنده.

وقولهم أشرق ثبير كيما نغير بفتح الألف أي أضئ والإشراق الإضاءة ثبير أي يا ثبير وهو اسم جبل بمكّة كيما نغير أي نسرع إلى منى.

يرمي الجمار جمع جمرة وهي الحجارة مثل الحصى.

الخذف وهو رمي الحصى بين السّبّابة والإبهام من حدّ ضرب.

على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك الصّهباء الحمراء ولا ضرب أي كانوا لا يضربون النّاس ولا يطردون ولا ينادون إليك إليك أو الطّريق الطّريق وتنحّ عن الطّريق ونحو ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة الكهف: 17.

 

ص -74-         يحلق أو يقصّر وهو أن يقطع من رءوس شعره قدر أنملة ونحوها.

ويطوف بالبيت أسبوعا أي سبع مرّات.

قال لصفيّة: "عقرى حلقى أحابستنا هي" وعقرا وحلقا رواية وكلّ ذلك على وجه الدّعاء عليها ولا يراد وقوعه وعقرا مصدر أي عقرها اللّه تعالى عقرا يعني عرقبها أي قطع عرقوبها وحلقا مصدر أيضا أي حلقها حلقا أي أصابها بوجع في حلقها.

وقيل أي حلق شعرها بالمصيبة.

وعقرى حلقى بالياء أي جعلها عقرى حلقى وذلك فيما ذكرنا أيضا.

وقوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}1 يقال: قال في حقّ المتعجّل وهو مترخّص: فلا إثم عليه، ولم يقيّده بالتّقوى، وقال في المتأخّر وهو آخذ بالعزيمة، فلا إثم عليه لمن اتّقى ، فقيّد ذلك بشرط التّقوى، فما معناه والوهم إلى قلب هذا أسبق؟ فيجاب عنه أنّ معناه واللّه أعلم فلا إثم عليه، أي لا حرج عليه في التّعجيل، ومن تأخّر لم يبق عليه إثم من آثام عمره إذا اتّقى في أداء الحجّ.

وقوله من قدّم ثقله فلا حجّ له أي أهله ومتاعه بفتح الثّاء والقاف.

ثمّ يأتي الأبطح وينزل به ساعة والأبطح في الأصل مسيل واسع فيه دقاق الحصى وهو اسم لمكان بقرب مكّة ويقال له المحصّب بضمّ الميم وتشديد الصّاد وفتحها والتّحصيب النّزول به قالت عائشة رضي اللّه عنها المحصّب ليس بنسك وفي رواية التّحصيب ليس بنسك تعني به ذلك.

ويطوف طواف الصّدر بفتح الدّال وهو الرّجوع من حدّ دخل ويسمّى طواف الإفاضة وهو الرّجوع أيضا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 203.

 

ص -75-         وطواف آخر عهد بالبيت والعهد اللّقاء وقد عهدته بمكان كذا من حدّ علم أي لقيته.

ويأتي الملتزم وهو ما بين باب الكعبة إلى الحجر الأسود من حائطه بفتح الزّاي وهو موضع الالتزام أي الاعتناق.

والمستجار موضع الاستجارة وهو سؤال الأمان يقال استجاره فأجاره قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ}1 وهو اسم ذلك الموضع أيضا.

ويتشبّث بأستار الكعبة أي يتعلّق بها. وإذا حلّ النّفر الأوّل بتسكين الفاء هو التّعجيل في يومين والنّفر الثّاني هو التّأخّر إلى آخر أيّام التّشريق والمكث إلى أن يرمي الجمار في الأيّام كلّها.

والعمرة زيارة البيت على وجه مخصوص وقد اعتمر أي زار.

والقران الجمع بين العمرة والحجّ في إحرام واحد والفعل من حدّ دخل.

قال أنس رضي اللّه عنه: كنت تحت جران ناقة رسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه وسلّم بكسر الجيم هو باطن عنق البعير. فأمر أخاها أن يعمرها من التّنعيم أي يحملها على العمرة ويعينها عليها.

والتّنعيم اسم موضع وبه قرية وعنده مسجد عائشة رضي اللّه عنها وهو ميقات المعتمرين وهو أقرب أطراف الحرم إلى مكّة.

كان أهل الجاهليّة يقولون العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور أي أسوء السّيّئات.

فأخذني ما قرب وما بعد أقلقني وغمّني الهمّ من كلّ جانب قريب أو بعيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة التوبة: 6.

 

ص -76-         هديت لسنّة نبيّك أي هداك اللّه وأرشدك اللّه.

لبّيك ذا المعارج وهو ثناء على اللّه تعالى والمعارج جمع معرج وهو الصّعود من حدّ دخل يراد به صعود الملائكة إلى حيث أمر اللّه تعالى قال اللّه تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}1 وقيل معناه يا ذا الفواضل العالية.

لبّيك وسعديك والرّغباء إليك أي الرّغبة إليك وفيه لغتان فتح الرّاء ومدّ الآخر وضمّ الرّاء وقصر الآخر.

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً}2 أي مرجعا من ثاب يثوب إذا رجع.

ويقطع تلبية العمرة حين نظر إلى عرائش مكّة جمع عريش وهو البيت وفي الحديث نظر النّبيّ عليه السلام إلى عرش مكّة، يروى بضمّ العين والرّاء بغير واو وهو جمع عريش ويروى بضمّهما وبواو بعدهما وهو جمع عرش وكلاهما البيت.

ولا يدع الحلق في ذلك ملبّدا كان أو مضفّرا أو عاقصا لبّد رأسه إذا جعل فيه صمغا أو شيئا آخر من اللّزوق لئلّا يشعث ولا يقمل وضفّر بالتّشديد أي فتل شعره على ثلاث طاقات والتّشديد للمبالغة والتّكرير والتّكثير والضّفر الفتل على ثلاث طاقات من حدّ ضرب وعقص من حدّ ضرب جمع الشّعر على الرّأس.

{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}3 هو الكعبة وسمّيت به؛ لأنّه قديم قال اللّه تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً}4 وبكّة هي مكّة والباء والميم يتعاقبان كما في اللّازم واللّازب ، وقيل لأنّها تبكّ أعناق الرّجال أي: تدقّها من حدّ دخل وقيل بل لأنّ النّاس يتباكون فيها أي: يزدحمون، وقيل بكّة بالباء مكان البيت ومكّة بالميم سائر البلد، وقيل سمّيت بها لأنّها أعتقت من الطّوفان، وقيل من الجبابرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورةالمعارج: 4.

2  سورة البقرة: 125.

3  سورة الحج: 29.

4  سورة آل عمران: 26.

 

ص -77-         فلم يستول عليها جبّار قطّ.

والطّواف منكوسا هو أن يطوف عن يسار الكعبة والمصدر النّكس بفتح النّون من حدّ دخل.

والطّواف زحفا أي حبوا على استه جالسا من حدّ صنع. قبل أن يلمّ بأهله أي ينزل. استلم الرّكن بمحجنه أي صولجانه وحجن الشّيء من حدّ دخل واحتجانه أن تضمّه إلى نفسك وتجتذبه والمحجن آلة لذلك.

وبئر زمزم سمّيت بذلك: لأنّ هاجر -عليها السلام- زمّتها بوضع الأحجار حولها أي سدّتها وقيل لأنّ جبريل عليه السلام: صاح عندها بصوت كالزّمزمة وهي صوت لا تبين حروفه.

تقصّر المرأة مثل الأنملة بفتح الميم والضّمّة خطأ وهي رأس الأصبع والأصبع فيها خمس لغات بفتح الألف وكسر الباء وضمّ الألف وفتح الباء وضمّ الألف والباء وكسر الألف والباء وكسر الألف وفتح الباء.

يجري الموسى على رأسه بضمّ الميم وفتح السّين وهو من قولك أوسى رأسه أي حلق فهو على وزن مفعل وقيل هو من ماس يموس أي حلق أيضا فهو على وزن فعلى.

قال كعب بن عجرة والقمل يتهافت في وجهي أي يتساقط. أيؤذيك هوامّ رأسك بالتّشديد جمع هامّة وهي الدّابّة.

عطب في الطّريق أي هلك من حدّ علم.

وقلم الظّفر قطعه من حدّ ضرب وتقليم الأظافر للتّكثير والأظافير جمع الأظفار وهو جمع الجمع.

انقطعت من الظّفر شظيّة أي قطعة وفلقة وقد تشظّى تشظّيا أي تشقّق وتفلّق.

اشتدّ على حمار وحش أي عدا وحمل عليه وكذلك شدّ من حدّ دخل.

 

ص -78-         في الأرنب عناق هي الأنثى من أولاد المعز.

وفي اليربوع جفرة هي الأنثى من أولاد المعز إذا بلغت أربعة أشهر. الحدأة بكسر الحاء وفتح الدّال.

{أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً}1 عدل الشّيء بفتح العين مثله من غير جنسه وعدله بكسر العين مثله من جنسه.

لا يختلى خلاها بالقصر أي لا يحتشّ حشيشها والخلى الحشيش اليابس والواحدة خلاة.

ولا يعضد شجرها أي لا يقطع من حدّ ضرب وعضده من حدّ دخل أي ضرب عضده وإذا أعانه وصار له عضدا أيضا أي عونا.

في عنز من الظّباء أي أنثى منها.

نتجت الأضحيّة على ما لم يسمّ فاعله أي ولدت على الفعل الظّاهر ونتجها صاحبها من حدّ ضرب.

سرى الجرح في الصّيد يسري سراية تعدّى عن الجرح فصار قتلا وبرأ الجرح يبرأ برءا من باب صنع بضمّ الباء في المصدر أي صحّ. وبرأ اللّه الخلق برءا بفتح باء المصدر من حدّ صنع أيضا أي خلق وبرئ فلان براءة من حدّ علم فهو بريء أي صار بريئا.

{وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}2 جمع حرام وهو المحرم.

وفي بيوتهم دواجن جمع داجن وهي الشّاة الّتي تعوّدت القرار في بيت وألفت أهله وقد دجن دجونا من حدّ دخل وهو الإقامة.

{مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}3 أي القافلة والقافلة في الحقيقة هي العير الرّاجعة من المقصد وقد قفل قفولا من حدّ دخل أي رجع من سفره والعامّة تطلق هذا الاسم على العير في أوّل الخروج أيضا يقولون خرجت قوافل الحاجّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة المائدة: 95.

2سورة المائدة: 1.

3سورة المائدة: 96.

 

ص -79-         ولا خير فيما يترخّص فيه أهل مكّة من الحجل واليعاقيب جمع حجلة بفتح الحاء والجيم في الواحد والجمع وهي القبجة واليعاقيب جمع يعقوب وهو القبج فالحجلة الأنثى من هذا الجنس واليعقوب الذّكر منه.

أمّ غيلان شجر السّمر والسّمر من العضاه من شجر الشّوك كالطّلح والعوسج والواحدة عضه بهاء أصليّة وقد يقال عضة بهاء هي تاء كما يقال عزة وثبة ويجمع على عضوات وبعير عضه بكسر الضّاد آكل العضاء

إلّا الإذخر بكسر الألف والخاء وهو نبت يكون بمكّة قاله في ديوان الأدب وقال في مجمل اللّغة حشيشة طيّبة وأهل بلادنا يقولون هو بالفارسيّة كوم.

المحصر الممنوع عن الوصول إلى مكّة للحجّ أو العمرة بمعنى والإحصار المنع والحصر الحبس من حدّ دخل وقال صاحب الدّيوان أحصر الحاجّ إذا منعه عن المضيّ لحجّه علّة وأحصره وحصره بمعنى أي حبسه وأحصر من الغائط لغة في حصر وقال في مجمل اللّغة الحصر بضمّ الحاء اعتقال البطن يقال منه حصر وأحصر والإحصار أن يحبس الحاجّ عن بلوغ المناسك بمرض ونحوه وناس يقولون حصره المرض وأحصره العدوّ قال وقال أبو عمرو حصرني الشّيء وأحصرني إذا حبسني وقال ابن ميّادة:

وما هجر ليلى أن تكون تباعدت                   عليك ولا أن أحصرتك شغول

قال وقال ابن السّكّيت أحصره المرض إذا منعه عن سفر أو حاجة يريدها قال اللّه تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}1 وقد حصره العدوّ يحصرونه إذا ضيّقوا عليه وقد حصر صدره من حدّ علم أي ضاق.

{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}2 أي تيسّر كما يقال: تيقّن واستيقن، وتعجّل واستعجل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 196

2 سورة البقرة: 196

 

ص -80-         فما استيسر من الهدي: هو الشّاة لأنّ الهدي من ثلاثة من الإبل والبقر والغنم؛ لأنّه اسم لما يهدى أي ينقل ويبعث، يقال: هديت العروس إلى بعلها هداء، وأهديت هديّة إلى فلان إهداء، ومعنى النّقل والبعث يتحقّق في هذه الأجناس الثّلاثة فيتحقّق الهدي منها، والهدي والهديّ بالتّخفيف والتّشديد لغتان.

والبدنة من شيئين من البقر والإبل لأنّها من البدانة وهي الضّخامة من حدّ شرف وقد بدن بدنا بضمّ الباء وتسكين الدّال وبدانة فهو بادن وقال في مجمل اللّغة امرأة بادن وبدين بغير الهاء أي عظيمة الجسم وبدّن الشّيخ من باب التّفعيل أي كبر وأسنّ ومنه قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "لا تبادروني بالرّكوع والسّجود فإنّي قد بدّنت" بفتح الباء وتشديد الدّال وهي الرّواية الصّحيحة أي أسننت ورجل بدن بفتح الباء والدّال أي مسنّ وقال في ديوان الأدب البدنة النّاقة أو البقرة أو الشّاة تنحر بمكّة فقوله أو الشّاة وهم فلا خلاف بين الأمّة أنّ الشّاة لا يقع عليها اسم البدنة من الهدي وإنّما الاختلاف في البقرة فعندنا يقع عليها اسم البدنة وعند مالك لا يقع عليها اسم البدنة والصّحيح ما قلنا لأنّ معنى البدنة يجمعها ولا يتناول الشّاة لعدم هذا المعنى فيها.

والجزور اسم لما ينحر من الإبل خاصّة وأصل الجزر القطع ومنه الجزيرة لانقطاعها عن معظم الأرض يقال جزر النّخل أي قطعه وجزر الماء أي نضب هذان من حدّ ضرب ويقال جزر الجزور أي نحره وجزر الماء وهو نقيض المدّ وهذان من حدّ دخل والجزرة شاة يسمّنها أهلها فيذبحونها وأجزره شاة أي أعطاه إيّاها ليذبحها فيأكلها.

ولا يكون الجزرة إلّا من الغنم قال في مجمل اللّغة قال بعض أهل العلم وذلك لأنّ الشّاة لا تكون إلّا للذّبح فأمّا النّاقة والجمل والبقر فقد تكون لغير ذلك.

{حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}1 هو مفعل من قولهم: حلّ الهدي إذا بلغ الموضع الّذي يحلّ فيه نحره من باب ضرب.

أحصر النّبيّ عليه السلام: بالحديبيّة بالتّشديد اسم موضع. ويروون في حمل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورةالبقرة: 196.

 

ص -81-         قوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ}1 على الأمن من المرض.

قول النّبيّ عليه السلام: "من سبق العاطس بالحمد أمن من الشّوص واللّوص والعلّوص" وعلى ألسن الفقهاء أنّ الشّوص وجع السّنّ واللّوص وجع الأذن والعلّوص وجع البطن وليس في ديوان الأدب ذكر اللّوص في معنى شيء من العلل وقال في العلّوص والعلّوز هو اللّوى بفتح اللّام وهو مصدر لوي جوفه من حدّ علم وهو بالفارسيّة برمانداب وقال في مجمل اللّغة العلّوص التّخمة وقال في الشّوصة هي داء ينعقد في الأضلاع وفي ديوان الأدب الشّوصة ريح تنعقد في الأضلاع.

ويشمّ الرّيحان من حدّ دخل لغة في شمّ يشمّ من حدّ علم.

والخلوق ضرب من الطّيب معروف.

وللمحرم أن يبطّ القرح من حدّ دخل أي يشقّه والقرح بفتح القاف الجرح وبضمّها وجع الجرح.

وإذا خضب من حدّ ضرب بالوسمة بكسر السّين هي أفصح من الوسمة بتسكين السّين.

ولا يزرّ القباء من حدّ دخل أي لا يشدّ أزراره وهي جمع زرّ بكسر الزّاي.

يشدّ بها حقويه الحقو الخاصرة والحقو الإزار أيضا. ولا يخلّه بخلال من حدّ دخل وهو أن يدخل فيه خلالا فيشدّه.

يرتدي ويأتزر هو الصّحيح ويتّزر بدون الهمزة وتشديد التّاء خطأ فإنّ قولك ائتزر بالهمزة من الإزار واتّزر من الوزر ومعناه ركب الوزر أي الإثم.

ويكره للمحرم لبس البرقع بضمّ الباء والقاف أي النّقاب.

إذا كان السّتر متجافيا عن وجهه أي متباعدا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورة البقرة: من الآية196.

 

ص -82-         سدلت خمارها من حدّ دخل وهو الإرخاء. غير مختمرة أي غير لابسة الخمار.

التّقليد تعليق القلادة في عنق الإبل. وهي عروة مزادة أي قربة صغيرة أو لحاء شجر بكسر اللّام ومدّ الألف أي قشر شجر.

والتّجليل إلباس الجلّ. والإشعار الإعلام وهو الطّعن في سنام الهدي حتّى يسيل منه دم فيعلم به أنّه هدي وصفحة سنامها الأيمن جانبه. والتّعريف بالهدي إخراجه إلى عرفات.

تصدّق بجلالها وخطامها الجلال جمع الجلّ والخطام الزّمام يؤمّ البيت أي يقصده: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}1 أي قاصدين.

استشرقوا العين والأذن أي تأمّلوا سلامتهما من الآفات وأصله الاستطلاع.

والعجفاء الّتي لا تنقي أي المهزولة الّتي لا تسمن فلا يصير فيها نقي بكسر النّون أي مخّ. ويجزئ الخصيّ وهو الّذي سلّ خصياه وقد خصاه من حدّ ضرب خصاء بكسر الخاء ومدّ الألف.

وقد ضحّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بكبشين أملحين موجوءين الأملح أسود الرّأس أبيض البدن موجوءين على وزن مفعولين من قولهم وجأ التّيس وجاء بالمدّ من باب صنع إذا رضّ عروقه من غير إخراج الخصيين والرّضّ الدّقّ.

والصّوم له وجاء من هذا أي هو قاطع للنّكاح.

ينضح ضرع الهدي حتّى يتقلّص أي ينزوي ويقلص من باب ضرب كذلك والنّضح الرّشّ من حدّ ضرب.

رأى رجلا قد أجهد نفسه أي عنّاها وغمّها وجهدها من حدّ صنع كذلك.

فقال: "اركبها" ويحك هي كلمة ترحّم فقال هي هدي فقال: "اركبها ويلك" هذه كلمة تهدّد.

بعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم هدايا على يدي ناجية الأسلميّ فقال يا رسول اللّه إن أزحف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة المائدة: 2.

 

ص -83-         منها شيء على ما لم يسمّ فاعله أي قامت من الإعياء أزحف البعير وأزحفه السّير.

فقال: "انحرها واغمس نعلك في دمها ثمّ اضرب بها صفحة سنامها وخلّ بينها وبين الفقراء" ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك الغمس من حدّ ضرب والصّفحة الجانب وخلّ بينها وبين النّاس أي اتركها للنّاس يتناولونها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك أي رفقائك في السّفر.

وإنّه لا يستمسك على الرّاحلة أي لا يقدر على حفظ نفسه. جهّز حاجّا أي هيّأ أسبابه وبعثه.

الصّرورة الّذي لم يحجّ.

ولو أوصى بحجّ وعتق نسمة النّسمة الإنسان والنّسمة النّفس والنّسمة ذو الرّوح.

وإذا أحجّ رجلا أي أمر رجلا به وحمله عليه.

من وقتنا له وقتا أي بيّنّا له ميقاتا بالتّخفيف من باب ضرب وبالتّشديد أيضا لغتان

فقد ذكر المشايخ في كتبهم بستان بني عامر ولم يبيّنوا موضعه ذكر الشّيخ القاضي الإمام الشّهيد عبد الواحد رحمه اللّه في مناسكه بالفارسيّة وقال من ذات عرق وهو ميقات أهل العراق إلى بستان بني عامر اثنان وعشرون ميلا ومن بستان بني عامر إلى مكّة أربعة وعشرون ميلا. ورخّص للحطّابين وفي رواية للحطّابة وهي جمع حطّاب وهو المحتطب وقد حطب من حدّ ضرب أي احتطب أيضا قال الشّاعر:

إذا ما ركبنا قال ولدان أهلنا                تعالوا إلى أن يأتي الصّيد نحتطب

أثبت عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه الإحصار في الملدوغ اللّدغ من العقرب واللّسع من الحيّة الأوّل بالغين المعجمة والثّاني بالعين المهملة وهما جميعا من حدّ صنع.

خرج إلى الرّبذة هي مكان به قبر أبي ذرّ الغفاريّ رضي اللّه عنه في البادية.

 

ص -84-         وافاها يوم النّحر أي أتاها من باب المفاعلة.

زجر الكلب فانزجر يزجره من حدّ دخل أي هيّجه بالصّياح فهاج.

أيّام أكل وشرب وبعال أي مباشرة وقد باعلها مباعلة وبعالا أي باشرها مباشرة والبعل الزّوج والبعلة الزّوجة.

قال هاهنا لغلام له اسمه معيقيب: أعطه ثمن شاة ، هذا الاسم بضمّ الميم وياء قبل القاف وياء بعدها.

 

ص -85-         كتاب النّكاح:

النّكاح التّزوّج من باب ضرب والنّكاح المجامعة أيضا واستشهد في ديوان الأدب للأوّل بقول الأعشى:

فلا تقربنّ جارة إنّ سرّها                      عليك حرام فانكحن أو تأبّدا

أي توحّش وتفرّد والسّرّ الجماع وقوله تأبّدا أراد به تأبّدن بنون خفيفة هي للتّأكيد وأبدل منها ألفا للوقف كما في الاسم المنوّن واستشهد للثّاني بقول الفرزدق:

التّاركين على طهر نساءهم

والنّاكحين بشطّي دجلة البقرا

يهجو قوما بأنّهم يتركون نساءهم فلا يطئونهنّ مع طهرهنّ ويجامعون البقر على جانبي دجلة بغداد

وأصله الضّمّ والجمع يقال أنكحنا الفرا فسنرى والفرأ بفتح الفاء والرّاء والآخر مهموز مقصور هو حمار الوحش أي جمعنا بين الحمار الوحشيّ وبين أنثاه وسننظر إلى ما يحدث منهما يضرب مثلا للأمر ينتظر وقوعه ولا يدرى كيف يقع وقال النّبيّ عليه السلام لأبي سفيان رضي اللّه تعالى عنه: "أنت كما قيل كلّ الصّيد في جوف الفرا" أي من اصطاد الحمار الوحشيّ كأنّه صاد كلّ الصّيود يعني به أنّه سيّد قومه وإسلامه سبب إسلام الكلّ وجمعه الفراء بكسر الفاء ومدّ الآخر وقال المتنبّي في النّكاح بمعنى الضّمّ:

أنكحت صمّ صفاها خفّ يعملة              تغشمرت بي إليك السّهل والجبلا

أي ضممت بين صمّ الصّفا وبين خفّ اليعملة والصّمّ جمع أصمّ وهو

 

ص -86-         الصّخر الّذي لا خرق فيه ولا صدع والصّفا الحجر الأملس والصّفوان كذلك واليعملة النّاقة القويّة على العمل تغشمرت أي تعسّفت وقال في ديوان الأدب تغشمره أي أخذه قهرا وقال في مجمل اللّغة: الغشمرة إتيان الأمر من غير تثبّت ومعنى البيت جمعت وضممت بين حجارة هذه المفازة وبين خفّ ناقة لي قويّة مالت بي يمينا وشمالا سهلا وجبلا إليك أيّها الممدوح هذا تخريج أهل الإتقان من العلماء لهذا البيت ولهذا المثل والأدباء يحملونها على المجاز من العقد فيقولون معنى قولهم زوّجنا العير أتانا فسننظر كيف يولد لهما ومعنى قول المتنبّي زوّجت حجر هذه المفازة خفّ النّاقة وزففتها إليه فهو يفتضّها وهو استعارة عن الجرح والتّدمية وقد جاء ذكر النّكاح في القرآن للعقد وجاء للوطء وجاء واختلف فيه القدماء من العلماء وجاء وتكلّم فيه المتأخّرون من المشايخ أمّا للعقد فقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}1 وقوله: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ}2 وقوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}3 وأمّا للوطء فقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}4 أي إذا بلغ اليتامى وقت القدرة على وطء النّساء.

وأمّا الّذي اختلف فيه القدماء من أهل العلم فقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}5 فعندنا معناه ولا تطئوا ما وطئ آباؤكم ويتناول ذلك الحلال والحرام وتثبت بالآية حرمة المصاهرة بوطء الأجنبيّة.

وعند الشّافعيّ رضي اللّه عنه معناه لا تعقدوا على ما عقد عليه آباؤكم ولا يثبت بها حرمة المصاهرة بوطء الأجنبيّة.

وأمّا الّذي اختلف فيه المتأخّرون من المشايخ فقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة النساء: 3.

2سورة النساء: 25.

3سورة النور: 32.

4سورة النساء: 6.

5سورة النساء: 22.

 

ص -87-         تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}1 فبعضهم حمل النّكاح على العقد وقال في الآية مدّ الحرمة إلى غاية وهي العقد وظاهرها يقتضي أن تنتهي عند العقد.

ولا يشترط الوطء لحلّ المطلّقة ثلاثا كما قال سعيد بن المسيّب لكن زدنا عليه الوطء بخبر ذوق العسيلة وهو مشهور وبعض المحقّقين المتقنين من مشايخنا رحمهم اللّه حملوا النّكاح المذكور في هذه الآية على الوطء وقالوا ذكر العقد مستفاد بذكر قوله تعالى: {زَوْجاً غَيْرَهُ}2 فلا يصير زوجا إلّا بالعقد فلا يحمل النّكاح على العقد لأنّه يكون تكرارا غير مفيد فحملناه على الوطء وصار معناه فلا تحلّ هذه المطلّقة ثلاثا حتّى تمكّن من وطئها رجلا وقد تزوّجها بعد انقضاء عدّتها من الأوّل وهو وجه حسن لئلّا يقال لا يجوز الزّيادة على النّصّ بخبر الواحد باشتراط الوطء.

وقوله عليه السلام: "عليكم بالباءة فمن لم يستطع فليصم فإنّ الصّوم له وجاء" فسّرنا الوجاء في المناسك والباءة النّكاح على وزن الباعة لأنّ من تزوّج امرأة بوّأها منزلا والوطء سمّي باءة أيضا والمنيّ أيضا سمّي باءة كذلك.

وقوله عليه السلام: "النّكاح سنّتي فمن رغب عن سنّتي فليس منّي" أي ليس على طريقتي وقوله عليه السلام: "فمن رغب عن سنّتي" أي لم يردها ولو قيل رغب في الشّيء فمعناه أراده والزّهد ضدّه يقال زهد في الشّيء إذا لم يرده وزهد عنه إذا أراده وصرف الكلمتين جميعا من حدّ علم.

إن كانت نفسه تتوق إلى النّساء أي تشتاق وقد تاق يتوق توقا وتوقانا وفي المثل المرء توّاق إلى ما لم ينل.

{وَسَيِّداً وَحَصُوراً}3 هو الّذي لا يأتي النّساء مع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة البقرة: 230.

2سورة البقرة: 230.

3سورة آل عمران: 39.

 

ص -88-         القدرة على ذلك. وقوله عليه السلام: "لا تنكح المرأة على عمّتها ولا خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في صحفتها فإنّ اللّه تعالى هو رازقها" فقوله: "لا تنكح" فيه روايتان كسر الحاء ورفعها فالكسر على حقيقة النّهي وهو مجزوم ثمّ يكسر لالتقاء السّاكنين والرّفع على إرادة النّهي بصيغة الخبر كأنّه قال ما ينبغي أن يفعل ذلك وهو أن يتزوّج امرأة على عمّتها أي بعد نكاح عمّتها ولا بعد نكاح خالتها ولا أن يتزوّج المرأة ثمّ يتزوّج عمّتها أو خالتها وفائدة التّكرار هذا أنّه إذا تزوّج العمّة ثمّ بنت أخيها أو الخالة ثمّ بنت أخيها لم يجز ولو تزوّج بنت الأخ أوّلا ثمّ العمّة أو بنت الأخت ثمّ الخالة لم يجز أيضا بخلاف تزوّج الأمة على الحرّة فإنّه لا يجوز وتزوّج الحرّة على الأمة يجوز ولا تسأل المرأة طلاق أختها في الدّين ليتزوّجها للمال ولا طلاق أختها في النّسب أو الرّضاع ليتزوّجها بعد انقضاء عدّة المطلّقة لتكتفئ ما في صحفتها من قولك كفأ الإناء كفئا من حدّ صنع واكتفأه اكتفاء أي قلبه والصّحفة الّتي على نصف القصعة فإنّ الصّحفة الّتي تشبع الخمسة ونحوهم والقصعة الّتي تشبع العشرة ومعناه لتصرف حظّ صاحبتها إلى نفسها فإنّ اللّه تعالى هو رازقها أي هو الّذي رزق أختها فلتسأل هي ربّها تعالى أن يرزقها مثل ما رزق صاحبتها.

وقول عمر رضي اللّه عنه: "لأمنعنّ النّساء فروجهنّ إلّا من الأكفاء" أي تمليك فروجهنّ بالتّزويج والأكفاء جمع كفؤ بتسكين الفاء وضمّها وهمز الآخر وبتسكين الفاء وآخره بالواو وهو النّظير والمساوي.

وقوله عليه السلام: "البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها والثّيّب تشاور" فالاستيمار الاستئذان وهو استفعال من الأمر فهو طلب أمرها وسؤال أمرها بذلك والصّمت بفتح الصّاد والصّمات بضمّ الصّاد والصّموت بالواو كلّها السّكوت وصرفه من حدّ دخل والثّيّب تشاور المشاورة والتّشاور والاستشارة طلب الرّأي والتّدبير والاسم المشورة بفتح الميم وضمّ الشّين هي اللّغة الصّحيحة الفصيحة والمشورة بفتح الميم وتسكين الشّين وفتح الواو لغة فيها.

 

ص -89-         ثمّ البكر هي الّتي يكون واطئها مبتدئا لها من البكرة والباكورة والبكور والتّبكير.

والثّيّب الّتي يكون واطئها راجعا إليها من ثاب يثوب إذا رجع: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ}1 أي مرجعا لهم.

الثّيّب يعرب عنها لسانها، أي يبين وإعراب الكلمة من ذلك هو بيان عن حالها وقال النّخعيّ البكر تستأمر في نفسها فلعلّ بها داء لا يعلمه غيرها قوله داء منصوب بلعلّ لأنّه اسمه فينتصب به وإن حال بينهما حائل كما في قوله تعالى: {إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً}2 {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً}3 {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً}4 وقالوا معنى هذا الكلام عسى يكون ميلها إلى رجل آخر فلا تألف هذا وقالوا بل معناه عسى يكون لها في الفرج علّة كالقرن بفتح القاف وتسكين الرّاء وهو العفلة الّتي تكون للنّساء كالأدرة للرّجال فلا يمكث معها الزّوج على ذلك وهي أعلم بحالها فلا بدّ من استيمارها لتنظر في أمرها وتخبر عن شأنها.

وقوله: لا تنكح الأمة على الحرّة وتنكح الحرّة على الأمة وللحرّة الثّلثان من القسم وللأمة الثّلث القسم بفتح القاف المصدر والقسم بكسر القاف الحظّ وقد قسم الشّيء يقسمه من حدّ ضرب وأراد بالحديث أنّه يكون عند الحرّة ليلتين وعند الأمة ليلة. وعن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما أنّه قال: كان بعض العرب في الجاهليّة يستحلّ الرّجل نكاح امرأة أبيه، فإذا مات أبوه ورث نكاحها عنه فأنزل اللّه تعالى في كتابه : {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً}5 فأمّا قوله: كان بعض العرب، فقد روي عن أبي مجلز أنّه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورة البقرة: 125.

2  سورة يوسف: 78.

3  سورة المزمل: 12.

4  سورة النحل: 11.

5  سورة النساء:22.

 

ص -90-         قال: كانت الأنصار إذا مات الرّجل، وليّ الرّجل أحقّ بالمرأة من وليّها، فنهى اللّه تعالى عن ذلك، وأمّا وجه وراثة النّكاح فقد روي عن مجاهد أنّه قال: كان إذا توفّي الرّجل كان ابنه أو أخوه أو ابن أخيه أحقّ بامرأته أن يتزوّجها إن شاء أو يزوّجها من شاء، وعن قتادة رضي اللّه عنه قال: كان هذا الحيّ من الأنصار إذا مات لهم ميّت كان وليّ الميّت أولى بالمرأة فينكحها إن شاء أو ينكحها من شاء أو يعضلهنّ حتّى يفتدين بأموالهنّ، وأمّا كيفيّة وراثتهنّ فقد روي عن السّدّيّ عن أبي مالك قال: كانت المرأة في الجاهليّة إذا مات زوجها جاء وليّه فألقى عليها ثوبه فإن كان له ابن صغير أو أخ حبسها وليّه حتّى يشبّ هذا الصّغير أو يموت فيرثها فإن انفلتت، وأتت أهلها قبل أن يلقي عليها ثوبا نجت فأنزل اللّه تعالى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً}1 الآية، وقوله: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً}2 فالمقت أشدّ البغض من حدّ دخل، أي يبغض اللّه تعالى هذا أشدّ البغض.

{وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ}3 هي جمع حليلة وهي الزّوجة والحليل الزّوج وهما حليلان واشتقاق ذلك من ثلاثة أشياء من الحلّ بالكسر والحلّ بالفتح والحلول والأوّل من باب ضرب والثّاني والثّالث من باب دخل يقال حلّ الشّيء يحلّ حلّا فهو حلال وحلّ العقدة يحلّها حلّا فهو حالّ وحالّ به يحلّ حلولا فهو حالّ أي نزل فالزّوجان حليلان أي يحلّ كلّ واحد منهما لصاحبه ويحلّ كلّ واحد منهما عقدة صاحبه ويحلّان جميعا في مكان واحد. {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}4 جمع ربيبة وهي ابنة امرأة الرّجل لأنّه يربّها أي يربّيها والحجور جمع حجر بفتح الحاء وكسرها وهما لغتان فصيحتان. وقول ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: أبهموا ما أبهم اللّه أي أطلقوا ما أطلق اللّه وأصل الإبهام ترك البيان قال ذلك في قوله تعالى:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة النساء: 19.

2سورة النساء: 22.

3سورة النساء: 23.

4سورة النساء: 23.

 

ص -91-         {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}1 يعني بيّن اللّه تعالى اشتراط الدّخول في حقّ الرّبائب بقوله: {مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}2 ولم يبيّن ذلك في أمّهات النّساء فلا تشترطوا ذلك فيهنّ.

ويجوز نكاح الصّابئيّة عند أبي حنيفة رحمه اللّه لأنّ الصّابئين قوم من النّصارى عنده ولا يجوز عندهما لأنّهم عبدة الكواكب وقيل هم عبدة الملائكة وقيل هم قوم بين المجوس والنّصارى، دعها فإنّها لا تحصنك، أي لا تجعلك محصنا بفتح الصّاد من الإحصان قال ذلك لكعب بن مالك رضي اللّه عنه حين أراد أن يتزوّج يهوديّة والإحصان في القرآن على وجوه الإحصان النّكاح قال اللّه تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}3 أي المنكوحات وقوله {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}4 أي متزوّجين غير زانين والإحصان العفّة قال اللّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}5 أي العفائف والإحصان الحرّيّة قال اللّه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ}6 أي الحرائر وفي الشّرع إحصانان أحدهما يتعلّق به وجوب الرّجم في الزّنا وله شرائط والآخر يتعلّق به وجوب الحدّ على القاذف وله شرائط ونذكرهما في كتاب الحدود إن شاء اللّه، وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم في مجوس هجر وهو اسم بلد: "سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم" يعني اسلكوا بهم على طريق أهل الكتاب في إعطاء الأمان بأخذ الجزية إلّا أنّه لا يجوز لكم أن تتزوّجوا إناثهم ولا أن تأكلوا ذبائحهم وقد سنّ يسنّ من حدّ دخل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة النساء: 23.

2سورة النساء: 23.

3سورة النساء: 24.

4سورة النساء: 24.

5سورة النور: 4.

6سورة النساء: 25.

 

ص -92-         وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه تزوّج عائشة رضي اللّه عنها وهي صغيرة بنت ستّ سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين وكانت عنده تسعا أي تسع سنين إلى أن قبض صلّى اللّه عليه وسلّم.

قوله: بنى بها أي حملها إلى بيته ودخل بها وكلام العرب في ذلك بنى عليها يبني بناء أي ضرب عليها قبّة أي خيمة لزفّها وحملها إليه ثمّ صار عبارة عن الزّفاف بنى عليها قبّة أوّلا وبنى بها غير مستعمل عندهم وإن كان كذلك على ألسن العامّة.

والزّفاف اسم من زفّ العروس إلى زوجها زفّا من حدّ دخل أي حملها إليه.

تستأمر النّساء في أبضاعهنّ، جمع بضع بضمّ الباء وهو الفرج والمباضعة المجامعة من ذلك وكذلك قوله لبريرة رضي اللّه عنها: "ملكت بضعك فاختاري" هو على هذا.

وقوله عليه السلام: "لا تنكح اليتيمة حتّى تستأمر" اليتيمة الصّغيرة الّتي لا والد لها وقد يتم يتما من حدّ علم وأوّل المصدر مضموم وقيل هو اسم والمصدر يتم بفتح الياء والتّاء واليتم في النّاس من قبل الأب وفي البهائم من قبل الأمّ يعني اليتيم من بني آدم من مات أبوه ومن البهائم ما ماتت أمّه وقيّدنا بالصّغير لقوله عليه السلام: "لا يتم بعد الحلم" أي لا يبقى له حكم اليتامى بعد الاحتلام وقد حلم حلما بالضّمّ من حدّ دخل وحلم حلما بكسر الحاء من حدّ شرف أي صار حليما وحلم الأديم حلما بفتح الحاء واللّام في المصدر من حدّ علم أي وقعت فيه دوابّ.

{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}1 جمع أيّم وهي الّتي لا زوج لها يقال آمت تئيم أيما كقولك باع يبيع بيعا وتأيّمت تأيّما أي امتنعت عن التّزوّج قال الشّاعر:

فإن تنكحي أنكح وإن تتأيّمي                 مدى الدّهر ما لم تنكحي أتأيّم

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة النور: 32.

 

ص -93-         أي إن تزوّجت أنت تزوّجت أنا وإن لم تتزوّجي أنت لم أتزوّج أنا مدى الدّهر أي غاية الدّهر وأتأيّم مجزوم في الأصل لأنّه جزاء الشّرط وهو قوله وإن تتأيّمي وكسر لاستواء القافية.

{فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ}1 أي لا تمنعوهنّ عن التّزوّج وصرفه من حدّ دخل وضرب جميعا.

{وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}2 أي لا تضيّقوا على الزّوجات لتفتدين بالمال.

كان النّبيّ عليه السلام إذا أراد أن يزوّج إحدى بناته دنا إلى خدرها أي سترها ويقول إنّ فلانا يذكر فلانة أي يخطبها ثمّ يذهب فيزوّجها.

"لو ترك النّاس ودعواهم" أي مع دعواهم محلّه من الإعراب النّصب كما يقال لو تركت والأسد بالنّصب لأكلك أي مع الأسد ويسمّى هذا مفعولا معه. النّكول في الاستحلاف من باب دخل أصله الجبن يقال نكل عن العدوّ أي جبن عنه فلم يتجاسر على الإقدام عليه ومراد الفقهاء من هذه اللّفظة هو الامتناع عن اليمين. ومحمّد رحمه اللّه أطلق لفظّة الإباء والفقهاء يقولون الإيبا بزيادة ياء وهو خطأ وقد أبي يأبى إباء من حدّ صنع إذا لم يقبل.

"فعليك بذات الدّين تربت يداك" أي افتقرت من حدّ علم وهذا دعاء لا يراد به وقوعه وقيل هو على القلب وقيل هو على الشّرط يعني افتقرت يداك أي إن لم تفعل ما أمرتك به وأترب يترب إترابا أي استغنى وهو ضدّ ترب.

وفي الخبر: "النّكاح إلى العصبات" قال القتبيّ عصبة الرّجل قرابته لأبيه وبنوه سمّوا عصبة لأنّهم عصبوا به أي أحاطوا به وكلّ شيء استدار حول شيء فقد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة البقرة: 232

2سورة النساء: 19.

 

ص -94-         عصب به ومنه العصائب وهي العمائم.

قال القتبيّ: ولم أسمع للعصبة بواحد والقياس أن يكون عاصبا مثل طالب وطلبة وظالم وظلمة والعصبات جمع الجمع وكذلك يقول في مجمل اللّغة العصبة قرابة الرّجل لأبيه من قولهم عصب القوم بفلان أي أحاطوا به وعصبت الإبل بالماء إذا دارت به وهم في الحاصل الذّكور الّذين يتّصلون به بالذّكور.

{وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}1 الشّعب بفتح الشّين وتسكين العين القبيلة العظيمة والقبيلة دونها. "من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه" أي من لم يتقدّم بحسن عمله لم يشرف بنسبه.

أمثلي يفتات عليه في بناته على ما لم يسمّ فاعله أي يسبق على رأيه فلا يشاور ولا يستأذن منه وقد افتات يفتات افتياتا فهو افتعال من الفوت.

وإذا زالت بكارتها بالطّفرة أي الوثبة يقال طفر طفورا من حدّ ضرب أو زالت بكارتها بالتّعنيس يقال عنّست المرأة تعنيسا إذا بقيت في بيت أبويها لا يأتيها خاطب أو زالت بدرور الدّم هو سيلانه من حدّ دخل.

كلّ نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح، أي زنا قال اللّه تعالى: {غَيْرَ مُسَافِحِينَ}2 أي غير زناة وقد سافح مسافحة وسفاحا إذا زنى وهو من سفح يسفح سفاحا من حدّ صنع أي صبّ سمّي الزّنا سفاحا لأنّه صبّ الماء على وجه التّضييع. يلحقها العار والشّنار أي العيب وينسب إلى الوقاحة هي صلابة الوجه من حدّ شرف والقحة والوقوحة أيضا وهي صلابة الوجه وقلّة الحياء وهو رجل وقح ووقاح.

والوقاح الحافر الصّلب أيضا وقد وقح الحافر من حدّ شرف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة الحجرات: 13.

2سورةالنساء: 24.

 

ص -95-         ووقاحة الوجه تشبيه بذلك.

مهر المرأة يمهرها مهرا من حدّ صنع أي أعطاها المهر وأمهرها إمهارا كذلك وفي المثل كالممهورة بإحدى خدمتيها أي خلخاليها يضرب مثلا للجاهل الّذي يصطنع إليه من ماله فيظنّه من عند فاعله.

ويقال مهرها أي أعطاها مهرها وأمهرها كذا أي جعل ذلك مهرا لها بالتّسمية ويقال أيضا أمهرت الجارية أو العبد أي جعلت ذلك مهرا للمرأة. وقال عليه السلام: "أدّوا العلائق" قيل فما العلائق؟ قال: "المهور ما تراضى عليه الأهلون" جمع علاقة وهي المهر تقع به العلقة بين الزّوجين.

وذكر في باب الأكفاء أنّ قريشا كانوا يقولون: نحن أهل اللّه وقطّان بيت اللّه أي خواصّ اللّه والمضافون إليه بجوار بيته الكعبة والقطّان جمع قاطن وهو السّاكن يقال قطن بالمكان من حدّ دخل أي أقام.

والنّاس يستنكفون عن ذوي الحرف الدّنيّة أي يأنفون.

جهّز ابنته بجهازها بفتح الجيم وكسرها والفعل من باب التّفعيل أي هيّأ أسبابها وبعثها إلى الزّوج.

"أعلنوا النّكاح ولو بالدّفّ" بفتح الدّال وضمّها لغتان.

{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}1 وقرئ فتثبّتوا التّبيّن والاستبانة التّعرّف والتّفحّص ليعلم والتّثبّت والاستثبات التّأنّي والتّأمّل ليظهر.

"إنّ اللّه يحبّ معالي الأمور ويبغض سفسافها" أي رديئها والسّفساف من الشّعر ومن الثّوب ومن كلّ شيء أرداه.

نهى المجوس عن الزّمزمة هي كلام المجوس عند مأكلهم وغير ذلك وهو كلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة الحجرات: 6.

 

ص -96-         لا يتبيّن حروفه.

اتركوا أهل الذّمّة وما هم عليه من نكاح المحارم واقتناء الخمور والخنازير أي اتّخاذها وقد اقتناها يقتنيها وقناها يقنوها قنوة وقناها يقنيها قنية. نتركهم وما يدينون أي يتّخذونه دينا. يقع بينهما المشاجرة أي المخالفة والتّشاجر كذلك وقوله تعالى: {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}1 أي وقع بينهم من الاختلاف وهو من حدّ دخل.

وإذا تزوّج الذّمّيّ مسلمة ودخل بها عزّر والتّعزير الضّرب على وجه التّأديب من العزر وهو الرّدّ من حدّ ضرب فهو ضرب يردّه عن الجناية {وَتُعَزِّرُوهُ}2 أي تنصروه بردّ الأعداء عنه قال ذلك في شرح الغريبين وقال في مجمل اللّغة التّعزير الضّرب دون الحدّ يقال عزّرت الحمار أي أوقرته وعزّرت البعير أي شددت خياشيمه بخيط ثمّ أوجرته يشير بذلك أنّ التّعزير تشديد على الجاني ومنع له عن العود.

والرّضاع بالفتح أفصح والرّضاع بالكسر لغة فيه والرّضع والرّضاعة المصدر والصّرف من حدّ علم أفصح ومن حدّ ضرب لغة فيه. يستتاب المرتدّ أي يسأل منه التّوبة وهي الرّجوع إلى الإسلام.

إذا خرج الحربيّ مراغما أي مغاضبا منابذا والمراغم بالفتح المذهب والمهرب من قوله تعالى: {يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً}3

انقطعت العصمة بينهما أي الوصلة الّتي كانا يعتصمان بها أي يتمسّكان.

وقال النّبيّ عليه السلام في سبايا أوطاس وهو اسم موضع: "ألا لا توطأ الحبالى حتّى يضعن حملهنّ ولا الحيالى حتّى يستبرين بحيضة" الحبالى جمع حبلى وقد حبلت من حدّ علم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة النساء: 65.

2سورة الفتح:9

3سورة النساء: 100.

 

ص -97-         والحيالى جمع حائل وهي الّتي لا حبل بها وقد حالت تحول حيالا فهي حائل وجمعت حيالي على الازدواج وقوله حتّى يضعن أي حتّى يلدن وحتّى يستبرين بحيضة وأصله يستبرئن والرّواية بالياء ثابتة على وجه تليين الهمزة للتّخفيف وقد شرحناه في كتاب الصّلاة.

"لها مهر مثل نسائها لا وكس ولا شطط" أي لا نقصان ولا زيادة والوكس النّقص من حدّ ضرب والشّطط مجاوزة القدر في كلّ شيء وقد شطّ شطوطا من حدّ دخل وضرب أي بعد وأشطّ في الحكم إشطاطا أي جار قال اللّه تعالى: {وَلا تُشْطِطْ}1 وأشطّ في المساومة واشتطّ من باب الإفعال والافتعال أي أبعد وأصل ذلك كلّه ما تقدّم.

والمهر المفروض المسمّى المقدّر والصّرف من حدّ ضرب قال اللّه تعالى: {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}2.

والمتعة الّتي تجب للمنكوحة الّتي طلقت قبل الدّخول بها ولم يكن سمّى لها زوجها مهرا مأخوذة من التّمتّع بالشّيء يقال تمتّع تمتّعا وأمتعه اللّه به إمتاعا ومتّعه به تمتيعا وأصل ذلك كلّه من قولهم شيء ماتع أي طويل وقد متع النّهار أي ارتفع وطال من حدّ صنع فالتّمتيع بالشّيء هو إطالة الانتفاع به.

فالمتعة ثلاثة أثواب درع وخمار وملحفة ويعتبر فيها حال الرّجل كما في النّفقة هذا هو الصّحيح.

المفوّضة بكسر الواو هي الّتي زوّجت نفسها من رجل من غير تسمية مهر والمفوّضة بفتح الواو هي الّتي زوّجها وليّها من رجل من غير تسمية مهر فبالكسر نعت الفاعلة وبالفتح نعت المفعولة والتّفويض هو التّسليم وهو ترك المنازعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة صّ: 22

2سورة البقرة: 236.

 

ص -98-         والمضايقة ويراد به تفويض أمر المهر إلى الزّوج وترك المنازعة في تقديره، أمّ كلثوم بضمّ الكاف.

وإذا تزوّجها على بيت أو خادم فلها الوسط من ذلك قال في ديوان الأدب البيت من الأبنية ومن الشّعر يعني يقع على بيوت المدر وهي لأهل الأمصار وعلى بيوت الشّعر وهي لأهل البوادي وقال في ديوان الأدب الخادم واحد الخدم غلاما كان أو جارية لأنّه لا يراد به النّعت من فعل الخدمة ولو جعل من ذلك فلا بدّ من التّذكير والتّأنيث لكن جعل اسما فلم يحتج إلى ذلك.

والوصيف العبد وجمعه الوصفاء والوصيفة الجارية وجمعها الوصائف ويختلف بالغلاء والرّخص بتسكين الخاء وضمّ الرّاء مصدر الرّخيص والصّرف من حدّ شرف. والغبن اليسير والفاحش هو الخداع في المبايعة من حدّ ضرب.

نماء الملك للمالك هو ممدود وصرفه من حدّ ضرب ودخل جميعا وينمي أفصح بالياء. والعقر مهر المرأة إذا وطئت عن شبهة.

والأرش دية الجراحات وقال في شرح الغريبين سمّي العقر عقرا لأنّه يجب على الواطئ بعقره إيّاها بإزالة بكارتها أي بجرحه من حدّ ضرب هذا هو الأصل ثمّ صار للثّيّب وغيرها والأرش سمّي أرشا اشتقاقا من التّأريش بين القوم وهو الإفساد. وجداد التّمر قطعه من حدّ دخل والجداد بكسر الجيم لغة في الجداد بالفتح.

وجزّ الزّرع والصّوف من حدّ دخل أيضا والجزاز لغة في الجزاز كالأوّل.

لا شفعة في الشّقص الممهور عندنا الشّقص الطّائفة من الشّيء ويراد بهذا أنّ الرّجل إذا تزوّج امرأة على نصف هذه الدّار أو جزء معلوم منها فليس للشّريك فيها حقّ الشّفعة عندنا خلافا للشّافعيّ وعندنا لو تزوّجها على دار فليس للجار حقّ الشّفعة أيضا لكن وضعنا المسألة في الشّقص لأنّ حقّ الشّفعة عند الشّافعيّ لا يثبت للجار في موضع ما وإنّما يثبت للشّريك فوضعنا المسألة في الشّقص تحقيقا للخلاف.

روى العبادلة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لا مهر أقلّ من عشرة" العبادلة هم

 

ص -99-         عبد اللّه بن عبّاس وعبد اللّه بن مسعود وعبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهم على تركيب الاسم الواحد من كلمتين كالحولقة والحيعلة لقولهم لا حول ولا قوّة إلّا باللّه وحيّ على الصّلاة وحيّ على الفلاح والمسمّون به من الصّحابة مائتا رجل لكنّ العلماء إذا أطلقوا هذا الجمع أرادوا به هؤلاء الثّلاثة.

تزوّج النّبيّ عليه السلام: عائشة رضي اللّه عنها على اثنتي عشرة أوقيّة الأوقيّة أربعون درهما.

وتزوّج عبد الرّحمن بن عوف امرأة على نواة من ذهب النّواة قدر خمسة دراهم ونواة من ذهب ذهب قيمته خمسة دراهم.

والمتعة تختلف باختلاف اليسار والإعسار أي الغنى والافتقار وبعض أهل العلم يستعملون لفظة اليسار والعسار وهو غير مسموع فالعسر واليسر مسموعان على المقابلة والإيسار والإعسار كذلك مصدران من أيسر وأعسر واليسار أيضا مسموع وهو اسم فأمّا العسار فلم يرد به السّماع ولا وجه لإطلاقه وقال اللّه تعالى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}1 الموسع الغنيّ والواسع كذلك والمقتر الفقير وقد أوسع إذا اتّسعت حاله وأقتر إذا افتقر والقدر بتسكين الدّال وفتحها المقدار.

وفصّ الخاتم بفتح الفاء وبالكسر لغة رديّة.

إذا تزوّجها على خلّ فإذا هي خمر أو طلاء بالمدّ وكسر الطّاء وهو ماء العنب إذا طبخ حتّى ذهب ثلثاه.

وإذا تزوّجها في السّرّ على مهر مسمّى وسماعا في العلانية بأكثر منه أي أظهرا العقد على مهر آخر وأسمعا النّاس كذلك والاسم منه السّمعة بضمّ السّين.

ولا تردّ المنكوحة عندنا بعيب الرّتق بفتح التّاء وهو انسداد الرّحم بعظم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة البقرة: 236.

 

ص -100-      ونحوه والمرأة الرّتقاء الّتي لا يصل إليها زوجها وصرفه من حدّ علم ولا بالقرن بتسكين الرّاء وهي كالعفلة الّتي هي للنّساء كالأدرة للرّجال ولا بالبرص وهو بياض يظهر بالجلد ويتشاءم به وصرفه من حدّ علم

ولا بالجذام وهو داء يقع في اللّحم فيفسد وينتن ويتقطّع ويسقط وقد جذم على ما لم يسمّ فاعله فهو مجذوم ولا بالشّلل وهو آفة تصيب اليد أو الرّجل وقد شلّ يشلّ فهو أشلّ من حدّ علم.

تزوّج النّبيّ عليه السلام: امرأة فرأى في كشحها بياضا أي برصا والكشح ما بين الخاصرة إلى الضّلع القصوى من الجنب فردّها وقال: "دلّستم عليّ" أي طلّقها ومنه الحديث: "ابنتك مردودة عليك" أي مطلّقة والتّدليس إخفاء العيب.

والعنّة صفة العنّين وهو الّذي لا يقدر على إتيان المرأة.

وقول النّبيّ عليه السلام: "فرّ من المجذوم فرارك من الأسد" ليس لتحقيق العدوى وهي السّراية فقد نفى ذلك بقوله عليه السلام: "لا عدوى ولا هامة ولا صفر".

العدوى هو الاسم من إعداء الجرب ونحوه وكان أهل الجاهليّة يعتقدونه فنفاه.

والهامة من قولهم أيضا إنّ عظام الميّت تصير هامة فتطير.

والهامة طائر يقال له بالفارسيّة جغد فنفاه وقال ليس كذلك وقيل كانوا يتشاءمون بهذا الطّائر فقال ليس هذا ممّا يتشاءم به.

وقوله: "ولا صفر" له وجهان أحدهما أنّهم كانوا يقولون في البطن حيّة تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه ومنه قول قائلهم:

لا يتأذّى لما في القدر يرقبه                  ولا يعضّ على شرسوفه الصّفر

 

 

ص -101-      يصفه بقلّة الأكل وقلّة النّهم فقوله لا يتأذّى لما في القدر أي لا يتحبّس ولا يتمكّث للّحم الّذي في القدر ينتظره لينضج فيأكله ولا يعضّ على شرسوفه هو طرف الضّلع الّذي يشرف على البطن وجمعه الشّراسيف الصّفر أي هذه الدّابّة لا تؤذيه أي الجوع لا يقلقه ولا يعنيه فنفاه النّبيّ عليه السلام وقال: "ليس كذلك" وقيل كانوا يؤخّرون تحريم المحرّم إلى صفر وهو النّسيء الّذي ذكره اللّه تعالى فقال: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}1 أي تأخير التّحريم فنفاه وقال لا يجوز ذلك وإذا نفى العدوى بهذا الحديث لم يكن لحمل هذا الحديث الّذي فيه أمر بالفرار عن المجذوم على الخوف منه معنى فكان تأويله الصّحيح واللّه أعلم أنّه إنّما أمره بالاجتناب عن صاحب الجذام لئلّا يصيبه جذام سبق القضاء به فيظنّ أنّه من عدوى فيأثم به إذا اعتقده وهذا كما روي عن النّبيّ عليه السلام أنّه قال: "لا يوردنّ ذو عاهة على مصحّ" أي لا يورد إبله الماء رجل مواشيه ذوات عاهة على أثر من مواشيه صحيحة لئلّا يظهر بها عاهة فيظنّ أنّها أعدت فيعتقده فيأثم بذلك.

لا يطّلع عليه الرّجال أي لا يقف عليه.

والخصيّ الّذي سلّ أنثياه وبقي ذكره فعيل بمعنى مفعول من الخصاء من باب ضرب.

والمجبوب المقطوع الذّكر والجبّ القطع من حدّ دخل.

العزل عن المرأة من باب ضرب هو صرف مائه عنها في الوطء مخافة الولد وقال النّبيّ عليه السلام: "تلك الموءودة الصّغرى" الوأد من باب ضرب دفن الابنة حيّة والموءودة هي الابنة المدفونة حيّة وأراد به أنّ عزل الماء عنها لئلّا يصير لها ولد في معنى إتلاف ولدها بعد الوضع.

يكسر شبقها هو شدّة الغلمة من حدّ علم وقد شبق شبقا فهو شبق والغلمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1  سورةالتوبة: 37.

 

ص -102-      هيجان الشّهوة وهي من حدّ علم أيضا واغتلم كذلك.

نكاح الشّغار بكسر الشّين من قولك شاغرته شغارا ومشاغرة أي زوّجته ابنتي على أن يزوّجني ابنته أو أختي على أن يزوّجني أخته أو أمّي على أن يزوّجني أمّه على أن يكون البضع بالبضع سمّي به لأنّ كلّ واحد منهما يشغر أي يرفع الرّجل للوطء من قولهم شغر الكلب من حدّ صنع إذا رفع رجله ليبول وقيل هو مأخوذ من قولهم بلدة شاغرة أي خالية عن الأنيس سمّي به لخلوّه عن الصّداق.

وشغر الكلب إذا رفع رجله للبول وخلا مكان رجله عنها.

والنّهي عندنا عن إخلائه عن مهر هو مال لا عن مباشرة هذا العقد فينعقد على الصّحّة ويجب مهر المثل. وعند الشّافعيّ رحمه اللّه هو فاسد.

وروي أنّ النّبيّ عليه السلام: تزوّج أمّ حبيبة بنت أبي سفيان وكان الّذي ولي عقد النّكاح النّجاشيّ ومهرها عنه أربعمائة دينار.

قوله تزوّج أمّ حبيبة أي صار زوجا لها حكما بأمره النّجاشيّ بهذا العقد قبل العقد أو بإجازته ذلك بعد العقد.

وقوله وكان الّذي ولي العقد أي تولّاه بنفسه من حدّ حسب يحسب بكسر السّين في الماضي والمستقبل. والنّجاشيّ اسم ملك الحبشة بتشديد الياء في آخره وتخفيفها لغتان فالتّشديد على وجه النّسبة والتّخفيف على وجه الاسم كالرّباعيّ واليماني ومهرها بالتّخفيف أي أعطاها المهر أربعمائة دينار بنصب العين لأنّه مفعول وخفض المائة لأنّها مضاف إليها.

وعن عائشة رضي اللّه عنها أنّها زوّجت حفصة بنت عبد الرّحمن بن أبي بكر

 

ص -103-      رضي اللّه عنهم هي بنت أخيها من المنذر بن الزّبير وهو الزّبير بن العوّام من العشرة المبشّرة وعبد الرّحمن غائب يعني والد المرأة فقدم فقال أومثلي يفتات عليه في بناته.

الألف للاستفهام والواو عطف.

ويفتات عليه بضمّ الياء أي يسبق على رأيه فلا يشاور ولا يستأذن منه وقد افتات يفتات افتياتا من الفوت وقد مرّ شرحه.

يعني كيف يجوز أن تزوّجوا ابنتي من غير إذني فقالت عائشة أوترغب عن المنذر تعني يا والد حفصة أتأبى صحبة مثل هذا الختن.

ثمّ قالت للمنذر لتملّكنّي أمرها يعني أقسم عليك وأسألك أن تفوّض إليّ أمر هذه المرأة لأفعل فيه ما شئت تظهر بذلك لأبي المرأة أنّ هذا أمر نافع لك وإن أبيت عملنا على رضاك فملّكها يعني الزّوج ملّك عائشة أمر امرأته فقال ما بي رغبة عنه يعني قال الأب ما أكره مصاهرته لكن شقّ عليّ التّزوّج من غير استطلاع رأيي وأنا الآن راض به.

وروي عن عبد الرّحمن بن ثروان قال زوّجت امرأة معنا في الدّار ابنتها فجاء أولياؤها فخاصموا إلى عليّ رضي اللّه عنه فأجاز النّكاح أي حكم بجوازه لا أنّه كان موقوفا فنفذ بإجازته.

وعن بحيرة بنت هانئ أنّها قالت زوّجت نفسي من القعقاع بن شور هو بفتح الشّين فجاء أبي فخاصم إلى عليّ رضي اللّه عنه فأجاز النّكاح يعني به أنّ تزويج المرأة صحيح.

طول الحرّة لا يمنع نكاح الأمة عندنا أي الغنى والقدرة على تزوّج الحرّة قال اللّه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ}1 أي: الحرائر، {الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ}2 أي: إمائكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة النساء 25.

2سورة النساء 25.

 

ص -104-      الحرّة تلحقها الغضاضة أي المذلّة والكراهة وهي من غضّ الطّرف والصّوت واللّجام وهو الخفض ونحوه من حدّ دخل فالغضاضة في معنى نقص حالها وحطّ رتبتها.

ويزوّج عبده وأمته على كره منهما بفتح الكاف وضمّها لغتان وقيل بالفتح الكراهة وبالضّمّ المشقّة وقيل بالفتح الإكراه وبالضّمّ الكراهة والفعل من حدّ علم.

بوّأها بيتا أي أنزلها منزلا مع الزّوج وألزمها ذلك وتبوّأ الرّجل دارا أي اتّخذها مسكنا وقد بوّأها يبوّئها تبوئة.

لا يجوز للعبد أن يتسرّى جارية وإن أذن له مولاه به.

والتّسرّي هو اتّخاذ الجارية سرّيّة بتشديد الرّاء والياء وضمّ السّين وهي الأمة الّتي اتّخذها مولاها للفراش وحصّنها وطلب ولدها على الاختلاف الّذي ذكره من بعد إن شاء اللّه تعالى قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يتسرّى العبد ولا يسرّيه مولاه" الأوّل تفعّل والثّاني تفعيل.

 

ص -105-      كتاب الرّضاع:

قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "لا تحرّم المصّة ولا المصّتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان".

المصّة المرّة من المصّ وهو من حدّ علم.

والإملاجة المرّة من الإملاج وهو الإرضاع وقد ملج ملجا من حدّ دخل أي رضع.

والوجور من اللّبن يثبت الرّضاع وهو ما صبّ في الحلق وكذا السّعوط وهو ما صبّ في الأنف حتّى يصل إلى الدّماغ.

"الرّضاع ما أنبت اللّحم وأنشز العظم" أي ما حصل به النّماء والزّيادة بالتّربية وقد نبت نباتا من حدّ دخل ونشز العظم نشوزا من حدّ ضرب ودخل جميعا أي علا وارتفع وتحرّك قال تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}1 أي نرفع بعضها على بعض ونحرّكها وقال تعالى: { وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا}2 أي تحرّكوا وارتفعوا.

ولا رضاع بعد الفصال أي بعد الفطام من حدّ ضرب.

لو قال هذه أختي من الرّضاعة ثمّ قال أوهمت أو أخطأت أو نسيت المكتوب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة البقرة 259.

2سورة المجادلة 11.

 

ص -106-      في النّسخ أوهمت بالألف والصّحيح هاهنا وهمت من باب علم أي سهوت وغلطت فأمّا وهمت إليه من باب ضرب فمعناه ذهب.

وهم قلبي إليه وأوهمت إيهاما فمعناه أسقطت يقال أوهم من حسابه مائة وأوهم من صلاته ركعة وتوهّمت أي ظننت.

وعن عمر رضي اللّه عنه أنّه قال في المتعة: لو كنت تقدّمت في هذا لرجمت يعني لو كنت قلت لكم قبل هذا إنّ نكاح المتعة لا يثبت به حلّ، وإنّ الوطء بعده حرام، وأظهرت لكم ذلك لرجمت الآن من دخل بالمرأة في نكاح المتعة.

وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنّه قال: نسخها آية الطّلاق، والعدّة، والميراث يعني أنّ النّكاح هو الّذي يورث به، ويشرع فيه الطّلاق، وتجب فيه العدّة، والمتعة لا يثبت بها شيء من هذا فعلم أنّها ليس بنكاح.

ويفرض لها على الزّوج المعسر درع يهوديّ وملحفة زطّيّ وخمار سابريّ وكذا وكذا الدّرع قميص النّساء وهو مذكّر ودرع الحديد للرّجال مؤنّثة سماعا واليهوديّ نوع من الثّياب وكان أصله من نسج اليهود ثمّ سمّي به كائنا من كان ناسجه والملحفة الملاءة.

والزّطّيّ منسوب إلى الزّطّ والزّطّ هم جنس كالرّوم والهند والحبش والتّرك والخمار المقنعة.

والسّابريّ منسوب إلى سابر وهو رجل كان أصله منه ثمّ بقي الاسم لذلك النّوع.

وملحفة ديرزوريّة منسوبة إلى ديرزور وهو موضع كان أصله ينسج ثمّ بقي الاسم لذلك أين ينسج.

 

ص -107-      والهرويّ والمرويّ كذلك وهو نظير الزّندنيجيّ والوذاريّ في بلادنا يسمّيان بذلك أين نسجا.

وكساء أنبجانيّ بفتح الهمزة والباء منسوب إلى أنبجان وهو اسم موضع.

وذكر نفقة ذي الرّحم المحرم:

الزّمن وهو المبتلى وقد زمن زمانة من حدّ علم وجمع الزّمن الزّمنى على وزن فعلى وعلى هذا الوزن سائر أصحاب الآفات كالمرضى والصّرعى والجرحى والقتلى والأسرى والهلكى والصّعقى.

ولا نفقة للنّاشزة وهي الّتي نشزت على زوجها أي أبغضته من حدّ دخل وضرب جميعا والمصدر النّشوز وقيل هو عصيان الزّوج والتّرفّع عن مطاوعته ومتابعته فإنّ النّشوز هو الارتفاع أيضا قال اللّه تعالى: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا}1 وقال تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}2

{فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}3 أي إنظار وإمهال إلى غنى ومقدرة

وقال النّبيّ عليه السلام: "ليّ الواجد يحلّ عرضه" أي مطل الغنيّ يبيح لومه وقد لوى دينه ليّا وليانا أي مطل من حدّ ضرب والواجد الغنيّ وقد وجد وجدا بضمّ الواو المصدر استغنى من حدّ ضرب والعرض النّفس وإحلال نفسه إباحة ملامته.

المبتوتة لها نفقة العدّة هي المطلّقة طلاقا بائنا من البتّ وهو القطع وهو من حدّ دخل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة المجادلة: 11.

2سورة البقرة: 259.

3سورةالبقرة: 280.

 

ص -108-      وذكر الحضانة والتّربية:

وهي فعل الحاضنة وهي الّتي تقوم على الصّبيّ في تربيته وقد حضنت من حدّ دخل والطّائر يحضن بيضه أي يجلس عليه وحضنته عن حاجته واحتضنته أي حبسته.

{لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا}1 في آخر هذه الكلمة راء مشدّدة وهي في الحقيقة راءان أولاهما كانت متحرّكة ثمّ سكنت للتّضعيف ولتلك الحركة وجهان الفتح والكسر وكلّ واحد منهما يصحّ أن يكون مرادا هنا دون الآخر فالكسر وهي لا تضارر على نهي الوالدة عن الإضرار بالمولود له وهو الأب بسبب الولد في طلب أجر الرّضاع زيادة على ما ترضع به غيرها أو الامتناع عن إرضاع الولد بأجر مع أنّ الأب يرضى به ويطلب ذلك منها.

وقوله: {وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ}2 يكون معطوفا عليها ويكون هو منهيّا عن الإضرار بالوالدة بمنع أجر الرّضاع أو تكليفها الإرضاع وهي عاجزة عن ذلك وأمّا الفتح وهي لا تضارر فهو على ما لم يسمّ فاعله ويكون معناه لا يلحق ضرر بها أي لا يفعل ذلك بها الأب.

{وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ}3 أي ولا يلحق ضرر به أي لا تفعل ذلك به الوالدة وعلى هذين الوجهين.

قوله تعالى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ}4 إن حمل على الكسر فهو نهي الكاتب والشّهيد عن الإضرار بصاحب الحقّ بتغيير الكتابة والشّهادة أو الامتناع عنهما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة البقرة: 233.

2سورة البقرة: 233.

3سورة البقرة: 233.

4سورة البقرة: 282.

 

ص -109-      وإن حمل على الفتح فهو نهي صاحب الحاجة عن الإضرار بالكاتب والشّهيد بتكليفهما قضاء حاجة الغير وهما مشغولان.

وروي أنّ امرأة جاءت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقالت: إنّ ولدي هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإنّ أباه يزعم أنّه أحقّ به منّي فقال لها النّبيّ عليه السلام: "أنت أحقّ به ما لم تتزوّجي" يعني أنا حملته مدّة فكان بطني له كالوعاء للشّيء يحفظ فيه وكان ثديي له سقاء أي كان يشرب من لبني ويتغذّى به وكان ثديي له كالسّقاء للنّاس الّذي فيه الماء يشربون منه وحجري له حواء والحواء والحويّة كساء يدار حول السّنام ثمّ يركب يعني كنت أحفظه في حجري فأنا أحقّ به للحمل أوّلا وللتّربية باللّبن وللحفظ في الحجر فقال لها: "أنت أحقّ به ما لم تتزوّجي" يعني إذا تزوّجت فإنّ زوجك يجفو ولدك.

وكذا روي في خبر آخر أنّه ينظر إليه شزرا أي انحرافا وهو نظر المبغض وينفق عليه نزرا أي قليلا والشّزر من الفتل ما كان إلى ما فوق والشّزر ما طعنت عن يمينك وعن شمالك.

وذكر في أمتعة البيت.

فيما يصلح للنّساء الرّبعة وهي بفتح الرّاء وتسكين الباء وهي الجؤنة بضمّ الجيم وتسكين الهمزة وهي بالفارسيّة طبلك وهي من أوعية أدوات النّساء.

وذكر الحجلة وهي بفتح الحاء والجيم وهي السّتر.

وذكر الفسطاط وهو بضمّ الفاء وكسرها لغتان وهي الخيمة العظيمة والفسطاط في غير هذا وهو في الحديث: "يد اللّه على الفسطاط" هو المصر الجامع.

والصّندوق وهو بضمّ الصّاد.

وذكر فيما يصلح لهما المستقة وهي بضمّ الميم وفتح التّاء وهي فرو طويل الكمّين

 

ص -110-      وهي معرّبة وأصلها بوستين.

وذكر البركان المعلّم وهو ثوب ذو علم.

استعدت المرأة القاضي على زوجها أي طلبت منه أن يعديها عليه أي ينتقم منه باعتدائه عليها واسم هذا الطّلب العدوى وفعلها الاستعداء وفعل القاضي الإعداء.

والمفلوج الّذي به داء الفالج أعاذنا اللّه تعالى منه.

 

ص -111-      كتاب الطّلاق:

الطّلاق: رفع القيد والتّطليق كذلك يقال طلّق تطليقا وطلاقا كما يقال سلّم تسليما وسلاما وكلّم تكليما وكلاما وسرح تسريحا وسراحا.

والطّلاق ارتفاع القيد، يقال: طلقت المرأة طلاقا من حدّ دخل، والفقهاء يقولون طلقت بضمّ اللّام من حدّ شرف والقتبيّ ذكر في غريب الحديث كذلك قال يقال أطلقت النّاقة أي أرسلتها من عقال فطلقت بالفتح وطلّقت المرأة فطلقت بالضّمّ والصّحيح الفصيح ما أعلمتك وعلى هذا قولهم حدث حدوثا وصلح صلاحا وخلص خلوصا وكمل كمالا هذه كلّها من باب دخل ويقال أخذني منه ما قدم وما حدث بضمّ الدّال في هذا للازدواج بقوله قدم وكمل بالضّمّ لغة أيضا والفتح أفصح وأقيس.

والإطلاق رفع القيد أيضا في كلّ شيء.

والتّطليق في النّساء خاصّة لرفع القيد الحكميّ وامرأة طالق بغير هاء التّأنيث لاختصاصها بهذا الوصف كما يقال حامل وحائض ولو بني الاسم على الفعل قيل طالقة أي قد طلقت قال قائلهم وهو امرؤ القيس:

أيا جارتي بيني فإنّك طالقه                   كذاك أمور النّاس غاد وطارقه

عنى بالجارة الزّوجة ويقال أيضا هي طالق أي طلّقها زوجها وهي طالقة غدا أي يطلّقها غدا ذكر هذا في مجمل اللّغة.

 

ص -112-      وجاء في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}1 أي لقبل عدّتهنّ بضمّ القاف وتسكين الباء: أي وقت أوّل طهرهنّ قبل الوطء، واللّام للوقت كقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}2 أي لوقت دلوك الشّمس، وقبل الشّيء بالضّمّ أوّله، يقال: كان ذلك في قبل الصّيف، وقبل الشّتاء، ووقع السّهم بقبل الهدف: أي بقربه وقبالته.

{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}3 أي عدّوها

وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}4 الآية والتّربّص التّلبّث والانتظار وهذا صيغته صيغة الخبر ومعناه الأمر.

والقروء على وزن الفعول جمع قرء وهو في اللّغة اسم للطّهر والحيض جميعا وقد ورد في الشّرع في مواضع لهذا ولهذا.

أمّا للطّهر فقوله عليه السلام لعبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما: "إنّ من السّنّة أن تطلّقها لكلّ قرء تطليقة" أي لكلّ طهر وأمّا الحيض ففي قوله عليه السلام لتلك المستحاضة: "دعي الصّلاة أيّام أقرائك" وهي جمع قرء أيضا والمراد منها الحيض وإنّما صلح هذا الاسم لهما جميعا لأنّ القرء في الأصل هو الوقت والقارئ كذلك قال الهذليّ:

كرهت العقر عقر بني شليل                           إذا هبّت لقارئها الرّياح

العقر بالفتح أصل الدّار وشليل بضمّ الشّين وفتح اللّام قبيلة وقوله هبّت لقارئها أي لوقتها وذلك في الشّتاء وقال آخر:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الطلاق: 1.

2 سورة الاسراء: 78.

3 سورة الطلاق: 1.

4 سورة البقرة: 228.

 

ص -113-                                             يا ربّ ذي ضغن عليّ فارض          له قروء كقروء الحائض

أي ربّ صاحب حقد قديم عليّ له وقت معهود لهيجان العداوة كأوقات الحيض للحائض ويروى يا ربّ ذي ضغن وضبّ فارض والضّغن الحقد والضّبّ الحقد الكامن في الصّدر والحيض يأتي لوقت معهود والطّهر كذلك فسمّي كلّ واحد منهما به وقال الأعشى في القرء بمعنى الطّهر:

أفي كلّ عام أنت جاشم غزوة                  تشدّ لأقصاها عزيم عزائكا

مورّثة مالا وفي الحيّ رفعة                      لما ضاع فيها من قروء نسائكا

الألف في أوّل البيت للاستفهام.

والجاشم المتكلّف على مشقّة وصرفه من حدّ علم والأقصى الأبعد.

والعزيم هو العزيمة وهما اسمان من العزم على الأمر.

والعزاء الصّبر.

وقوله: مورّثة نعت قوله غزوة على الخفض ومالا مفعول بالتّوريث ورفعة عطف على قوله مالا والقروء الأطهار والألف في آخر قوله عزائكا وفي آخر قوله نسائكا إشباع للفتحة وإتمام للقافية.

ومعنى البيتين: أنت في كلّ عام متكلّف على مشقّة غزوة تورّثك مالا وهو الغنيمة وتورثك رفعة في الحيّ وهو القبيلة تشدّ أنت عزيمة صبرك لنهاية تلك الغزوة وإنّما تنال المال والرّفعة لتضييعك أطهار نسائك في هذه المدّة أي لامتناعك عن استيفاء حظّك منهنّ مع القدرة فثبت أنّ الاسم واقع على كلّ واحد منهما في اللّغة.

ثمّ اختلف أهل العلم في آية العدّة وهي قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ

ص -114-      بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}1 فحمله أصحابنا رحمهم اللّه على الحيض والشّافعيّ رحمه اللّه على الأطهار مع صلاحيّة الاسم لكلّ واحد منهما لدلائل أخر مرجّحة تعرف في بيان دلائل المسائل وليس ذلك من شرط كتابنا هذا.

وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم للّذي طلّق امرأته ثلاثا: "أتلعبون بكتاب اللّه تعالى وأنا بين أظهركم" أشار بذلك إلى قوله تعالى: {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً}2 بعد قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا}3.

والإمساك بالمعروف هو إبقاؤها على النّكاح بالخير والطّريق المرضيّ في الشّرع وذلك بالرّجعة.

والتّسريح التّخلية والإرسال.

وإمساكها ضرارا مراجعتها وتركها مدّة على التّعطيل ثمّ التّطليق وتركها مدّة ليقرب انقضاء عدّتها ثمّ مراجعتها وفي ذلك تطويل العدّة عليها وهو إضرار بها.

ثمّ قال: {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً}4 وهو جعل الرّجعة لا لما وضعت له والتّطليق لا لما شرع له فإنّ المراجعة لإبقائها على النّكاح والطّلاق للتّخلّص عنها وهو يجعلهما للإضرار بها.

وقوله عليه السلام: "وأنا بين أظهركم" أي فيما بينكم يقال هو نازل بين أظهرهم وبين ظهريهم على صيغة التّثنية وبين ظهرانيهم على هذه الصّيغة أيضا أي فيما بينهم وكأنّه أريد بالظّهر كلّ البدن وصار كأنّه قال بين أنفسهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورةالبقرة: 228.

2 سورة البقرة: 231.

3 سورة البقرة: 231.

4 سورة البقرة: 231.

 

ص -115-      وفي حديث المطلّقة ثلاثا، وتزوّجها بزوج آخر ذكر عبد اللّه بن الزّبير هو بفتح الزّاي، وكسر الباء في هذا الاسم.

وقال فيه: "لا، حتّى تذوقي من عسيلته ويذوق من عسيلتك" هي تصغير العسل وإدخال الهاء في تصغيرها لأجل أنّها مؤنّثة سماعيّة وهي تؤنّث وتذكّر والأغلب عليها التّأنيث وقال الشّمّاخ:

بها عسل طابت يدا من يشورها

أي: يجتنيها فالهاء في يشورها دليل تأنيثها.

وبعض النّاس قالوا أراد بالعسيلة النّطفة فالتّأنيث لذلك قال القتبيّ وليس كذلك بل هي كناية عن حلاوة الجماع.

قال نجم الدّين: وهو كما قال فإنّ الإنزال ليس بشرط بل التقاء الختانين كاف للحلّ.

وقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}1 أي أزواجهنّ أولى برجعتهنّ والبعولة جمع بعل وهو الزّوج ونظيره من العربيّة الفحل وجمعه الفحولة.

قوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً}2 وهو ملء مسك الثّور ذهبا أو فضّة.

والمسك بفتح الميم الجلد وقيل هو سبعون ألف دينار وقيل هو ألف مثقال وقيل هو ألف ومائتا أوقيّة والأوقيّة أربعون درهما وقيل القنطار جلّة من المال.

{وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}3 أي وصل وقيل أي خلا قاله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورةالبقرة: 228.

2 سورة النساء: 20.

3 سورة النساء: 21.

 

ص -116-      الفرّاء وهو من الفضاء وهو المفازة الخالية عن الأبنية والأشجار.

{وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً}1 أي شديدا وثيقا.

وهو قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}2.

الرّجعة: بفتح الرّاء وبالكسر لغتان وقال في ديوان الأدب يقال له على امرأته رجعة ورجعة بمعنى والكلام الفتح أي المستعمل المشهور بالفتح.

نفست المرأة على ما لم يسمّ فاعله أي صارت نفساء ونفست نفاسا من حدّ علم لغة أيضا.

والمطلّقة طلاقا رجعيّا تتشوّف لزوجها أي تتزيّن وتتصفّى وقيل تتطلّع.

وقال في ديوان الأدب يقال رأيت نساء يتشوّفن في السّطوح أي ينظرن ويتطاولن.

وشاف السّيف إذا جلاه وأشاف على الشّيء أي أشرف عليه.

وقال اللّه تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ}3 أي يموتون وهو على ما لم يسمّ فاعله لأنّه متعدّ يقال توفّاه اللّه أي أماته قال اللّه تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}4 وأصله استيفاء العدد أي يستوفي عدد أيّامه وأنفاسه وأرزاقه ونحو ذلك. {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً}5 أي يتركون وهذا فعل يستعمل مستقبله ولا يستعمل ماضيه.

{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ}6 أي ينتظرن ويتلبّثن وهو خبر بمعنى الأمر.

{أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}7 فإن قالوا لم لم يقل وعشرة وقد أراد به عشرة أيّام وعدّد الذّكور بالهاء يقال عشرة رجال وعشر نسوة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النساء: 21.

2 سورة البقرة: 229.

3 سورة البقرة: 234.

4 سورة الزمر: 42.

5 سورة البقرة: 234.

6 سورة البقرة: 228.

7 سورة البقرة: 234.

 

ص -117-      فجوابه أنّه أراد به عشر ليال وذكر اللّيالي ذكر لما بإزائها من الأيّام وكذا ذكر الأيّام ذكر لما بإزائها من اللّيالي والإزاء الحذاء وهو ممدود قال اللّه تعالى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً}1 ثمّ قال في آية أخرى: {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً}2 والقصّة واحدة فدلّ أنّ ذكر أحدهما ذكر للآخر.

قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: من شاء باهلته أنّ سورة النّساء القصرى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}3 نزلت بعد: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}4 الّتي في سورة البقرة.

المباهلة الملاعنة والبهلة اللّعنة بفتح الباء وضمّها يقال عليه بهلة اللّه وبهلته أي لعنته.

والمباهلة أن يجتمع المختلفان فيقولان لعنة اللّه على المبطل منّا.

وسورة النّساء القصرى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}5 وسورة النّساء الطّولى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}6 أراد به أنّ قوله: {يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهر وعشرا} عامّ في كلّ متوفّى عنها زوجها يتناول الحامل والحائل وقوله: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}7 عامّ يتناول المطلّقة والمتوفّى عنها زوجها ونزول هذا بعد نزول الأول فنسخ الأوّل.

وقوله: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة آل عمران: 41.

2 سورة مريم: 10.

3 سورة الطلاق: 4.

4 سورة البقرة: 234.

5 سورة الطلاق: 1.

6 سورة النساء: 1.

7 سورة الطلاق: 4.

 

ص -118-      يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}1 قرئ بفتح الياء وكسرها فبالفتح المظهرة وهي المفعولة بالتّبيين وبالكسر الظّاهرة ويكون فاعلة بالتّبيين أيضا ويكون فعلا لازما يقال بيّن الشّيء وتبيّن بمعنى واختلفوا في المراد بهذه الفاحشة قال إبراهيم النّخعيّ هي خروجها من بيتها وعلى هذا التّأويل لا يكون معناه إلّا للاستثناء حقيقة فإنّ المستثنى من المحرّم محلّل والخروج حرام أيضا بل يكون إلّا بمعنى لكن ويكون معناه لا ينبغي لها أن تخرج لكن إذا خرجت فقد أتت بفاحشة أي فعلة قبيحة في الشّرع.

وقال ابن مسعود رضي اللّه عنه: الفاحشة أن تزني فتخرج للحدّ ويكون هذا لحقيقة الاستثناء أي إذا زنت ووجب عليها الحدّ حلّ إخراجها لإقامة الحدّ عليها.

قيل: معناه إلّا أن تبذو على أحمائها أي تشتم وتسبّ وتسيء القول في أقارب زوجها فيجوز إخراجها ونقلها إلى مكان آخر لقطع إيذائها عنهم وقد بذا يبذو بذاء من حدّ دخل أي أفحش وهو معتلّ بالواو في ديوان الأدب ومهموز من باب صنع في مجمل اللّغة.

والأحماء جمع الحمو والحما والحماة.

أمّا الحمو والحما فأبو الزّوج وأبو المرأة وأمّا الحماة فأمّ الزّوج وأمّ المرأة يقال هو حموه على وزن أبوه وحماه على وزن قفاه وقال الأصمعيّ حمؤها بالهمزة.

وتخرج المرأة إلى السّواد أي القرى. وإنشاء السّفر ابتداؤه.

وسعها أن تخرج من حدّ علم أي جاز لها وهي في سعة من ذلك هي مصدر هذا الفعل وهو من قولك وسعه الشّيء أي اتّسع له وذاك مجاز عن الإطلاق والإباحة لأنّ التّحريم كالمنع والإضافة.

لها الإرث أي الميراث وأصله الورث بالواو فأبدلت بالهمزة كالإشاح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة الطلاق: 6.

 

ص -119-      والوشاح والإجاح والوجاح أي السّتر الإكاف والوكاف والإسادة والوسادة.

"الولد للفراش وللعاهر الحجر" أي ثبات النّسب من صاحب الفراش وهو الزّوج والفراش هي المرأة الّتي ثبت للزّوج حقّ استفراشها للاستمتاع والاستيلاد والعاهر الزّاني والحجر أراد به أنّه يرجم به.

ولدت غلاما قد طلعت ثنيتاه أي خرجت سنّاه اللّتان في مقدّم الفم.

علقت المرأة علوقا من حدّ علم أي حبلت وهو تعلّق مائه برحمها وأعلقها زوجها أي أحبلها، ثبت النّسب بالدّعوة بالكسر وقال في مجمل اللّغة الدّعوة: بالفتح المرّة من الدّعاء وهي أيضا الدّعوة إلى الطّعام والدّعوة في النّسب بالكسر وهي الادّعاء وقال أبو عبيد: هذا أكثر كلام العرب إلّا عديّ الرّباب فإنّهم ينصبون الدّال في النّسب ويكسرونها في الطّعام.

على المرأة الحداد في الطّلاق البائن بكسر الحاء هو الامتناع عن الزّينة والخضاب وصرفه من حدّ دخل وضرب جميعا وأحدّت إحدادا لغة فيه وأصل الحدّ المنع.

ولا تلبس الثّوب المصبوغ بورس هو صبغ أحمر وقيل أصفر وقيل نبت وقيل هو الّذي يقال له بالفارسيّة سبزك.

ولا تلبس ثوب عصب بفتح العين وتسكين الصّاد وهو ضرب من برود اليمن يصبغ غزله.

إذا كان المهر عرضا أي مالا سوى النّقود. إذا كان في حال رفاهية بالتّخفيف ورفاهة بدون الياء أي سعة وراحة ورجل رافه أي وادع من الدّعة أي السّعة وقد ودع من حدّ شرف ورفه من حدّ صنع ورفّهه اللّه بالتّشديد فترفّه. والنّصف الشّائع من قولك شاع يشيع شيوعا وشيوعة إذا انتشر.

 

ص -120-      {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}1 التّحلّة التّحليل كالتّقدمة والتّقديم والتّكرمة والتّكريم أي أوجب عليكم تكفيرها.

أنت بائن نعت للمرأة من البين والبينونة وهما الفرقة.

وبتّة من البتّ وهو القطع من حدّ دخل.

وخليّة من الخلوّ بضمّ الخاء من حدّ دخل.

وبريّة من البراءة من حدّ علم.

وحرام أصله المصدر كالحرمة يراد به النّعت.

واعتدّي أمر بالاعتداد وهو في الأصل افتعال من العدّ من حدّ دخل واستبرئي رحمك أمر بتعرّف براءة الرّحم وهي طهارتها من الماء وهو كناية عن الاعتداد الّذي شرع لهذا.

واختاري أمر بالاختيار.

وحبلك على غاربك استعارة عن التّخلية والغارب ما تقدّم من الظّهر وارتفع عن العنق والبعير إذا ألقي حبله على غاربه فقد خلّي سبيله يذهب حيث يشاء فهذا من ذلك وخلّيت سبيلك قريب من هذا.

والحقي بأهلك هو أمر من حدّ علم وفتح الألف وكسر الحاء خطأ فإنّه يصير من الإلحاق وهو فعل متعدّ والصّحيح أن يجعل من اللّحوق بضمّ اللّام.

تقنّعي أمر بأخذ القناع والمقنعة بكسر الميم وهي ما تستر به المرأة رأسها.

واعزبي أي تباعدي من حدّ دخل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة التحريم: 2.

 

ص -121-      وكنايات الطّلاق صرفها من حدّ ضرب والكناية هي غير الصّريح ومدلولات الطّلاق من الدّلالة بفتح الدّال وكسرها من حدّ دخل ويقول في ديوان الأدب الدّلالة بالفتح لغة في الدّلالة بالكسر وفي بعض أصول الأدب أنّ الفتح أصحّ وأفصح هذه معاني هذه الكلمات لغة وكتابنا هذا لذلك فأمّا وقوع الطّلاق بها في بعض الأحوال دون بعض وتفاوت أحكامها وانقسام الأحوال إلى الرّضا والسّخط ومذاكرة الطّلاق وحالة المطلّقة فإنّ ذلك يعرف في بيان دلائل المسائل.

وقول الفقهاء: إنّ الكنايات بوائن عندنا رواجع عند الشّافعيّ فتلقيب المسألة بهذا غير منقول عن المتقدّمين وهو غير مستقيم في اللّغة والصّحيح أن يقال الكنايات مبينات عندنا رجعيّات عنده.

وأمّا البوائن: فهي جمع بائن وهي صفة الطّالق أي المرأة لا صفة الطّلاق وهو فعل الرّجل.

والرّواجع: جمع راجعة والرّاجع صفة الرّجل إذا رجع فيها فأمسكها وراجعها لا صفة الطّلاق فإنّه يوصف بالرّجعيّ لا بالرّاجع وكذلك قولهم طلاق بائن غير مستقيم لغة إذا عمل بحقيقته وحمل ظاهره إلّا أن يراد بالبائن ذو البينونة وبالرّاجع ذو الرّجعة وهذا وجه حسن كما قالوا في قوله تعالى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}1 أي ذي دفق وهو الصّبّ {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}2 أي ذات رضى وفي قولهم سرّ كاتم أي ذو كتمان فلا وجه لجعل الماء فاعلا للصّبّ ولا لجعل السّرّ فاعلا للكتمان وهذا كذلك.

وقوله أنت واحدة إذا نصب آخر الكلمة فوجهه أنت طالق طلقة واحدة نصبا على المصدر.

وإذا قيل أنت واحدة برفع آخره مع إرادة الطّلاق فوجهه أنت واحدة الطّلاق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الطارق:6

2 سورة الحاقة:21.

 

ص -122-      وحذف المضاف إليه واكتفى بالمضاف اختصارا كما في قوله تعالى: {فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}1 أي في يوم عاصف الرّيح.

وقولهم على حسب ما يوجبه اللّفظ وهو بفتح السّين أي على قدره.

وسئل عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما عمّن قال لامرأته طلّقي نفسك فقالت طلّقت زوجي فقال خطّ اللّه نوءها والفقهاء يقولون خطّأ اللّه نوءها بزيادة همزة في آخرها وذلك خطأ والصّحيح خطّ من المضاعف من باب دخل من الخطيطة وهي أرض لم تمطر بين أرضين ممطورتين فعيلة بمعنى مفعولة أي جعلت كالمخطوطة بخطّ ظاهر بينهما.

والنّوء واحد الأنواء وهي ثمانية وعشرون نجما ليسقط منها في كلّ ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب عند الفجر ويطلع آخر يقابله فينقضي بانقضاء السّنة وكانت العرب ترى المطر بذلك.

وأصل النّوء النّهوض وطلوع ذلك هو النّوء وإذا سقط هذا طلع ذلك فسمّي السّقوط نوءا لذلك وكانوا يقولون مطرنا بنوء كذا وكانوا يقولون أصدق النّوء نوء الثّريّا فقول ابن عبّاس هاهنا خطّ اللّه نوءها أي جعل هذا النّوء لا يصيب أرضها شبّه تفويض الرّجل الأمر إليها بالنّوء الّذي يرجى به المطر وشبّه بطلان ذلك بتطليقها زوجها وإعراضها عن تطليق نفسها بالمطر الّذي ينزل ولا يصيب أرضها بل يتعدّى عنها إلى أرض غيرها.

وعن عليّ رضي اللّه عنه أنّه كان يقول في الكنايات يقع بها طلاق الحرج هو أشدّ الضّيق من حدّ علم يعني به وقوع الثّلاث.

الطّلاق يعقب العدّة بضمّ الياء وكسر القاف أي يثبتها عقبه والعدّة تعقب الطّلاق

من حدّ دخل أي تخلفه وتجيء بعده.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة ابراهيم: 18.

 

ص -123-      ولو عنى بقوله أنت طالق من الوثاق أو من الكبل لم يديّن في القضاء.

فالوثاق بكسر الواو وفتحها ما يوثق به أي يشدّ والكبل القيد ولم يديّن أي لم يصدّق وقد ديّنه تديينا أي صدّقه وحقيقته وكله إلى دينه بالتّخفيف أي تركه.

وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثا إلّا واحدة طلقت ثنتين لأنّ الاستثناء تكلّم بالحاصل بعد الثّنيا هي الاسم من الاستثناء أي صار كأنّه يقول لها أنت طالق اثنتين لأنّه هو الحاصل بعد استثنائه.

التّنجيز يبطل التّعليق عند أصحابنا الثّلاثة هو تفعيل من قولهم ناجز بناجز أي نقد بنقد خلاف الكالئ بالكالئ أي النّسيئة بالنّسيئة وأصله التّعجيل يقال نجز الوعد من حدّ دخل وأنجزه الواعد ونجز المال أي صار نقدا والمناجزة في الحرب المبارزة والمعاجلة إلى العدوّ من ذلك.

الزّوج الثّاني يهدم الطّلقة والطّلقتين أي ينقضها ويبطلها مأخوذ من هدم الدّار من حدّ ضرب.

وإذا وقع الشّكّ بين الطّلقة والطّلقتين فالأولى أن يأخذ بالثّقة والتّنزّه أي التّباعد عن الرّيبة وقد نزّه الرّجل نفسه تنزيها أي بعدها عن السّوء.

وقوله عليه السلام: "الشّهر هكذا وهكذا وهكذا" وقد خنّس إبهامه في المرّة الثّالثة بتشديد النّون أي قبضها وأصله التّأخير وقد خنس خنوسا من حدّ دخل أي تأخّر ومنه الخنّاس والجواري الخنّس.

ويروون في مسألة إذا لم أطلّقك: أنّ إذا للشّرط عند أبي حنيفة رحمه اللّه قول الشّاعر:

استغن ما أغناك ربّك بالغنى                      وإذا تصبك خصاصة فتجمّل

يقول: استغن بغناك عن سؤال سواك ما أغناك مولاك، وإذا أصابك فقر فتصبّر،

 

ص -124-      فإنّ الخصاصة هي الفقر قال اللّه تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}1 والتّجمّل: التّصبّر فإنّ حقيقته إظهار الجمال، وبالصّبر جمال، ويقال: تجمّل إذا أرى من نفسه أنّه حسن الحال وإن كان مجهودا.

وأبو يوسف ومحمّد رحمهما اللّه تعالى جعلا "إذا" للوقت، واستشهدا بقول الشّاعر:

وإذا تكون كريهة أدعى لها                 وإذا يحاس الحيس يدعى جندب

الكريهة: الحرب الشّديدة، وتكون: أي تقع ، وهي تامّة غير مفتقرة إلى الخبر، والحيس طعام يصنع من تمر وزبد، ويحاس: أي يتّخذ ذلك، وجندب رجل يقول: أدعى أنا للحرب وآخر للأكل والشّرب.

ووجه الاستشهاد بالبيت أنّه لم يجزم بإذا فلم تكن للشّرط.

ويستشهدون في مسألة يوم يقدم فلان فأنت طالق أنّه إذا قدم ليلا طلقت ويكون اليوم عبارة عن مطلق الوقت بقوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}2 وأوّل الآية: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}3 أي إذا لقيتم الكفّار زاحفين إليكم أي ماشين قليلا قليلا فلا تجعلوا إليهم الظّهور ومن فعل ذلك فقد باء بغضب من اللّه أي احتمله وقيل أي رجع به وقد لزمه إلّا أن يكون متحرّفا لقتال أي مائلا إلى جانب القتال أو متحيّزا إلى فئة أي صائرا إلى حيّز فئة أي طائفة يمنعونه من العدوّ والحيّز النّاحية.

استمرّ بها الدّم أي دام، واستحكم من بشّرني بقدوم فلان فهو كذا البشارة بفتح الباء وضمّها وكسرها البشرى وهي اسم من بشره بشرا من حدّ دخل وبشّره تبشيرا كذلك وبشر من حدّ علم أي استبشر بشرا بالفتح فهو بشر بالكسر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الحشر: 9.

2 سورةالأنفال: 16.

3 سورة الأنفال: 15.

 

ص -125-      والبشارة كلّ خبر سارّ ليس ذلك عند المخبر فإنّ حقيقته هي الخبر الّذي يؤثّر في بشرة المخبر وهي ظاهر جلده بالسّرور وذلك يحصل بإخبار الأوّل دون الثّاني وقد يقع البشارة على الخبر المحزن لما أنّه يؤثّر في البشرة أيضا بالحزن قال اللّه تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}1.

إذا ذكر اسمان وأقحم بينهما حرف صلة أي ألقي وأدخل من قولك أقحم فرسه في النّهر فاقتحمت وفارسيّته اندرجهانيد واندرجست.

وإذا اعتقل لسانه على ما لم يسمّ فاعله أي سدّ فلم يقدر على التّكلّم وقد عقل لسانه كذا من حدّ ضرب.

إلّا أن ينسبه إلى فخذه أي قبيلته الأخصّ به فإنّ الفخذ دون البطن والبطن دون القبيلة.

والجعل من باب الخلع بضمّ الجيم ما جعل بدلا فيه وجعل الآبق وجعل الأجير من ذلك.

كان مهرها على شرف السّقوط هو الاسم من قولك أشرف على كذا أي علاه ودنا منه.

إذا زكّيت بيّنة أي عدّلت بإثبات الياء بعد الكاف ويجري على ألسنة كثير من طلبة العلم زكت بفتح الكاف محذوفة الياء وهو جهل محض لا وجه له.

الفارّ ترث امرأته هو الّذي يطلّقها ثلاثا في مرض موته فرارا عن وراثتها ماله.

حنث في يمينه أي نقضها وأثم فيها من حدّ علم والحنث الذّنب العظيم وبلغ الغلام الحنث أي الزّمان الّذي يأثم بمخالفة الأمر والنّهي.

الزّوج ألجأه إلى هذا أي اضطرّه. وإذا مات فجأة بضمّ الفاء على وزن فعلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة آل عمران: 21.

 

ص -126-      أي: بغتة وفجئه الموت من حدّ علم أي أتاه بغتة وقد يجيء فجاءة على وزن فعالة ذكره في تصريف أبي حاتم.

وصاحب الفراش هو الّذي أضناه المرض أي أثقله وقد ضني يضنى من حدّ علم أي مرض فثقل مرضه.

فإن كان يشتكي أو يحمّ لم يكن كذلك الشّكاة بالقصر والشّكاية والشّكوة والشّكيّة على وزن الفعيلة أن يشتكي الإنسان عضوا من أعضائه أي توجّعا به ويحمّ على ما لم يسمّ فاعله أي يصير محموما وهو الّذي أصابته الحمّى والفعل من حدّ دخل وحمّ الألية إذا أذابها وحمّ الماء إذا سخّنه.

خلع الرّجل امرأته خلعا بضمّ الخاء أي نزعها من قولهم خلع ثوبه عن نفسه خلعا بفتح الخاء أي نزعه وخلع الوالي العامل إذا عزله واختلعت المرأة منه أي قبلت خلعه إيّاها ببدل وتخالع الزّوجان وخالعها وخالعته.

وقول امرأة ثابت بن قيس بن شمّاس لا أنا ولا ثابت أي لا أنا راضية بالمقام معه ولا هو راض بذلك.

والمبارأة مهموزة وهي مفاعلة من البراءة.

وروي أنّ امرأة وضعت سكّينا على صدر زوجها وقالت لتطلّقنّي ثلاثا بفتح اللّام الأولى وتشديد النّون وإلّا لأقتلنّك فناشدها اللّه تعالى أي سألها بحقّ اللّه تعالى أن لا تفعل ذلك وكذلك قولهم نشده باللّه نشدة من حدّ دخل فأبت فطلّقها ثلاثا ثمّ سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "لا قيلولة في الطّلاق" أي لا رجوع ولا فسخ وقد قال البيع يقيله قيلولة لغة قليلة في أقاله يقيله إقالة.

وقوله عليه السلام: "لا طلاق في إغلاق" تأويله الصّحيح في جنون لأنّه يغلق عليه أموره.

وقيل في إكراه ولم يأخذ بهذا التّفسير أصحابنا.

 

ص -127-      وقيل معناه: لا يحلّ إيقاع الطّلقات الثّلاث جملة فإنّه يغلق عليه باب المراجعة والمناكحة.

وقع الطّلاق مجّانا أي بلا بدل.

طلّقي نفسك إن شئت أو هويت هو بكسر الواو أي أحببت وقد هوي يهوى هوى من حدّ علم أي أحبّ قال اللّه تعالى: {بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ}1 وهوى يهوي هويّا بضمّ الهاء وكسر الواو وتشديد الياء على وزن فعول من حدّ ضرب إذا سقط وإذا أسرع وإذا مال وإذا هلك وإذا ثكل قال اللّه تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}2 أي سقط وقال اللّه تعالى: {تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ}3 أي تمرّ به في سرعة وقال: {فَقَدْ هَوَى}4 أي هلك وقال: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي}5 أي تميل وهوت أمّه أي ثكلت قال اللّه تعالى: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}6

ولو قال لها أحبّي الطّلاق أو أريدي الطّلاق أو شائي الطّلاق هذا بالمدّ وإثبات الياء ويقال للرّجل شأ بحرفين ويقال للمرأة شائي بالمدّ وإثبات الياء كما يقال خف للرّجل وخافي للمرأة.

ولو قال لها: اهوي الطّلاق، بكسر الألف وفتح الواو وكسر الياء لملاقاة اللّام السّاكنة في الطّلاق.

ولو فصل فقال: اهوي طلاقك، بياء ساكنة مظهرة ولا تجعل ألفا في اللّفظ وإنّما أعلمتك هذه الكلمات بهذه العلامات وبالغت فيها لمّا رأيت كثيرا من الطّلبة يؤدّون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 87.

2 سورةالنجم:1.

3 سورة الحج: 31.

4 سورة طـه: 81.

5 سورة ابراهيم: 37.

6 سورة القارعة:9.

 

ص -128-      هذه الكلمات على وجوه كلّها خطأ فاحش.

وينشدون في مسألة أنت طالق كيف شئت. قول الشّاعر:

يقول حبيبي كيف صبرك بعدنا               فقلت وهل صبر فتسأل عن كيف

اللّام في فتسأل منصوب بالفاء في جواب الاستفهام وهو قوله وهل صبر قال اللّه تعالى: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي}1 وقوله: عن كيف مخفوض بعن لأنّه جعل اسما هاهنا وإن كان مبنيّا على الفتحة.

في مبتذل الكلام أي عن هذه اللّفظة والظّهار فسّرناه في كتاب الصّوم. وقوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}2 أي يمسّ كلّ واحد من الزّوجين صاحبه وقد ماسّ الرّجل المرأة وماسّت المرأة الرّجل وتماسّ الرّجل والمرأة فإذا أخرجت الفعل من باب المفاعلة وهي للفعل بين اثنين فاجعل أيّهما شئت فاعلا والآخر مفعولا وإذا أخرجته من باب التّفاعل فاجعلهما جميعا فاعلين واعطف الثّاني على الأوّل بالواو، ولا يجوز في كفّارة الظّهار المقعد أي الزّمن الّذي لا يمشي على رجليه وقال في ديوان الأدب المقعد الأعرج لكنّ ذاك يجوز في الكفّارة إذا مشى على رجل صحيحة وأخرى معلولة لأنّ فوات إحداهما غير مانع.

قال: إذا كان مقطوع يد ورجل من خلاف جاز أي على خلاف الجهة بأن كانت إحداهما عن يمين والأخرى عن يسار لا كلتاهما عن يمين أو عن يسار.

والأشلّ والخصيّ والمجبوب قد فسّرناها فيما مرّ.

ومقطوع المذاكير والأنثيين جميعا المذاكير جمع ذكر على خلاف القياس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الأعراف: 53.

2 سورة القصص: 3.

 

ص -129-      المفلوج: اليابس الشّقّ أي نصف البدن طولا.

ولفظة الإدراج في مسألة أعتق عبدك عنّي بألف درهم يراد بها إثبات الشّيء تقديرا اقتضاء مع أنّه غير مذكور لفظا من إدراج الكتاب وهو طيّه يقال جعل ذلك في درج كتابه أي طيّه.

والإيلاء الحلف وقد آلى يؤلي إيلاء فهو مؤل على وزن أفعل يفعل إفعالا فهو مفعل أي حلف والأليّة اليمين وجمعه الألايا على وزن البليّة والبلايا.

قليل الألايا حافظ ليمينه                         وإن بدرت منه الأليّة برّت

يعني قلّما يحلف فإن حلف حفظ يمينه وإن بدرت أي وقعت على سرعة من غير قصد منه يمين برّت أي صارت صادقة يعني لا يحنث هو فيها وقد بدر بدورا من حدّ دخل وبرّت اليمين تبرّ برّا من حدّ علم بكسر باء المصدر.

{فَإِنْ فَاءُوا}1 أي رجعوا من حدّ ضرب.

{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ}2 أي قصدوه هذه حقائق هذه الألفاظ لغة.

وفي الشّرع الإيلاء اسم ليمين يمنع بها المرء نفسه عن وطء منكوحته.

والفيء هو تحنيث نفسه بالوطء في المدّة.

وعزيمة الطّلاق الثّبات على البرّ بترك الوطء حتّى تمضي أربعة أشهر فتطلق وما روي أنّ الفيء الجماع وعزيمة الطّلاق انقضاء الأربعة الأشهر فكشفه على وفق اللّغة ما قلنا.

وإذا قال واللّه لا أقرب فلانة فهو مؤل لأنّ القربان بكسر القاف من حدّ علم صار اسما للمجامعة لغلبة الاستعمال فيها عرفا وشرعا قال اللّه تعالى:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 226.

2 سورة البقرة: 227.

 

ص -130-      {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}1 وأصله مقاربة الشّيء قال اللّه تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى}2 وقال: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ}3 وقال: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}4 فأمّا القرب فهو نقيض البعد وقد قرب قربا فهو قريب أي صار كذلك من حدّ شرف.

ولو قال: واللّه لأسوءنّها لم يكن موليا إلّا بنيّة ترك الجماع يقال ساءه يسوءه مساءة وهو نقيض سرّ يسرّه مسرّة والسّوء بالضّمّ اسم منه والسّوء بالفتح يذكر على طريق النّعت لكن بالإضافة يقال هو رجل سوء قال اللّه تعالى: {دَائِرَةُ السَّوْءِ}5 على قراءة الفتح والإساءة نقيض الإحسان ويوصل بكلمة إلى يقال أساء إليه كما يقال أحسن إليه والأوّل وهو ساءه يتعدّى من غير صلة قال اللّه تعالى: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ}6 وقال اللّه تعالى: {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}7 وهو على ما لم يسمّ فاعله.

ولو حلف لا يغشاها فكذلك لأنّ الغشيان من حدّ علم يستعمل للمجامعة وأصله للمجيء يقال من يغش سدد السّلطان يقم ويقعد أي من يجئ أبواب السّلاطين فقد يقوم على الباب وقد يقعد على البساط ويقال أيضا بضمّ الياء في يقم ويقعد وفتح القاف في يقم وفتح العين في يقعد على ما لم يسمّ فاعله أي قد يقيمه غيره عن مجلسه وقد يقعده على مرتبته والسّدد جمع سدّة وهي الباب وفي القرآن: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا}8 أي وطئها وفيه: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 222.

2 سورة الاسراء: 32.

3 سورة الأنعام: 151.

4 سورة الأنعام: 152.

5 سورة التوبة: 98.

6 سورة الاسراء: 7.

7 سورة الملك: 27.

8 سورة لأعراف: 189.

 

ص -131-      تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}1 قيل معناه يأتيهم وقيل يغطّيهم.

ولو قال: وايم اللّه لا أقرب فلانة كان موليا هذا يستعمل برفع آخر الكلمة وإن كان القسم بالخفض لأنّ قولهم وايم اللّه أصله وأيمن اللّه بإثبات نون بعد الميم والنّون مخفوضة على القسم وهي جمع يمين كأنّه يقول أقسم بأيمان اللّه أي بالأيمان باللّه فحذفت النّون تخفيفا لكثرة الاستعمال وبقي الميم مضموما لأنّه وسط الكلمة وليس بحرف إعراب وكانت قبل حذف آخره كذلك فبقي على ذلك.

وكذلك قوله لعمر اللّه بفتح اللّام ورفع الرّاء هو قسم ولم يخفض كسائر الألفاظ لأنّ طريقة هذا أنّ اللّام لام تأكيد يفتتح بها الاسم وعمر رفع بالابتداء والمراد به البقاء كأنّه يقول لبقاء اللّه هو الّذي أقسم به على إضمار خبر المبتدأ لدلالة الحال عليه.

وإيلاء المريض الّذي يهذي باطل الهذيان من حدّ ضرب هو الهذر وهو ترديد الكلام في النّوم وفي المرض على غير استقامة.

واللّعان والملاعنة: مصدران لقولك لاعن الرّجل امرأته ولاعنت هي زوجها وتلاعنا تفاعل منه وهو إذا رماها بالزّنا أي قذفها فرافعته إلى القاضي فكلّف الزّوج أن يقول أشهد باللّه أنّي لصادق فيما رميتها به من الزّنا أربعا ويقول في الخامسة لعنة اللّه عليّ إن كنت كاذبا في هذا وكلّف المرأة أن تقول أشهد باللّه إنّه كاذب فيما رماني به من الزّنا أربعا وتقول في الخامسة غضب اللّه عليّ إن كان صادقا في هذا يسمّى لعانا لما في آخر كلام الرّجل من ذكر اللّعنة ولاعن القاضي بينهما أي كلّفهما ذلك والتعن الزّوجان أيضا كذلك.

وقوله عليه السلام: "المتلاعنان لا يجتمعان أبدا" أي: لا يجوز بينهما عقد النّكاح.

وقوله وجد مع امرأته رجلا يخبث بها أي يزني.

وفي حديث الملاعنة: "لو وجدت لكاعا قد تفخّذها رجل ما قدرت على أربعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة العنكبوت: 55.

 

ص -132-      آتي بهم حتّى يفرغ من حاجته" اللّكاع المرأة الحمقاء واللّكع الرّجل الأحمق بضمّ اللّام وفتح الكاف وتفخّذها أي ركب فخذها.

وفيه أيضا: "فتلكّت المرأة ساعة" أصله تلكّأت بالهمزة أي نكلت والتّليين جائز للتّخفيف ثمّ يسقط الحرف المليّن لاجتماع السّاكنين.

وفيه: "إن جاءت به أصيهب أريسح حمش السّاقين فهو لهلال بن أميّة الأصيهب" تصغير الأصهب وهو الّذي في رأسه حمرة والأريسح تصغير الأرسح وهو قليل لحم الفخذين وصرفه من حدّ علم وحمش السّاقين دقيقهما.

قال: "وإن جاءت به خدلّج السّاقين سابغ الأليتين جعدا أورق جماليّا فهو لصاحبه" خدلّج السّاقين بتشديد اللّام ممتلئهما وسابغ الأليتين أي تامّهما ويقال سبغ سبوغا من حدّ دخل والجعد جعد الشّعر وهو نقيض السّبط وقد جعد جعودة فهو جعد من حدّ شرف والأورق هو الّذي لونه لون الرّماد والجماليّ ضخم الأعضاء.

وعن إبراهيم النّخعيّ أنه قال: إذا كذب الملاعن نفسه أي جلعها كاذبة أي أقرّ بكذب نفسه يقال كذّب فلانا وأكذبه أي نسبه إلى الكذب وأكذبه أيضا أي وجده كاذبا.

وقوله: وكان خاطبا من الخطّاب أي له أن يخطبها كما يخطبها غيره.

وعن إبراهيم قال: إذا قال لامرأته يا روسبيج وجب اللّعان وهي معرّبة وأصله روسبيّ وهي بالفارسيّة اسم للزّانية.

 

ص -133-      كتاب العتاق:

العتق والعتاق والعتاقة زوال الرّقّ وقد عتق من حدّ ضرب.

وحقيقة العتق القوّة.

وحقيقة الرّقّ الضّعف.

وعتاق الطّير جوارحها لقوّتها.

ورقّة الثّوب ضعفه.

والإعتاق إزالة الرّقّ قال القتبيّ يقال عتقت على يمين إذا سبقت وعتق الفرخ من وكره إذا طار وعتقت الفرس إذا سبقت ونجت فكأنّ المعتق خلّي فعتق أي فذهب.

وقيل هو من العتق الّذي هو الجمال والعتيق الجميل وسمّي أبو بكر الصّدّيق رضي اللّه عنه عتيقا لجماله. وفرس عتيق أي رافع.

وعتق فلان بعد استعلاج أي رقّت بشرته بعد جفاء وغلظ.

والعتيق من نال جمال الحرّيّة، وقيل هو من العتق الّذي هو الكرم.

والمعتق قد عتق أي أكرم بعد ما أهين وقيل هو من الزّقّ العاتق أي الواسع الجيّد ومن أعتق فقد اتّسعت حالته وزال ضيقه وفاقته.

والبيت العتيق الكعبة لأنّها أعتقت عن الغرق وعن أن يدّعيها مخلوق وقيل

 

ص -134-      لكرمها وقيل لقدمها أي هي أوّل بيت وضع للنّاس كما ورد به القرآن والعتاقة القدم من حدّ شرف.

والتّحرير إثبات الحرّيّة والحرّيّة مصدر الحرّ والحرار بالفتح كذلك وقد حرّ حرار أي صار حرّا من حدّ علم قال الشّاعر:

ومارد من بعد الحرار عتيق

وأمّا الحرّ بالفتح الّذي هو نقيض البرد فصرفه من حدّ ضرب وعلم ودخل جميعا وحقيقة الحرّيّة الخلوص والحرّ الرّمل الطّيّب الخالص وقيل هو الطّين الخالص الّذي لا رمل فيه وحرّ الوجه أحسن موضع فيه وحرّ البقول ما يؤكل غير مطبوخ وحرّ الدّار وسطها وما هذا منك بحرّ أي بحسن

وتحرير الرّقبة إعتاق الكلّ وإنّما خصّت الرّقبة وهي عضو خاصّ من البدن لأنّ ملك السّيّد عبده كالحبل في الرّقبة وكالغلّ هو محتبس بذلك كما تحتبس الدّابّة بالحبل في عنقها فإذا أعتق فكأنّه أطلق من ذلك قاله القتبيّ.

وفكّ الرّقبة كذلك وهو كفكّ الرّهن من الرّاهن وفكّ الخلخال من الرّجل وفكّ اليد من المفصل.

وقال النّبيّ عليه السلام: "من أعتق شقصا من عبد إن كان موسرا ضمن نصيب شريكه وإن كان معسرا سعى العبد غير مشقوق عليه الشّقص" الطّائفة من الشّيء والمشقوق مفعول من المشقة أي غير مشدّد عليه.

ما يتغابن النّاس في مثله من الغبن من حدّ ضرب وهو الخداع يراد به ما يجري بينهم من الزّيادة والنّقصان ولا يتحرّزون عنه.

وما لا يتغابن النّاس فيه هو ما يتحرّزون عنه من التّفاوت في المعاملات.

تحاصّا أي تقاسما بالحصّة وهي النّصيب.

 

ص -135-      وذكر في الرّقّيّات مسألة كذا هي مسائل جمعها محمّد بن الحسن رحمه اللّه بالرّقّة وهي اسم بلدة حين كان قاضيا بها.

والمدبّر المعتق عن دبر أي بعد الموت ودبر الشّيء مؤخّره وقبله مقدّمه والمدبّر المطلق هو الّذي قيل له أنت حرّ بعد موتى أو إذا متّ فأنت حرّ والمدبّر المقيّد هو الّذي قيل له إن متّ من مرض كذا أو إلى وقت كذا أو في طريق كذا فأنت حرّ.

والاستيلاد جعل الأمة أمّ ولد.

والمكاتبة معاقدة عقد الكتابة وهي أن يتواضعا على بدل يعطيه العبد نجوما في مدّة معلومة فيعتق به نجوما أي وظائف جمع نجم وهو الوظيفة يقال نجّم المال نجوما أي وظّفه وظائف في كلّ شهر كذا ونجّم الدّية وغيرها إذا أدّاها نجوما قال زهير:

ينجّمها قوم لقوم غرامة                   ولم يهريقوا بينهم ملء محجم

وقد توالى عليه نجمان أي اجتمع عليه وظيفتان وأصله تتابع.

وروي: أنّه باع سرّقا في دين، وهو اسم رجل مضموم السّين مشدّد الرّاء.

وإذا تصادق الشّريكان أي صدّق كلّ واحد منهما شريكه فيما ادّعى.

قضى النّبيّ عليه السلام: في إلقاء الجنين بغرّة هو عبد أو أمة أو فرس قيمته خمسمائة درهم خالص.

والغرّة هو المختار الحسن من المال وغرّة الفرس بياض في جبهته وفلان غرّة قومه أي شريفهم وغرّة كلّ شيء أوّله وغرّة الشّهر منه.

والجنين الولد ما دام في البطن سمّي به للاستتار في البطن وقد اجتنّ الشّيء اجتنانا أي: استتر وجنّه اللّيل وجنّ عليه جنونا أي ستره وجنّ الميّت أي واراه في التّراب وهما جميعا من حدّ دخل والجنن القبر والجنان القلب والجنّة البستان والمجنّة

 

ص -136-      والمجن الترس والجنة الجنّ والجنون أيضا وكلّ ذلك من معنى السّتر.

التّعجيز من المكاتب أن يعترف بعجزه عن أداء بدل الكتابة وحقيقته النّسبة إلى العجز وقد عجّز نفسه أي نسبها إلى العجز.

والنّسبة بضمّ النّون وكسرها لغتان.

وإذا باع جارية وتناسخها رجال ثمّ ولدت فادّعاه الأوّل التّناسخ التّناقل يعني تداولتها الأيدي بالبياعات يقال نسخ الشّيء أي حوّله ونقله ومنه نسخت الشّمس الظّلّ.

وقال النّبيّ عليه السلام: "من كاتب عبده على مائة أوقيّة فأدّاها إلّا عشرة أواق فهو رقيق" الأوقيّة أربعون درهما وجمعه الأواقيّ بتشديد آخرها على وزن الأفاعيل وبتخفيفها على وزن الأفاعل وهو نظير الأمنيّة والأماني على اللّغتين.

 

ص -137-      كتاب المكاتب:

الكتابة على المال الحالّ جائزة هي الّتي لا تكون مؤجّلة يقال حلّ الدّين يحلّ بالكسر إذا مضى أجله وهذا محلّ الدّين أي وقت حلوله.

العجز عن التّسليم متى طرأ على العقد هو مهموز وأصله طلع ويراد به هاهنا حدث واعترض والطّريان بالياء مستعمل على ألسن الفقهاء في مصدره وهو على وجه تليين الهمزة للتّخفيف دون الوضع.

ولو كاتبه على ألف منجّمة على كذا فإن عجز عن نجم منها فعلى ألفي درهم لم يجز لأنّهما صفقتان في صفقة أي عقدان في عقد والصّفق الضّرب باليد من حدّ ضرب وكانوا يضربون اليد على اليد في العقود والعهود.

ولأنّه غرر أي خطر وقد غرّر بمهجته أي خاطر بدمه.

وإن كاتبه على ألف درهم إلى العطاء أو إلى الحصاد أو إلى الدّياس جاز استحسانا.

العطاء ما يعطيه الإمام من بيت المال أهل الحقوق ولخروجه وقت معلوم لكن قد يتقدّم وقد يتأخّر فتمكّن فيه نوع جهالة لكن يستدرك في الجملة فجاز استحسانا.

والحصاد يراد به أن يحصد أهل الولاية زروعهم.

والدّياس أن يدوسوها وهذا كالأوّل فإن تأخّر العطاء والحصاد والدّياس لعارض حلّ الدّين إذا حلّ وقته المعتاد لأنّ الأجل وقت هذا لا عينه.

 

ص -138-      جرى فيه شعبة من العتاق أي طائفة.

المكاتب إذا استدان أي اشترى بالدّين وأدان بفتح الألف من باب الإفعال أي باع بالدّين وادّان بتشديد الدّال من باب الافتعال أي قبل الدّين ودان دينا أي صار عليه دين والدّين غير القرض ذاك اسم لما يقرض فيقبض وهذا اسم لمال يصير في الذّمّة بالعقد.

وجب في ذمّته أصل الذّمّة العهد والحرمة أيضا والذّمام الحرمة أيضا ويراد به في كلام الفقهاء الوجوب عليه بعقده وقبوله وعهدة الرّقبة والعتق يستعملان لذلك أيضا.

وإذا مات المكاتب عن وفاء أي مال يفي به ما عليه.

وإذا باع المكاتب شيئا وحابى فيه محاباة فاحشة هي نقصان بعض الثّمن وهي مفاعلة من الحبا وهو الإعطاء من حدّ دخل فإذا باع شيئا قيمته عشرة دراهم بسبعة فكأنّه في حقّ سبعة أجزاء من عشرة أجزاء منه مبادلة مال بمال وفي حقّ ثلاثة أجزاء من عشرة أجزاء منه هبة وإعطاء لخلوّها عن البدل معنى ولذلك ألحق بالهبات في حقّ المريض مرض الموت واعتبر خروجه من الثّلث.

 

ص -139-      كتاب الولاء:

الولاء مصدر المولى وهو اسم لابن العمّ وللوليّ وللحليف وللنّاصر وللمعتق وللمعتق.

والموالاة معاقدة تجرى بين من أسلم ولا قريب له يرثه وبين مسلم يقول له واليتك على أن تعقل عنّي وترثني وهي مشروعة بالنّصوص.

ويعقل عنه أي يؤدّي الدّية عنه إذا قتل إنسانا خطأ عقل المقتول أي أدّى ديته وعقل عن القاتل إذا أدّاها عنه وهو من حدّ ضرب.

وقال النّبيّ عليه السلام فيمن أسلم على يدي رجل ووالاه: "هو أحقّ النّاس به محياه ومماته" بالنّصب أي حال حياته وحال مماته وهو منصوب على الظّرف يعني بذلك العقل والإرث كما قلنا وقوله عليه السلام: "وإن مات ولم يترك وارثا كنت أنت عصبته" قد فسّرنا العصبة في كتاب النّكاح ودلّ هذا الحديث أنّ هذا الاسم يصلح للواحد.

وقال النّبيّ عليه السلام: "الولاء للكبر" أي: الميراث بالولاء للأقرب حتّى لو كان للمعتق، ابن، وابن ابن فالميراث للابن للقرب، ويقال: هو كبر قومه إذا كان أقربهم إلى الأب إلّا على الّذين ينسبون إليه، ولا يراد به كبر السّنّ هاهنا.

وعن الزّبير بن العوّام أنّه أبصر بخيبر فتية لعسا أعجبه ظرفهم وكانت أمّهم مولاة لرافع بن خديج وأبوهم عبد لبعض الحرقة من جهينة أو لبعض أشجع فاشترى

 

ص -140-      أباهم فأعتقه وقال: انتسبوا إليّ وقال رافع: بل هم موال لي فاختصموا إلى عثمان رضي اللّه عنه فقضى بالولاء للزّبير الفتية جمع الفتى والفتيان جمع الفتى أيضا وهم الشّبّان واللّعس جمع ألعس وهو الّذي تضرب شفته إلى السّواد قليلا وذلك يستملح وقد لعس لعسا من حدّ علم إذا صار كذلك وأعجبه أي راقه ظرفهم أي ظرافتهم وهي الكياسة، وصرفه من حدّ شرف وجهينة وأشجع قبيلتان والحرقة قوم من جهينة وقوله انتسبوا إليّ أي قولوا نحن موالي الزّبير لأنّ أباكم معتقي وقد جرّ ولاؤكم الّذي كان من جهة الأمّ.

وجرّ الولاء في مسائل هذا الكتاب وغيره أن يكون الولد مولى لمولى أمّه إذا كان أبوه عبدا لا ولاء له فإذا أعتق الأب جرّ الولاء إلى مولاه لأنّه كالنّسب وهو من الآباء دون الأمّهات إلّا عند التّعذّر

وقال النّبيّ عليه السلام: "الولاء لحمة كلحمة النّسب" أي قرابة وقيل وصلة.

 

ص -141-      كتاب الأيمان:

الأيمان جمع يمين وهو القسم واليمين اليد اليمنى وكانوا إذا تحالفوا تصافحوا بالأيمان تأكيدا لما عقدوا فسمّي القسم يمينا لاستعمال اليمين فيه واليمين أيضا القوّة قال اللّه تعالى: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ}1 قيل أي بقوّة وقدرة وسمّي القسم يمينا لأنّ الحالف يتقوّى بيمينه على تحقيق ما قرنه بها من تحصيل أو امتناع وقيل في تفسير قوله تعالى: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ}2 أي لأخذنا يده اليمنى فمنعناه عن التّصرّف وقيل في قوله تعالى: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ}3 أقاويل ثلاثة أحدها ضربا بيده اليمنى والثّاني ضربا بالقوّة والثّالث ضربا بقسمه الّذي قال: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}4.

وقوله: الأيمان ثلاثة يمين تكفّر بالتّشديد أي تجب فيها الكفّارة عند الحنث وهي تكون على فعل في المؤتنف أي المستقبل والايتناف الابتداء والاستيناف كذلك واللّغو في الأيمان ما يلغى أي يبطل فلا يعتبر في حقّ حكم ويقال لما لا يعدّ من أولاد الإبل في دية أو غيرها لغو قال الشّاعر أو مائة تجعل أولادها لغوا وعرض المائة الجلمد والجلمد الإبل الكثيرة العظيمة قال اللّه تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الحاقة: 45.

2 سورة الحاقة: 45.

3 سورة الصافات: 93.

4 سورة الانبياء:  57.

 

ص -142-      أَيْمَانِكُمْ}1 واختلف العلماء في المراد به على ما عرف.

ويمين الفور ما يقع على الحال أخذ من فور القدر وفورانها أي غليانها.

واليمين الغموس الّتي تغمس صاحبها في الإثم أي تمقل والغمس من حدّ ضرب.

واليمين الغموس تدع الدّيار بلاقع وهي جمع بلقع وهي القفر وهو الأرض الّتي لا نبات فيها ولا ماء يعني أنّها تخرّب الدّيار بالموت والجلاء.

{أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ}2 الخلاق النّصيب الصّالح.

واليمين الفاجرة أي الكاذبة وقد فجر فجورا من حدّ دخل أي كذب ومعناها المفجور فيها أي كذب فيها حالفها فاعلة بمعنى مفعولة كقوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}3 أي مرضيّة وقوله تعالى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}4 أي مدفوق وقال الرّاجز.

اغفر له اللّهمّ إن كان فجر. أي كذب ويقال فاجرة أي ذات فجور وكذلك يقال في عيشة راضية أي ذات رضى وهذا على تأويل من يأبى أن يكون الفاعل بمعنى المفعول لما فيه من إبطال الوضع.

وينشدون في جعل العقد المذكور في قوله تعالى: {بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}5 بمعنى العزم قول القائل:

خطرات الهوى تروح وتغدو                         ولقلب المحبّ حلّ وعقد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 225.

2 سورة آل عمران: 77.

3 سورة الحاقة: 21.

4 سورة الطارق: 6.

5 سورة المائدة: 89.

 

ص -143-      الخطرات جمع خطرة وهي من خطر الشّيء في قلبه من حدّ ضرب أي تحرّك والهوى الحبّ وتروح وتغدو أي يقع ذلك مساء وصباحا ولقلب المحبّ حلّ وعقد أي نقض وإبرام فيما يعزم عليه وينشدون قول القائل:

عقدت على قلبي بأن يكتم الهوى                  فضجّ ونادى أنّني غير فاعل

عقدت على قلبي أي ألزمته وعزمت عليه أن يخفي هواي فضجّ أي جزع وصاح وهو مغلوب وهو من حدّ ضرب ونادى أنّني بفتح الألف غير فاعل.

ويجوز بكسر الألف فالفتح لوقوع فعل النّداء عليه والكسر للاستئناف أو إضمار القول أو جعل النّداء بمعنى القول أي نادى وقال إنّي لا أقدر أن أفعل ذلك وهذا كقوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى}1 قراءة عامّة القرّاء بالفتح وفي قراءة حمزة إنّ اللّه بالكسر والوجه ما ذكرته.

ولو قال أشهد أو أقسم أو قال أحلف أو قال أعزم كان يمينا عند أصحابنا رحمهم اللّه نوى به اليمين أو لا قرنه باسم اللّه أو لا لأنّ الشّهادة في اللّغة إخبار عمّا شوهد وذلك يصلح لليمين وقد جاء به الشّرع قال اللّه تعالى: {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} 2 ثمّ قال: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} 3 والقسم موضوع له وقد جاء غير مقرون باسم اللّه قال اللّه تعالى: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ}4 وكذلك الحلف قال اللّه تعالى: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ} 5 ولم يقل باللّه وكذا أعزم لأنّه إيجاب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة آل عمران: 39.

2 سورة المنافقون: 1.

3 سورة المجادلة: 16.

4 سورةالقلم: 17.

5 سورة التوبة: 96.

 

ص -145-      تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ}1 هي مصدر كسا يكسو وليست باسم للّباس فقد عطفها على الإطعام وهو مصدر وإطلاق طلبة العلم لفظة الإكساء في المصدر خطأ لأنّ الفعل من حدّ دخل فلا يكون الإفعال صدرا.

إذا حلف لا يساكن فلانا فحقيقة المساكنة أن يختلطا في مسكن بأمتعتهما وسكناهما وقد سكن الدّار سكنى من حدّ دخل أي أقام فيها وسكن سكونا وهو ضدّ تحرّك وسكن سكينة أي وقر والدّار اسم للسّاحة وإن لم يكن لها أبنية قال لبيد بن ربيعة العامريّ:

عفت الدّيار محلّها فمقامها                       بمنى تأبّد غولها فرجامها

عفت الدّيار تعفو عفاء أي درست وغطّاها التّراب وعفتها الرّيح أي جعلتها كذلك يتعدّى ولا يتعدّى محلّها أي موضوع حلولها أي نزولها وقد حلّ من حدّ دخل وهو بدل عن الدّيار.

والمقام موضع الإقامة بالضّمّ والمقام بفتح الميم موضع القيام والرّواية هاهنا بالفتح وللضّمّ وجه بمنى هو اسم موضع بمكّة تأبّد أي توحّش غولها ورجامها هما جبلان قاله الأصمعيّ وقيل الغول واد والرّجام جبل وأصل الغول المكان السّهل والرّجام الحجارة جمع رجمة بضمّ الرّاء وتسكين الجيم وهي الحجر الضّخم.

وقال النّابغة الذّبيانيّ:

يا دار ميّة بالعلياء فالسّند                   أقوت وطال عليها سالف الأبد

ميّة اسم امرأة والعلياء اسم موضع والسّند كذلك.

والعلياء في الأصل الأرض العالية.

والسّند المرتفع في أصل الجبل أقوت أي خلت والقواء الأرض الخالية والقيّ كذلك والسّالف الماضي من حدّ دخل والأبد الدّهر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة المائدة: 89.

 

ص -146-      وظلّة الدّار هي الّتي تظلّ عند باب الدّار.

والسّقيفة هي ذات السّقف.

ولو حلف لا يدخلها إلّا عابر سبيل أي مارّا وقد عبر عبورا من حدّ دخل وعبور النّهر قطعه وهو أن يدخلها ومن قصده المرور من غير عمل آخر.

ولو دخلها مجتازا ثمّ بدا له فقعد لم يحنث يقال جاز الطّريق يجوزه جواز أو اجتازه يجتازه اجتيازا إذا سلكه للمرور لا لعمل آخر.

ولو كانت دارا صغيرة فجعلها بيتا واحدا وأشرع بابه إلى الطّريق أي جعله إلى الشّارع وهو الطّريق الأعظم.

وإذا حلف لا يأكل كذا.

فالأكل هو المضغ والابتلاع.

والمضغ اللّوك من حدّ دخل وصنع.

والابتلاع افتعال من البلع وهو من حدّ علم. والازدراد افتعال من الزّرد وهو كذلك أيضا وهو من حدّ علم أيضا والتّاء من هذا الباب إذا وقعت بعد الزّاي صارت دالا كما في الازدراع والازدجار.

ولو حلف لا يذوق كذا فالذّوق هو التّعرّف عن طعم الشّيء باللّسان واللّهاة.

والسّمك الطّريّ الغضّ ومصدره الطّراوة من غير فعل.

والسّمك المالح هو الّذي جعل فيه الملح فاعل بمعنى مفعول وقد ملح القدر من حدّ صنع أي جعل فيها الملح بقدر فإذا كثر ملحها حتّى أفسدها فقد ملّحها تمليحا وملح الماء ملوحة من حدّ شرف فهو ملح بكسر الميم وتسكين اللّام وملح الإنسان ملاحة فهو مليح من حدّ شرف أيضا.

 

ص -147-      ولو أكل صيرا أو كنعدا لا يحنث.

الصّير بكسر الصّاد الصّحناة وهو بالفارسيّة مهيابه وفي الجامع الكبير الصّحناة بالكسر قال وقيل بالفتح. والكنعد نوع من السّمك الصّغار والكاف والعين مفتوحتان والنّون ساكنة بينهما وبفتح الكاف والنّون أيضا والعين ساكنة.

وزاد في رواية أبي حفص أو ربّيثا وفي فرود الأزهريّ الدّعموص والرّبّيثة كبجليزك وقيل الرّبّيث والرّبّيثا الجرّيث وقال في ديوان الأدب الرّبّيثا بكسر الرّاء وتشديد الباء ضرب من السّمك.

ولو حلف لا يأكل إداما فهو عند أبي حنيفة رحمه اللّه كلّ ما يؤكل مع الخبز مختلطا به من قولك أدم اللّه بينكما من حدّ ضرب لغة في قولك آدم اللّه بينكما من باب الإدخال أي ألّف بينكما ووصل وأصلح.

والجبن ليس بإدام عنده وهو بضمّ الجيم والباء وتخفيف النّون وفارسيّته بنير وبتشديد النّون لغة أيضا وهي زيادة ملحقة به والقطنّ كذلك بتشديد آخره لغة فيه جعل كذلك في بيت للضّرورة.

بيت قطنّة من أجود القطنّ.

وإذا حلف لا يأكل بيضا يقع على بيض الدّجاج والإوزّ بكسر الهمزة والوزّ لغة رديّة فيه وهو بالفارسيّة مرغابى.

ولا يقع على بيض النّعام وهو بالفارسيّة أشتر مرّغ ولا على بيض دود القزّ لأنّهما لا يستعملان في الأكل فلا يقع الوهم عليهما.

والسّمّاق بضمّ السّين وتشديد الميم فارسيّته تتري.

والفاكهة ما يتفكّه به أي يتنعّم به ورجل فكه بفتح الفاء وكسر الكاف أي طيّب

 

ص -148-      النّفس وقد فكه فكاهة من حدّ علم إذا صار كذلك والفاء في المصدر مضمومة.

والحنطة المقليّة بالفارسيّة قروده وقد قلاها يقلوها على المقلاة قلوا فهي مقلوّة إذا جعلت النّعت من ظاهر الفعل.

فأمّا المقليّة فهي إذا جعلت من فعل ما لم يسمّ فاعله يقال قليت الحنطة تقلى فهي مقليّة.

وإذا حلف لا يأكل من هذا الطّلع وهو أوّل ما ينشقّ من ثمر النّخل ثمّ يصير بلحا ثمّ بسرا وهو بالفارسيّة غوره.

والمذنّب بتشديد النّون وكسرها هو البسر الّذي ذنّب أي بدأ الإرطاب فيه من قبل ذنبه.

وإذا حلف لا يأكل سمنا فلتّ السّويق بسمن أي جدحه به وخلطه من حدّ دخل.

وإذا حلف لا يأكل عنبا قد عيّنه فأكل منه بعدما صار دبسا لم يحنث وهو عصارة العنب ودبس الرّطب عصارة الرّطب.

والفستق فارسيّ معرّب، وإذا حلف لا يأكل تمرا فأكل قسبا بفتح القاف وبتسكين السّين لا يحنث وهو تمر يابس يتفتّت في الفم لأنّه لا يسمّى تمرا بعدما خصّ بهذا الاسم وقيل هو بسر يابس.

ولو أكل حيسا يحنث لأنّ اسم التّمر باق فإنّ الحيس تمر ينقع في اللّبن وقيل هو طعام يتّخذ من تمر وزبد فتبقى اليمين لبقاء الاسم.

وإن حلف لا يأكل خبزا فأكل جوزينجا لم يحنث هو فارسيّ معرّب، وفارسيّته وعيالاتهم لاختصاصه باسم آخر.

ولو حلف لا يشرب نبيذا فشرب سكرا لم يحنث السّكر بفتح السّين والكاف

 

ص -149-      وهو خمر التّمر وهو النّيء من مائه والنّبيذ أن ينبذ تمرات أو زبيبات في ماء ليستخرج الماء عذوبتها وذلك غير الأوّل.

وكذلك لو شرب بخنجا هو تعريب والاستغنام أي المطبوخ.

ولو حلف لا يشرب من دجلة فغرف منها بيده وشرب لم يحنث عند أبي حنيفة رحمه اللّه هو أخذ الماء بالكفّ ورفعه من حدّ ضرب والغرفة بالفتح المرّة وبالضّمّة قدر ما يغرف بالكفّ وإنّما يحنث عنده إذا شرب منه بفيه كرعا هو أن يخوض الماء ويتناول الماء بفيه من موضعه من حدّ صنع ولا يكون الكرع إلّا بعد الخوض فإنّه من الكراع وهو من الإنسان ما دون الرّكبة ومن الدّوابّ ما دون الكعب قال الخليل يقال تكرّع الرّجل إذا توضّأ للصّلاة فغسل أكارعه وكراع كلّ شيء طرفه.

وإذا حلف لا يلبس هذا الثّوب فاتّزر به الصّحيح بالهمزة من الإزار أي شدّه على وسطه أو ارتدى به أي لبسه لبس الرّداء واشتمل به أي تلفّف به حنث.

ولو حلف لا يلبس ثيابا فتقلّد سيفا أو تنكّب قوسا لم يحنث وتقلّد سيفا أي جعله قلادة في عنقه وتنكّب قوسا أي ألقاها على منكبه وهو مجمع عظم العضد والكتف لا يحنث ولو لبس درع حديد حنث.

ولو حلف لا يركب هذا السّرج فبدّل السّرج بغيره وترك اللّبد والصّفّة وركب لم يحنث الصّفّة غشاء السّرج.

وإذا حلف لا يضرب عبده فوجأه حنث أي طعنه برأس سكّين وقد وجأه يجؤه وجئا من حدّ صنع ووجاء إذا دقّه أيضا.

وكذا إذا قرصه وهو بالأظفار وهو من حدّ دخل.

أو عضّه وهو بالأسنان من حدّ علم.

لو خنقه أي عصر حلقه ليختنق والخنق من حدّ دخل والمصدر بفتح الخاء

 

ص -150-      وتسكين النّون وكسرها أيضا لغتان.

ولو حلف ليضربه مائة سوط فجمع مائة وضربه بها جملة إن كان وصل إليه كلّ سوط بحياله برّ أي بإزائه وأصل هذا الياء الواو.

وقوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً}1 وهو ما قبضت عليه من قماش الأرض أي هو قبضة من دقاق العيدان والنّبات وقال الخليل هو قبضة قضبان أو حشيش أصلها واحد.

والقماش ما يجمع من هاهنا وهاهنا والقمش الجمع من هنا وهنا من حدّ ضرب.

ولو حلف لا يبيت في مكان كذا فأقام فيه ولم ينم حنث لأنّ البيتوتة هو المكث والإقامة يقال بات فلان يصلّي في موضع كذا قال اللّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً}2 ويقع ذلك على نصف اللّيل أو أكثر ولو حلف لا يؤويه بيت فعلى قول أبي يوسف رحمه اللّه الأوّل لا يحنث إلّا بأكثر اللّيل والنّهار لأنّه عبارة عن المقام والمأوى موضع الإقامة فأشبه البيتوتة وفي قول الآخر وهو قول محمّد رحمه اللّه يحنث بساعة لأنّ الإيواء هو الضّمّ يقال أوى إلى فلان يأوي أويّا أي انضمّ إليه وآواه فلان إلى نفسه إيواء أي ضمّه قال اللّه تعالى في اللّازم: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ}3 وقال في المتعدّي: {آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ}.

وإذا حلف لا يمشي على الأرض فمشى على ظهر الإجّار حنث لأنّه من الأرض الإجّار السّطح قالوا ألا ترى أنّ من أراد أن يجلس على السّطح يقال له لا تجلس على الأرض واجلس على البساط وقيل الإجّار السّطح الّذي ليس حواليه حائل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة صّ: 44.

2 سورة الفرقان: 64.

3 سورة الكهف: 10.

 

ص -151-      الزّنبق بفتح الزّاي والباء وبينهما نون ساكنة دهن الياسمين.

إذا حلف لا يشتري سلاحا فاشترى سفّودا لم يحنث هو بفتح السّين وتشديد الفاء فارسيّته بابزن.

وإذا حلف لا يشمّ ريحانا الشّمّ من حدّ دخل لغة في شمّ يشمّ من حدّ علم والرّيحان اسم لكلّ نبت أخضر لا شجر له وله ريح طيّبة كالآس والعنبر والشّاهسبرم والورد ما يخرج من الشّجر. وخاتم الفضّة ليس من الحليّ لأنّ الرّجال يلبسونه مع أنّهم منهيّون عن التّحلّي.

والحلي اسم بفتح الحاء وتسكين اللّام واحد وجمعه الحليّ بضمّ الحاء وكسر اللّام وتشديد الياء على وزن الفعول وأصله الحلوي ثمّ صيّرت الواو ياء للياء الّتي بعدها وكسرت اللّام للياءين والحلّيّ بكسر الحاء لغة للكسرة الّتي بعدها والحلية بكسر الحاء وتسكين اللّام للواحد أيضا وجمعها الحلى بضمّ الحاء وفتح اللّام ويجعل الياء الّتي في آخرها ألفا لفتحة ما قبلها وذلك على وزن الذّروة بالذّال والذّرى واللّحية واللّحى. والسّوار من الحليّ وهو بكسر السّين وبالضّمّ لغة أيضا والكسر أفصح.

والقلب السّوار أيضا وهو لنوع خاصّ منه.

والخلخال ما يجعل في الرّجل.

والقلادة ما يجعل في العنق.

 

ص -152-      كتاب الحدود:

الحدّ أصله المنع لغة من حدّ دخل والحدود موانع من الجنايات فسمّيت بها لذلك لكونها موانع.

وقوله عليه السلام: "ادرءوا الحدود" أي ادفعوها وصرفه من حدّ صنع.

والحدود تندرئ بالشّبهات بالهمزة أي تندفع. وقوله عليه السلام: "الحدود كفّارات لأهلها" أي ستّارات وقد كفر يكفر من حدّ دخل يدخل إذا ستر والكفر الّذي هو ضدّ الإيمان ستر الحقّ بالباطل وكفران النّعم سترها وكفر الزّارع البذر ستره في الأرض وكفّر اللّه سيّئات عبده بالتّشديد أي محاها وسترها.

وفي حديث ماعز رضي اللّه عنه قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "أنكتها" الألف للاستفهام والنّيك صريح في باب المجامعة وسائر الألفاظ كناية وصرفه ناكها ينيكها نيكا.

ثمّ قال له: "أكان هذا منك في هذا منها مثل الميل في المكحلة والرّشاء في البئر" المكحلة بضمّ الميم والحاء ما يجعل فيه الكحل والرّشاء بكسر الرّاء والمدّ في آخره الحبل.

وقوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ}1 أي اضربوهم على جلودهم.

وتغريب الزّاني: هو نفيه وتبعيده عن البلدة وقد غرب أي بعد من حدّ دخل.

البكر بالبكر أي الرّجل الّذي لم يتزوّج بالمرأة الّتي لم تتزوّج ولم يوجد الدّخول،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النور: 4.

 

ص -153-      في النّكاح الصّحيح.

والثّيّب بالثّيّب هو الرّجل المتزوّج الدّاخل بالمرأة المنكوحة المدخول بها، إنّ ابني كان عسيفا لهذا الرّجل أي أجيرا له وجمعه العسفاء وإنّي افتديت منه بمائة شاة وخادم أي أعطيته هذا المال ليترك ابني فلا يرفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيرجمه وقوله عليه السلام: "أمّا الشّاء والخادم فردّ عليك" والشّاء جمع شاة والخادم الجارية.

والرّدّ أراد به المردودة أي هي مردودة عليك مصدر أريد به المفعول كما يقال هذا الدّرهم ضرب الأمير أي مضروبه.

وفي التّغريب حديث عمر رضي اللّه عنه أنّه كان يعسّ بالمدينة أي يطوف باللّيل من حدّ دخل والنّعت منه العاسّ وجمعه العسس وهذا مشهور فسمع امرأة ذات ليلة وهي تقول قالوا كانت تلك المرأة أمّ الحجّاج بن يوسف:

ألا سبيل إلى خمر فأشربها                   أو لا سبيل إلى نصر بن حجّاج

قال الشّيخ الإمام نجم الأئمّة رحمة اللّه عليه: يروى هذا بروايات والمحفوظ المسند لنا هذا والألف في الأوّل للاستفهام وسبيل مفتوح بلا التّبرئة وقولها فأشربها منصوب بالفاء في جواب التّمنّي.

وما روي عن عبد الملك بن مروان الخليفة أنه قال للحجّاج: يا ابن المتمنّية فإنّما أراد به هذا البيت الّذي قالته أمّه في تمنّي نصر بن الحجّاج وقال عمر رضي اللّه عنه حين سمع هذا البيت منها: أما ما كان عمر حيّا فلا أي لا سبيل لك إلى خمر ولا إلى نصر فلمّا أصبح دعا نصر بن الحجّاج فإذا رجل جميل وله صدغان فاتنان أي موقعان في الفتنة فقال اخرج من المدينة فقال ما لي وما ذنبي وما فتقت فتقا أي ما نقضت نقضا وما أفسدت إفسادا وهو من حدّ دخل فقال واللّه لا تساكنني أبدا فخرج متوجّها إلى البصرة ولهذه القصّة سياق وفيه أبيات وفيها ألفاظ يفتقر إلى كشفها وعندي نسخته ولا يحتمل هذا الموضع أكثر من هذا ومن أحبّ استيعابه

 

ص -154-      فلينسخه وليسألني عنه.

وروي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رأى يهوديّين محمّمي الوجه أي مسودّي الوجه حمّمه تحميما أي سوّده تسويدا مأخوذ من الحممة وهي الفحم ومن اليحموم وهو الدّخان الشّديد السّواد والأحمّ الأسود وصرفه من حدّ علم وقد حمم رأسه لازم أي اسودّ بعد الحلق وحمّم الفرخ كذلك إذا اسودّ جلده من ارّيش.

وفي هذا الحديث أنّه دعا بابن صوريا الأعور فناشده باللّه تعالى أي قاسمه وحلّفه.

وفي حديث رجم ماعز ضربه رجل بلحي جمل هو بفتح اللّام وتسكين الحاء وهو منبت اللّحية من الإنسان ومن غيره ذلك الموضع.

وقوله عليه السلام: "لا يحلّ دم امرئ مسلم إلّا بأحد معان ثلاثة" هي الرّواية الصّحيحة وعلى ألسن الطّلبة إلّا بإحدى معان ثلاث هو خطأ فإنّ المعاني جمع معنى وهو مذكّر فيقال فيها أحد معان على التّذكير دون التّأنيث وكذلك ثلاثة يقال بالهاء لأنّ عدد الذّكران بالهاء وعدد الإناث بدون الهاء قال اللّه تعالى: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً}1 أي متتابعة وقيل قاطعة كلّ خير.

شهدا على زناءين مختلفين بإثبات الألف في هذا على لغة المدّ فيه فإنّ الزّناء بالمدّ لغة في الزّنا بالقصر وعلى لغة القصر يقال شهدا على زنيين كما يقال في تثنية الرّحى رحيين وفي تثنية الحصى حصيين.

وشهد أربعة على المغيرة بن شعبة بالزّنا عند عمر رضي اللّه عنه رابعهم زياد ابن أبيه هو أخو معاوية بن أبي سفيان رضي اللّه عنهم وكان ابن أبي سفيان لكن لا حال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورةالحاقة: 7.

 

ص -155-      قيام النّكاح فربّما نسب إلى أبي سفيان وربّما قيل زياد ابن أبيه فقال له عمر قم يا سلح الغراب هو خرء الغراب وقد سلح من حدّ صنع كأنّه قال له قم يا خبيث وقيل كان يضرب لونه إلى السّواد فلذلك شبّهه به.

وقيل وصفه بالشّجاعة فإنّ الغراب إذا سلح على طائر أحرق جناحه وأعجزه فكذلك كان زياد في مقابلة أقرانه وهذا مدح والأوّل ذمّ وهو على وجه الإنكار عليه في هتك سرّ صاحبه وتحريض له على إخفاء أمره.

فقال زياد ولا أدري ما قالوا ولكنّي رأيتهما يضطربان في لحاف واحد أي يتحرّكان كاضطراب الأمواج يضرب بعضها بعضا فدرأ عنه الحدّ وضرب الثّلاثة حدّ القذف ولم يحدّ زيادا لأنّه لم يصرّح بالقذف.

الحبلى إذا زنت تترك حتّى تلد فإن كان حدّها الرّجم رجمت للحال وإن كانت متوجّعة لأنّ ذلك أوحى لها أي أسرع والوحيّ السّريع على وزن الفعيل.

وإن كان حدّها الجلد تركت إلى أن تتعالى عن نفاسها أي ترتفع ويراد به تخرج منه ويزول ضعفها به: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ}1 أي تنتشر وقد شاع يشيع شيوعا وشيوعة أي انتشر وكذلك ذاع يذيع ذيوعا وذيوعة وإشاعة الفاحشة نشرها وكذلك إذاعتها.

وإذا زنى بكبيرة فأفضاها أي جعل مسلكيها واحدا وهما مسلك البول ومسلك دم الحيض والنّفاس والمرأة المفضاة هي الّتي التقى مسلكاها بزوال الجلدة الّتي بينهما وهو مشتقّ من الفضاء وهي المفازة الواسعة.

ونهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن إتيان النّساء في محاشّهنّ أي في أدبارهنّ بالشّين والسّين جميعا جمع محشّة ومحسّة بفتح الحاء والميم على وزن مفعلة وهي الدّبر.

وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها إلى أن قال فليبعها ولو بضفير" أي بحبل مفتول من شعر وهو فعيل بمعنى مفعول كالقتيل بمعنى مقتول،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النور: 19.

 

ص -156-      وقد ضفّر الشّيء أي فتله على ثلاث طاقات من حدّ ضرب.

التّعزير للتّثقيف أي للتّقويم وقد ثقّف القناة بالثّقاف وهو ما يسوّى به الرّماح تثقيفا أي سوّاها تسوية ضربه ثلاثين سوطا كلّها يبضع ويحدر البضع القطع من حدّ صنع والحدر التّوريم من حدّ دخل وقيل الحدر الورم والإحدار التّوريم ويروى اللّفظ من البابين.

الوطء في حالة الحيض يؤدّي إلى ازدراء نعم اللّه تعالى أي الاحتقار والاستخفاف والدّال أصله تاء وتاء الافتعال يصير دالا إذا وقعت بعد الزّاي وزرى عليه يزري زراية أي عابه من حدّ ضرب.

ولو قال لرجل يا ابن ماء السّماء أو قال يا ابن المزيقياء أو قال يا ابن جلا لا يحدّ حدّ القذف لأنّه ليس نسبة له إلى غير أبيه بل مدح له وتشبيه برجال أشراف من العرب لأنّ ماء السّماء لقب عامر بن حارثة بن ثعلب بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن كان يلقّب به لصفائه وسخائه.

والمزيقياء لقب ولد عامر هذا وهو عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة وكان ذا ثروة ونخوة وكان يلبس كلّ يوم ثوبا جديدا فاخرا فإذا أمسى خلعه ومزّقه كراهة أن يلبسه غيره فيساويه وكان يأنف أن يلبسه ثانيا فلقب مزيقياء لمزقه ثيابه وهو الخرق والشّقّ من حدّ ضرب.

وابن جلا يقال لمن لا تخفى أموره لشهرته وجلا فعل ماض يقال جلا السّيف يجلوه جلاء بالكسر وبالمدّ أي صقله وجلا البصر بالكحل جلوا أي نوّره وجلا الأمر أي كشفه وانجلى وتجلّى إذا انكشف فيراد به أنّه ابن الّذي جلا أي كشف الأمور وأوضحها أو جلا أمر نفسه وقال الحجّاج على المنبر متمثّلا بهذا البيت وهو لبعض العرب:

أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا                      متى أضع العمامة تعرفوني

أي: أنا السّيّد الظّاهر الأمر صعّاد العقبات فإنّ الطّلّاع هو الكثير الطّلوع وهو العلوّ والصّعود والثّنايا جمع ثنيّة وهي العقبة أي أنا مقتحم في الأمور العظام متى

 

ص -157-      أضع عمامتي عن رأسي عرفتموني فلست بمجهول خامل.

ولو قال لعربيّ: يا عجميّ لم يكن قاذفا بل هو وصف له باللّكنة وهي مصدر الألكن من حدّ علم وهو الأعجم الّذي لا يفصح ولا يتكلّم بكلام يتّضح.

ولو قال: يا زانئ بالهمزة كان قاذفا ، فلو قال: عنيت به يا صاعد لم يصدّق؛ لأنّ ظاهره تسميته زانيا ، والعامّة قد تهمز غير المهموز.

ولو قال له: زنأت في الجبل وقال عنيت به الصّعود صدّق عند محمّد رحمه اللّه ولم يحدّ حدّ القذف قال: لأنّ الزّنا الّذي هو الفجور غير مهموز يقال زنى يزني زنا فأمّا زنأ يزنأ زنئا بالهمزة من حدّ صنع فمعناه صعد قالت امرأة من العرب ترقّص صبيّا لها:

أشبه أبا أمّك أو أشبه حمل                 ولا تكوننّ كهلّوف وكل

يصبح في مضجعه قد انجدل                وارق إلى الخيرات زنئا في الجبل

تقول يا ولد كن مشبها جدّك أبا أمّك أو كن مشبها خالك وكان خاله وهو أخو هذه المرأة يسمّى حملا ولا تكوننّ كهلّوف بكسر الهاء وتشديد اللّام وفتحها أي كشيخ كبير هرم وكل أي لا تكن ككلّ أي عيال يصبح في مضجعه أي فراشه الّذي اضطجع عليه قد انجدل أي سقط.

وقد جدّله بالتّشديد أي ألقاه على الجدالة بفتح الجيم وهي الأرض وارق أي اصعد وقد رقي يرقى رقيّا من حدّ علم أي صعد ورقى يرقي رقية من حدّ ضرب إذا عوّذ وقولها إلى الخيرات زنئا أي صعودا أي كصعود في الجبل.

وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما اللّه: لا يصدّق ويحدّ حدّ القذف لأنّ دلالة الحال تدلّ على أنّ المراد به القذف بالزّنا وقد يهمز المليّن فلا يصدّق أنّه أراد به غير القذف بالفجور.

 

ص -158-      كتاب السّرقة:

السّرقة والسّرق بكسر الرّاء اسمان وبتسكين الرّاء مصدر والصّرف من حدّ ضرب وهو أخذ ما ليس له مستخفيا هذا هو حقيقته لغة واستراق السّمع كذلك.

والسّرقة الموجبة للقطع في الشّرع هي أخذ النّصاب من الحرز على استخفاء. وقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "لا قطع في أقلّ من ثمن المجنّ" أي: التّرس واختلفت الرّوايات في قدره.

فأخذ أصحابنا رحمهم اللّه بأكثره وهو عشرة دراهم. أخذا بالثّقة لئلّا تستباح اليد المعصومة بالشّكّ.

وما روي أنّه عليه السلام: أوجب القطع على سارق البيضة فهي بيضة الحديد الّتي توضع على الرّأس لا بيضة الطّير وما روي أنّه أوجب القطع على سارق الحبل فهو حبل السّفينة الّتي تبلغ قيمته نصابا وهو عشرة دراهم.

وعن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما قال وادع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أبا بردة هلال بن عويمر الأسلميّ فجاء أناس يريدون الإسلام فقطع أصحاب أبي بردة الطّريق فنزل جبريل عليه السلام بالحدّ فيهم: أنّ من قتل وأخذ المال صلب ومن قتل ولم يأخذ المال قتل ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ومن جاء مسلما هدم الإسلام ما كان في الشّرك.

الموادعة متاركة الحرب من الودع وهو التّرك من حدّ صنع وقد ترك استعمال ماضيه ويستعمل مستقبله ويقال يدع ودع ولا تدع أي صالح على ترك المحاربة

 

ص -159-      مدّة، ثمّ قطع أصحاب أبي بردة الطّريق على قوم جاءوا ليسلموا فنزل القرآن بإيجاب الحدّ عليهم على التّرتيب الّذي ذكر في الحديث والقرآن وإن كان فيه ما يدلّ على التّخيّر وهو كلمة أو فقد بيّن الحديث أنّه على التّفصيل.

وقوله تعالى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}1 فالنّفي مشروع في حقّ من خوّف النّاس ولم يقتل ولم يأخذ المال والمراد بالنّفي من الأرض الحبس في السّجن عندنا وهو التّأويل الصّحيح وقد قال بعض الشّعراء في حبسه:

خرجنا من الدّنيا ونحن من أهلها              فلسنا من الأموات فيها ولا الأحيا

إذا جاءنا السّجّان يوما لحاجة                  عجبنا وقلنا جاء هذا من الدّنيا

أي: خرجنا من الدّنيا من حيث المعنى إذ لا ننتفع بها ونحن من أهل الدّنيا من حيث الحقيقة إذ نحن على وجه الأرض فلسنا من الأحياء الّذين ينتفعون بحياتهم ولا من الموتى الّذين تخلّصوا من محن الدّنيا فإذا جاءنا صاحب السّجن قلنا جاء هذا من الدّنيا أي هو يتقلّب فيها حيث يشاء ونحن موقوفون في مكان واحد.

وعن عمر رضي اللّه عنه أنه قال: أيّما قوم شهدوا على حدّ ولم يشهدوا عند حضرته فإنّما شهدوا عن ضغن ولا شهادة لهم يعني أيّ قوم وما صلة كما في قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ}2 وقوله: شهدوا على حدّ ولم يشهدوا عند حضرته أي شهدوا على رجل أو امرأة بما يوجب الحدّ ولم يشهدوا بذلك حال ما وقع بل تقادم العهد ثمّ شهدوا فإنّما شهدوا عن ضغن أي كانوا مخيّرين عند الرّؤية بين أن يستروا عليه فلا يشهدوا وبين أن يحتسبوا فيشهدوا ليقام حدّ الشّرع فإذا لم يشهدوا دلّ على أنّهم اختاروا جانب السّتر فلمّا شهدوا بعد زمان فإنّما هاجهم على ذلك حقد فلم يكن عن حسبة فلا شهادة لهم أي لا قبول لشهادتهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة المائدة: 33.

2 سورة آل عمران: 159.

 

ص -160-      وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "لا قطع في ثمر ولا كثر" الكثر جمّار النّخل وهو شحم النّخل.

وعن عليّ رضي اللّه عنه قال في رجل قد أخذ وقد نقب البيت وهو من حدّ دخل ولم يخرج المتاع قال لا يقطع.

الإحراز جعل الشّيء في الحرز وهو الموضع الحصين.

وروى الحسن عن رجل قال: رأيت رجلين مكتوفين ولحما فقال صاحب اللّحم كانت لنا ناقة عشراء ننتظر بها كما ينتظر الرّبيع فوجدت هذين قد اجتزراها فقال عمر رضي اللّه عنه هل ترضيك من ناقتك ناقتان عشراوان فإنّا لا نقطع في العذق ولا في عام السّنة.

قوله: مكتوفين أي مشدودي الأيدي إلى الوراء وهو من حدّ ضرب واسمه الكتاف.

ولحما أي ولحما معهما قد أخذاه من مال غيرهما فقال خصمهما وهو صاحب اللّحم كانت ناقة عشراء أي حامل أتى على حملها عشرة أشهر قرب نتاجها وهي من أعزّ أموال العرب.

وقوله: ننتظر بها كما ينتظر الرّبيع يعني كنّا نقول إذا ولدت حصل لنا الولد وكثر اللّبن وتوسّع بها العيش كما ينتظر النّاس مجيء الرّبيع الّذي يخرج فيه النّبات وتظهر فيه الغلّات.

فوجدت هذين قد اجتزراها أي نحراها وقد جزر الجزور من حدّ دخل واجتزر كذلك.

وقول عمر رضي اللّه عنه هل ترضيك من ناقتك ناقتان عشراوان أي هل ترضى أنت بأن نعطيك اثنين مكان هذه الواحدة على وجه الضّمان وترك الخصومة.

 

ص -161-      فإنّا لا نقطع في العذق هذا بكسر العين وهو الكباسة وبفتح العين النّخلة والكباسة القنو وهو بالفارسيّة خوشه خرما وفي حديث آخر "لا قطع في عذق معلّق" وهذا لأنّه غير محرز.

ولا في عام السّنة أي القحط لأنّه حال ضرورة وإصابة مخمصة.

وقول عليّ رضي اللّه عنه في السّارق إذا قطع مرّتين وسرق ثالثا يستودع السّجن كناية عن الحبس.

وفي حديث الأقطع الّذي سرق في بيت أبي بكر رضي اللّه عنه ما ليلك بليل سارق أي كنت تصلّي اللّيل كلّه فما كنّا نظنّ بك أن تسرق.

وقوله لغرّتك على اللّه أشدّ عليّ من سرقتك قيل أي غفلتك ورجل غرّ بالكسر أي غافل غير مجرّب والغرير كذلك أي غفلتك عن اللّه حيث تدعو على السّارق وتغفل عن اللّه وتجترئ عليه بهذا الدّعاء وأنت تعلم أنّ الإجابة تقع عليك ولا يقوم أحد بعذاب اللّه وقيل وهو الأشبه أنّ الغرّة فعلة من الغرور وهي للحال أي كونك على حال تغرّنا بها وتلبس علينا حالك أشدّ علينا من هذه السّرقة.

وقول عليّ رضي اللّه عنه لا قطع في الخلسة بضمّ الخاء وهو الاسم من الاختلاس ويروى لا قطع في دغرة بفتح الدّال وهو أخذ الشّيء اختلاسا وأصل الدّغر الدّفع من حدّ صنع.

وقال عليه السلام لذلك الرّجل: "أسرق ما إخاله سرق" أي ما أظنّه وهو من حدّ علم والمصدر المخيلة وفي المثل ما يقل يقبل ومن يسمع يخل.

وقوله عليه السلام: "اقطعوه ثمّ احسموه" أي اقطعوا دمه وهو أن تجعل يده بعد القطع في الدّهن الّذي أغلي لينقطع دمه.

وعن أبي الدّرداء رضي اللّه عنه: أنّه أتي بسارقة يقال لها سلّامة يعني كان اسمها سلّامة فقال: أسرقت قولي لا؟ فقالوا: تلقّنها؟ فقال: جئتموني بأعجميّة لا تدري

 

ص -162-      ما يراد بها حتّى تقرّ فأقطعها.

التّلقين إلقاء الكلام على الغير، وقد لقّنته تلقينا لقن لقانية من حدّ علم أي أخذ.

والأعجميّة منسوب إلى الأعجم وهو الّذي لا يفصح سواء كان من العجم أو من العرب.

والعجميّ منسوب إلى العجم وهو غير العرب سواء كان فصيحا مفصحا أو غير ذلك.

وقال عليه السلام: "لا قطع في تمر إلّا ما آواه الجرين" الجرين المربد بلغة أهل نجد.

والمربد الموضع الّذي يجعل فيه التّمر إذا صرم قبل أن يجعل في الأوعية أي لا يجب القطع بسرقته قبل أن يحرز.

ولا يقطع سارق المصحف وهو بضمّ الميم وفتح الحاء لأنّه أصحف أي جمعت فيه الصّحف والمصحف بكسر الميم لغة فيه والصّحف جمع صحيفة وهو الأوراق المكتوبة قال لأنّ النّاس لا يضنّون بالمصاحف أي لا يبخلون بها والضّنّة البخل من حدّ ضرب.

وذكر سرقة الحنّاء والوسمة والأفصح الوسمة بفتح الواو وكسر السّين والوسمة بتسكين السّين لغة فيها.

وذكر سرقة الملاهي وهي آلات اللّهو واحدها في القياس ملهى بكسر الميم أو ملهاة بالهاء.

والنّورة بضمّ النّون ما يتنوّر به والزّرنيخ بكسر الزّاي.

الجوالق بضمّ الجيم اسم للواحد وجمعه الجوالق بفتح الجيم وعلى هذا السّرادق والسّرادق.

 

ص -163-      والنّبش عن الميّت البحث عنه من حدّ ضرب والنّبّاش من يعتاد ذلك والطّرّار من يعتاد الطّرّ وهو الشّقّ والقطع من حدّ دخل أي يشقّ أو يقطع ثوبا فيأخذ منه مالا.

والدّراهم المصرورة هي المشدودة من حدّ دخل ومنه الصّرّة.

وقال ابن مسعود رضي اللّه عنه في حدّ شارب الخمر: تلتلوه ومزمزوه واستنكهوه فإن وجدتم رائحة الخمر فاجلدوه فالتّلتلة التّحريك والتّرترة كذلك والمزمزة التّحريك بعنف والاستنكاه طلب النّكهة وهي ريح الفم وقد نكه الشّارب في وجهه من حدّ صنع ونكه الفم من حدّ دخل وقيل يجوز مستقبل هذا الفعل بالفتح والضّمّ والكسر جميعا.

وإذا سرق فضّة أو ذهبا فسبّكها أي أذابها وعمل منهما شيئا من حدّ ضرب والسّبيكة الفضّة المذابة وجمعها السّبائك.

إذا أمر الحدّاد بقطع اليد هو حارس السّجن وفي المثل لا يقاس الملائكة بالحدّادين أي السّجّانين.

يد يبطش بها أي يأخذ من حدّ ضرب ودخل جميعا.

وإذا شهدوا أنّه سرق كارّة هي حمل القصّار وفارسيّته بشت واره.

وإذا آجر داره من إنسان ثمّ سرق منها لم يقطع عند أبي يوسف ومحمّد رحمهما اللّه قال: لأنّ له أن يدخلها لينظر حالها فيرمّ ما استرمّ منها من حدّ دخل أي يصلح ويسدّ منها ما جاز له أن يصلح ويسدّ والمرمّة الاسم من ذلك.

والتّداعي إلى الخراب هو تقارب البنيّان إلى السّقوط والانهدام كأنّ بعضها يدعو بعضا إلى ذلك.

وليس لأمير الطّسّوج إقامة الحدود أي لأمير القرية لأنّه ما فوّض إليه هذا.

 

ص -164-      وقاطع الطّريق يضرب تحت الثّندوة عند بعضهم ثمّ يصلب والثّندوة للرّجل كالثّدي للمرأة وفيها لغتان ضمّ الثّاء مع الهمزة وفتح الثّاء مع ترك الهمزة.

لا يلحقهم الغوث هو الاسم من الإغاثة والغياث اسم المستغاث وقد استغاث به فأغاثه أي استصرخ به فأصرخه وهو غياث المستغيثين وصريخ المستصرخين.

 

ص -165-      كتاب السّير:

السّير أمور الغزو كالمناسك أمور الحجّ وهو جمع سيرة وهي الاسم من سار يسير سيرا والسّيرة أيضا المسيرة والسّيرة الطّريقة سمّيت هذه الأمور بهذا الاسم لما أنّ معظم هذه الأمور هو السّير إلى العدوّ والغزو القصد إلى العدوّ وقد غزاهم يغزوهم غزوا والغزوة المرّة والغزاة الاسم وجمعها الغزوات.

والمغزى المقصد وهو الموضع الّذي يقصده الغازي وجمعه المغازي.

والمغزى المقصود والمراد أيضا من كلّ شيء وجمع الغازي الغزاة كالقضاة وغزّى كالسّجّد والرّكّع وغزيّ على وزن فعيل كالحجيج جمع الحاجّ.

والجهاد والمجاهدة مصدران لقولك جاهد أي بذل الجهد بالضّمّ وهو الطّاقة وتحمّل الجهد بالفتح وهو المشقّة في مقابلة العدوّ والقتال والمقاتلة كذلك وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}1 أي: جميعا، وقوله تعالى: {حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}2 أي: وجدتموهم وقيل لقيتموهم من حدّ علم.

من أصول الإيمان الكفّ عمّن قال لا إله إلّا اللّه أي الامتناع عن قتاله.

والجهاد ماض أي ثابت باق.

وإذا عمّ النّفير أي الخروج إلى العدوّ من حدّ ضرب وكذلك النّفور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة التوبة: 36.

2 سورة البقرة: 191.

 

ص -166-      وبدأ محمّد رحمه اللّه الكتاب بما روي أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة أي جعل إنسانا أميرا، يقال: أمّره بالتّشديد تأميرا والجيش الجمع العظيم من الفرسان والرّجّالة والجند كذلك غير أنّ الجند لا يكون إلّا للسّلطان والجيش يكون للسّلطان وللغزاة فأمّا السّريّة فهي نحو أربعمائة رجل ينفرون أي يخرجون إلى محاربة العدوّ فيسيرون إليهم فعيلة بمعنى فاعلة.

والسّرى السّير باللّيل وجمع السّريّة السّرايا.

قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "خير الرّفقاء أربعة وخير الطّلائع أربعون وخير السّرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف ولن يغلب اثنا عشر ألفا عن قلّة إذا كانت كلمتهم واحدة".

الرّفقاء جمع رفيق وهو الّذي يرافقك في السّفر.

والطّلائع جمع طليعة وهو الّذي يبعث ليطّلع طلع العدوّ بكسر الطّاء أي يقف على حقيقة أمرهم والسّرايا قد فسّرناها والجيوش أيضا وقوله ولن يغلب اثنا عشر ألفا عن قلّة أي هو عدد كثير وإذا صاروا مغلوبين في وقت فليس ذلك للقلّة بل لتفرّق الكلمة أي لاختلاف آرائهم.

قال: أوصاه في خاصّته بتقوى اللّه أي أمره في حقّ نفسه بالتّقوى وبمن معه من المسلمين أي أوصاه بأن يحسن إلى من معه.

وقوله: "ولا تغلوا" فالغلول من حدّ دخل هو الخيانة في المغنم قال اللّه تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}1 إذا فتحت الياء وضممت الغين فمعناه أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة آل عمرآن 161.

 

ص -167-      يخون وإذا ضممت الياء وفتحت الغين فله وجهان:

أحدهما: أن يكون من غلّ يغلّ على ما لم يسمّ فاعله من الغلول ومعناه أن يخان أي يخونه غيره.

والثّاني: من أغلّ يغلّ على فعل ما لم يسمّ فاعله من الإغلال ولهذا الوجه معنيان أحدهما أن يوجد خائنا والثّاني أن ينسب إلى الخيانة وقد أغللت فلانا أي وجدته خائنا وأغللته أي نسبته إلى الخيانة.

وقوله: "ولا تغدروا" فالغدر نقض العهد وتركه من حدّ ضرب والمغادرة التّرك.

وقوله: "ولا تمثّلوا" هو من حدّ دخل والاسم منه المثلة وهو أن يجدع المقتول أو يسمل أو يقطع عضو منه.

"ولا تقتلوا وليدا" أي صبيّا.

وقوله: "فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال" هو جمع خصلة أو خلّة وهما شيء واحد والشّكّ من الرّاوي تكلّم النّبيّ عليه السلام: بهذه اللّفظة أو بهذه اللّفظة.

هم كأعراب المسلمين من أهل البادية والأعرابيّ البدويّ والعرب جيل لسانهم العربيّة والعربيّ واحد منهم وليس العربيّ والأعرابيّ واحدا.

الفيء ما يرجع إلى المسلمين من الغنيمة من أموال الكفّار.

والخراج والغنيمة: ما يأخذه المسلمون من أموال الكفّار وقد غنم غنما من حدّ علم بضمّ غين المصدر. والغنيمة والمغنم اسمان للمال المأخوذ من أموالهم يقال استغنم المسلمون وأغنمهم اللّه تعالى وغنّمهم بالتّشديد.

"وإن حاصرت أهل حصن" أي: جعلتهم في حصار.

 

ص -168-      "فأرادوك على أن تجعل لهم ذمّة اللّه" أي عهد اللّه.

"فإنّكم إن تخفروا ذممهم" بضمّ التّاء وتسكين الخاء وكسر الفاء أي تنقضوا عهودهم فالإخفار نقض العهد والخفر الوفاء بالعهد من حدّ ضرب والخفير الّذي أنت في أمانه.

والخفرة: بضمّ الخاء والخفارة والخفارة بضمّ الخاء وكسرها بزيادة الألف هي العهد والأمان.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه أغار على بني المصطلق وهم غارّون أي غافلون الغرّة الغفلة بكسر الغين والمصطلق بكسر اللّام قبيلة.

وأغار على أبنى صباحا وهم قبيلة أيضا والصّباح وقت الغفلة.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أعطى يوم خيبر بني هاشم وبني المطّلب وحرم بني عبد شمس وبني نوفل فجاءه عثمان بن عفّان وجبير بن مطعم رضي اللّه عنهما فقالا أمّا بنو هاشم فلا ننكر فضلهم لمكانك فيهم فأمّا نحن وبنو المطّلب إليك في القرابة سواء فما بالك أعطيتهم وحرمتنا فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّهم لم يزالوا معي في الجاهليّة والإسلام هكذا" وشبّك بين أصابعه قال صاحب الكتاب ولا تعرف هذه الاتّصالات إلّا بمعرفة أنسابهم فنقول إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هو محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف وكان لعبد مناف خمسة بنين هاشم وعبد شمس والمطّلب ونوفل وأبو عمرو. فأمّا أبو عمرو فقد مات ولا عقب له وأمّا الآخرون فلهم أولاد.

أمّا هاشم فولده عبد المطّلب وأسد.

فأمّا أسد فمن ولده فاطمة وهي أمّ عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه.

وأمّا عبد المطّلب فله عشرة بنين عبد اللّه أبو رسول اللّه والزّبير وأبو طالب والعبّاس وضرار وحمزة والمقوّم وأبو لهب والحارث وحجل وستّ بنات عاتكة وأميّة

 

ص -169-      والبيضاء وأروى وبرّة وصفيّة فهؤلاء بنو عبد المطّلب وهو ابن هاشم.

وأمّا المطّلب فأولاده عشرة منهم الحارث وعبادة ومخرمة وهاشم.

وأمّا عبد شمس فولده أميّة الأكبر الّذي ينسب إليه بنو أميّة وحبيب وعبد العزّى وسفيان وربيعة وأميّة الأصغر وعبد أميّة ونوفل.

فأمّا ربيعة هذا والد عتبة وشيبة وهند وهي أمّ معاوية وأمّا عبد العزّى فله

ولدان ربيع وربيعة وربيع هذا والد أبي العاص ختن الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم على زينب رضي اللّه عنها.

وأمّا حبيب فولده ربيعة فولد ربيعة كريز وولد كريز عامر.

وأمّا أميّة الأكبر فأبناؤه حرب وأبو حرب وأبو سفيان وعمرو وأبو عمرو والعاص وأبو العاص والعيص.

فأمّا حرب فهو والد أبي سفيان وأبو سفيان والد معاوية ومن أولاد حرب بن أميّة هذا أمّ جميل حمّالة الحطب.

فأمّا العيص فهو جدّ عتّاب بن أسيد عامل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على مكّة.

وأمّا العاص فابنه سعيد.

وأمّا أبو العاص فولده عفّان والد عثمان رضي اللّه عنه والحكم والد مروان بن الحكم.

وأمّا أبو عمرو فولده أبو معيط والد عقبة بن أبي معيط ولم يعقب سائر أولاد أميّة.

وأمّا نوفل فمن حوافده جبير بن مطعم بن عديّ بن نوفل بن عبد مناف فلهذا قال عثمان رضي اللّه عنه وجبير بن مطعم نحن وبنو المطّلب إليك سواء أي في الاتّصال بك والانتماء إليك سواء فإنّ عثمان هو ابن عفّان بن أبي العاص بن أميّة بن

 

ص -170-      عبد شمس بن عبد مناف وجبير هو ابن مطعم بن عديّ بن نوفل بن عبد مناف يقولان قد أعطيت أولاد هاشم بن عبد مناف وأولاد المطّلب بن عبد مناف فلماذا لم تعطنا ونحن من نوافل عبد مناف فبيّن عليه السلام أنّ: الاستحقاق ليس بالقرابة بل بالنّصرة فإنّه قال: "إنّهم لم يزالوا معي في الجاهليّة والإسلام" أي في حال جاهليّتهم وبعد إسلامهم.

وشبّك بين أصابعه أي أدخل بعضها في بعض وخلطها بها والشّبك الخلط من حدّ ضرب ورحم مشتبكة أي مختلطة من ذلك.

وعن جابر رضي اللّه عنه قال كان يحمل من الخمس في سبيل اللّه ويعطي منه نائبة القوم أي كان يشتري بمال خمس الغنيمة المراكب فيحمل عليها الّذين لا مراكب لهم ليغزوا في سبيل اللّه وكان يعطي منه ما ينوب النّاس من المؤنات أي يصيبهم.

وأبق عبد لابن عمر رضي اللّه عنه إلى دار الحرب فأخذه المشركون فظهر عليهم خالد بن الوليد أي غلبهم واستولى عليهم وردّه عليه.

يرضخ للنّساء أي يعطى لهنّ شيء قليل دون السّهام من حدّ صنع.

قسّم النّبيّ عليه السلام: غنائم حنين بعد منصرفه من الطّائف بالجعرانة المنصرف بفتح الرّاء الانصراف وكذا سائر الأفعال المنشعبة مفعولاتها ومصادرها وأمكنتها وأزمنتها على صيغة واحدة.

وعن عمير مولى آبي اللّحم بمدّ الألف وهو فاعل من أبى يأبى اسم هذا الرّجل عبد اللّه بن عبد الملك وقيل خلف بن عبد الملك بن عبد اللّه بن غفار وكان يأبى أن يأكل ممّا ذبح على النّصب فسمّي به آبي اللّحم.

وعمير معتقه فقال: أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يقسّم الغنيمة بخيبر وأنا مملوك فسألته أن يعطيني فأعطاني من خرثيّ المتاع أي سقط المتاع وقيل هو أثاث البيت وأسقاطه وكان على وجه الرّضخ.

 

ص -171-      وعن عثمان رضي اللّه عنه أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: قسم غنائم بدر بعد رجوعه إلى المدينة فسأله عثمان أن يضرب له بسهم أي يجعل له سهما كسهم من شهد الغزو وكان عثمان رضي اللّه عنه خلّفه النّبيّ عليه السلام: بالمدينة ليقوم على رقيّة رضي اللّه عنها وهي ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زوجة عثمان وكانت مريضة وتوفّيت قبل رجوع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فجعل له سهما فقال عثمان رضي اللّه عنه وأجري قال: "وأجرك" يعني إلى أجر الغزو قال: "نعم لأنّك تخلّفت بأمري بالعذر".

واستشار أبو بكر الصّدّيق رضي اللّه عنه المسلمين في سهم ذوي القربى فرأوه أن يجعلوه في الكراع والسّلاح أي شاور الصّحابة وسألهم أن يشيروا عليه بالصّواب في سهم ذوي القربى أين يصرف السّهم الّذي كان لأهل قرابة النّبيّ عليه السلام في خمس الغنيمة في حال حياته وسقط بإجماع الصّحابة بمعرفتهم بزوال سببه وهو النّصرة فرأوا أي استصوبوا أن يشتروا به الكراع أي الخيل والسّلاح أي أسلحة الغزاة.

وعن إبراهيم النّخعيّ أنّه كان في مسلحة وهم قوم ذوو سلاح.

فضرب عليهم البعث أي جعل عليهم أن يبعثوا في الجهاد فجعل وقعد أي أعطى جعلا يغزو به غيره وقعد هو فلم يخرج مع الغزاة.

وقول النّبيّ عليه السلام: "للجاعل أجر الغازي" هو هذا.

وعن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما أنه قال: في جعل القاعد للشّاخص إن جعله في الكراع والسّلاح فلا بأس به وإن جعله في متاع البيت فلا خير فيه أي من أعطى شاخصا أي ذاهبا إلى الغزو من حدّ صنع مالا ليغزو به فاشترى به فرسا أو سلاحا فقد جعله فيما أعطاه لأجله أمّا إذا اشترى به متاع البيت فقد خالف.

وعن عمر رضي اللّه عنه أنّه كان يغزي العزب عن ذي الحليلة ويعطي الغازي فرس القاعد.

الإغزاء البعث إلى الغزو.

 

ص -172-      والعزب الرّجل الّذي لا زوجة له.

وذو الحليلة ذو الزّوجة أي كان يأخذ فرس ذي الزّوجة ويعطيها العزب ليغزو عنه وكان هذا بإذن المالك أو عند عموم النّفير بغير إذنه وللإمام ذلك إذا لم يكن في بيت المال مال.

وعن معاوية رضي اللّه عنه أنّه بعث على أهل الكوفة بعثا فرفع عن جرير بن عبد اللّه وولده فقال جرير لا نقبل ولكن نجعل من أموالنا الغازي يعني رفع هذه المؤنة عن جرير وولده احتراما لهما وهما تحمّلا ذلك باختيارهما اغتناما.

وقال عليه السلام: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يسق ماءه زرع غيره" أي لا يطأ أنثى حاملا من غيره.

ولا يركب دابّة من فيء المسلمين حتّى إذا أعجفها ردّها فيه أي جعلها مهزولة.

ولا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتّى إذا أخلقه ردّه فيه أي جعله خلقا باليا وقد خلق الثّوب خلوقة فهو خلق من حدّ شرف.

فأمّا أخلق يخلق إخلاقا فهو لثلاثة معان.

أخلق أي خلق لازم.

وأخلقه غيره أي جعله خلقا متعدّ.

وأخلقت فلانا أي أعطيته ثوبا خلقا.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان له صفيّ من الغنيمة سيف أو درع أو فرس أو نحو ذلك أي شيء يصطفيه لنفسه من الغنيمة قبل القسمة وصفيّة رضي اللّه عنها زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سمّيت بذلك لأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم اصطفاها من الغنيمة يوم خيبر لنفسه وهي صفيّة بنت حييّ بن أخطب بن سعيد بن ثعلبة بن عبيد من سبط هارون النّبيّ عليه

 

ص -173-      السلام وقالوا كان النّبيّ عليه السلام: يأخذ ذلك من حساب ما يصيبه من السّهام وكان لا يستأثر به زيادة على سهمه فأمّا سادات العرب فكان الصّفيّ لهم خارجا عن الحساب ويقول قائلهم يخاطب سيّدا:

لك المرباع فيها والصّفايا                     وحكمك والنّشيطة والفضول

يقول إنّك سيّد فتأخذ هذه الأشياء الّتي هي للسّادات خاصّة.

المرباع فيها أي الرّبع في الغنيمة وكان لساداتهم في الجاهليّة الرّبع مكان الخمس في الإسلام ولذلك قال عديّ بن حاتم ربعت في الجاهليّة وخمست في الإسلام أي كنت قائد الجيوش يومئذ واليوم فكنت آخذ الرّبع واليوم آخذ الخمس.

قال: ولك الصّفايا أيضا وهي جمع صفيّة وهي شيء نفيس يتخيّره السّيّد لنفسه.

قال: ولك حكمك أيضا أي ما تحكم به عليهم في الغنيمة وكان سيّدهم يفعل ذلك ويكون له ذلك.

قال: ولك النّشيطة أيضا منها وهي ما مرّ به الغزاة على طريقهم سوى المغار عليه الّذي قصدوا له فغنموه وكان سيّدهم يأخذ ذلك لنفسه.

قال: ولك الفضول أيضا وهي جمع فضل وهو ما يفضل منها بعد القسمة وإفراز السّهام عند تعذّر قسمة الكلّ بتفاوت عدد المقسوم والمقسوم عليهم كقسمة مائة وشيء قليل على مائة فكان يكون هذا الفضل لسيّدهم يقول أنت السّيّد الّذي لك هذه الأشياء.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لا يصلح لي من فيئهم ولا مثل هذه الوبرة" وأخذها من سنام البعير: "إلّا الخمس والخمس مردود فيكم فردّوا الخيط والمخيط فإنّ الغلول على أهله عار وشنار يوم القيامة" فجاء رجل بكبّة خيط من خيوط الشّعر فقال أخذت هذه الكبّة أخيط بها برذعة بعير لي فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "أمّا نصيبي فهو لك"،

 

ص -174-      فقال: أمّا إذا بلغت هذه فلا حاجة لي فيها.

الوبرة طاقة من الوبر وهي للإبل كالصّوف للغنم والخمس مردود فيكم أي ثمّ أقسّمه بينكم وأصرفه إليكم.

والخيط الغزل الّذي يخاط به والمخيط الإبرة الّتي يخاط بها بكسر الميم وفتح الياء والخياط الإبرة أيضا قال اللّه تعالى: {فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}1.

والغلول الخيانة في المغنم.

والشّنار العيب.

والكبّة الجروهق من الغزل قاله في ديوان الأدب وهو تعريب كروهة والبرذعة بالذّال المعجمة من فوقها هي الوليّة وهي الّتي توضع تحت القتب فوق الحلس وهو كالمسح يكون على ظهر البعير وفوقه البرذعة وفوقها القتب.

والقتب رحل صغير على قدر السّنام وما يوضع تحت الإكاف على الحمار فهو برذعة أيضا.

وروي أنّ مشركا وقع في الخندق فمات فأعطى المسلمون بجيفته مالا فسألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فنهاهم عن ذلك، أي: كان المشركون يعطون المسلمين مالا ليأخذوا جثّته الخبيثة فلم يطلق لهم النّبيّ عليه السلام: ذلك؛ لأنّ ذلك كان في دار الإسلام، ولا يجوز ذلك بالإجماع، وفي دار الحرب لا يجوز عند أبي يوسف رحمه اللّه أيضا.

وكتب عمر رضي اللّه عنه إلى سعد بن أبي وقّاص رضي اللّه عنه: إنّي أمددتك بقوم من أهل الشّام فمن أتاك منهم قبل أن يتفقّأ القتلى فأشركهم في الغنيمة.

الإمداد بعد المدد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الأعراف: 40.

 

ص -175-      وقوله يتفقّأ الفاء قبل القاف وآخره مهموز هي الرّواية الصّحيحة ومعناه يتشقّق أي قبل أن يتفسّخ المقتولون ويتشقّقوا يعني إذا لحقهم المدد في فور القتال قبل التّراخي يشاركهم قال قائلهم:

تفقّأ فوقه القلع السّواري                           وجنّ الخازباز بها جنونا

أي: تشقّق فوق هذا المكان القلع السّحابات العظام جمع قلعة والسّواري السّاريات باللّيل وجنّ أي كثر الخازباز هو نبت وقيل هو الذّباب سمّي به لحكاية صوته وهو مبنيّ على الكسرة لا يعرب وقيل جنّ صار كالمجنون في صياحه وكثرة الذّباب وصياحه لكثرة العشب ونضرة المكان.

ويروى يتقفّأ القتلى القاف قبل الفاء وله وجهان أي قبل أن يتبع الجرحى بعضهم بعضا في الموت وقد قفوته أقفوه قفوا قال اللّه تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}1 وتقفّيته أتقفّأ وتقفّيا.

وسمّي الجريح قتيلا لقربه من الموت وهو عبارة عن فور القتال أيضا ووجه آخر قبل أن يرجع الجرحى مع الغزاة إلى مكانهم ويولّوا أقفاءهم إلى أعدائهم يقال تقفّى أي ولّى قفاه كما يقال أدبر إذا ولّى دبره.

وفي حديث زياد بن لبيد البياضيّ أنّه افتتح النّجير بضمّ النّون وفتح الجيم وهي بلدة من بلاد اليمن.

بنو قريظة بالظّاء وبنو النّضير بالضّاد وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ}2 الأسرى والأسارى والأسراء جمع أسير وهو المشدود.

والأسر المصدر من حدّ ضرب وقوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ}3 قيل أوثقنا مفاصلهم والإثخان هو القهر وقيل هو إكثار القتل وقيل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الاسراء: 36.

2 سورةلأنفال: 67.

3 سورة الانسان: 28.

 

ص -176-      هو المبالغة في قتل الأعداء وقيل هو التّمكّن وجرحه فأثخنه أي أوهنه.

{ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}1 هو طمع الدّنيا وما يعرض منها ويقع هذا على كلّ مال.

وقوله عليه الصّلاة والسلام: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" أصله الهمزة أي تتساوى.

"وهم يد على من سواهم" أي ينصر بعضهم بعضا.

"ويسعى بذمّتهم أدناهم" أي يعطي الأمان أهل الحرب "من كان منهم أقرب إليهم ويعقد عليهم أوّلهم" أي من عقد معهم عقد ذمّة ونحو ذلك نفذ عليهم ويردّ عليهم أقصاهم أي الأبعد من المسلمين من دار الحرب إذا رأى نقض الأمان للمسلمين نافعا نقضه.

وفي حديث فتح نهاوند قال رجل لعمّار بن ياسر رضي اللّه عنه أتريد أن تشاركنا في غنائمنا يا أجدع هو مقطوع الأذن من حدّ علم وكان جدع في سبيل اللّه ولهذا قال في جوابه خير أذنيّ أصيب أي أفضلهما هو المجدوع في سبيل اللّه. وفي هذا الحديث: "الغنيمة لمن شهد الوقعة" أي الحرب.

قال عبد اللّه بن مغفّل رضي اللّه عنه: وجدت جرابا فيه شحم يوم خيبر فاحتضنته أي أخذته تحت حضني بكسر الحاء وهو ما دون الإبط إلى الكشح والكشح.

ما بين الخاصرة إلى الضّلع القصيرى.

فالضّلع بكسر الضّاد وفتح اللّام وتسكين اللّام لغة أيضا.

{حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}2 أي أسلحتها جمع وزر بكسر الواو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الأنفال: 67.

2 سورة محمد: 4.

 

ص -177-      وهو الحمل وذلك يكون بانقضاء الحرب وإن لم تكن معهم حمول بفتح الحاء هي ما احتمل عليه الحيّ من بعير أو حمار أو غيرهما كانت عليها الأحمال أو لم تكن.

ولا يعرقب الدّوابّ هو قطع العرقوب وهو عصب العقب وإذا استولوا على أموالهم.

خمسها الإمام أي أخذ خمسها وهو من حدّ دخل وخمس القوم من حدّ ضرب أي صار خامسهم.

قال النّبيّ عليه السلام يوم فتح مكّة: "أقول لكم ما قال أخي يوسف عليه السلام: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}1" أي لا توبيخ ولا تعداد للذّنوب والتّوبيخ التّعيير وقيل لا تعنيف ولا لوم.

فتحت مكّة عنوة أي قهرا على وجه عناء أهلها من حدّ دخل وهو الخضوع قال اللّه تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ}2 والعاني الأسير من هذا. كان يوم خيبر على كلّ مائة نفر نقيب وكان النّقباء ستّة عشر. النّقيب الرّئيس وجمعه النّقباء والمصدر النّقابة من حدّ دخل.

وإذا نفق فرس الغازي أي هلك وقد نفق نفوقا من حدّ دخل.

والنّفل الغنيمة بفتح الفاء وجمعه الأنفال سمّي نفلا لأنّه زيادة في حلالات هذه الأمّة ولم يكن حلالا للأمم الماضية أو لأنّه زيادة على ما يحصل للغازي من الثّواب الّذي هو الأصل والمقصود.

ونوافل العبادات الزّيادات على الفرائض ونوافل الإنسان زيادات على أولاده.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة يوسف: 92.

2 سورة طـه: 111.

 

ص -178-      ونفّل رسول اللّه عليه السلام: في البدأة الرّبع وفي الرّجعة الثّلث.

والتّنفيل التّنعيم وهو أن يترك الإمام على رجل أو رجال بأعيانهم من الغزاة شيئا من الغنيمة من سلب من قتله ونحو ذلك والبدأة ابتداء سفر الغزو والرّجعة حالة الرّجوع أي كان يقول في الابتداء من أخذ شيئا فله ربعه وكان يقول حالة الرّجوع من أخذ شيئا فله ثلثه.

والتّحريض على القتال هو الحثّ عليه.

والثّغر موضع المخافة من العدوّ.

أغاروا على سرح بالمدينة وفيها النّاقة العضباء السّرح البقر المسروحة أي المرسلة إلى المرعى وقد سرحت هي وسرحتها أنا لازم ومتعدّ قال اللّه تعالى: {حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ}1 .

والعضباء اسم ناقة النّبيّ عليه السلام، قيل سمّيت بها لأنّها كانت في الابتداء لرجل من اليهود اسمه أعضب.

وقيل العضباء الظّبية المكسورة القرن وكانت تشبّه بها في لونها.

ويقال كبش أعضب مكسور القرن الواحد من حدّ علم.

حرق النّبيّ عليه السلام: البويرة هي اسم موضع وفي ذلك يقول قائلهم:

أغار على سراة بني لؤيّ                          حريق بالبويرة مستطير

السّراة السّادة ولؤيّ بالهمز اسم رجل والمستطير المنتشر.

والنّطاة على وزن القطاة اسم خيبر.

وقوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}2 هي كلّ نخلة دون نخلة العجوة وهي ضرب من أجود التّمر ودونها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورةالنحل: 6.

2 سورةالحشر: 5.

 

ص -179-      ضروب يجوز أن يقع على كلّها اسم اللّينة وجمعها اللّون بالضّمّ.

وقول النّبيّ عليه السلام لابنته زينب رضي اللّه عنها: "أجرنا من أجرت وأمّنّا من أمّنت" وصرفه أجار يجير إجارة قال اللّه تعالى: {وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ}1 والاسم الجوار بالكسر وبالضّمّ لغة والكسر أفصح واللّه جار المستجيرين من هذا.

الحرب خدعة بضمّ الخاء وتسكين الدّال هو المشهور وقال ثعلب فيه ثلاث لغات خدعة بضمّ الخاء وتسكين الدّال وخدعة بفتح الخاء وتسكين الدّال وخدعة بضمّ الخاء وفتح الدّال.

الملطيّة والمصّيصة ولايتان.

إذا كانت لهم منعة بفتح الميم والنّون هي الصّحيحة لا بتسكين النّون هي ما يمتنع به عن قصد الأعداء.

نكى في العدوّ ينكي نكاية من حدّ ضرب أي أضرّ بهم. {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ}2 قيل عن نقد لا نسيئة وقيل عن يد من عليه لا بيد رسوله من ولد أو خادم أو أجير وقيل يأخذها الإمام عن يد الذّمّيّ ويد الذّمّيّ مبسوطة تحت يد العامل فيرفعه العامل لتكون يده العليا. ولا يضعه الذّمّيّ على يد العامل لتكون يده العليا وقيل عن إنعام عليهم منكم بقبول الجزية وجمع هذه اليد الأيادي.

على كلّ حالمة وحائلة من الحلم بضمّ الحاء من حدّ دخل وهو الاحتلام أي على كلّ بالغ دينار أو عشرة دراهم.

أو عدله معافر أي برود والعدل هاهنا بفتح العين والعدل بالفتح مثل الشّيء من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة المؤمنون: 88.

2 سورة التوبة: 29.

 

ص -180-      خلاف جنسه وبالكسر مثله من جنسه.

موانيذ الجزية جمع مانيذ وهو معرّب أي بقايا. وإنّ في الإسلام لمتعوّذا بفتح الواو أي ملجأ.

دهقانة نهر الملك امرأة كانت لها ضياع كثيرة على نهر الملك وهو اسم نهر كبير يأخذ من الفرات، ملك من أهل الحرب طلب منّا عقد الذّمّة ففعلنا ثمّ كان يخبر المشركين بعورة المسلمين أي يعلمهم بالمواضع الّتي يسهل عليهم الوصول إليهم من جهتها ويؤوي عيون المشركين أي يضمّ إلى نفسه طلائعهم.

حبس وعوقب على ذلك إذا كان يغتال المسلمين أي يقتلهم خفية.

وقوله عليه السلام: "الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارّا بدم ولا فارّا بخربة" أي لا يؤمّن ولا يمنع من عاذ به أي التجأ إليه وهو عاص أو عليه قصاص أو قطع سرقة.

الخربة بالضّمّ الاسم من خرب خرابة بالكسر في المصدر من حدّ دخل أي سرق وتأويله عندنا أنّ الحرم لا يسقط ذلك ويقام عليه إذا خرج منه وقال في مجمل اللّغة الخارب سارق البعران خاصّة.

تم : المرتدّ يستتاب أي يدعى إلى التّوبة وهو الرّجوع عن الكفر إلى الإسلام وسين الاستفعال للطّلب والسّؤال.

إذا كانت بلدة من بلاد الإسلام متاخمة لدار الحرب أي مواصلة الحدّ بالحدّ وهي على وزن المفاعلة وطلبة العلم يقولون متأخّمة بالهمزة وتشديد الخاء وهو خطأ فاحش لا وجه له وهذا مأخوذ من التّخوم بفتح التّاء وهي منتهى كلّ قرية وكورة.

والتّخم بفتح التّاء وتسكين الخاء واحد تخوم الأرض بالضّمّ وهي حدودها ويروى حديث النّبيّ عليه السلام: "ملعون من غيّر تخوم الأرض" بفتح التّاء على

 

ص -181-      الوحدان وبضمّها على الجمع ويفسّر ذلك على تغيير حدود الحرم وعلى إدخال ملك الغير في ملكه.

والمنابذة نبذ العهد وهو الإلقاء من حدّ ضرب. وعن كثير الحضرميّ النّوّاء هو مشدّد ممدود وهو بائع نوى التّمر.

وسوّار المنقريّ مشدّد الواو.

التّقشّف لبس الثّياب المرقّعة الوسخة والقشف شدّة العيش. والبرنس كساء.

ولا تدفّفوا على جريح أي لا تسرعوا إلى قتله والدّفيف السّريع والإجهاز على الجريح كذلك أيضا.

ولا بأس بأن يرموا بالنّبل هي السّهام وهي مؤنّثة سماعا.

ولا بأس بالبيات عليهم وهو الاسم من بيّت العدوّ تبييتا أي أتاهم ليلا وهو بالفارسيّة شنجون.

وإذا شدّ رجل على رجل بسيف ليضربه كان للمشدود عليه أن يدفعه عن نفسه أي حمل عليه من حدّ دخل وشدّ واشتدّ إذا عدا.

وإن شدّ عليه بهراوة هي العصا الضّخمة. والسّبي الأسر والاسترقاق وهو من حدّ ضرب والسّباء بالمدّ في معنى المصدر أيضا ويقع السّبي على المسبيّ أيضا ويستوي فيه الواحد والجمع والسّبيّ بالتّشديد اسم المسبيّ أيضا وجمعه السّبايا.

ولا يبتدئ أباه الكافر بالقتل لقوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}1 ويدفن أباه الكافر إذا مات بهذه الآية وهي في حقّ الأبوين الكافرين فإنّه قال: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي}2 وقال بعض مشايخنا رحمهم اللّه في التّعلّق بهذه الآية وليس من الاصطناع أن يترك أبويه جزرا للسّباع بفتح الجيم والزّاي وهو اللّحم الّذي يأكله السّباع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة لقمان: 15.

2 سورة لقمان: 15.

 

ص -182-      قاتل دون مالك أي دافع عن مالك.

وحكم سعد بن معاذ رضي اللّه عنه في بني قريظة بقتل مقاتلتهم جمع مقاتل وسبي ذراريّهم جمع ذرّيّة وهي الولدان وقد يكون للنّسوان فقال النّبيّ عليه السلام: "لقد حكمت بحكم اللّه تعالى فوق سبعة أرقعة" جمع رقيع وهو اسم السّماء أي فوق أطباق السّموات أي هذا الحكم مكتوب في اللّوح المحفوظ واللّوح موضوع فوق السّموات.

ولا تقتلوا ذرّيّة ولا عسيفا الذّرّيّة فسّرناها والعسيف الأجير وجمعه العسفاء واللّه سبحانه أعلم.

 

ص -183-      كتاب الاستحسان:

الاستحسان استخراج المسائل الحسان وهو أشبه ما قيل فيه هاهنا وإن أكثروا فيه ويجيء الاستفعال بمعنى الإفعال كما يقال أخرج واستخرج فكأنّ الاستحسان هاهنا إحسان المسائل وإتقان الدّلائل فأمّا القياس والاستحسان المذكوران في جواب مسائل الفقه فبيانها في أصول الفقه ونحن في كشف الألفاظ المبتذلة في الكتب المبسوطة وتفسيرها والمراد بها في مواضعها المختلفة.

{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}1 أي مواضع زينتهنّ.

ومنها الشّعر لأنّه موضع العقاص وهو ما يعقص به الشّعر من حدّ ضرب أي يجمع ويشدّ وفارسيّة العقاص موى بندّ.

ومنها العضد لأنّه موضع الدّملوج وهو المعضد وفارسيّته بازوبند.

وقال عليه السلام لعائشة رضي اللّه عنها: "ليلج عليك" أي ليدخل عليك يعني "أفلح بن قعيس فإنّه عمّك أرضعتك امرأة أخيه".

الابن يمشط رأس الأمّ من حدّ دخل وهي تمشط بنفسها المشط بالفتح والمشاطة بالضّمّ ما سقط من الشّعر بالمشط.

والمشّاطة بفتح الميم وتشديد الشّين المرأة المعروفة تمشط النّساء وتحلّيهنّ وتزيّنهنّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النور: 31.

 

ص -184-      قال محمّد بن المنكدر: بتّ أغمز رجل أمّي الغمز من باب ضرب للمرّة والتّغميز للتّكرار.

ذل: ورأى ابن عمر رضي اللّه عنه رجلا يطوف بالبيت وأمّه على كتفه وهو يرتجز أي يقول هذا الرّجز:

إنّي لها بعيرها المذلّل                       إذا الرّكاب ذعرت لم أذعر

حملتها ما حملتني أكثر                    فهل ترى جازيتها يا ابن عمر

المذلّل المليّن والدّابّة الذّلول اللّيّنة والذّعر الإفزاع من حدّ صنع وقوله حملتها ما حملتني أكثر أي أكثر ممّا حملتني في بطنها تسعة أشهر وأنا حملتها على رأسي أكثر من ذلك فهل جازيتها بهذا فقال لا ولو بطلقة يا لكع.

والطّلق وجع الولادة وإدخال الهاء فيها للتّوحيد أي بوجع واحد من أوجاع الولادة.

واللّكع الرّجل الأحمق واللّكاع المرأة الحمقاء.

وروي عن عمر رضي اللّه عنه أنّه رأى أمة قد تقنّعت أي لبست المقنعة فعلاها بالدّرّة أي رفع الدّرّة عليها فضربها وقال ألقي عنك الخمار يا دفار أي يا منتنة.

والدّفر النّتن، ودفار مبنيّة على الكسر لا يعرب ثمّ قال لها أتتشبّهين بالحرائر وقال القائل:

عجوز ترجّى أن تكون فتيّة                  وقد لحب الجنبان واحدودب الظّهر

تدسّ إلى العطّار ميرة أهلها               وهل يصلح العطّار ما أفسد الدّهر

وما غرّني إلّا خضاب بكفّها                  وكحل بعينيها وأثوابها الصّفر

بنيت بها قبل المحاق بليلة                فصار محاقا كلّه ذلك الشّهر

ترجّى أي ترجو والفتيّة تأنيث الفتيّ وهو الشّابّ ولحب من حدّ علم أي نحل للكبر واحدودب الظّهر أي صار أحدب وكذلك حدب من حدّ علم وهو ارتفاع

 

ص -185-      فيه قال اللّه تعالى: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}1 أي ما ارتفع من الأرض تدسّ أي تحمل عن خفية والدّسّ الإخفاء من حدّ دخل إلى العطّار لشراء العطر ميرة أهلها أي طعامهم الّذي قد مير أي حمل من موضع وهو من حدّ ضرب قال اللّه تعالى: {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا}2 بنيت بها أي نقلتها إلى بيتي قبل المحاق وهو آخر الشّهر حتّى يمحق الهلال بليلة فانمحق عليّ الشّهر كلّه وأظلم لوحشتها.

وعن محمّد بن سلمة رضي اللّه عنه أنّه كان يطارد بثينة طرادا شديدا على إجّار له يعني يراقبها ويلاحظها كما يطارد الإنسان قرنه في القتال على إجّار له أي على سطح له فقالوا له تفعل ذلك وأنت من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "من ألقي في قلبه نكاح امرأة فلينظر إليها فإنّه أحرى أن يؤدم بينهما" أي أولى أن يؤلّف بينهما بالمحبّة والموافقة وقد أدم اللّه بينهما من حدّ ضرب وآدم على وزن أفعل أيضا.

قالت عائشة رضي اللّه عنها في الحائض: إنّ الزّوج يجتنب شعار الدّم.

والشّعار هو الفرج لأنّه كأنّه لباسه.

والشّعار ما يلي الجسد من الثّياب أو كأنّه معلمه.

والشّعار العلامة والمشاعر المعالم.

بعث النّبيّ عليه السلام دحية الكلبيّ رضي اللّه عنه هو بفتح الدّال وكسرها.

قوم لا يتصوّر تواطيهم أصله تواطؤهم أي توافقهم: {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ}3 أي ليوافقوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورةالانبياء: 96.

2 سورة يوسف: 65.

3 سورة التوبة: 37.

 

ص -186-      كتاب التّحرّي:

التّحرّي القصد.

وقيل الطّلب ويراد به طلب الصّواب هاهنا.

وقيل هو التماس الأحرى أي الأولى ويقال فلان حريّ بكذا على وزن فعيل أي خليق والاثنان حريّان والجمع أحرياء وهو حرى بفتح الحاء والرّاء مقصورا كذلك ويستوي فيه الاثنان والجمع.

وقيل هو من الحرى بفتح الحاء والرّاء والقصر وهو النّاحية يقال لا تطر بضمّ الطّاء حرانا أي لا تقرب ما حولنا ولا تدر بناحيتنا.

وحراء بكسر الحاء والمدّ جبل بمكّة سمّي به لأنّه على طرف منها وناحية بها فالتّحرّي هو التّمسّك بطرف وناحية من الأمر عند اشتباه وجوهه والتباس جوانبه وقيل هو من قولك حرى حريا أي نقص من حدّ ضرب.

ويقال فلان يحري كما يحري القمر أي ينقص.

ويقال رماه اللّه تعالى بأفعى حارية وهي الحيّة الّتي كبرت ونقص جسمها وهي أخبث الحيّات.

فالتّحرّي هو تنقّص الاشتباه أي التّكلّف عند اشتباه الأمر من وجوه لزوال بعض وجوهه ونقصانه ورجحان بعض وجوهه للحقّ والصّواب بما يلوح من دليله وبرهانه.

 

ص -187-      وقيل هو من الحرى بفتح الحاء والرّاء بالقصر الّذي هو موضع البيض من الأفحوص وهو أوطأ موضع فيه وأهيأه فالتّحرّي من هذا هو القصد إلى المعنى الّذي هو أحقّ ما يقع صوابه في القلب عند الاشتباه وأجدره. وقال في مجمل اللّغة تحرّى فلان بالمكان إذا تمكّث فالتّحرّي من هذا هو التّثبّت في الاجتهاد لطلب الحقّ والرّشاد عند تعذّر الوصول إلى حقيقة المطلوب والمراد.

وقال النّبيّ عليه السلام لوابصة بن معبد: "البرّ ما اطمأنّ إليه قلبك والإثم ما حكّ في صدرك" ويروى: "ما حاك في صدرك فما اطمأنّ إليه قلبك فخذه وما حكّ في صدرك -أو قال- حاك في صدرك فدعه وإن أفتاك المفتون" فإنّ قلب المؤمن يطمئنّ إلى الحلال ويضطرب عند الحرام.

قوله: "اطمأنّ" أي سكن والاسم الطّمأنينة وحكّ في صدرك أي تخالج وخدش من حدّ دخل.

ويروى حاك ومصدره الحيك من حدّ ضرب أي أثّر.

وقيل حرّك من قولهم حاك في مشيته إذا وسّع رجليه وحرّك منكبيه.

"وإن أفتاك المفتون" جمع مفت فالرّواية الصّحيحة هذه وهي بضمّ الميم ورواه بعضهم المفتون بفتح الميم وهو مفعول من الفتنة وهو اسم الواحد أي الرّجل الضّالّ المضلّ وهو ما ذكره النّبيّ عليه السلام في حديثه الآخر: "أفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا" أي خذ بما يقع في قلبك التّيقّن بحلّه لا بما يفتيك الجاهل عن جهله.

والنّسران اللّذان يعرف بهما القبلة وهما النّجمان اللّذان يستويان في مرأى العين عند عشاء الصّيف ويواجهان أهل المشرق وإذا استقبلوا المغرب أحدهما يسمّى النّسر الواقع تشبيها بالطّائر الواقع على الأرض لأنّه ثلاثة أنجم أحدها متقدّم وآخران خلفه كالطّير الواقع يتقدّم أوّله ويتأخّر جناحاه والآخر يسمّى النّسر الطّائر لأنّه ثلاثة أنجم متوسّط ومتيامن ومتياسر كالطّائر في حال طيرانه يكون جناحاه

 

ص -188-      عن يمينه وعن يساره.

إذا ظهر أنّه تيامن أي استقبل يمين القبلة وتياسر أي استقبل يسار القبلة واستدبر أي جعل إليهما ظهره.

وإذا أجر عبده سنته ثمّ أعتقه بعد ستّة أشهر فالعبد بالخيار فيما بقي في نفاذ الإجارة على الحرّ ضررا به.

يقال في المثل: تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها أي بإجارتها نفسها للإرضاع بثدييها أي صبر الحرّ على الجوع أيسر عليه من تحمّل مذلّة إجارة النّفس.

 

ص -189-      كتاب اللّقيط:

اللّقيط: طفل يوضع على الطّريق سمّي به لأنّه يلقط في العاقبة.

واللّقط الرّفع من حدّ دخل والالتقاط كذلك وروي أنّ رجلا التقط لقيطا فأتى به عليّا رضي اللّه عنه فقال هو حرّ ولأن أكون وليت منه مثل الّذي وليت أنت كان أحبّ إليّ من كذا وكذا اللّام في لأن للتّأكيد. ووليت معناه لو عملت بنفسي يقال ولي الشّيء يليه بالكسر في الماضي والمستقبل جميعا أي لو عملت أنا بنفسي ما عملت أنت من أخذه كان أحبّ إليّ من كثير من أعمال الخير.

وعن سنين أبي جميلة هذا هو الصّحيح بضمّ السّين ونون بعدها ياء تصغير ثمّ نون وأبو جميلة كنيته.

والفقهاء يقولون سنيّ بن جميلة على النّسبة والصّحيح عند الحفّاظ ما ذكرت من الكنية قال وجدت منبوذا على بابي أي لقيطا وهو من النّبذ وهو الإلقاء من حدّ ضرب فأتيت به عمر رضي اللّه عنه فقال لي عمر رضي اللّه عنه عسى الغوير أبؤسا بالهمز جمع بؤس أو بأس وهما الشّدّة وتقديره لعلّ الغوير وهو تصغير غار يتضمّن أبؤسا ونصبه بإضمار هذا الفعل أو نحوه وإيقاعه عليه وهو مثل تتمثّل به العرب عند سماع ما يكرهونه وتوهّم ظهور ما يخافونه.

 

ص -190-      واختلفوا في أصل المثل وفي المراد بهذا الغوير قيل أصله أنّ قوما نزلوا غارا فانهار عليهم فهلكوا.

وقيل نهشتهم فيه حيّة فماتوا.

وقيل هجم عليهم عدوّ فيه فأسروا.

والصّحيح فيه أنّ الغوير اسم ماء كان لبني كلب والمثل لزبّاء ملكة العرب.

وكان نصر اللّخميّ وزير جذيمة الأبرش الملك بعد قتل الزّبّاء جذيمة يطلب الثّأر من الزّبّاء بقتلها وكان لا يصل إلى ذلك فاحتال ودخل في خدمتها وكانت تبعث به إلى العراق فيحمل إليها الظّرائف فعل ذلك مرارا وفي المرّة الأخيرة اشترى صناديق وجعل في كلّ صندوق رجلا تامّ السّلاح وعدل عن الجادّة أي طريق العامّة وأخذ في طريق فيه هذا الماء المسمّى بالغوير فأخبرت بذلك فقالت عسى الغوير أبؤسا أي عسى أن يلحقنا من هذا ما نكرهه ثمّ صعدت المنظرة تنظر إلى الأحمال وهي على الجمال وهم في ذلك الطّريق فقالت:

ما للجمال مشيها وئيدا                          أجندلا يحملن أم حديدا

أم صرفانا باردا شديدا                             أم الرّجال درّعا قعودا

قولها: مشيها بخفض الياء وهو بدل من الجمال أي ما لمشي الجمال وئيدا أي في تؤدة أي ما لها تمشي في تؤدة أي إبطاء أيحملن جندلا أي حجارة أم يحملن حديدا أم صرفانا أي رصاصا وهو أيضا أجود التّمر وأوزنه أم يحملن الرّجال دارعين.

والدّارع الّذي عليه الدّرع والدّرّع جمع الدّارع.

والقعود جمع القاعد وكان كما تفرّست فإنّهم قدموا ونزلوا وجعلوا الصّناديق في الدّار فخرجوا من اللّيل وقتلوها.

وقول عمر رضي اللّه عنه: هاهنا يحتمل معنيين أحدهما أنّه توهّم أنّه ولد زنا

 

ص -191-      فيتأذّى به النّاس أو ظنّ أنّه ولد هذا الحاضر وأنّه يلقي نفقته على غيره.

وإذا وجد اللّقيط في كنيسة أو بيعة الكنيسة موضع صلاة اليهود وجمعها الكنائس والبيعة موضع صلاة النّصارى وجمعها البيع وفي ديوان الأدب جعل كلّ واحد منهما للنّصارى وفي الأسامي على ما ذكرته وهو الصّحيح والعطف هاهنا دليل المغايرة أيضا.

وقول القائل:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا                       بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد

أي بنو بنينا هم بنونا لأنّ نسبهم إلينا فيقال فلان بن فلان فينسب إلى جدّه من قبل أبيه فأمّا بنو بناتنا فهم بنو الأباعد أي لا ينسب ابن البنت إلى أمّه وإلى أبي أمّه بل يقال ابن فلان فينسب إلى أبيه وكان ذلك من أباعد أبي البنت نسبا وإن كان ختنا له سببا وقول القائل:

وإنّما أمّهات النّاس أوعية                       مستودعات وللأنساب آباء

هو الرّواية الصّحيحة في هذا البيت وهو في تعاليق طلبة العلم مختلّ بمرّة.

 

ص -192-      كتاب اللّقطة:

اللّقطة المال الواقع على الأرض سمّيت بها لأنّها تلتقط غالبا أي تؤخذ وترفع.

والالتقاط الأخذ والرّفع.

وقيل الالتقاط وجود الشّيء من غير طلب.

واللّقطة بضمّ اللّام وفتح القاف وهي المسموعة المنقولة والقياس تسكين القاف لأنّ الأولى بنية اسم الفاعل كالضّحكة والهزأة.

واللّعبة هو من يضحك من غيره ويهزأ بغيره ويلعب بغيره والثّانية بنية اسم المفعول فإنّ الضّحكة بضمّ الضّاد وتسكين الحاء هو الّذي يضحك النّاس منه.

والهزأة من يهزأ النّاس به.

واللّعبة من يلعب النّاس به وقد ذكرت في كتاب "إصلاح المنطق" وفي ديوان الأدب بفتح القاف ووجهه أنّه اسم لا نعت فلم يراع فيه ما قلنا.

ولقولهم لكلّ ساقطة لاقطة وجهان.

أحدهما لكلّ سقط من الكلام من يحفظه وينشره.

والثّاني لكلّ خامل حامل ولكلّ واقع رافع.

وروي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه سئل عن ضالّة الإبل فقال: "ما لك ولها" أي أيّ عمل لك معها يعني لا تتعرّض لها ولا تأخذها قال عليها حذاؤها أي نعلها أي هي

 

ص -193-      تمشي برجليها ومعها سقاؤها وهو آلة السّقي أي هي تشرب بفيها ترد الماء وترعى الشّجر أي لا حاجة إلى سقيها وعلفها فلا تضيع إن تركت فاتركها.

وسئل عن ضالّة الغنم فقال: "هي لك أو لأخيك أو للذّئب" أي إن أخذتها أنت صارت في يدك وإن تركتها أخذها إنسان مثلك فكانت في يده أو أكلها ذئب فصارت له.

وفيه ترغيب إلى أخذها أي إن تركتها فأخذها ذئب فقد ضاعت وإن أخذها غيرك فربّما لا يردّها على صاحبها فإن علمت أنّك تقدر على ردّها إلى مالكها فخذها.

قال: "فعرّفها حولا" هو تفعيل من المعرفة وهو طلب مالكها وإظهار أنّها وقعت عندك.

وعن أبي سعيد مولى أبي أسيد أنه قال: وجدت خمسمائة درهم بالحرّة وهي بالمدينة وهي أرض فيها حجارة سود قال وأنا يومئذ مكاتب فذكرت ذلك لعمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه فقال اعمل بها وعرّفها يعني تصرّف واتّجر فيها وعرّفها فيما بين ذلك أي اطلب مالكها وأظهر أنّها عندك قال فعملت بها حتّى أدّيت مكاتبتي أي من ربحها ثمّ أتيته فأخبرته بذلك.

فقال: ادفعها إلى خزّان بيت المال جمع خازن أي ليضعوا ذلك في بيت المال لأنّه مال واحد من المسلمين ولم يظهر فيصير لعامّة المسلمين فيوضع في بيت مالهم.

وفي حديث سويد أنّه خرج للحجّ مع جماعة من الصّحابة رضي اللّه عنهم فوجدوا سوطا فاحتماه القوم أي امتنعوا عن أخذه والحديث ظاهر.

وعن رجل قال: وجدت لقطة حين استنفر عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه النّاس إلى صفّين أي طلب وسأل منهم النّفير أي الخروج إلى الغزو وصفّين موضع وقع فيه القتال بين عليّ ومعاوية وأصحابهما رضي اللّه عنهم فعرّفتها تعريفا

 

ص -194-      ضعيفا أي غير ظاهر حتّى قدمت على عليّ رضي اللّه عنه فأخبرته بذلك فوضع يده على صدري أي تنبيها وتحريضا وقال خذ مثلها إن أتلفت عينها فاذهب حيث وجدتها أي لتقع المعرفة بالتّعريف فإن وجدت صاحبها فادفعها إليه لأنّه هو المطلوب.

وقوله عليه السلام: "ضالّة المؤمن حرق النّار" بفتح الحاء والرّاء وهو النّار وأضيف إلى النّار وهما واحد لاختلاف اللّفظين كحبل الوريد.

وقوله عليه السلام: "لا يأوي الضّالّة إلّا ضالّ" أي لا يؤويها ولا يضمّها إلى نفسه لنفسه إلّا مخطئ وأوى هاهنا متعدّ كالممدود ومثله ما روي أنّ النّبيّ عليه السلام قال: "أبايعكم على أن تأووني" أي تؤووني.

وإذا التقط لقطة فجاء صاحبها فسمّى عدّها ووزنها ووكاءها وعفاصها الوكاء الرّباط وهو ما يربط به والعفاص بالفاء الغلاف.

وإذا كانت دابّة إنسان مربوطة فجاء إنسان وحلّ رباطها الرّبط الشّدّ من حدّ ضرب والرّباط ما يشدّ به من الحبل ونحوه واللّه أعلم.

 

ص -195-      كتاب الإباق:

الإباق: الهرب لا عن تعب ورهب وصرفه من حدّ دخل وضرب جميعا والنّعت الآبق وجمعه الأبّاق.

وروي عن أبي عمرو الشّيبانيّ أنه قال: كنت قاعدا عند عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه فجاء رجل فقال إنّ فلانا قدم بإباق من الفيّوم هو اسم موضع فقال القوم لقد أصاب أجرا فقال عبد اللّه رضي اللّه عنه وجعلا إن شاء من كلّ رأس أربعين درهما أي إن شاء أخذ الجعل الواجب بردّه فيصيب الأجر والجعل جميعا.

والجعل ما جعل للإنسان من شيء على الشّيء يفعله.

وروي أنّ عبدا لرجل أخذ عبدا آبقا لآخر فكتب إلى مولاه بذلك وطلب منه أن يأتي أهله فيجتعل له منهم أي كتب رادّ الآبق إلى مالك نفسه يقول له اذهب إلى مولى الآبق وخذ منه الجعل لي لأنّي أردّ عبده الآبق ففعل مولاه ذلك ثمّ كتب إليه فأقبل بالعبد ليردّه فأبق منه فاختصموا إلى شريح رحمه اللّه فضمّنه إيّاه فاختصموا إلى عليّ رضي اللّه عنه فقال أخطأ شريح وأساء القضاء أي لم يكن أن يضمّنه لأنّه قد أشهد عند الأخذ ثمّ قال عليّ رضي اللّه عنه يحلف العبد الأحمر للعبد الأسود باللّه لأبق منه ولا ضمان عليه اللّام في لأبق لام تأكيد وهو يزاد في جواب القسم إذا كان للإثبات.

والعبد الأحمر هو الّذي أخذ الآبق وكان من السّودان.

ويقبل كتاب القاضي إلى القاضي في العبد الآبق عند أبي يوسف رحمه اللّه والقاضي المكتوب إليه يختم في عنق العبد أي يجعل في عنقه شيئا يعلم به أنّه أبق لئلّا يأبق ثانيا ولو فعل تيسّر أخذه.

 

ص -196-      كتاب المفقود:

روي عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى أنه قال: أنا لقيت المفقود نفسه فحدّثني حديثه فقال أكلت خزيرة في أهلي فأخذني نفر من الجنّ فكنت فيهم ثمّ بدا لهم في عتقي فأعتقوني ثمّ أتوا بي قريبا من المدينة فقالوا هل تعرف النّخل قلت نعم فخلّوا عنّي فجئت فإذا عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه قد أبان امرأتي بعد أربع سنين فحاضت وأنقضت عدّتها وتزوّجت فخيّرني عمر رضي اللّه عنه بين أن يردّها عليّ وبين المهر.

المفقود من غاب فلم يوقف على أثره ولم يوصل إلى خبره من الفقد والفقدان وهما خلاف الوجود والوجدان من حدّ ضرب والافتقاد كذلك فأمّا التّفقّد فهو طلب الشّيء في مظانّه.

والخزيرة أن تنصب القدر بلحم تقطّع صغارا على ماء كثير فإذا نضج ذرّ عليه الدّقيق فإذا لم يكن فيها لحم فهي عصيدة.

ثمّ بدا لهم من البداء وهو حدوث الرّأي من حدّ دخل.

وقوله خيّرني بين أن يردّها عليّ وبين المهر أي يردّها عليّ بالنّكاح الأوّل أو يختلع بمهرها إذا حمل على هذا فهو معمول به وإن حمل على أن يردّها عليه بنكاح جديد أو تعطيه المهر الّذي أخذته من الثّاني فهو حكم لا نقول به بل نقول بقول عليّ رضي اللّه عنه امرأة ابتليت فلتصبر حتّى يستبين موت أو طلاق.

وكان شيخنا الإمام الخطيب إسماعيل بن محمّد النّوحيّ النّسفيّ رحمه اللّه يحكي

 

ص -197-      عن الشّيخ الإمام شمس الأئمّة عبد العزيز بن أحمد الحلوانيّ رحمه اللّه: أنّ هذا المفقود كان اسمه خرافة وكان بعد رجوعه عن الجنّ يحكي بين أصحابه أشياء منهم يتعجّبون منها وكانوا لا يقفون على صحّتها فكانوا يقولون هذا حديث خرافة وصار هذا مثلا يضرب عند سماع ما لا يعرف صحّته والخرافات عند النّاس كلمات لا صحّة لها مأخوذة من هذا.

وإذا فقد الرّجل بصفّين أو بالجمل ثمّ اختصم ورثته في ماله في زمن أبي حنيفة رحمة اللّه عليه فقسّمه بينهم صفّين موضع فيه كان القتال بين عليّ ومعاوية رضي اللّه عنهما والجمل اسم لجمل عائشة رضي اللّه عنها وعن أبيها وكانت خرجت مع طلحة والزّبير لقتال عليّ رضي اللّه عنهم وكانت وفاة عليّ رضي اللّه عنه سنة أربعين من الهجرة ووفاة أبي حنيفة سنة خمسين ومائة.

ولو كان مات ابن له زمن خالد بن عبد اللّه هو القسريّ وكان أميرا بعد الحجّاج بن يوسف.

 

ص -198-      كتاب الغصب:

الغصب أخذ الشّيء قهرا من حدّ ضرب.

والغصب الّذي يوجب الضّمان هو إثبات اليد على مال الغير على وجه يفوّت يد المالك لأنّه ضمان جبر فلا بدّ من التّفويت والاغتصاب كذلك.

والمغصوب اسم المال المأخوذ على هذا الوجه.

والمغصوب منه مالكه.

والغصب قد يقع على المغصوب ويجمع غصوبا، فأمّا إذا أريد به المصدر فلم يثنّ ولم يجمع وكذلك سائر المصادر.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه سئل عن التّمر المعلّق فقال: "من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متّخذ خبنة وثبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة" قوله أصاب بفيه أي أكله بفمه.

وقوله: "غير متّخذ خبنة" هو أن يخبأ في سراويله شيئا ممّا يلي البطن.

والثّبنة هو أن يفعل ذلك ممّا يلي الظّهر وقد أخبن وأثبن إذا فعل ذلك قال ذلك في شرح الغريبين.

وقال أيضا فيما يروى: ولا يتّخذ ثبانا وهو وعاء يحمل فيه الشّيء.

وقال في ديوان الأدب: الثّبان الوعاء تحمل فيه الشّيء بين يديك.

 

ص -199-      وقال فيه: الخبنة شيء تحمله في حضنك.

وقال فيه: الحضن ما دون الإبط إلى الكشح.

وأوّل الحمل الإبط ثمّ الضّبن ثمّ الحضن.

والكشح ما بين الخاصرة إلى الضّلع القصرى.

وقوله: غرامة مثليه أي غرامة مثله لكنّ معرفة ذلك بالنّظر في مثليه فسمّاه بمثليه للحاجة إلى النّظر في مثليه ليمكن إيجاب مثله الّذي يماثل كلّ واحد من مثليه والعقوبة أي يعاقب مع الغرامة بالتّعزير.

وروي أنّ رجلا جاء إلى عثمان رضي اللّه عنه وقال: إنّ بني عمّك عدوا على إبلي هو من العدوان فقطعوا ألبانها وقتلوا فصلانها أي أولادها جمع فصيل.

فقال له عثمان رضي اللّه عنه: إذن نعطيك بنصب الياء بإذن إبلا مثل إبلك وفصلانا مثل فصلانك أي بطريق الصّلح.

فقال: إذن تقطع ألبانها وتموت فصلانها حتّى تبلغ واديّ بتشديد الياء لاجتماع ياء آخر الكلمة وياء الإضافة أي بين هذا المكان وبين وادينا مسافة من المفازة الّتي يشقّ عليها قطعها أويتوهّم فيها قطع الألبان وموت الفصلان فغمزه بعض القوم إلى ابن مسعود رضي اللّه عنه أي أشاروا إليه بأعينهم من حدّ ضرب فقال الرّجل: بيني وبينك عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه فقال عثمان: نعم، فقال عبد اللّه: أرى أن يأتي هذا واديه فيعطى ثمّ إبلا مثل إبله وفصلانا مثل فصلانه فرضي بذلك عثمان وأعطى أي استصوب أن يرجع هذا إلى واديه ثمّ يعطى هذا لئلّا يكون خطر الهلاك والنّقصان عليه فتراضيا عليه وكان ذلك صلحا لأنّ العدوان لم يكن من عثمان فكان هذا صلح المتوسّط.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن أنصاريّا أضافه فقدّم إليه شاة مصليّة فكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يلوكها ولا يسيغها فسأل عن شأنها فقالوا: هذه الشّاة كانت لجار لنا ذبحناها لنرضيه

 

ص -200-      بالثّمن فقال النّبيّ عليه السلام: "أطعموها الأسارى".

المصليّة المشويّة وقد صلاه يصليه صليا من حدّ ضرب وصلي هو النّار يصلاها صليّا بضمّ الصّاد وكسرها على وزن فعول من حدّ علم أي دخلها واحترق بها قال اللّه تعالى: {وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرا}1 وأصلاه غيره إصلاء أي أدخله فيها وأحرقه بها وصلّاه تصلية كذلك وقد يكون للمبالغة قال اللّه تعالى: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ}2 وقال في الإصلاء: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ}3 وصلّى عصاه على النّار يصلّيها تصلية أي قوّمها عليها واصطلى بالنّار أي استدفأ والصّلا بالفتح والقصر والصّلاء بالكسر والمدّ اللّهب.

وقوله: يلوكها أي يمضغها والمضغ من حدّ دخل وصنع جميعا وقوله ولا يسيغها هي الرّواية الصّحيحة أي لا يقدر على ابتلاعها عن سهولة وقد ساغ لي الطّعام والشّراب يسوغ سوغا أي سهل مدخله في الحلق وأساغه اللّه تعالى ويقال أساغ فلان طعامه وساغه لغة فيه أيضا وعلى لسان بعض طلبة العلم فجعل يلوكها ولا تسيغه على جعل الفعل للشّاة وهو بعيد وقوله: "أطعموها الأسارى" جمع أسير وكان الأسراء فقراء فأمر بالتّصدّق عليهم بها لما دخلها من الخبث ولأنّهم كانوا كفّارا فأمر بإطعامها إيّاهم دون فقراء المسلمين.

وإذا غصب حنطة فأصابها ماء فعفنت هو من حدّ علم أي بلي من الماء.

وإذا غصب ساجة هو ضرب من الشّجر.

وإذا غصب تالّة أي فسيلة وهي ما يغرس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النساء: 10.

2 سورة الواقعة: 94.

3 سورة النساء: 115.

 

 

ص -201-      وإذا غصب جلد ميتة فدبغه بقرظ هو الّذي يدبغ به وفارسيّته برغند والدّبغ والدّباغ والدّباغة بمعنى وهو من حدّ دخل وصنع جميعا وقيل من حدّ ضرب لغة أيضا.

وإذا غصب قلبا فهشمه أي سوارا فكسره من حدّ ضرب.

 

ص -202-      كتاب الوديعة:

الوديعة: المال المتروك عند إنسان يحفظه فعيلة من الودع وهو التّرك.

والإيداع والاستيداع بمعنى ويقال أودعه أي قبل وديعته قال ذلك في ديوان الأدب وقال هذا الحرف من الأضداد.

وفي الخبر: "لكم ودائع الشّرك" أي العهود وهو جمع وديع وهو العهد.

قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "ليس على المستودع غير المغلّ ضمان ولا على المستعير غير المغلّ ضمان ولا على المولى ضمان".

المغلّ الخائن في حديث آخر: "لا إغلال ولا إسلال" أي: لا خيانة ولا سرقة.

والمولى من ولي أمرا وهو القاضي والوصيّ والمتولّى والوكيل يقال ولّيته أمرا فتولّى أي قلّدته فتقلّد وأمرته أن يلي ذلك بنفسه فقبل.

وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ المسافر ومتاعه لعلى قلت إلّا ما وقى اللّه تعالى" أي: على هلاك وهو من حدّ علم.

 

ص -203-      كتاب العاريّة:

العاريّة: ما يستعار فيعار مأخوذة من التّعاور وهو التّداول يقال تعاورته الأيدي وتداولته أي أخذته هذه مرّة وهذه مرّة.

والعاريّة على وزن الفعليّة بفتح العين وأصله عوريّة سكّنت الواو تخفيفا وصيّرت ألفا لفتحة ما قبلها والعارة بدون الياء كذلك قال الشّاعر:

فأخلف وأتلف إنّما المال عارة                   وكله مع الدّهر الّذي هو آكله

وقوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}1 قيل: العاريّة، وقيل: الزّكاة، وقيل: هو في الجاهليّة العطاء والمنفعة وفي الإسلام الزّكاة والطّاعة وقيل آلات البيت كالفأس والقدوم بتخفيف الدّال مأخوذ من المعن وهو الشّيء اليسير الهيّن قال الشّاعر:

ولا ضيّعته فألام فيه                         فإنّ هلاك مالك غير معن

ويقال: ما له سعنة ولا معنة أي كثير ولا قليل.

وإذا استعار دابّة فعطبت عنده أي هلكت من حدّ علم.

ولو حمل على دابّة العاريّة أرزّا هو بضمّ الهمزة والرّاء والرّزّ بالضّمّ بدون الهمز لغة فيه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الماعون: 7.

 

ص -204-      وإذا استعارها لحمل عشرة مخاتيم من حنطة جمع مختوم وهو مكيال معروف عندهم.

وإذا استعار أرضا للغرس أو البناء ووقّت له وقتا بالتّشديد والتّخفيف أي قدّر له زمانا وقد وقّت من حدّ ضرب.

والغراس ما يغرس والغراس وقت الغرس أيضا والغرس مصدر وقد يجعل اسما للمغروس ويجمع أغراسا.

ولو قال هذه الدّار لك عمرى سكنى أو قال سكنى عمرى فهي عاريّة.

والعمرى الاسم من الإعمار وهو أن يقول لك داري عمرك أي مدّة عمرك ثمّ تردّ إليّ أو يقول عمري بالإضافة إلى نفسه أي مدّة عمري ثمّ تردّ إلى ورثتي.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه أجاز العمرى وأبطل شرط المعمر أي جوّز هذا بطريق الهبة.

وهي تمليك العين لكنّ فيه اشتراط الرّدّ بعد مضيّ عمر الواهب أو الموهوب له أو قصر الهبة على مدّة العمر فأبطل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم شرط المعمر أي شرط الواهب الرّجوع فيه.

أو قصر الهبة على مدّة بل جعلها على الدّوام فإذا اقتصر على قوله هذه الدّار لك عمرى ولم يقل سكنى كان هبة فإذا وصل به سكنى قبل لفظة العمرى أو بعدها ظهر أنّه أراد به تمليك منفعة السّكنى دون العين فجعل إعارة.

ولو قال هي لك عمرى تسكنها فهي هبة لأنّ قوله عمرى هبة وقوله تسكنها ليس بتفسير للأوّل بل مشورة في ملك الموهوب له بمنزلة قوله فتسكنها أو فأنت تسكنها وذاك إليه يفعله إن شاء أو لا يفعله فهو ملكه ويكتب في إعارة الأرض لفظة الإطعام وهي إعارة الأرض ليحصل الطّعام.

 

ص -205-      كتاب الشّركة:

الشّركة: الخلطة وقد شرك فلانا شركة من حدّ علم.

والشّرك بدون الهاء النّصيب قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ}1 أي نصيب ويجيء الشّرك بمعنى الشّركة قال قائلهم:

وشاركنا قريشا في تقاها                       وفي أنسابها شرك العنان

والعنان أن يشترك اثنان في شيء خاصّ يعنّ لهما عننا من حدّ ضرب أي يعرض.

والمفاوضة المشاركة في كلّ شيء والمفاوضة هي المجاراة.

والمفاوضة تفويض كلّ واحد منهما إلى صاحبه أمر الشّركة والمفاوضة هي المساواة.

والمفاوضة هي المخالطة يقال نعام فوضى أي مختلط بعضه ببعض وقوم فوضى أي مختلطون لا أمير عليهم ويقال قوم فوضى أي متساوون في الامتناع عن طاعة الأمير قال قائلهم:

تهدى الأمور بأهل الرّأي ما صلحت                   فإن تولّت فبالجهّال تنقاد

لا يصلح النّاس فوضى لا سراة لهم                  ولا سراة إذا جهّالهم سادوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الاحقاف: 4.

 

ص -206-      يعني أنّ الأمور ما دامت صالحة فإنّها تهدى أي تقوم بأهل العقل والرّأي فإن تولّت الأمور عن الاستقامة فإنّها تنقاد وتعود إلى الصّلاح بالسّفهاء يعني أنّ الفتن إذا هاجت سكنت بالسّفهاء ولا يصلح أن يكون النّاس بغير أمير والسّراة السّادة ولا سادة إذا ساد الجهّال.

كان النّبيّ عليه السلام: شريكي فكان خير شريك لا يدارئ ولا يماري المدارأة بالهمزة المدافعة والمماراة بغير همز المجادلة.

وشركة الوجوه من الوجه الّذي يعرف لأنّ كلّ واحد منهما ينظر في وجه صاحبه إذا جلسا يدبّران في أمرهما ولا مال لهما أو من الوجه الّذي هو الجاه على معنى أنّ أحدهما يكتسب المال بجاه صاحبه.

وشركة التّقبّل من قبول أحدهما العمل وإلقائه على صاحبه.

والوضيعة الخسران وقد وضع الرّجل على ما لم يسمّ فاعله وأصله من باب صنع.

ولو كان رأس مال الشّركة تبرا هو ما كان من الذّهب والفضّة غير مصوغ ولا مضروب.

وعن عليّ رضي اللّه عنه ليس على من قاسم الرّبح ضمان أي من كان له حظّ من الرّبح فيما يتصرّف فيه لم يضمن كالمضارب والشّريك شركة عنان أو مفاوضة لأنّه أمين وإذا خالف ضمن وكان الكلّ له بالضّمان ولم يقاسم صاحبه.

وعن عليّ رضي اللّه عنه والشّعبيّ: الرّبح على ما اصطلحا.

والوضيعة على المال: أي الرّبح على قدر ما اتّفقا عليه على المناصفة أو على الأثلاث، والخسران على قدر المالين، ولا يجوز على التّفاوت إذا استوى المالان، ولا على المساواة إذا تفاوت المالان.

والاستبضاع الإبضاع والمستبضع بالكسر صاحب البضاعة وبالفتح حاملها.

 

ص -207-      وإذا اشتركا في الاحتطاب أي جمع الحطب وفي الاحتشاش أي أخذ الحشيش.

والحطب الاحتطاب أيضا من حدّ ضرب، قال الشّاعر:

تعالوا إلى أن يأتي الصّيد نحتطب

وإذا اشتركا على أن يأخذا سهلة الزّجاج ويبيعا ذلك لم يجز سهلة الزّجاج جوهر الزّجاج الّذي يتّخذ منه وأصلها الأرض اللّيّنة وكأنّها تؤخذ من مثلها وفي الدّيوان السّهلة تراب كالرّمل.

 

ص -208-      كتاب الصّيد:

الصّيد: الاصطياد والصّيد ما يصاد وهو الممتنع بقوائمه أو جناحيه وقول اللّه تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}1 أي الصّوائد من الجرح من حد صنع وهو الكسب ومن الجرح الّذي هو الجراحة أيضا لأنّه يجرح الصّيد ويكسب لصاحبه المال وقوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ}2 أي مسلّطين الكلاب على الصّيد.

وقال النّخعيّ: إذا خزق المعراض فكل الخزق الإصابة والجرح من حدّ ضرب والمعراض السّهم الّذي لا ريش عليه يمرّ معترضا غالبا.

قال ابن مسعود رضي اللّه عنه: من رمى صيدا فتردّى من جبل فمات فلا تأكله فإنّي أخاف أن يكون التّردّي قتله أي السّقوط وقوله تعالى: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ}3 هي السّاقطة من جبل أو في بئر.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نهى عن كلّ ذي خطفة ونهبة ومجثّمة وعن كلّ ذي ناب من السّباع ومخلب من الطّير والخطف السّلب من حدّ علم.

والخطفة المرّة منه والنّهب من حدّ صنع كذلك والاختطاف والانتهاب افتعال منهما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة المائدة: 4.

2 سورة المائدة: 4.

3 سورة المائدة: 3.

 

ص -209-      والمجثّمة تروى بكسر الثّاء وفتحها وهو من التّجثيم وثلاثيّه الجثوم وهو تلبّد الطّائر بالأرض من حدّ دخل.

والمجثّمة بالكسر الطّائر الّذي من عادته الجثوم على غيره ليقتله وهذا لسباع الطّيور فهذا نهي عن أكل طائر هذا عادته وبالفتح هو الصّيد الّذي يجثم عليه طائر فيقتله فهذا نهي عن أكل ما قتله طائر آخر جاثما عليه. وقيل المجثّمة بالفتح الطّائر يجثمه إنسان فيرميه فيقتله والمخلب ظفر الطّائر والنّاب من الأسنان وفارسيّة المخلب جنكال وفارسيّة النّاب فنخمّسهم والمراد من هذا مخلب هو سلاح وناب هو سلاح لأنّ الجمل يحلّ وله ناب والحمامة تحلّ ولها مخلب فعرف أنّ المراد ما قلنا.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه نهى عن أن تنخع الشّاة إذا ذبحت النّخع من حدّ صنع مجاوزة منتهى الذّبح وهو قطع الأوداج وما وراءها إلى النّخاع وهو خيط الرّقبة والنّخاع بفتح النّون وضمّها وكسرها عرق مستبطن في الفقار وقيل خطّ أبيض في جوف الفقار بفتح الفاء وقيل النّخع كسر عنق الشّاة قبل أن تبرد.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "كلّ ما أنهر الدّم وأفرى الأوداج" الإنهار التّسييل ومنه النّهر الّذي يسيل فيه الماء والإفراء القطع على وجه الإفساد والفري من حدّ ضرب هو القطع على وجه الإصلاح والأوداج جمع ودج بفتح الدّال ولكلّ حيوان ودجان وعروق الذّبح أربعة ودجان والحلقوم والمريء فالحلقوم مجرى النّفس والمريء مجرى الطّعام والشّراب على وزن فعيل وهو مهموز.

ثمّ قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في آخر هذا الحديث: "ما خلا السّنّ والظّفر والعظم فإنّها مدى الحبشة" ما خلا بمعنى إلّا وهي كلمة استثناء وتنصب ما بعدها وخلا بدون كلمة ما في معناها ويجوز خفض ما بعدها ونصبه فأمّا.

ما خلا فليس بعدها إلّا النّصب وكلمة عدا وما عدا على هذا.

 

ص -210-      والمدى جمع مدية وهي السّكّين والشّافعيّ رحمة اللّه عليه لا يجيز الذّبح بالسّنّ المنزوعة والظّفر المنزوع وإن أفرى الأوداج بهذا الحديث ونحن نجيزه بأوّل هذا الحديث ونحمل آخر الحديث على غير المنزوع لأنّ الحبشة يفعلون ذلك لأنّ من عادتهم أن لا يقلّموا الأظفار ويحدّدوا الأسنان بالمبرد ويقاتلون بالخدش والعضّ.

وقال عمر رضي اللّه عنه: لا تجرّوا العجماء إلى مذبحها وأحدّوا الشّفرة وأسرعوا الممرّ على الأوداج ولا تنخعوا الإحداد التّحديد والشّفرة السّكّين العظيمة والعجماء البهيمة والممرّ المرّ والنّخع ما قلناه في حديث قبله.

وقوله عليه السلام: "إنّ اللّه تعالى كتب عليكم الإحسان في كلّ شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة" بكسر القاف "وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة" بكسر الذّال وهي للحالة. وقال عليه السلام: "العصفورة تعجّ إلى ربّها وتقول سل قاتلي فيم قتلني بغير حقّ" قيل: وما القتل بحقّ؟ قال: "أن تذبح ذبحا".

العجّ والعجيج الصّوت من حدّ ضرب روي أنّ رجلا أضجع شاة وهو يحدّد الشّفرة وهي تلاحظه فقال عليه السلام: "أردت أن تميتها موتات" الملاحظة النّظر بمؤخّر العين وإماتتها موتات هو إفزاع قلبها مرّات.

وسئل عليّ رضي اللّه عنه عمّن قطع رأس شاة فأبانه قال هي ذكاة وحيّة أي سريعة.

وعن عباية بن رافع بن خديج أنّ بعيرا من الصّدقة ندّ فرماه رجل بسهم وسمّى فقتله فقال النّبيّ عليه السلام: "إنّ لها أوابد كأوابد الوحش فإذا فعلت شيئا من ذلك فافعلوا بها كما فعلتم بهذا ثمّ كلوها".

النّداد والنّدود والنّدّ النّفار من حدّ ضرب والأوابد النّوافر من الإنس وقد أبد من حدّ ضرب أي توحّش ونفر.

وروي أنّ بعيرا تردّى في بئر في المدينة فوجئ من قبل خاصرته فأخذ منه ابن

 

ص -211-      عمر رضي اللّه عنهما عشيرا بدرهمين.

التّردّي السّقوط والوجأ الضّرب بالسّكّين من حدّ صنع والخاصرة تهيكاه وهي وسط الحيوان.

والعشير: بفتح العين وكسر الشّين العشر أي اشتراه ابن عمر رضي اللّه عنهما مع زهده فدلّ على حلّه ومن رواه من المتفقّهة بضمّ العين وفتح الشّين وحمله على التّصغير فقد أخطأ لأنّ التّصغير للتّقليل والنّقصان عن المقدار وإذا نقص من تمام العشر شيء لم يكن عشرا فالصّحيح ما أعلمتك.

وعن عمرة قالت: خرجت مع وليدة لنا أي جارية أو مولاة لنا أي معتقة فاشترينا جرّيثة هي بكسر الجيم وتشديد الرّاء وهي نوع من السّمك يقال لها بالفارسيّة مارماهي فوضعناها في زبيل أي زنبيل إذا أسقطت النّون فتحت الزّاي وإذا أثبتّها كسرت الزّاي. وذكر في الحديث.

وجاء عبد أسود إلى ابن عبّاس رضي اللّه عنهما فقال: إنّي أكون في غنم لأهلي أي جعلوها في يدي أرعاها قال وإنّي لبسبيل من الطّريق أي يمرّ عليّ النّاس أفأسقيهم من لبنهم أي يجوز لي أن أسقي النّاس من لبن هذه الغنم بغير إذن أهلي قال: لا.

قال: فإنّي لأرمي فأصمي وأنمي.

قال: كل ما أصميت ودع ما أنميت.

الإصماء أن ترمي الصّيد فيموت وأنت تراه وقد أصميته فصمى من حدّ ضرب أي مات مكانه قبل أن يتوارى عن الرّامي.

والصّميان السّرعة والخفّة من حدّ ضرب.

والإنماء أن ترميه فيموت بعد أن يغيب عن بصرك.

كره أكل الغداف هو الغراب الّذي يأكل الجيف وقال في ديوان الأدب هو

 

ص -212-      غراب القيظ وهو الصّيف وإنّما أضيف هذا إلى ذلك الفصل لأنّه أكثر ما يرى فيه.

وفي حديث تحريم الحمر الأهليّة يوم خيبر قلنا بيّنا إنّما حرّمها لأنّها لم تخمس أي لم يؤخذ خمسها فقال سعيد بن جبير حرّمها ألبتّة أي قطعا من غير معنى آخر.

خنس بن الحارث عن أبيه قال كنّا إذا نتجت فرس أحدنا فلوّا ذبحناه وقلنا الأمر قريب فنهانا عمر رضي اللّه عنه عن ذلك وقال في الأمر تراخ.

نتجت على ما لم يسمّ فاعله أي ولدت ونتجها صاحبها نتاجا من حدّ ضرب.

والفلوّ بفتح الفاء وتشديد الواو المهر.

وقولهم: الأمر قريب أي أمر السّاعة وهي القيامة يعني تقوم السّاعة قبل أن يصير هذا بحال يركب فقال رضي اللّه عنه في الأمر تراخ أي تباعد وتأخير.

وعن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه نهى عن مهر البغيّ وحلوان الكاهن وثمن الكلب.

البغيّ الفاجرة والبغاء بكسر الباء الفجور والبغاء بضمّ الباء الطّلب.

والبغي الظّلم وصرف الكلّ من حدّ ضرب وكلّ ذلك في القرآن قال اللّه تعالى: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّا}1 وقال تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ}2 وقال عزّ من قائل: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ}3 وقال جلّ ذكره: {وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}4 ومهر البغيّ هو أجر الزّانية على الزّنا وحلوان الكاهن عطاؤه الكهانة من حدّ دخل.

وإذا قتل الصّيد خنقا هو من حدّ دخل والمصدر بتسكين النّون وكسرها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورةمريم: 28.

2 سورة النور: 33.

3 سورة آل عمران: 83.

4 سورة الأعراف: 33.

 

ص -213-      وإذا صاح بالكلب فانزجر بزجره أي انساق بسياقه واهتاج بهيجه.

عق: وعناق الأرض بفتح العين هو شيء من دوابّ الأرض مثل الفهد يقال له بالفارسيّة سيّاه كوش.

"والكلب الأسود البهيم شيطان" أي: الّذي لا يخالط سواده شيء آخر.

وإذا كمن الكلب حتّى استمكن من الصّيد الكمون الاختفاء من حدّ دخل والاستمكان التّمكّن.

وإذا نهش الكلب قطعة من اللّحم أي أخذها بأسنانه هو من حدّ صنع وانتهش كذلك.

{وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}1 الإهلال رفع الصّوت بالتّسمية.

المجوسيّ إذا حضن بيضا تحت دجاجة أي وضعه تحتها وأجلسها عليه لإخراج الفرخ.

كان الصّحابة في سفر فأصابتهم مخمصة أي مجاعة فألقى البحر إليهم دابّة يقال لها عنبر فأكلوا منها شهرا هي نوع من السّمك.

وقال النّبيّ عليه السلام: "ما لفظه البحر فكل" أي ألقاه وهو من حدّ ضرب، "وما نضب عنه فكل" أي غار عنه وهو من حدّ دخل "وما طفا فوق الماء فلا تأكل" أي خفّ وعلا وجرى يقال طفا العود على الماء أي جرى ومرّ الظّبي يطفو إذا خفّ على الأرض والمصدر الطّفوّ على وزن الفعول والسّمك الطّافي هو هذا.

ومات حتف أنفه أي بهلاك نفسه من غير سبب وحقيقته انقطاع أنفاسه وخروجها من أنفها.

وإذا رمى صيدا فأثخنه أي أوهنه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 173.

 

ص -214-      وإذا ردّت الرّيح السّهم عن سننه أي طريقه.

وإذا رماه بمروة حديدة أي حجر أبيض برّاق يكون فيه النّار والحديدة المحدّدة.

والحشرات صغار دوابّ الأرض جمع حشرة بفتح الشّين.

وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "الضّبّ لم يكن من طعام قومي فأعافه" أي: أكرهه من حدّ علم والمصدر العياف.

وقال عليه السلام: "إنّ أحدكم ليجلس على أريكته ويقول أحللنا ما أحلّه اللّه تعالى وحرّمنا ما حرّمه اللّه تعالى وإنّ ممّا حرّمه اللّه تعالى لحوم الحمر الأهليّة".

الأريكة السّرير المزيّن الّذي فوقه حجلة بفتح الجيم أي كلّة وهي السّتر الرّقيق.

يعني أنّ أحدكم في آخر الزّمان يتنعّم فلا يتعلّم ويقول أحللنا ما أحلّه اللّه وحرّمنا ما حرّمه اللّه أي ما نجده في القرآن ولا معرفة لهم بالأخبار ليقولوا بحرمة ما ثبتت حرمته بالأخبار فاعلموا أنّ اللّه تعالى حرّم الحمار الأهليّ وأنا أخبركم بذلك ولا ذكر له في القرآن.

وما لا يؤكل من البحر لا يجوز بيعه إلّا السّفن بفتح السّين والفاء هو جلد سمك خشن في البحر يجعل على قوائم السّيوف.

ونهي عن أكل لحوم الإبل الجلّالة وهي الّتي تتبع النّجاسات والجلّة بالفتح البعرة واستعيرت هاهنا للعذرة فإنّ الإبل تتناول العذرات دون البعرات ومنه قول النّبيّ عليه السلام: "قذرت لكم جوالّ القرى" بتشديد اللّام جمع جالّة وهي الحمير الّتي تأكل العذرات وقذرت من حدّ علم أي استقذرت واستخبثت.

 

ص -215-      كتاب الذّبائح:

الذّبح: قطع الأوداج والذّبح بالكسر ما يذبح وكذا الذّبيحة أي ما أعدّ للذّبح.

والنّحر هو الطّعن في النّحر أي الصّدر وهو في الإبل خاصّة حال قيامها والذّبح في البقر والغنم حال اضطجاعهما قال اللّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}1 وقال اللّه تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}2 وقال في حقّ الإبل: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}3 فلو نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر فقد خالف السّنّة فيكره لكن يجوز لوجود الأصل.

وقال النّبيّ عليه السلام: "الذّكاة ما بين اللّبّة واللّحيين" أي: محلّ الذّكاة ما بين اللّبّة إلى المنحر واللّحيين تثنية لحي.

وإذا ذبح الشّاة من قبل قفاها فلم تمت حتّى قطع الأوداج حلّت.

وفي الخبر: "إنّ القفينة لا بأس بها" هذا على وزن فعيلة وهي الّتي ذبحت من قفاها قال ذلك في ديوان الأدب.

وفي شرح الغريبين يقول هي الّتي يبان رأسها بالذّبح وقد قفن الشّاة إذا ذبحها من قفاها من حدّ ضرب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 67.

2 سورة الصافات:107.

3 سورة الكوثر:2

 

ص -216-      والموقوذة المقتولة بعصا أو حجر وقد وقذ من حدّ ضرب.

ومنه الحديث في أوّل هذا الكتاب عن ابن شهاب أنّه قال: كان لبعض الحيّ أي القبيلة نعامة هي أنثى الظّليم اشتر مرّغ فضربها إنسان فوقذها فوقعت في الماء فألقاها في كناسة الحيّ وهي حيّة والكناسة القمامة وهي ما يجتمع بالكنس وأراد بها الخربة الّتي تلقى فيها هذه الأشياء فسألوا سعيد بن جبير فقال: ذكّوها وكلوها وهو لقول اللّه تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}1 واللّه تعالى أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة المائدة: 3.

 

ص -217-      كتاب الأضاحيّ:

الأضاحيّ: جمع الأضحيّة على وزن الأفعولة.

والأضحى على الأفعل كذلك ويكون الأضحى جمع أضحاة أيضا وهي الشّاة الّتي يضحّى بها وبها سمّي يوم الأضحى ولذلك يجوز تأنيثه فيقال دنت الأضحى والضّحيّة كذلك وجمعها الضّحايا وقد ضحّى بها تضحية إذا ذبحها في هذا اليوم.

والجذع من الغنم ما أتى عليه أكثر الحول.

والثّنيّ ما تمّ له الحول من الغنم ومن البقر ما تمّ له حولان ومن الإبل ما تمّ له خمسة أحوال وطعن في السّادسة.

والمعز المعزى والعنوز جمع ماعز.

والضّأن إناث الغنم جمع ضائن.

والعتود من أولاد المعز ما رعى وقوي.

والجمّاء الشّاة الّتي لا قرن لها وقد جمّ يجمّ جمّا فهو أجمّ من حدّ علم.

والثّولاء المجنونة.

والعجفاء الّتي لا تنقى أي المهزولة الّتي لا مخّ لها والمذكّر الأعجف وصرفه من حدّ علم وشرف وقد أنقت الإبل أي سمنت وصار فيها نقي

 

ص -218-      بكسر النّون أي مخّ.

ضحّى النّبيّ عليه السلام: بكبشين أملحين أي أبيضين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمّته وقال النّبيّ عليه السلام: "استشرفوا العين والأذن أي تأمّلوا سلامتهما من الآفات".

وقال عليه السلام: "على كلّ أهل بيت في كلّ عام أضحاة وعتيرة" العتيرة ذبيحة كانت تذبح في رجب في الجاهليّة ثمّ نسخت وقد عتر من حدّ ضرب إذا ذبح العتيرة.

 

ص -219-      كتاب الوقف:

الوقف: الحبس لغة ووقف الضّيعة هو حبسها عن تملّك الواقف وغير الواقف واستغلالها للصّرف إلى ما سمّي من المصارف ولذا سمّي حبيسا فيما روي عن شريح أنّه قال جاء محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم ببيع الحبيس أي بجواز ما حبسوه بالوقف على هذا الوجه وقال عليه السلام: "لا حبس عن فرائض اللّه" أي لا مال يحبس بعد موت صاحبه عن القسمة بين ورثته.

وروي عن عمر رضي اللّه عنه: أنّه استفاد مالا نفيسا أي ملك ذلك وكان يدعى ثمغا هو اسم تلك الضّيعة الّتي ملكها فأخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه يحبّ أن يتصدّق به فقال عليه السلام: "تصدّق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن لينفق ثمرته" فتصدّق به عمر رضي اللّه عنه في سبيل اللّه تعالى أي للغزاة وفي الرّقاب أي المكاتبين وفي الضّيف وفي المساكين ولذي القربى أي لأقربائه.

وكان فيه ولا جناح على من وليه أي باشر أمره بنفسه وتولّاه أن يأكل منه بالمعروف بقدر حاجته من غير سرف أو يؤكّل صديقا له أي يطعم صديقه أيضا غير متموّل فيه أي غير جامع المال لنفسه من مال هذا الوقف لكن له أن ينفق على نفسه إذا احتاج إليه.

وما روي لا تجوز الصّدقة إلّا مقبوضة محوزة أي مجموعة وقد حاز يحوز حوزا وحيازة إذا جمع فالمراد به القسمة فإنّها جمع الأنصباء المتفرّقة في محلّ.

 

ص -220-      أبدا ما تناسلوا أي توالدوا والنّسل الولد.

وكري الأنهار حفرها.

وإصلاح المسنّيات جمع مسنّاة وهي العرم.

 

ص -221-      كتاب الهبة:

الهبة: التّبرّع بما ينتفع به الموهوب له وقد يكون بالعين وقد يكون بالدّين وقد يكون بغير المال يقال وهب له عبدا ووهب له ما عليه من الدّين ووهب له جرمه وتقصيره ووهب اللّه له ولدا صالحا قال اللّه تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}1 والموهبة نقرة يستنقع فيها الماء وأوهب لي كذا أي ارتفع وأصبح فلان موهبا لكذا أي معدّا له قادرا عليه وأوهب له الشّيء أي أمكن وتيسّر ويقال دام وقال الشّاعر يصف رجلا منعّما:

عظيم القفا ضخم الخواصر أوهبت                     له عجوة مسمونة وخمير

أوهبت أي أمكنت أي دامت له عجوة والعجوة أجود التّمر مسمونة مخلوطة بسمن والخمير الخبز. والاتّهاب قبول الهبة يقال وهبت له كذا فاتّهبه.

وقال عليه السلام: "الهديّة تذهب وحر الصّدر" أي حقده والصّرف من حدّ علم والوغر كذلك وأصله من الوحرة الّتي هي دويبّة حمراء تلزق بالأرض وفارسيّتها زغار كرم شبّه الحقد المتمكّن في الصّدر بها.

وروي عن عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت نحلني أبو بكر رضي اللّه عنه جداد عشرين وسقا من ماله بالعالية فلمّا حضره الموت حمد اللّه وأثنى عليه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الشورى: 49.

 

ص -222-      وقال: يا بنتاه إنّ أحبّ النّاس إليّ غنى أنت وأعزّهم عليّ فقرا أنت وإنّي كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي بالعالية وإنّك لم تكوني قبضته ولا حزته وإنّما هو مال الوارث وإنّما هما أخواك وأختاك.

قالت رضي اللّه عنها: قلت إنّما هي أمّ عبد اللّه تعني أسماء فقال إنّه ألقي في نفسي أنّ ذا بطن بنت خارجة جارية.

قولها: نحلني أي أعطاني وأرادت به التّسمية بدون التّسليم فقد قال فيه لم تكوني قبضتيه.

وقوله: جداد عشرين وسقا أي قدر ما يجدّ من النّخل.

والجداد بفتح الجيم وكسرها من حدّ دخل هو صرام النّخل أي قطع ثمرها.

والوسق وقر بعير وهو ستّون صاعا وقولها من ماله بالعالية أي من نخله الّتي هي بهذا المكان.

والعالية ما فوق نجد إلى أرض تهامة وهي من أرض العرب.

وقول أبي بكر رضي اللّه عنه: إنّ أحبّ النّاس إليّ غنى أنت أي أنت الّتي غناك أحبّ إليّ من غنى غيرك وأعزّهم عليّ فقرا أنت أي يشقّ ويشتدّ عليّ فقرك أكثر ممّا يشقّ ويشتدّ عليّ فقر غيرك من قولهم عزّ عليّ الشّيء أي اشتدّ.

وقوله: إنّك لم تكوني قبضته ولا حزته هي الرّواية الصّحيحة وهي بدون الياء بعد تاء الخطاب وعلى ألسن المتفقّهة لم تكوني قبضتيه ولا حزتيه بزيادة ياء إشباعا لكسرة تاء خطاب المرأة وليست بفصيحة وإن استعملها بعضهم في الشّعر:

واللّه لو كرهت كفّي مصاحبتي                 لقلت للكفّ بيني إذ كرهتيني

 

ص -223-      والحيازة: الجمع من حدّ دخل.

وقوله: إنّما هو مال الوارث أي الورثة فقد سمّى بعد ذلك جماعة وإنّما فعل ذلك لأنّه جنس يصلح للجمع. وقوله إنّما هما أخواك يعني عبد الرّحمن ومحمّدا رحمهما اللّه فقد عاشا بعد أبي بكر وكان له ابن آخر اسمه عبد اللّه لكنّه استشهد بسهم رمي به يوم الطّائف ومات بالمدينة في حياة أبي بكر رضي اللّه عنه بعد وفاة النّبيّ عليه الصّلاة والسلام.

وقوله: وأختاك إحداهما أسماء بنت أبي بكر رضي اللّه عنهما.

وقول عائشة: إنّما هي أمّ عبد اللّه أي عبد اللّه بن الزّبير بن العوّام فقد كانت أسماء امرأة الزّبير وأمّ عبد اللّه بن الزّبير والأخت الثّانية هي الّتي سألت عنها عائشة وأخبرها أنّها الّتي في بطن امرأة أبي بكر وهي بنت خارجة بن أبي زهير الأنصاريّ.

قال أبو بكر: ألقي في قلبي أي ألهمت وكان كما ألهم فقد كانت بنت خارجة حاملا فولدت بعد أبي بكر بنتا فسمّيت أمّ كلثوم.

وقوله: في نفسي أي في قلبي.

وقوله: إنّ ذا بطن بنت خارجة جارية أي صاحب بطن هذه المرأة بنت أي الولد الّذي في بطنها وذا في هذا الحديث بمنزلة قولك رأيت رجلا ذا مال أي صاحب مال والجارية أراد بها الأنثى والبنت.

وقوله عليه السلام: "لا حبس عن فرائض اللّه" فسّرناه في كتاب الوقف.

وقالوا: أراد بها السّائبة لا الوقف.

 

ص -224-      والسّائبة هي المال الّذي يسيّبه أي يهمله من غير أن يجعله ملكا لأحد أو وقفا على شيء من وجوه الخير والسّائبة المذكورة في القرآن في قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ}1 هي النّاقة الّتي تسيّب فلا تمنع من مرعى بسبب نذر علّق بشفاء مريض أو قدوم غائب.

وعن عمر رضي اللّه عنه أنّه قال: من وهب لذي رحم محرم فليس له أن يرجع فيها ومن وهب لغير ذي رحم محرم فله أن يرجع فيها ما لم يثب منها.

ذو الرّحم صاحب القرابة والمحرم هو الّذي تحرم مناكحته كالعمّ والخال والأخ والأخت وولد الأخ وولد الأخت فأمّا بنو الأعمام وبنو الأخوال ونحوهم فذوو الأرحام وليسوا بمحارم.

وقوله عليه السلام: "ما لم يثب منها" أي ما لم يعوّض منها من الإثابة وهي إعطاء الثّواب أي الجزاء يقال أثيب يثاب على ما لم يسمّ فاعله وجزم آخره بلم فسقطت الألف لاجتماع السّاكنين.

وقوله عليه السلام: "تهادوا تحابّوا" الدّال في الأوّل مفتوحة كما في قوله: {وَتَنَاجَوْا}2 والباء في الثّاني مضمومة كما في قوله: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ}3 والتّهادي إهداء بعض إلى بعض والتّحابّ محبّة بعضهم بعضا.

وقوله عليه السلام: "من أزلّت إليه نعمة فليشكرها" أي أسديت والإزلال والإسداء والإنعام واحد.

أفرز نصيبه منه أي عزله ومازه وكذلك الفرز من حدّ ضرب.

ولو وهب لإنسان سمنا في لبن أو زبدا في لبن قبل أن يمخض وقبل أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة المائدة: 103.

2 سورة المجادلة: من الآية 9.

3 سورة غافر: 47.

 

ص -225-      يسلأ لم يجز مخض اللّبن تحريكه في الممخضة لاستخراج الزّبد من حدّ ضرب وصنع ودخل جميعا وسلأت السّمن بالهمزة أي عملته من حدّ صنع.

وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه أجاز العمرى وأبطل شرط المعمر هو أن يقول هذه الدّار لك عمرك أي مدّة حياتك فإذا متّ أنت فهي لي أو يقول هذه الدّار لك عمري فإذا متّ أنا أخذها ورثتي منك وهي تمليك للحال فصحّ واشتراط الاسترداد بعد زمان فبطل الشّرط لأنّه يخالف مقتضى الشّرع.

وروي أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أجاز العمرى وأبطل الرّقبى هو أن يقول صاحب الدّار أو نحوها هذه الدّار لأيّنا بقي بعد صاحبه يعني إن متّ أنا فهي لك وإن متّ أنت فهي لي فهذا ليس بتمليك مطلق للحال فلذلك بطل وهذا الفعل يسمّى إرقابا وهو مأخوذ من قولك رقبت الشّيء رقوبا من حدّ دخل أي أرصدته وأرقبته ارتقابا أي انتظرته وترقّبته ترقّبا كذلك سمّي به لأنّ كلّ واحد منهما ينتظر موت صاحبه.

وقال النّبيّ عليه السلام: "العاريّة مؤدّاة والمنحة مردودة العاريّة" ما يعطى ليستوفي منافعه ثمّ يردّ والمنحة ما يعطى ليتناول ما يتولّد منه كالثّمر واللّبن ونحو ذلك ثمّ يردّ الأصل.

وقول النّبيّ عليه السلام: "من منح منحة ورق كان له كعدل رقبة" فقد قيل أراد به القرض هاهنا.

والمنيحة بالياء كالمنحة وقد تكون المنحة تمليكا يقال منحه منحة ومنحا أي أعطاه.

 

ص -226-      كتاب البيع:

البيع: تمليك مال بمال ولذا يقع على البيع والشّراء: يقال باع داره أي ملّكها غيره بثمن وباع دار فلان بكذا أي اشتراها به قال أبو ثروان وهو أستاذ الفرّاء للفرّاء بع لي تمرا بدرهم أي اشتر ولهذا قال النّبيّ عليه السلام: "البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا" وقال النّبيّ عليه السلام: "إذا اختلف المتبايعان" أطلق الاسم عليهما وكذلك الشّراء هو تمليك مال بمال ويقع على كلّ واحد منهما وهو ينبئ عن المماثلة فإنّ الشّروى هو المثل ومبادلة المال بالمال هو كذلك.

والابتياع والاشتراء كذلك في الأصل يصلح لهما غير أنّ الغالب في الاستعمال أنّ البيع والشّراء يجعلان للإيجاب والابتياع والاشتراء للقبول لأنّ الثّلاثيّ في الفعل أصل والمنشعبة فرع له والإيجاب في العقد أصل والقبول بناء عليه فجعل الأصل للأصل والمبتني على الأصل للمبتنى على الأصل والملك عبارة عن القوّة والشّدّة، قال قيس بن الخطيم:

طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر                  لها نفذ لولا الشّعاع أضاءها

ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها                      يرى قائم من دونها ما وراءها

يقول طعنت برمحي هذا الرّجل كطعنة من قتل قاتل قريبه.

والثّأر يسمّى به القاتل الأوّل يقال هو ثأر فلان أي قاتل قريبه والثّائر هو قاتل القاتل يقال ثأرت القتيل بالقتيل من حدّ صنع أي قتلت قاتله وما يقال طلب الثّأر وترك الثّأر وأدرك الثّأر فهو هذا المصدر.

 

ص -227-      وقوله لها: نفذ أي لهذه الطّعنة نفوذ إلى الجانب الآخر من حدّ دخل ولولا الشّعاع أي الدّم المتفرّق أضاءها النّفذ أي أظهر فيها الضّوء.

ثمّ قال: ملكت بها أي شددت بهذه الطّعنة كفّي فأنهرت أي وسّعت فتقها أي نقضها من حدّ دخل فهي بحال يرى القائم من هذا الجانب ما كان من ذلك الجانب من جهة الطّعنة النّافذة.

والحفنة بالحفنتين يراد بها قدر ملء الكفّ ويقال حفنت له حفنة أي أعطيت له قليلا من حدّ ضرب.

والاستصناع طلب الصّنع وسؤاله.

وذكر السّلم في الأكارع وهي جمع الكراع وجمعه أكرع والأكارع جمع الأكرع وهي القوائم.

والدّقل أردأ التّمر.

الزّيوف جمع زيف بتسكين الياء وهو اسم وبالتّشديد زيّف هو نعت والزّائف كذلك وقد زاف يزيف وزيّفه النّاقد أي لم يأخذه ونفاه من الجيّد وهو الّذي خلط به نحاس أو غيره ففاتت صفة الجودة ولم يخرج من اسم الدّراهم وقرب منه البهرج بدون النّون وهو الرّديء منه وهو فارسيّ معرّب وفارسيّته نبهره وقد يستعمل مع النّون فيقال النّبهرج.

وأمّا السّتّوق بفتح السّين وضمّها مشدّدة التّاء فهي فارسيّ معرّب وفارسيّته سهّ تاه وهو على صورة الدّراهم وليس له حكمها إذ جوفه نحاس ووجهاه جعل عليهما شيء قليل من الفضّة لا يخلص والحاصل أنّ الزّيف ما زيّفه بيت المال والنّبهرج ما يردّه التّجّار والسّتّوقة ما يغلب غشّه على فضّته والرّصاص هو المموّه.

الفساد إذا تمكّن في صلب العقد أي أصل العقد والصّلب في الأصل من الظّهر ما كان فيه الفقار وهو أصله ومعظمه.

 

ص -228-      وقول ابن عمر رضي اللّه عنه: لا بأس بالرّهن والقبيل في السّلم أي الكفيل والقبلاء الكفلاء.

مبنى الصّلح على الحطّ.

والإغماض الحطّ النّقص والإغماض أصله تغميض العين فيراد به هاهنا التّجوّز والمساهلة قال اللّه تعالى: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيه}1.

وإذا أسلم في كذا ذراعا من كذا فله ذرع وسط وفي بعض النّسخ فله ذراع وسط فالذّرع فعل الذّارع أي لا يمدّ ولا يرخي في حالة الذّرع والذّراع ما يذرع به والوسط منه أن لا يكون في غاية الطّول ولا في نهاية القصر بل بين ذلك.

وذكر السّلم في المساتق وهي جمع مستق ومستقة بضمّ الميم وفتح التّاء وهو فرو طويل الكمّين وهو معرّب وفارسيّته يوستين.

وإذا دفع إليه غرائر هي جمع غرارة بكسر الغين وقال في ديوان الأدب هي وعاء من صوف أو شعر لنقل التّبن وما أشبهه.

ولا يجوز السّلم في الحنطة الحديثة أي الجديدة وهي الّتي تكون في هذا العام لأنّها قد لا تكون.

والطّلع كافور النّخل وهو أوّل ما ينشقّ عنه وكذلك الكفرّى.

والدّبس عصارة الرّطب وهي ما سال عن العصر.

والسّكر بفتح السّين والكاف خمر التّمر.

والجزاف معرّب عن كزافّ والمجازفة مأخوذة منه.

والقلي والقلو لغتان وقد قليت الحنطة وقلوتها فهي مقليّة ومقلوّة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 267.

 

ص -229-      والقسب بتسكين السّين يابس يتفتّت في الفم قاله في ديوان الأدب وقال في مجمل اللّغة القسب التّمر اليابس واستشهد بقول الشّاعر:

وأسمر خطّيّا كأنّ كعوبه            نوى القسب قد أرمى ذراعا على العشر

ومشايخنا كانوا يقولون هو يابس البسر وفي الأصول ما أعلمتك.

نهى عن بيع التّمر حتّى يزهو أو حتّى يزهي بضمّ الياء وكسر الهاء روايتان والزّهو من حدّ دخل والإزهاء من باب الإفعال لغتان وهو احمرار البسر ويروى حتّى يشقح التّشقيح احمرار البسر أيضا.

وإذا اشترى نعلا وشراكا على أن يحذوه البائع هو فعل الحذّاء وهو أن يقدّر الشّيء بالشّيء ويشدّه به.

ونهى النّبيّ عليه السلام: عن بيع المضامين جمع مضمون وعن بيع الملاقيح وهو جمع ملقوح والمضمون ما في صلب الذّكر والملقوح ما في رحم الأنثى وقد لقحت الأنثى من فحلها لقاحا من حدّ علم.

ونهى عن حبل الحبل بفتح الحاء والباء فيهما جميعا وهو نتاج النّتاج وهو أن يقول بعت منك ولد ولد هذه النّاقة يعني إذا ولدت هي أنثى وكبرت تلك الأنثى وولدت فذلك الولد لك بكذا وهو بيع المعدوم فلم يجز ويروى عن حبل الحبلة بزيادة الهاء وهي كذلك والهاء للمبالغة ويروى بكسر الباء من الكلمة الأخيرة وهي الحبلى.

فهو بيع ولد الحبلى وصفقتان في صفقة هما عقدان في عقد وأصله ضرب اليد على اليد من باب ضرب وكانوا يفعلون كذلك في العقود والعهود.

وإذا باع سمكا محظورا في جهة لم يجز أي ممنوعا فيها لا يمكنه الخروج منها لكن لا يمكن أخذه إلّا بالاصطياد فيصير بيع الغرر.

وإذا باع إلى الميلاد يراد به وقت ولادة عيسى عليه السلام.

 

ص -230-      والجنس بانفراده يحرّم النّساء بالمدّ هو الاسم من قولك نسأ الشّيء من حدّ صنع أي أخّر وأنسأ على وزن أفعل كذلك والاسم النّسيء والنّساء كقولك البريء والبراء قال اللّه تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}1 وقال تعالى: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}2 ولا بأس بطيلسان كرديّ بطيلسانين خواريّين إلى أجل هو نسبة إلى خوار. الرّيّ وهي بلدة بقربها بينهما مسيرة ثلاثة أيّام.

ولا بأس بمسح موصليّ بمسحين قشاشاريين وسابريّ بسابريين إلى أجل هو نسبة إلى بلاد أيضا.

ولا بأس بقطيفة أصبهانيّة بقطيفتين كرديّتين هي نوع من الأكسية.

وقال النّبيّ عليه السلام: "من اشترى شاة محفّلة فهو بآخر النّظرين" المحفّلة هي الّتي لا تحلب أيّاما حتّى يجتمع لبنها في ضرعها وقد حفّلها تحفيلا والمحفل مجمع النّاس وقد حفل القوم أي جمعهم من حدّ ضرب.

وروي من اشترى شاة مصرّاة كذلك وهي من قولهم فيما يروى مسح بيده على جرحه وتفل فيه فلم يصر أي لم يجمع المدّة ونزلنا الصّريين أي الماءين المجتمعين والواحد صرى وقيل هي الّتي حبس ومنع لبنها في ضرعها وقد صراه يصريه صريا أي منعه قال القائل:

فودّعن مشتاقا أصبن فؤاده                   هواهنّ إن لم يصره اللّه قاتله

فيه تقديم وتأخير أي هواهنّ قاتله إن لم يمنعه اللّه وقيل هو من الصّرّ وهو الشّدّ من حدّ دخل وللتّكثير والتّكرير منه صرّر تصريرا ثمّ جعلوا آخر الرّاءات الثّلاث ياء كما فعلوا ذلك في قولهم تظنّيت أي تظنّنت وتمطّيت أي تمطّطت.

وقال عليه السلام لحبّان بن منقذ الأنصاريّ: هو بفتح الحاء وبعد الحاء باء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة التوبة: 37.

2 سورة الزخرف: 26.

 

ص -231-      معجمة بواحدة من تحتها: "إذا بايعت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيّام" والخلابة الخديعة من حدّ دخل.

الجسّ من الأعمى فيما يجسّ كالرّؤية من غيره هو المسّ من حدّ دخل.

المرابحة البيع بما اشترى وبزيادة ربح معلوم عليه.

والمواضعة البيع بما اشترى وبنقصان شيء معلوم عنه.

والتّشريك بيع بعض ما اشترى بحصّته بما اشتراه به.

والتّولية بيع ما اشترى بما اشترى.

وتدليس العيب كتمانه.

ومن العيوب هذه الأشياء بتفسيرها الثّؤلول آرثخ والصّهوبة في الشّعر شقرة والنّعت منه أصهب.

والشّمط هو اختلاط سواد الرّأس بالبياض والنّعت منه أشمط من حدّ علم، والبخر إنتان الفم والنّعت منه أبخر من حدّ علم. والأدر مصدر الآدر بمدّ النّعت من حدّ علم وهو أن يكون به الأدرة وفارسيّتها قنج.

والعشا مصدر الأعشى وهو الّذي لا يبصر باللّيل. والعسر مصدر الأعسر وهو الّذي يعمل بشماله وهو من باب علم أيضا. والدّفر بتسكين الفاء هو النّتن وكتيبة دفراء لما فيها من رائحة الحديد والدّنيا تسمّى أمّ دفر ويقال للأمة يا دفار بكسر الرّاء أي يا منتنة والذّفر بالذّال معجمة مصدر الأذفر من حدّ علم وهو شدّة الرّيح خبيثة كانت أو طيّبة وأراد به هاهنا شدّة ريح الإبط. والقرن بتسكين الرّاء كالعفلة بفتح العين والفاء وهي للنّساء كالأدرة للرّجال وامرأة عفلاء. والفتق انفتاق الفرج وامرأة فتقاء من حدّ علم وضدّه الرّتق والنّعت منه الرّتقاء هذا انسداد والأوّل انفتاح.والسّلعة بتسكين اللّام الشّجّة والسّلع بفتح اللّام البرص من حدّ علم والنّعت أسلع، والفدع مصدر الأفدع وهو المعوجّ الرّسغ من اليد أو الرّجل من حدّ علم أيضا.

 

ص -232-      والفجج مصدر الأفجّ وهو الّذي يتدانى عقباه وينكشف ساقاه في المشي.

والصّكك مصدر الأصكّ وهو الّذي يصطكّ ركبتاه من حدّ علم أيضا.

والحنف مصدر الأحنف وهو الّذي أقبلت إحدى إبهامي رجليه على الأخرى.

والصّدف مصدر الأصدف وهو الدّابّة الّتي تتدانى فخذاها ويتباعد حافراها ويلتوي رسغاها.

والشّدق مصدر الأشدق وهو الواسع الشّدقين.

والعسم يبس اليد منه أيضا.

والخيف مصدر الأخيف من الخيل وهو الّذي إحدى عينيه زرقاء والأخرى كحلاء من حدّ علم أيضا.

والعزل مصدر الأعزل منه أيضا وهو من الدّوابّ الّذي يقع ذنبه في جانب عادة لا خلقة.

والمشش ارتفاع العظم لعيب يصيبه.

والحرد بالحاء مصدر الأحرد منه أيضا وهو من الإبل الّذي أصابه انقطاع عصب من يده أو رجله فهو ينفضها إذا سار.

والخوض بالخاء المعجمة فوقها مصدر الأخوض وهو غائر العين وبالحاء المعلّمة بعلامة تحتها وهو الضّيق مؤخّر العين وهما من حدّ علم، والحول مصدر الأحول وهو معلوم.

والقبل مصدر الأقبل منه أيضا وهو الّذي كأنّه ينظر إلى طرف أنفه.

والحران والحرون صفة الفرس الحرون من حدّ دخل وهو الّذي يقف ولا ينقاد للسّائق ولا للقائد.

والجماح والجموح من حدّ صنع أن يشتدّ الفرس فيغلب راكبه.

 

ص -233-      وخلع الرّسن ظاهر. وحبل المخلاة كذلك وهي الّتي يجعل فيها الخلا بالقصر وهو الحشيش وفارسيّتها توبّره.

والمهقوع الدّابّة الّتي بها الهقعة وهي الدّائرة الّتي على الجبهة ويقال إنّ أبقى الخيل المهقوع والانشتار انقلاب جفن العين انفعال من الشّتر وهو مصدر الأشتر من باب علم واستعمل كلّ واحد منهما أي الشّتر والانشتار.

البزى خروج الصّدر والنّعت منه الأبزى من حدّ علم أيضا.

والظّفرة بفتح الظّاء والفاء في العين نابتة. وريح السّبل في العين غشاء يغطّي بصر العين من الإسبال وهو الإرسال.

والغرب بفتح الغين والرّاء ورم في المآقي وقد غربت عينه فهي غربة من حدّ علم.

وفي الحديث: كره بيع العينة، قيل هي شراء ما باع بأقلّ ممّا باع قبل نقد الثّمن وقيل وهو الصّحيح هي أن يشتري ثوبا مثلا من إنسان بعشرة دراهم إلى شهر وهو يساوي ثمانية ثمّ يبيعه من إنسان نقدا بثمانية فيحصل له ثمانية ويحصل عليه عشرة دراهم دين سمّيت بها لأنّه وصل بها من دين إلى عين وجمعها العين ومنه الحديث: "إذا تبايعتم بالعين واتّبعتم أذناب البقر ذللتم وقصدكم عدوّكم في دياركم" والفعل منه تعين وقال محمّد رحمه اللّه في الجامع الصّغير: إذا قال لرجل تعيّن عليّ حريرا أي اشتر لي حريرا بعقد العينة على أن يكون الضّمان عليّ.

والاستبراء طلب طهارة الرّحم بحيضة وقد أوضحناه عند تفسير استبراء المتطهّر في أوّل كتاب الصّلاة بما أغنانا عن الإعادة.

أقلعت عنه الحمّى أي كفّت.

فقأ العين أي سملها من حدّ صنع.

 

ص -234-      كتاب الصّرف:

قال الخليل بن أحمد رحمه اللّه: الصّرف فضل الدّرهم على الدّرهم ومنه اشتقّ اسم الصّيرفيّ والصّرّاف لتصريفه بعض ذلك في بعض.

والصّريف الفضّة قال قائلهم:

بني غدانة ما إن أنتم ذهبا                     ولا صريفا ولكن أنتم الخزف

يعني يا بني غدانة لستم ذهبا ولا فضّة بل أنتم خزف وكلمة ما للنّفي وكلمة إن أيضا للنّفي وجمع بينهما تأكيدا ويقال إن زائدة.

ومن الصّرف الّذي هو بمعنى الفضل ما روي من فعل كذا لم يقبل اللّه منه صرفا ولا عدلا أي فضلا وهو النّفل ولا عدلا أي مماثلا لما عليه وهو الفرض.

وللحديث وجه آخر صرفا أي توبة تصرف العذاب عنه ولا عدلا أي فداء يعادل نفسه.

وفي الحديث من طلب صرف الحديث عوقب بكذا أي الزّيادة فيه فسمّي عقد الصّرف به لأنّ الغالب ممّن عقد على الذّهب والفضّة بعضها ببعض هو طلب الفضل بها لأنّه لا يرغب في أعيانها وقيل هو من الصّرف الّذي هو النّقل والرّدّ يقال صرفه عن كذا إلى كذا سمّي به لاختصاصه بالحاجة إلى نقل كلّ واحد من البدلين من يد من كان له إلى يد من صار له بهذا العقد.

وروي عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه أنّه قال: أتى عمر رضي اللّه عنه بإناء

 

ص -235-      خسروانيّ قد أحكمت صنعته فبعثني به لأبيعه فأعطيت به وزنه وزيادة فذكرت ذلك لعمر رضي اللّه عنه فقال أمّا الزّيادة فلا.

الإناء الخسروانيّ المنسوب إلى ملوك العجم وكان ملكهم يسمّى خسرو وكان من الذّهب والفضّة.

وقوله: أعطيت به وزنه وزيادة أي طلبوا منّي شراه بمثل وزنه من جنسه ذهبا أو فضّة وبزيادة لجودته وإحكام صنعته فردّ عمر رضي اللّه عنه الزّيادة للرّبا وبيّن أنّ الجودة لا قيمة لها عند مقابلة الجنس في أموال الرّبا.

وعن أبي جبلة أنّه قال: سألت عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه فقلت إنّا نقدم أرض الشّام ومعنا الورق الثّقال النّافقة وعندهم الورق الخفاف الكاسدة أفنبتاع ورقهم العشرة بتسعة ونصف وبتسعة فقال لا تفعل ولكن بع ورقك بذهب واشتر ورقهم بالذّهب ولا تفارقهم حتّى تستوفي وإن وثب من سطح فثب معه.

قوله: إنّا نقدم فالقدوم الإتيان من السّفر من حدّ علم والورق الدّراهم ولذلك جمع فقال الثّقال وهو جمع الثّقيل أي الكبير المثقال والنّافقة الرّائجة والمصدر النّفاق بفتح النّون من حدّ دخل وكان عندهم درهم بخلاف ما عند هؤلاء وهي الدّراهم الخفاف الكاسدة وقوله أفنبتاع أي نشتري وقوله العشرة بتسعة ونصف أي بنقصان نصف درهم.

وقوله وبتسعة أي وبنقصان درهم فقال لا تفعل ولكن بع دراهمك بالذّهب وهو خلاف الجنس فاشتر ورقهم بالذّهب وهو خلاف الجنس أيضا ولا تفارقه أي بالبدن حتّى تستوفي فدلّ أنّهما لو قاما من المجلس وانتقلا إلى مكان آخر وهما مجتمعان لم يكن ذلك افتراقا مبطلا للصّرف.

وقوله: وإن وثب من سطح فثب معه لم يطلق له حقيقة الوثوب المهلك لكنّه مبالغة في ترك الافتراق بالأبدان قبل القبض.

 

ص -236-      وروي عن كليب بن وائل قال سألت عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه عن الصّرف فقال: من هذه إلى هذه أي من يدك إلى يده قال فإن استنظرك أي استمهلك إلى خلف هذه السّارية فلا تفعل السّارية الأسطوانة وهذا نهي عن الافتراق قبل القبض.

وكره ابن سيرين رضي اللّه عنه أن يبتاع السّيف المحلّى بالفضّة بالنّقد أي إذا لم يعلم أنّ النّقد زيادة على فضّة السّيف.

وعن أبي نضرة قال سألت ابن عمر رضي اللّه عنه عن الصّرف قال: لا بأس به يدا بيد أي عن الفضل في الوزن في الذّهب بالذّهب والفضّة بالفضّة وكان ابن عمر أوّلا لا يحرّم ربا الفضل وكان يحرّم النّساء وقال أبو نضرة سألت ابن عبّاس رضي اللّه عنه فقال مثل ذلك أي كان مذهبه كذلك قال فقعدت يوما في حلقة فيها أبو سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه فأمرني رجل فقال سله عن الصّرف فقلت إنّ هذا يأمرني بأن أسألك عن الصّرف فقال لي الفضل ربا أي أفتى بخلاف فتوى ابن عمر وابن عبّاس رضي اللّه عنهما فقال الرّجل لي سله أمن قبل رأيه أو شيء سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أي يقول اجتهادا أم سماعا قال فذكرت ذلك له فقال أبو سعيد بل سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتاه رجل يكون في نخله برطب طيّب فقال: "من أين هذا" فقال أعطيت صاعين من تمر رديء وأخذت هذا أي استبدلت صاعا رديئا بصاع جيّد فقال النّبيّ عليه السلام: "أربيت أي أعطيت الرّبا".

والاسترباء طلب الرّبا وأخذ الرّبا قال إنّ سعر هذا في السّوق كذا وسعر هذا كذا فقال أربيت فهلّا بعته بسلعة ثمّ ابتعت بسلعتك تمرا فقال أبو سعيد التّمر ربا والدّراهم مثله أي ذلك من أموال الرّبا والدّراهم كذلك فيصحّ القياس عليه ولمّا جاز قياس الوزنيّ على الكيليّ فلأن يجوز قياس الكيليّ على الكيليّ والوزنيّ على الوزنيّ أولى.

قال أبو نضرة: وأمرت أبا الصّهباء فسأل ابن عبّاس رضي اللّه عنهما عن الصّرف فقال: لا خير فيه أي رجع عن فتواه الأولى رواية أبي سعيد رضي اللّه عنه وقال أبو نضرة

 

ص -237-      فسألت ابن عمر رضي اللّه عنه بعد ذلك عن الصّرف فقال: لا خير فيه أي رجع هو أيضا كذلك.

وروي أنّ رجلا باع طوق ذهب مفضّض بمائة دينار فاختصما إلى شريح فأفسد البيع أي حيث لم يعرف المساواة في الذّهب والزّيادة بمقابلة الفضّة.

وروي أنّ النّبيّ عليه السلام: بعث يوم خيبر سعدين يعني رجلين كلّ واحد منهما اسمه سعد أحدهما سعد بن مالك هو سعد بن أبي وقّاص واسم أبي وقّاص مالك وسعد آخر فباعا غنائم ذهب كلّ أربعة مثاقيل تبر بثلاثة مثاقيل عين فالتّبر غير المضروب والعين المضروب فقال النّبيّ عليه السلام: "أربيتما فردّا فدلّ أنّ الجيّد والرّديء في هذا سواء".

وعن سليمان بن بشير قال أتاني الأسود بن يزيد فصرفت له دراهم وافية بدنانير أي أمرني ببيع دراهم جيّدة تامّة كانت له بدنانير رجل ففعلت ذلك ثمّ دخل هو المسجد فصلّى ركعتين فيما ظنّ أي تبدّل المجلس ثمّ جاءني فقال اشتر بها غلّة أي اشتر لي بهذه الدّنانير دراهم تروج في البلد دون نقد بيت المال فجعلت أطلب الرّجل الّذي صرفت عنده أي ذلك العاقد الأوّل فقال هذا الموكّل لا عليك أن لا تجده وإن وجدته فلا أبالي أي سواء فعلت هذا مع العاقد الأوّل أو مع إنسان آخر فلا بأس عليك وهو جائز يعني ليس هذا باستبدال ببدل الصّرف بل مضى العقد الأوّل فهذا عقد مبتدأ.

وعن أنس رضي اللّه عنه قال: بعت جام فضّة بورق أقلّ منه فبلغ ذلك عمر رضي اللّه عنه فقال: ما حملك على ذلك؟ قلت: الحاجة، فقال: ردّ الورق إلى أهلها وخذ إناءك فعارض به: أي افسخ ذلك العقد فإنّه ربا ثمّ بعه بعرض لئلّا يكون فيه ربا.

وعن أبي رافع قال: سألت عمر رضي اللّه عنه عن المصوغ أصوغه وأبيعه؟ قال: وزنا بوزن قلت إنّي أبيعه وزنا بوزن ولكن آخذ أجر عملي؟ قال: إنّما عملت لنفسك فلا تزدد شيئا فإنّ النّبيّ عليه السلام: نهى عن بيع الفضّة إلّا وزنا بوزن، ثمّ قال:

 

ص -238-      الآخذ والمعطي والكاتب والشّاهد فيه شركاء أي في الإثم.

وعن أبي الودّاك عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "الذّهب بالذّهب الكفّة بالكفّة والفضّة بالفضّة الكفّة بالكفّة" ولا خير فيما بينهما أي سواء بسواء يدا بيد من كفّتي الميزان فقلت إنّي سمعت ابن عبّاس رضي اللّه عنهما يقول ليس في يد بيد ربا فمشى إليه أبو سعيد رضي اللّه عنه وأنا معه فقال له أسمعت من النّبيّ عليه السلام ما لم نسمع؟ فقال: لا، فقال أبو سعيد: فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ثمّ حدّثه بهذا الحديث فقال ابن عبّاس لا أفتي به أبدا وهذا دليل رجوعه عنه.

وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنّه كان يبيع نفاية بيت المال يدا بيد بالفضل فخرج خرجة إلى عمر رضي اللّه عنه فسأله عن ذلك فقال هذا ربا وكان ابن مسعود رضي اللّه عنه استخلف على بيت المال عبد اللّه بن شجرة الأزديّ فلمّا قدم ابن مسعود رضي اللّه عنه نهى عبد اللّه الأزديّ عن بيع الدّراهم بالدّراهم بينهما فضل النّفاية ما نفي من الجياد وهو الرّديء فدلّ أنّ الرّديء والجيّد في هذا سواء.

وعن القاسم بن صفوان أنّه قال: أكريت عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما إبلا بدنانير أي آجرته إيّاها بها فأتيته أتقاضاه أي أسأله قضاءها وبين يديه دراهم فقال لمولى له انطلق معه إلى السّوق فإذا قامت على سعر أي ظهرت قيمته فإن أحبّ أي مكري الإبل أن يأخذ أي الدّراهم عوضا عن دنانيره الّتي له علينا بالقيمة الّتي ظهرت فأعطه إيّاها وإلّا فاشتر له بها دنانير فأعطها إيّاه فقلت له يا أبا عبد الرّحمن هو كنية عبد اللّه بن عمر أيصلح هذا أي أيجوز هذا قال نعم لا بأس بهذا إنّك ولدت وأنت صغير هو كناية عن الجهل لأنّ الإنسان يولد ولا علم له ثمّ يتعلّم قال اللّه تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً}1 وذكر في حديث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النحل: 78.

 

ص -239-      رواية عبادة رضي اللّه عنه الرّبا في الأشياء السّتّة أنّ معاوية رضي اللّه عنه قال ما بال أقوام يحدّثون أحاديث لم نسمعها فقال عبادة: أشهد أنّي سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أي أحلف ثمّ قال لأحدّثن به وإن رغم أنف معاوية أي كره وغضب، ودلّ ذلك على أنّ عامّة الصّحابة رضي اللّه عنهم كانوا بالحقّ قائلين وللحقّ قابلين.

وفي حديث عبادة بن الصّامت أيضا مدّين بمدّين أي منوين بمنوين وفي آخره قال فمن زاد أي أعطى الزّيادة أو ازداد أي أخذ الزّيادة فقد أربى أي عقد عقد الرّبا.

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه لا يباع منها غائب بناجز أي بنقد حاضر فإنّي أخاف عليكم الرّماء أي الرّبا يقال أرمى وأربى أي زاد وفي رواية إنّي أخاف عليكم الإرماء وهو مصدر والأوّل اسم وهو مفتوح الرّاء ممدود الآخر.

وعن الشّعبيّ رحمه اللّه قال لا بأس ببيع السّيف المحلّى بالدّراهم لأنّ فيه حمائله وجفنه ونصله الحمائل جمع حمالة بكسر الحاء وهو المحمل بكسر الميم الأولى وفتح الميم الثّانية وهو العلاقة المموّه المطليّ بماء الذّهب أو الفضّة وليس له حكم الذّهب والفضّة لأنّه لا يخلص إذا أذيب فهو كالمستهلك والمذهّب ما جعل فيه عين الذّهب والمفضّض ما جعل فيه عين الفضّة.

وعن زينب امرأة عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قالت: أعطاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جداد عشرين وسقا من تمر خيبر وقد فسّرنا هذه الكلمة في أوّل كتاب الهبة قالت فقال لي عاصم بن عديّ أعطيك تمرا هاهنا وأتوفّى تمرك بخيبر أي أستوفي يقال وفّيته فتوفّى واستوفى كما يقال عجّلته فتعجّل واستعجل فقالت حتّى اسأل عن ذلك عمر رضي اللّه عنه فسألت عن ذلك عمر فنهاها عنه وقال كيف بالضّمان فيما بين ذلك كأنّ عاصم يقرضها تمرا هاهنا ليقبض مثله بخيبر فيسقط عن نفسه ضمان حمل التّمر من هاهنا إلى خيبر وهو قرض جرّ منفعة وهو منهيّ عنه.

وروي أنّ عمر رضي اللّه عنه أقرض أبيّ بن كعب عشرة آلاف درهم وكانت

 

ص -240-      لأبيّ نخلة تعجّل أي تسرّع إدراك ثمارها فأهدى أبيّ بن كعب لعمر رضي اللّه عنه رطبا فردّه عليه فلقيه أبيّ فقال له : أظننت أنّي أهديت إليك من أجل مالك أي لتؤخّره عنّي مدّة بسبب هديّتي ولم يكن كذلك ؟ ثمّ قال: ابعث إلى مالك فخذه أي ابعث رجلا ليقبض منّي دينك الّذي لك عليّ فلمّا سمع ذلك عمر قال: لأبيّ رضي اللّه عنه ردّ إلينا هديّتنا أي ابعث علينا هذه الهديّة الّتي كنت أهديتها إلينا حتّى نقبلها إذ ليس فيها شبهة الرّشوة.

وذكر حديث عتّاب بن أسيد أنهاهم عن أربع وفيها عن بيع وسلف أي قرض وهو أن يبيعه كذا بثمن كذا بشرط أن يقرضه المشتري كذا وهو منهيّ عنه.

وأقرض ابن مسعود رضي اللّه عنه رجلا دراهم فقضاه من جيّد عطائه فكره ابن مسعود رضي اللّه عنه وقال  لا إلّا من عرضة مثل دراهمي أي قضى دينه بما اختاره من جياد ما خرج له من العطاء من بيت المال فكره ابن مسعود رضي اللّه عنه وقال: لا إلّا من عرضة أي من ناحية هذا المال الّذي في يدك من العطاء أي تأخذه من أيّ طرف وقع في يدك بالرّفع من غير اختيار الأجود وهذا تنزّه وتحرّز عن الاستفضال وصفا وإن كان برضى من عليه ولو كان مشروطا كان حراما.

جاء رجل على فرس بلقاء هي الّتي فيها سواد وبياض.

وسأل ابن مسعود الحديث عن كنز الكنز العاديّ بالتّشديد القديم المنسوب إلى عاد وهم قوم قدماء قال اللّه تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى}1.

وكانوا في الجاهليّة إذا مات أحدهم في بئر جعلوها عقله أي ديته فأعطوها ورثته وكذلك قال في العجماء والمعدن.

وروي أنّ رجلا وجد كنزا بالمدائن فرفعه إلى عاملها فأخذه كلّه فبلغ ذلك إلى عائشة رضي اللّه عنها فقالت بفيه الكثكث فهلّا أخذ الأربعة الأخماس ودفع إليه خمسه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة النجم:50.

 

ص -241-      الكثكث بفتح الكافين الحجارة والتّراب وبكسرهما لغة أرادت أنّه هو الّذي أضرّ بنفسه حيث دفع إلى العامل وكان ينبغي له أن يدفع إليه خمسه ويمسك الباقي فيسلّم له وإنّما أضرّ به لسانه.

وعن جبلة بن حميد عن رجل منهم: خرج في يوم مطير أي ذي مطر إلى دير جرير الدّير الصّومعة وجرير اسم رجل فوقعت منه ثلمة أي انهدم شيء للمطر فإذا بستّوقة أو جرّة أي ظهرت بتوقة بفتح الباء أي الّتي يقال لها بالفارسيّة خنبرة أو جرّة وهي بالفارسيّة سبوى فيها كذا الحديث.

وعن حارث الأزديّ قال: وجد رجل ركازا فاشتراه منه أبي بمائة شاة متبع فلامته أمّي وقالت اشتريته بثلاثمائة أنفسها مائة وأولادها مائة وكفأتها مائة فندم فأتاه فاستقاله فأبى أن يقيله فقال لك عشر شياه فأبى فقال لك عشر أخر فأبى فعالج الرّكاز فخرج منه قيمة ألف شاة فأتاه الآخر فقال خذ غنمك وأعطني مالي فأبى عليه فقال لأضرّنّك فأتى عليّا وذكر ذلك له وقصّ عليه القصّة فقال أدّ خمس ما أخذت للّذي وجد الرّكاز وأمّا هذا فإنّما أخذ ثمن غنمه.

 

ص -242-      الرّكاز المعدن هنا والشّاة المتبع الّتي يتبعها ولدها والكفأة بالهمزة وتسكين الفاء وفتح الكاف وضمّها من قولهم نتج فلان إبله كفأة إذا نتج كلّ عام نصفها وذلك لأنّ عادة العرب إنزاء الفحول على النّوق في سنة على بعضها وسنة أخرى على بعضها وترك الإنزاء في سنة أخرى لأولادها وفي الغنم من عادتهم الإنزاء عليها كلّ سنة وذكر الكفأة في هذا الحديث في الغنم يريد به الإنزاء عليها كلّها فيلدن مائة أخرى فتقول هذه المرأة لزوجها اشتريت المعدن بمائة شاة كبار ولها مائة أولاد صغار وإذا أنزيت عليها حصلت مائة أخرى فقد اشتريته بثلاثمائة شاة في المعنى فاستقاله أي طلب منه الإقالة ومعالجة الرّكاز العمل والتّصرّف فيه فأتاه الآخر أي بائع الرّكاز فطلب منه الإقالة فلم يفعل وقال لأضرّنك أي لأخبرنّ به عليّا رضي اللّه عنه فأخبره فقال لبائع الرّكاز أدّ خمس ما أخذت لأنّه واجد الرّكاز وقد سلّم له بدله وأمّا مشتري الرّكاز فلم يوجب عليه عليّ رضي اللّه عنه شيئا لأنّه أخذه بثمن سبك الفضّة أو الذّهب أي أذابهما من حدّ ضرب.

والقلعيّ بفتح القاف وتسكين اللّام نوع من الرّصاص والأسرفّ أصله فارسيّ.

وقال عليه السلام: "كلّ ربا كان في الجاهليّة فهو موضوع" أي كلّ ما وجب على إنسان من ذلك بعقد كان في حالة الكفر فقد وضعته أي أبطلته وأسقطته عمّن جعل عليه. وروي أنّ أبا بكر الصّدّيق رضي اللّه عنه قبل الهجرة حين نزلت: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ}1 قال له مشركو قريش: هل لك أن نخاطرك على أن نضع بيننا وبينك خطرا المخاطرة بيمان بستن والخطر آن مال كه بروى بيمان بندند فإن غلبت الرّوم أي كانوا غالبين أخذت خطرنا وإن غلبت فارس أخذنا خطرك فخاطرهم أبو بكر رضي اللّه عنه على ذلك ثمّ أتى النّبيّ عليه السلام فأخبره بذلك فقال: "اذهب إليهم فزد في الخطر" أي قدر المال وأبعد في الأجل أي زد في المدّة وكان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الروم:1-2.

 

ص -243-      خاطرهم على خمس سنين فجعل ذلك سبع سنين فصارت الرّوم غالبين في السّنة السّابعة وفي رواية كان خاطرهم على سبع سنين ثمّ جعلها على تسع سنين فكانت غلبتهم في السّنة التّاسعة ويرجع ذلك إلى قوله تعالى: {فِي بِضْعِ سِنِينَ}1 وهو يقع على ما دون العشرة ففعله أبو بكر رضي اللّه عنه ثمّ غلبت الرّوم فأعطوه خطره فأمره النّبيّ عليه السلام: بأكله ويسمّى أيضا المناحبة، وعن المسور بن مخرمة رضي اللّه عنه قال: وجدت في المغنم يوم القادسيّة طستا لا يدرى أشبه هو أم ذهب فابتعتها بألف درهم فأعطاني بها تجّار الحيرة ألفي درهم أي طلبوا منّي شراها بضعف ما اشتريته به والتّجّار جمع تاجر وفيه لغتان ضمّ التّاء وتشديد الجيم على وزن الكفّار وكسر التّاء وتخفيف الجيم على وزن القيام والحيرة اسم القرية الّتي كان النّعمان بن المنذر يسكنها.

قال: فدعاني سعد هو سعد بن أبي وقّاص قائد جيش غزاة هذه الواقعة فقال: لا تلمني وردّ الطّست، أي لا تعتب عليّ باسترداده فهو شبيه بالإضرار بالغزاة وأمير المؤمنين عمر رضي اللّه عنه لا يرضى به فقلت له : لو كانت من شبه ما قبلتها منّي.

قال: إنّي أخاف أن يسمع عمر رضي اللّه عنه أنّي بعتك طستا بألف درهم فأعطيت بها ألفي درهم فيرى بالضّمّ: أي يظنّ أنّي قد صانعتك فيها المصانعة: المداراة ويجوز أن يكون من اصطناع المعروف هاهنا أي تبرّعت عليك بما هو للغانمين.

قال: فأخذها منّي فأتيت عمر رضي اللّه عنه فذكرت ذلك له فرفع يديه وقال: الحمد للّه الّذي جعل رعيّتي تخافني في آفاق الأرض قال: وما زادني على هذا.

وعن أبي رافع قال خرجت بخلخال فضّة لامرأة أبيعه فلقيني أبو بكر الصّدّيق رضي اللّه عنه فاشتراه منّي فوضعته في كفّة الميزان ووضع أبو بكر دراهمه في كفّة الميزان فكان الخلخال أشفّ منه قليلا أي أزيد والشّفّ بالكسر الفضل والشّفّ أيضا النّقصان وهو من الأضداد والشّفّ الرّبح وهو الفضل الّذي قلنا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الروم: 4.

 

ص -244-      قال: فدعا بالمقراض وفارسيّته كاز ليقطعه فقلت يا خليفة رسول اللّه هو لك أي إنّي أرضى بالزّيادة فقال: يا أبا رافع إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "الذّهب بالذّهب وزنا بوزن" الزّائد والمستزيد في النّار أي معطي الزّيادة وطالب الزّيادة عاصيان.

 

ص -245-      كتاب الشّفعة:

الشّفعة: من الشّفع الّذي هو نقيض الوتر وقد شفعت الوتر بكذا أي جعلته شفعا ومن له الشّفعة يشفع عقاره بالعقار الّذي يأخذه وناقة شافع في بطنها ولد ويتبعها آخر وشفع من حدّ صنع وناقة شفوع تجمع بين محلبين في حلبة واحدة والشّفاعة هي أن يشفع نفسه بمن يشفع له في طلب قضاء حاجته.

وقول النّبيّ عليه السلام: "الجار أحقّ بسقبه" ويروى بصقبه أي بقربه وقد صقبت داره أي قربت من حدّ علم أي هو أحقّ بأخذ الدّار بسبب قربه والسّاقب القريب والبعيد أيضا وهو من الأضداد قال قائلهم:

تركت أباك بأرض الحجاز                            ورحت إلى بلد ساقب

أي بعيد.

وروي عن المسور بن مخرمة رضي اللّه عنه أنّ سعد بن مالك هو سعد بن أبي وقّاص رضي اللّه عنه من العشرة المبشّرة بالجنّة عرض بيتا له على جار له فقال: خذه بأربعمائة درهم أما إنّي أعطيت به ثمان مائة درهم بضمّ الألف أي طلبوا منّي بضعف هذا الثّمن ولكنّي أعطيكه لأنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "الجار أحقّ بسقبه" وقال عليه السلام: "الخليط أحقّ من الشّفيع والشّفيع أحقّ من غيره" وقال شريح رحمه اللّه: الخليط أحقّ من الشّريك والشّريك أحقّ من الجار والجار أحقّ من غيره وحاصله أنّ الشّريك في البقعة أولى من الشّريك في الأسّ والشّريك في الأسّ أولى من الشّريك في الحقوق والشّريك في الحقوق أولى من الجار فالشّريك

 

ص -246-      في البقعة هو الخليط بدأ به في هذا الحديث وهو الشّريك في إجزاء العقار الّذي يباع والشّريك في الأسّ أي الأساس هو أن يكون الحائط بين العقارين مشتركا بين الجارين والشّريك في الحقوق هو أن يكون حقّ الشّرب أو حقّ المرور في الطّريق مشتركا بينهما والجار هو الملازق فإن كان بينهما طريق نافذ فلا شفعة له. وقال عليه السلام: "الجار أحقّ بسقبه ما كان" أي: أيّ شيء كان، وقال أهل المدينة: لا شفعة بالجوار لقول عليّ وابن عبّاس: لا شفعة إلّا لشريك لم يقاسم.

وقال الأرف: تقطع الشّفعة بضمّ الألف وفتح الرّاء أي المعالم والحدود جمع أرفة.

وقال: إذا وقعت الحوائد فلا شفعة أي الحدود والمعالم ويقال هو جاري محائدي أي على حدّي وعندنا للجار أيضا شفعة.

وقال عليه السلام: "الشّفعة لمن واثبها" أي: كما سمع وثب وطلب.

وقال النّبيّ عليه السلام: "الشّفعة كحلّ العقال" أي البعير إذا حلّ عقاله ولم يؤخذ من ساعته ذهب وإذا كان فناء منعرج عن الطّريق الأعظم أي منعطف زائغ عن الطّريق أي مائل أو زقاق أو درب غير نافذ فيه دور فالشّفعة للشّريك أوّلا والعهدة فيها على من أخذ منه أي ضمان الدّرك وحقوق العقد.

ولو اشترى أجمة وفيها قصباء بالمدّ هي قصبة والأجمة نيستان.

والكنيف الشّارع إلى الطّريق هو موضع قضاء الحاجة الخارج إليه.

ولو أقرّ المشتري بأنّ البيع كان تلجئة لم يكن للشّفيع فيه شفعة هي بالهمزة وتفسيرها الإكراه وقد ألجأته إلى كذا أو لجّأته أي اضطررته وأكرهته ويراد بها بيع لا يراد به نقل العين من ملك إلى ملك لكن إذا خاف الإنسان على شيء من ماله من إنسان يقصد أخذه بشراء أو غيره يواضع إنسانا على بيع يباشرانه دفعا لقصد ذلك الإنسان لا التزاما لحكم البيع الحقيقيّ بما يفعلان.

 

ص -247-      ولو لم يطلب شفعة ثبتت له لمّا كان بينهما نهر مخوف أو أرض مسبعة بفتح الباء والميم أي ذات سباع.

وإذا جعله جريّا بتشديد الياء بغير همز أي وكيلا وقال النّبيّ عليه السلام: "لا يستجرينّكم الشّيطان" أي لا يجعلنّكم جريّه أي وكيله.

وصاحب الجذع بكسر الجيم في الحائط والحراديّ بمنزلة الجار هو مشدّد الياء جمع حرديّ بضمّ الحاء وهو أطراف القصب الّتي توضع على الحائط في البناء والهراديّ بالهاء وبفتحها كذلك وإذا كان في الزّقاق عطف مدوّر أي منحنية وفارسيّته حكاه ويقول في الجامع الصّغير زائغة مستطيلة زائغة مستديرة وذلك قريب من هذا وأصل الزّيغ الاعوجاج.

 

ص -248-      كتاب القسمة:

القسمة: إفراز النّصيبين أو الأنصباء من حدّ ضرب والقسم بفتح القاف كذلك والقسم بالكسر النّصيب وقاسم فلان فلانا وتقاسم فلان وفلان واقتسما كذلك والاقتسام طلب القسمة وسؤالها والتّقسيم تبيين الأقسام والتّقسّم مطاوع له والانقسام مطاوع القسمة.

وروى محمّد رحمه اللّه عن بشير بن بشّار أنّ النّبيّ عليه السلام: قسّم غنائم خيبر على ستّة وثلاثين سهما ثمانية عشر سهما للمسلمين فيها سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وثمانية عشر سهما أرزاق أزواج النّبيّ عليه السلام ونوائبه، أي: حوائجه الّتي تنوبه أي تصيبه فكان للنّبيّ عليه السلام: خمس الخمس وما ذكر في الحديث من سهمه وأرزاق أزواجه رضي اللّه عنهنّ يصير بأضعافه ولكن وجهه أنّه عليه السلام: جعل أنصباء النّاس في العروض والنّقود والحيوان وجعل نوائبه وأرزاق أهله في الأراضي فبلغ ذلك ما قال.

وعن محمّد بن إسحاق الكلبيّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه قسّم غنائم خيبر على ثمانية عشر سهما جميعا وكانت الرّجال ألفا وأربعمائة والخيل مائتي فرس وكان على كلّ مائة رجل نقيب وكان عليّ بن أبي طالب على مائة وطلحة على مائة وكان عبيد السّهام على مائة وكان عاصم بن عديّ على مائة وكان الزّبير على مائة وكان عبد الرّحمن بن عوف على مائة وكان سهم رسول اللّه عليه السلام مع سهم عاصم بن عديّ.

وكانت المقاسم في الشّقّ والنّطاة وكانت الشّقّ ثلاث عشر سهما والنّطاة خمسة أسهم وكانت الكتيبة فيها خمس اللّه وطعام أزواج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعطاياه وكان أوّل

 

ص -249-      سهم خرج من الشّقّ سهم عاصم وفيه سهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ سهم عليّ، ثمّ سهم عبد الرّحمن، ثمّ سهم طلحة، ثمّ سهم ساعدة، ثمّ سهم النّجّار، ثمّ سهم حارثة، ثمّ سهم أسلم، ثمّ سهم سلمة، ثمّ سهما آخر ثمّ سهم أوس، وكان أوّل سهم خرج بالنّطاة سهم الزّبير ثمّ سهم بياضة ثمّ سهم أسيد ثمّ سهم الحارث ثمّ سهم ناعم وفيه قتل محمود بن سلمة رضي اللّه عنه أوّل هذا الخبر بظاهره.

وحجّة أبي يوسف ومحمّد رحمهما اللّه في أنّ الرّاجل له سهم والفارس له ثلاثة أسهم سهم لنفسه وسهمان لفرسه فإنّه قال: كانت الرّجال ألفا وأربعمائة والخيل مائتي فرس وكانت القسمة على ثمانية عشر سهما لكلّ مائة سهم فيكون لألف وأربعمائة رجل أربعة عشر سهما فيبقى أربعة أسهم لمائتي فرس لكلّ مائة سهمان وقد أصاب صاحب الفرس سهما فيصير له ثلاثة أسهم مع سهمي فرسه لكنّه حجّة أبي حنيفة رحمه اللّه في الحقيقة فإنّ الرّجال في هذا الحديث جمع راجل كما في قوله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ}1 وقوله: والخيل مائتي فرس، أي: أصحاب الخيل مائتا فرس كما في قوله عليه السلام: "يا خيل اللّه اركبي" أي: يا فرسان اللّه اركبوا فيصير لألف وأربعمائة راجل أربعة عشر سهما ولمائتي فارس أربعة أسهم لكلّ فارس سهمان سهم له وسهم لفرسه.

وقوله: على كلّ مائة رجل أي كان على كلّ مائة منهم نقيب وعدّ أسماءهم، فقال: كان عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه على مائة وعبيد السّهام على مائة وهذا على الإضافة والسّهام جمع سهم وعرف بهذا الاسم لأنّ النّبيّ عليه السلام: لمّا أراد أن يسهم قال لهم هاتوا أصغر القوم فأتي بعبيد وهو من صبيان الأنصار فدفع إليه السّهام فسمّي به وعدّ في أوّل هذا الحديث ستّة منهم، ثمّ ذكر جميعهم في آخره فقال: أوّل سهم خرج سهم عاصم ثمّ كذا ثمّ كذا أي بالقرعة فقد أقرع بينهم وكان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الحج: 27.

 

ص -250-      ذلك لتطييب النّفوس لا لأنّه شرط وقوله وكانت المقاسم في الشّقّ وهو اسم حصن من حصون خيبر وكذلك النّطاة وهي على وزن القطاة ولا همزة فيهما وكذلك الكتيبة اسم حصن من حصونها.

وروى أحاديث ظاهرة، ثمّ روى عن عامر الشّعبيّ أنّ النّبيّ عليه السلام: بعث عليّا رضي اللّه عنه إلى اليمن فأتى بركاز فأخذ منه الخمس وترك أربعة أخماسه وأتاه ثلاثة يدّعون غلاما كلّ واحد منهم يقول هو ابني، فأقرع بينهم فقضى بالغلام للّذي قرع أي خرجت قرعته وجعل عليه الدّية لصاحبيه قال فقلت لعامر: هل رفع عنه حصّته؟ قال: لا أدري كان هذا غلاما مشتركا بين ثلاثة أو كان ولد من جارية مشتركة بينهم فادّعى كلّ واحد منهم أنّه ابنه فأقرع بينهم عليّ رضي اللّه عنه وكان هذا رأيه في الابتداء، ثمّ رجع ولم ير القضاء بالقرعة وقيل إنّما أقرع لتراضيهم بها واصطلاحهم عليها وهو جائز

وقوله: جعل الدّية على الّذي قرع لصاحبيه، أي: أوجب عليه قيمة نصيب صاحبيه لأنّ الدّية بدل النّفس والقيمة كذلك فسمّيت بها وإنّما أوجب عليه قيمة نصيب صاحبيه لأنّه كان لهم جميعا ظاهرا وقد أتلف حصّتهما فضمن لهما.

وقوله: لعامر هل رفع عنه حصّته؟ أي هل أسقط عنه قيمة الثّلث الّذي هو نصيبه؟ أو أوجب عليه لكلّ واحد منهما نصف القيمة؟ والظّاهر أنّه أوجب عليه قيمة نصيبهما دون نصيب نفسه.

ومن مشايخنا رحمهم اللّه تعالى: من حمل هذا الحديث على أنّ واحدا كان قتل هذا الغلام المشترك بينهم وكان كلّ واحد يدّعي أنّه ابنه ويطلب من القاتل ديته وقضى عليّ رضي اللّه عنه بالنّسب لمن قرع لكن مع هذا أوجب الضّمان عليه لصاحبيه لأنّها وجبت ظاهرا فلا يصدّق في إسقاطها عن نفسه وهما يدّعيان دية الحرّ دون قيمة العبد لكنّه كان عبدا ظاهرا فلم يصدّقا في إيجاب الدّية فوجب القيمة.

وعن إسماعيل بن إبراهيم أنّه قال: خاصمت أخي إلى الشّعبيّ رضي اللّه عنه

 

ص -251-      في دار صغيرة أريد قسمتها ويأبى أخي ذلك فقال الشّعبيّ: لو كانت مثل هذه فخطّ بيده مقدار آجرّة لقسمتها بينكما وجعلتها على أربع قطع أي لو كانت هذه الدّار في الصّغر مثل هذه الآجرّة لقسمتها وهو تمثيل لا تحقيق لأنّ الصّغير الّذي لا ينتفع به بعد القسمة لا يقسم لكن أراد به أنّ هذا مع صغره ينتفع به بعد القسمة فأقسمه.

ومثل هذا التّمثيل قوله عليه السلام: "من بنى للّه تعالى مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى اللّه تعالى له بيتا في الجنّة" ومفحص القطاة: بفتح الميم والحاء أفحوصها ومجثمها والمسجد وإن صغر لم يكن كذلك فكذا الدّار وإن صغرت لم تكن كآجرّة فكان المراد بها الصّغيرة الّتي ينتفع بالمفرز منها بعد القسمة فتقسم.

وعن شريح رحمه اللّه قال: ومالي لا أرتزق أي لا آخذ العطاء أستوفي منهم وأوفّيهم أي أسمع كلام الخصمين بتمامه وأوفّي حقّ الجواب والقضاء وإيصال الحقّ إلى المستحقّ وأصبر نفسي لهم في المجلس من قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}1 وبعضهم يرويه وأصيّر بياء معجمة من تحتها بنقطتين وتشديدها من التّصيير أي أجعل نفسي لهم موقوفا في مجلس القضاء وأعدل بينهم في القضاء.

وقال في مسألة سفل لا علوّ له وعلوّ لا سفل له: يحسب في القسمة السّفل ذراعا بذراعين من العلوّ عند أبي حنيفة رحمه اللّه وقال محمّد رحمه اللّه يقسمان باعتبار القيمة وقال أبو يوسف رحمه اللّه يحسب العلوّ بالنّصف والسّفل بالنّصف ثمّ ينظر كم جملة أذرع كلّ واحد منهما فيطرح من ذلك النّصف أمّا أصل كلامه أنّ ذراعا من هذا بذراع من ذلك فمعلوم وأمّا باقي الكلام فمشكل وقيل هو جواب سؤال سكت عنه وهو أنّه إذا كان علوّ بين رجلين وسفل بينهما وبيت كامل يعني مشتمل على علوّ وسفل بينهما فأراد القسمة فإنّه يقدّر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الكهف: 28.

 

ص -252-      عنده كلّ ذراع من العلوّ بنصف ذراع من البيت الكامل فينظر وكلّ ذراع من السّفل بنصف ذراع من البيت الكامل إلى جملة ذراعان كلّ واحد منهما فيطرح من البيت الكامل نصف تلك الجملة فيقدّر نصف تلك الجملة من البيت الكامل بتلك الجملة من العلوّ والسّفل.

ولو كان أزج وقع على حائط بفتح الهمزة والزّاي وتخفيف الجيم وفارسيّته كمرا وكذلك روشن وقع لصاحب العلوّ مشرف على نصيب الآخر على وزن كوثر هو ما يخرج من الجدار من الجذوع يوسّع به المنزل العلوّ أو يجعل ممرّا يمرّ عليه وأصله فارسيّ.

ولو اتّخذ رجل بئرا في ملكه أو كرياسا أو بالوعة أو بئر ماء فنزّ منها حائط جاره الكرياس بكسر الكاف وبعد الرّاء ياء معجمة بنقطتين من تحتها وبعد الألف سين غير معجمة الكنيف في أعلى السّطح والبالوعة في صحن الدّار ونزّ الحائط أي ظهر تحته النّزّ وهو النّجل وهو مفتوح النّون والكسر لغة فيه وفارسيّته رهّاب وقال في ديوان الأدب النّزّ ما تحلّب من الأرض من الماء وإذا أخذ أحدهما حيّزا أي ناحية.

وإذا كانت أقرحة أرض متفرّقة بين رجلين هي جمع قراح بفتح القاف وهي الأرض البارزة الّتي لم يختلط بها المسنّاة العرم كسح الكرم كنسه من حدّ صنع وهو قشر أرضه بالمسحاة ونحو ذلك وتلقيح النّخل إيبارها وهو إدخال شيء من فحولها في إناثها كتلقيح الحيوانات والقوصرّة بالصّاد وتشديد الرّاء وعاء التّمر والمقصورة كلّ ناحية من الدّار الكبيرة إذا أحيط عليها بحائط.

والمبرسم لا يجوز عليه القسمة أي المعلول بعلّة البرسام بكسر الباء وهو وجع يحدث في الدّماغ من ورم في الحمّيات الحارّة ويذهب منه عقل الإنسان وكثيرا ما يهلك يقال برسم على ما لم يسمّ فاعله فهو مبرسم والمعتوه شبيه بالمجنون وهو الّذي يصيبه فساد في عقله من وقت الولادة وقد عته يعته عتها على ما لم يسمّ فاعله فهو معتوه.

 

ص -253-      كتاب الإجارات:

المؤاجرة: تمليك منافع مقدّرة بمال والاستئجار تملّك ذلك وقد آجرته الدّار شهرا بكذا واستأجرها هو منّي بكذا وأجرته إجارة من حدّ دخل أي جعلت له أجرا ويقال في الدّعاء أجرك اللّه على مصيبتك بغير مدّ.

وروي عن النّبيّ عليه السلام أنّه قال: "لا يستام الرّجل على سوم أخيه" أي لا يطلب الرّجل شراء شيء قد طلب أخوه شراءه من صاحبه وهذا إذا تراضيا به على ثمن أمّا قبل ذلك فهو جائز وهو بيع فيمن يزيد.

وروي أنّ النّبيّ عليه السلام: باع قصعة وحلسا ببيع من يزيد والقصعة بفتح القاف هي الّتي تشبع العشرة والصّحفة على نصفها والحلس بساط يبسط تحت الثّياب في البيوت.

ثمّ قال: "لا ينكح على خطبة أخيه" بكسر الخاء أي لا يسأل تزوّج امرأة قد سألها غيره وهذا إذا تراضيا أيضا على ذلك وقد خطب من حدّ دخل ثمّ قال ولا تناجشوا هو من النّجش من حدّ دخل وهو الإثارة وأراد به مدح السّلعة والزّيادة في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليرغّب في الزّيادة غيره.

ثمّ قال ولا تبايعوا بإلقاء الحجر وكان ذلك من بيوع أهل الجاهليّة كان البائع والمشتري إذا تراضيا السّلع أي تداريا فيها ليدخلا في بيعها وضع المشتري على السّلعة حجرا فكان بيعا بينهما.

ثمّ قال: "ومن استأجر أجيرا فليعلمه أجره" أورد الحديث هاهنا لأجله

 

ص -254-      إنّي رجل أكري إبلي الإكراء الإجارة والاكتراء الاستئجار والاستكراء والتّكاري كذلك والمكري المؤاجر والمستأجر أيضا والكراء الأجر.

وروي أنّ رجلا أتى ابن عبّاس فقال: إنّي آجرت نفسي من قوم وحططت لهم من أجري أفيجزئ عنّي من حجّتي؟ فقال ابن عبّاس: هذا من الّذين قال اللّه تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ}1 يعني أسقطت بعض أجري الّذي وجب عليهم لاشتغالي بأداء أفعال الحجّ أفيجوز حجّي؟ قال: نعم وهو طلب الفضل في طريق الحجّ واللّه تعالى نفى الجناح عن ذلك.

وقال شريح رحمه اللّه: إذا استأجر بيتا ثمّ ألقى مفتاحه في وسط الشّهر فهو بريء من البيت أي من ضمان البيت يعني له أن يفسخ الإجارة متى شاء وهذا عنده بعذر وبغير عذر وعندنا إنّما يجوز عند العذر ومن الأعذار أن يلحقه دين فادح يقال فدحه الدّين من حدّ صنع أي أثقله.

الأجير المشترك أن يشترك جماعة في أمر رجل بأن يعمل لكلّ واحد منهم عملا معلوما مقدّرا بأجر معلوم ويذكر المشترك بطريق النّعت للأجير لا على وجه الإضافة وأجير الوحد يذكر على وجه الإضافة وهو من التّوحيد وهو الّذي يتفرّد بالعمل الواحد والوحد مصدر وأكثر ما يستعمل فيه أن يقال فعل كذا وحده وهو نصب على المصدر ويذكر على وجه الإضافة والهاء في ثلاثة مواضع يقال فلان نسيج وحده وهو مدح بأنّه لا نظير له وأصله في الثّوب النّفيس الّذي لا ينسج على منواله غيره وجحيش وحده وعيير وحده تصغير جحش وهو ولد الأتان وعيير تصغير عير وهو الحمار الوحشيّ وهما ذمّ أي يهتمّ بأمر نفسه دون غيره فقولهم أجير الوحد أي عامل التّوحّد يضاف إلى فعله على معنى أنّه متوحّد في العمل لإنسان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 198.

 

ص -255-      وعن أبي الهيثم قال: ابتعت كاذيا من السّفن فحملت خابية منها على حمّال فانكسرت الخابية فخاصمته إلى شريح، فقال الحمّال: زحمنا النّاس في السّوق فانكسرت فقال شريح: إنّما استأجركم لتبلّغوها أهلها، فضمّنه إيّاها.

قوله: ابتعت أي اشتريت والكاذي شيء لم يذكر في شيء من أصول الأدب المشهورة والمشايخ رحمهم اللّه يفسّرونها على وجوه.

قال شيخنا القاضي الإمام صدر الإسلام أبو اليسر محمّد بن محمّد بن الحسن البزدويّ رحمه اللّه: الكاذي السّفينة الصّغيرة، وقال القاضي الإمام الإسبيجابيّ رحمه اللّه: الكاذي اسم دهن يحمل من فارس قال ويقال هو الوعاء الّذي يجعل فيه الدّهن قال ويقال هو اسم السّفن الّتي يوضع الدّهن فيها.

وقال القاضي الشّهيد السّمرقنديّ رحمه اللّه: الكاذي رفوف السّفينة وقيل قماشات السّفينة وقيل القرطالة الّتي يحمل فيها الخزف وفارسيّتها كواره وقيل الدّهن الّذي يحمل من ناحية البحر وقيل الوعاء الّذي يحمل فيه الدّهن وقال الشّيخ أبو محمّد عبد العزيز بن عليّ البارع الفرغانيّ في كتاب الجامع الكبير في اللّغة سألني بعض الفقهاء بفرغانة عن الكاذي فطلبته في عامّة الكتب المصنّفة على الحروف المقطّعة والدّواوين والنّوادر المجموعة فوجدت الكاذي على وزن الفاعل لأشياء وهو من قولهم أكذى الشّيء أي احمرّ والكاذي البقّم وهو أيضا ضرب من الأدهان معروف وقيل الكاذي كالجبّ في السّفينة يجعل فيها ما يحتاجون إليه وقيل الكاذي شبه الأواري في السّفن ويكون فيها الرّفوف يوضع فيها أمتعة الخزف والكاذي شجرة بهرمز من عمل كرمان شبه نخلة ورقها يشبه ورق الصّنوبر ولها طلع كطلع النّخل إذا طلعت قطعت وألقي في الدّهن وترك فيه حتّى يختمر فإذا اختمر سمّي دهن الكاذي ويكون ذلك الدّهن في وعاء لا يقدر أن يشمّه من

 

ص -256-      غلبة الحرارة وإذا وضع في بيت عبّق أرجاء البيت وما في البيت من رائحته والخرّاطون يملّسون ما يخرطون بخوص نخلة الكاذي لأنّه خوص صلب فيه متانة ولين بشرة وقال أبو نواس:

أشرب على الورد في نيسان مصطبحا                 من خمر قطريل حمراء كالكاذي

وسئل جماعة من الأدباء بفارس عن الكاذي فقالوا: نبت من أزاهير الرّبيع ناصع الحمرة ويكون بشيراز وبتلك النّواحي وقيل هو اسم يجمع نوعي كرمان وفارس.

ثمّ في الحديث ضمّن الحمّال وعند أبي حنيفة رحمه اللّه إن انكسر ذلك بمشيه وسقوطه ضمن لأنّه الأجير المشترك وإن زحمه النّاس فانكسر من ذلك لم يضمن لأنّه أمانة هلكت عنده بغير صنعه وعن شريح أنّه كان إذا أتاه حائك بثوب قد أفسده قال: ردّ عليه مثل غزله وخذ الثّوب وإن لم ير فسادا قال: شاهدي عدل على شرط لم يوفّك به، أمّا إذا كان الفساد ظاهرا ضمّنه والثّوب له.

وبه نقول: إنّ الأجير المشترك يضمن ما جنت يده وأمّا إذا لم يكن الفساد ظاهرا واختلفا في الشّرط الّذي شرطا فالقول قول صاحب الثّوب بغير بيّنة لأنّ الشّرط يستفاد من جهته عندنا والقول قول العامل عند ابن أبي ليلى رحمه اللّه لأنّه ينكر الضّمان ، فقول شريح شاهدي عدل، أي: أقم شاهدي عدل على أنّك شرطت كذا ولم يوفّك هذا به، خرج على هذا القول ولا نقول به.

وقال عليه السلام: "ثلاثة أنا خصمهم ومن كنت خصمه خصمته أي غلبته في الخصومة رجل باع حرّا وأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى عمله ومنعه أجره ورجل أعطى بي ثمّ غدر أي أعطى الأمان بي ثمّ غدر فأبطل الأمان".

وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه نهى عن عسب التّيس، هو إكراؤه من حدّ ضرب وقيل هو ضرابه، قال زهير:

 

ص -257-                                        ولولا عسبه لتركتموه          وشرّ منيحة أير معار

فعلى التّفسير الأوّل هو استهلاك العين لأنّ ماء الفحل عين والاستئجار على استهلاك العين باطل وهو أخذ الأجر على العلوق وهو مجهول وعلى التّفسير الثّاني هو نهي عن نفس الضّراب وتركه قطع النّسل وهو غير سديد فلا ينبغي أن يكون النّهي عنه فعلى هذا فيه إضمار وهو أخذ أجر ضراب الفحل ونهى عن مهر البغيّ هو أجر الزّانية على الزّنا وقد بغت المرأة بغاء بكسر الباء ومدّ الآخر إذا زنت فهي بغيّ بغير الهاء قال اللّه تعالى: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً}1 ونهى عن كسب الحجّام وهو نهي كراهية للدّناءة.

وقال عليه السلام: "من السّحت" أي الحرام المستأصل "عسب التّيس وكسب الحجّام" فأتاه رجل من الأنصار وقال: إنّ لي حجّاما وناضحا أي بعيرا استقي عليه فأعلف ناضحي من كسبه قال: "نعم".

ونهى عن قفيز الطّحّان هو أن يستأجر طحّانا ليطحن له هذه الحنطة بقفيز من دقيق هذه الحنطة فلا يجوز لأنّه استأجره على عمل هو فيه شريك.

الثّوب السّفيق والصّفيق خلاف السّخيف من حدّ شرف وفارسيّته كرباس بخته والسّخيف سست بافته من حدّ شرف أيضا.

الرّطل بفتح الرّاء والكسر لغة فيه.

وخرز الخفّ هو من حدّ دخل وضرب جميعا وإنعاله إلصاق النّعل به وخرزه وتبطينه وصل البطانة به.

والأدم جمع أديم.

البقّم مفتوح الباء مشدّد القاف دار برنيّان قال في ديوان الأدب هو معرّب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة مريم: 28.

 

ص -258-      المشورة على وزن المعونة هي الفصيحة والمشورة بتسكين الشّين وفتح الواو لغة فيها.

والزّاملة البعير الّذي يحمل عليه الطّعام والمتاع والحمولة بفتح الحاء الإبل والحمر تحمل عليها الأثقال كانت عليها الأحمال أو لم تكن والحمولة أيضا الإبل بأثقالها والحمولة بضمّ الحاء الأحمال بأعيانها والحملان بضمّ الحاء هو اسم المركب المحمول عليه يقال حمله الأمير على فرس أي وهبه له واسم الموهوب حملان.

الدّاعر الخبيث المفسد وصفته الدّعّارة من قولك دعر العود دعرا فهو دعر من حدّ علم أي كثر دخانه والدّعّار جمع داعر.

الميزاب بالهمزة والياء لغة.

وكوّارات النّحل بفتح الكاف وتشديد الواو وبكسر الكاف وتخفيف الواو المواضع الّتي تعسل فيها.

والبئر المطويّة هي المتمّمة بالحجارة أو الآجرّات والنّقض بضمّ النّون ما انتقض من البناء من الخشب والآجرّ وسائر الآلات والمصراعان شقّا باب ويسمّى أحدهما في الكتاب أخا الآخر.

وكتب ابن سماعة إلى محمّد بن الحسن لم لا يجوز سكنى دار بسكنى دار؟ فكتب في جوابه أنّك أطلت الفكرة، ولحقتك الحيرة، وجالست الحنّائيّ فكانت منك زلّة أما علمت أنّ إجارة سكنى دار بسكنى دار كبيع قوهيّ بقوهيّ نساء.

الحنّائيّ بكسر الحاء، وتشديد النّون رجل من أهل الحديث كان يجالسه ابن سماعة فكان ربّما ينكر عليه خوضه في هذه المسائل الّتي وضعها أصحابنا رحمهم اللّه، ويقول لم تكن هذه المسائل في السّلف ، ولا برهان لكم عليها فيقول محمّد بن الحسن رحمه اللّه: زللت في مجالستك إيّاه، وتشكيكك نفسك في صحّة مسائلنا هذه.

 

ص -259-      كتاب المهياة:

المهايأة: بالهمزة في الدّار ونحوها مقاسمة المنافع وهي أن يتراضى الشّريكان أن ينتفع هذا بهذا النّصف المفرز وذاك بذاك النّصف أو هذا بكلّه في كذا من الزّمان وذاك بكلّه في كذا من الزّمان بقدر مدّة الأوّل وقد تهايأ أي فعلا ذلك وهايأ فلان فلانا وأصله من قولك هيّأته فتهيّأ أي أعددته فاستعدّ وهاء يهيء إذا تهيّأ وهيئة الشّيء قريبة من هذا.

ومرمّة الدّار إصلاحها من حدّ دخل.

وفي إجارة الحمّام ذكر الصّاروج وفارسيّته أرزّه.

وإذا اشترط على المستأجر عشر طليات أي عشر مرّات طلي الحائط وهو من حدّ ضرب وفارسيّته أدوّدن.

وإذا تبطّل الرّاعي أيّاما أي ترك الرّعي وهو من البطالة.

ونزا الفحل من حدّ دخل أي على الأنثى للضّراب وأنزاه غيره أي حمله على ذلك.

وإذا استأجر ثوبا فلبسه فأصابه قرض فأر أي أكله وقطعه من حدّ ضرب.

وإذا استأجر عيدان حجلة العيدان جمع عود أي الخشبات والحجلة السّتر بفتح الحاء والجيم.

 

ص -260-      وإذا استأجر دابّة ليشيّع فلانا أو ليتلقّى فلانا التّشييع الخروج مع الرّاجل والتّلقّي هو الاستقبال للقادم.

الكناسة محلّة بالكوفة في المصر وبالكوفة كناستان وبجيلتان وجعفيان فإذا قال استأجرت هذه الدّابّة إلى الكناسة أو إلى البجيلة أو إلى جعفيّ لم يصحّ حتّى يبيّن أيّهما يريد وقال في بجيلة لا يصحّ حتّى يبيّن أنّها الظّاهرة أو الباطنة فالظّاهرة هي الّتي خارج عمران الكوفة والباطنة هي الّتي بين عمرانها.

وإذا كبح الدّابّة المستأجرة أي مدّ إلى نفسه بلجامها لكي تقف ولا تجري وهو من حدّ صنع.

وعن عمر رضي اللّه عنه أنّه قال حين وضع رجله في الغرز: إنّ النّاس قائلون غدا ماذا قال وإنّ البيع صفقة أو خيار والمسلمون عند شروطهم.

والغرز ركاب الإبل وقوله إنّ النّاس قائلون غدا ماذا أي ماذا يقول النّاس غدا أي أنّهم يتّبعون أقاويلي وإنّي أقول إنّ البيع صفقة أي عقد تامّ لازم أو خيار أي غير لازم لما فيه من الخيار والمسلمون عند شروطهم أي يؤاخذون بشروطهم.

جدف السّفينة دفعها بالمجداف من حدّ دخل وفارسيّته بيلّ زدن.

والسّالحين بالحاء اسم قرية بالكوفة وفي كتاب صحاح اللّغة أنّ أصله السّيلحون والعامّة يقولون سالحون فلعلّهم ظنّوا الياء إمالة الألف قال وفي إعرابه وجهان منهم من يقول سالحون في الرّفع وسالحين في النّصب والخفض ومنهم من يقول سالحين بالياء بكلّ حال ويعرب بالنّون بالرّفع والنّصب والخفض.

ومدقّة القصّار فيها لغات مدقّ ومدقّة بكسر الميم وفتح الدّال ومدقّ ومدقّة بضمّ الميم والدّال وفارسيّته كوزينه.

 

ص -261-      ولو سلّم صبيّا إلى مكتب إن كان بفتح الميم والتّاء فهو الكتّاب وفارسيّته دبيرستان وإن كان بضمّ الميم وتسكين الكاف وكسر التّاء فهو معلّم الكتابة.

وإذا توهّق الرّاعي الرّمكة أي أخذها بالوهق بفتح الهاء وفارسيّته كمند والرّمكة أنثى الخيل.

وإذا شرط أن يحمل على البعير الوطاء والدّثر الوطاء الفراش الوطيء أي اللّيّن والدّثر جمع دثار والمعاليق جمع معلاق وهو ما يعلّق على البعير وذكر القربة والإداوة فالقربة المزاد والإداوة المطهرة والرّاوية البعير الّذي يستقى عليه.

ولو شرط أن يحمل عليه كنيسة هي شبه الهودج وهو أن يجعل في قتب البعير عيدان ويلقى عليه ثوب تستر به المرأة الرّاكبة.

والحداء بضمّ الحاء سوق الإبل من حدّ دخل.

وإذا استأجر مائة ذراع مكسّرة، أي: مائة ذراع في مائة ذراع، عبارة يستعملها الحسّاب في ضرب عدد في مثله.

وروى توبة بن نمر أنّ النّبيّ عليه السلام قال: "لا خصاء في الإسلام، ولا كنيسة" أي: لا يجوز أن يخصى إنسان، ولا أن تحدث كنيسة لأهل الذّمّة في دار الإسلام في الأمصار.

القتل ضرب العلاوة أي الرّأس.

إذا استأجر بكرة ودلوا البكرة الّتي يستقى عليها.

وإذا استأجر موضع كوّة ينقبها في حائط هو بفتح الكاف وجمعها الكوى بكسر الكاف.

وإذا استأجر للحفر في جبل مروة فحفر فظهر جبل صفا أصمّ، قال في ديوان الأدب: المروة واحدة المرو وهي حجارة بيض برّاقة يكون فيها النّار ولعلّها

 

ص -262-      اللّيّنة المكسّر والصّفا الأصمّ الحجر الأملس الشّديد المكسّر.

إذا حفر بئرا فانهارت قبل أن يطويها أي انهدمت قبل أن يجعل حواليها الآجرّ وهار يهور أيضا كذلك والهار الهائر وأصله الهور بفتح الواو.

وإذا استأجره لعمل البناء فالمرّ على الأجير أي المعزق وفارسيّته كنند وفي البناء الرّهص يقال رهصت الحائط بما يقيمه إذا مال وهو من حدّ صنع وفارسيّة الرّهص باخين.

وإذا استأجره ليلبّن له كذا لبنا هو بتشديد الباء من باب التّفعيل وهو ضرب اللّبن والملبن بكسر الميم ما يلبّن به وهو القالب.

وتشريجها تنضيدها وفارسيّته خرّه نهادن، والأتون على وزن الفعول كلخن.

 

ص -263-      كتاب أدب القاضي:

قال أحمد بن فارس بن زكريّا في مجمل اللّغة الأدب: أمر قد أجمع عليه وعلى استحسانه مأخوذ من الأدب بتسكين الدّال من حدّ ضرب وهو دعاء النّاس إلى طعامك وهي المأدبة بضمّ الدّال والفتح لغة فيها قال طرفة:

نحن في المشتاة ندعو الجفلى                        لا ترى الآدب فينا ينتقر

المشتاة الشّتاء والجفلى دعوة الجميع والآدب الدّاعي والانتقار تخصيص البعض بالدّعوة فكأنّه الآمر الدّاعي إلى الخيرات والدّالّ على الحسنات وقيل هو من الأدب بتسكين الدّال وهو العجب، قال الشّاعر يصف ناقته:

حتّى أتى أزبّيها بالأدب

الأزبّي النّشاط والأدب العجب فكأنّه الأخلاق الحميدة والخصال الرّشيدة الّتي تعجب بها ويتعجّب منها.

والقاضي الحاكم المحكم أي المنفّذ المتقن.

وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "من طلب القضاء وكل إليه" بالتّخفيف من قولك وكله اللّه إلى نفسه أي تركه وخذله من حدّ ضرب.

وكتاب عمر رضي اللّه عنه إلى أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنه فيه: طول نذكر منه الكلمات الّتي تقع الحاجة إلى شرحها.

قال: فافهم إذا أدلي إليك أي ألقي إليك التّخاصم من قوله تعالى:

 

ص -264-      {وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ}1 ويقال أدلى فلان بحجّته أي أتى بها.

وقال: آس بين النّاس في وجهك وفي مجلسك وعدلك يروى هذا بروايتين آس بالمدّ وكسر السّين وهو أمر بالمؤاساة كقولك دار من المداراة يقال آسيته أواسيه مؤاساة ومعناه اعمل بين النّاس بالرّفق والإيثار والمجاملة في استقبالهم والجلوس معهم والقضاء بينهم.

ويروى أسّ بقطع الألف وتشديد السّين وهو أمر بالتّأسية والتّأسية مبالغة في الأسو فإنّ التّفعيل مبالغة الفعل والأسو الإصلاح من باب دخل وهو المداواة أيضا يقال آسى الطّبيب المريض أي داواه وأسوت بين القوم أي أصلحت بينهم وأسّيت بالتّشديد أي بالغت في ذلك ومعناه أصلح بينهم وعالج أمورهم وقيل معناه سوّ بينهم في النّظر والمجلس والحكم من قولهم أسوة الغرماء أي هو بينهم بالسّويّة.

قال: كي لا يطمع شريف في حيفك أي جورك.

قال: الفهم الفهم عند ما يتخلّج في صدرك أي استعمل الفهم فكان منصوبا بإضمار الفعل أو على الإغراء والتّخلّج التّحرّك والاضطراب ويروى يتلجلج أي يتردّد.

قال: واعرف الأمثال والأشباه وقس الأمور عند ذلك أي إذا وقعت واقعة لا تعرف جوابها فردّها إلى أشباهها من الحوادث تعرف جوابها.

قال ثمّ اعمد إلى أحبّها أي اقصد من حدّ ضرب.

قال: واجعل للمدّعي أمدا أي غاية يريد به اضرب له مدّة.

قال: فإنّ ذلك أجلى للعمى أي أكشف وهو أفعل التّفضيل وقد جلا يجلو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 188.

 

ص -265-      فهو جال.

قال: والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلّا مجلودا حدّا أي محدودا في قذف أو مجرّبا عليه شهادة زور أي من شهد مرّة بزور وأقرّ به أو ظنينا في ولاء أو قرابة أي متّهما والظّنّة التّهمة.

قال: فإنّ اللّه تعالى تولّى عنكم السّرائر، أي: هو الّذي يعلم السّرائر دون خلقه.

قال: ودرأ عنكم بالبيّنات أي دفع عنكم الإثم إذا عملتم بظواهر البيّنات وإن كانت غير صحيحة في الحقيقة والمتّهم في الولاء والقرابة أن يشهد لمكاتبه أو ولده أو والده ويروى ضنينا بالضّاد أي شحيحا أي يشحّ بمال ومكاتبه قريبه فيشهد بباطل.

قال: وإيّاك والضّجر والغلق والتّأذّي بالنّاس والتّنكّر للخصوم في مواطن الحقّ الّتي يوجب اللّه تعالى بها الأجر ويحسن بها الذّخر الضّجر ضيق القلب من حدّ علم والغلق بالغين المعجمة هو الضّجر أيضا وسوء الخلق وقلّة الصّبر من الانغلاق من حدّ علم أيضا ويروى القلق بالقاف وهو الاضطراب والتّأذّي وهو أن يؤذيه أدنى شيء من النّاس والتّنكّر التّغيّر وإظهار ما ينكره النّاس من معاملاته ومواطن الحقّ مواضع القضاء.

وقال في آخره: فما ظنّك بثواب عند اللّه تعالى في عاجل رزقه، وخزائن رحمته والسلام، أي: فما تصنع بمكافأة الخلق مع أنّ الرّزق العاجل في الدّنيا، وخزائن الرّحمة في العقبى من اللّه تعالى.

وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه في حديث آخر: فليقض بكتاب اللّه تعالى ثمّ بما قضى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ بما قضى به الصّالحون: أي الصّحابة فإن لم يجد ذلك فليجتهد رأيه أي ليستدلّ بدلائل الشّرع، ولا يقولنّ إنّي أرى بضمّ الألف،

 

ص -266-      وإنّي أخاف: أي أخاف أن لا يجوز هذا يعني ليرجّح بالدّلائل ، ولا يقف شاكّا مرتابا.

وعن عمر بن عبد العزيز أنّه قال: إذا كان في القاضي خمس أي خمس خصال فقد كمل وإن كانت فيه أربع ولم تكن فيه واحدة ففيه وصمة أي عيب فإن كانت فيه ثلاث ولم تكن فيه ثنتان ففيه وصمتان وهي علم بما كان فيه قبله أي علم بالكتاب والسّنّة وعمل الصّحابة ونزاهة عن الطّمع أي تباعد وتحرّز عن أخذ الرّشوة وحلم عن الخصم واستخفاف باللّائمة أي عدم مبالاة بملامة النّاس إذا وافق الحقّ ومشاورة أولي الرّأي أي استشارة أهل الصّواب في رويّة القلب.

وعن مسروق قال: لأن أقضي يوما بالحقّ خير من أن أرابط سنة المرابطة الإقامة بالثّغر وهي ربط الغازي فرسه بأقصى دار الإسلام مستعدّا للجهاد إذا احتيج إليه.

وفي أوّل حديث كتب عمر إلى معاوية رضي اللّه عنهما كتبت إليك كتابا في القضاء لم آلك ونفسي فيه خيرا أي لم أقصّر في حقّك وحقّ نفسي ممدود الألف مضموم اللّام من قولك ألا يألو قال اللّه تعالى: {لاَ يأَلُونَكُمْ خبَالا} لا يقصّرون في إفساد أموركم.

وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: يؤتى بالقاضي يوم القيامة وملك آخذ بقفاه ثمّ يلتفت فإن قيل له ادفعه أي في النّار دفعه في مهواه أي في مسقطه أربعين خريفا، أي: سنة ففي كلّ سنة فصل خريف.

وفي حديث آخر: فيوقف على جسر جهنّم أي قنطرتها وهي الصّراط فإن كان مسيئا انخرق به الجسر وهو مطاوع الخرق فيهوي فيها سبعين خريفا، أي:

 

ص -267-      يسقط من حدّ ضرب.

في بيته يؤتى الحكم: أي القاضي يأتيه النّاس في بيته ، وهو لا يأتيهم في بيوتهم، وإنّما صحّت الكناية قبل ذكر المكنيّ ظاهرا لأنّ البداية بحرف الظّرف هي مقتضية للفعل فدلّت على الفعل الّذي يذكر بعده، وصار كالمذكور لوقوع العلم به، وصار في التّقدير كأنّه قال: يؤتى الحكم في بيته، ونظيره قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}1 لمّا بدئ بالفعل، وهو يقتضي الفاعل صار كالمذكور فصحّ ذكر الكناية مع تأخّر المكنيّ ظاهرا.

وقول زيد لأبيّ بن كعب: لو أعفيت أمير المؤمنين أي تركت تحليفه وجوابه مضمر أي لكان حسنا ويجوز ذلك وهو أفصح من الذّكر لأنّ النّفس تذهب فيه كلّ مذهب.

وعن سوّار بن سعيد قال: شهدت أنا ورجل عند شريح بشهادة ففهّ صاحبي أي عيي وعجز عن أداء الشّهادة من حدّ علم يقال فهّ فهاهة فهو فهّ فقلت له أتفسد شهادتي إن أعربت عنه قال لا فأعربت عنه والإعراب الإبانة أفاد أنّ أحد الشّاهدين إذا لقّن صاحبه جاز لأنّه إعانة للمدّعي وله ذلك ولهذا يشهد له أمّا القاضي فليس له ذلك.

وعن عليّ رضي اللّه عنه أنّه خطب بذي قار هو اسم موضع على ظرب بكسر الرّاء أي رابية صغيرة وروى حديثا عن النّبيّ عليه السلام وفي آخره: "فما يلقى إلّا قعر جهنّم يخرّ جبينه هو خير موضع فيه".

وقال محمّد رحمه اللّه: فإن كان خيرا للقاضي أن يقعد عنده أهل الفقه قعدوا عنده فإن دخله حصر من جلوسهم عنده جلس وحده هو بفتح الحاء والصّاد من حدّ علم أي عجز عن الكلام يقال حصر عن الكلام فهو حصر أي بقيّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة طـه:67.

 

ص -268-      وقوله عليه السلام: "إنّكم تختصمون إليّ وإنّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض" أي أفطن وقد لحن من حدّ علم وفطن كذلك وهو من حدّ دخل أيضا والمصدر اللّحن والفطنة.

ويجعل خصومات كلّ شهر في قمطر هو بكسر القاف وفتح الميم وتسكين الطّاء وهو الّذي يشدّ فيه النّسخ.

وينسب إلى أبيه، وإلى فخذه، والفخذ في العشائر أقلّ من البطن.

ولا ينبغي للقاضي أن يكون فظّا غليظا جبّارا عنيدا.

الفظّ سيّئ الخلق قاسي القلب والمصدر.

الفظاظة من حدّ علم والغليظ الشّديد في الكلام وقد غلظ غلظا وغلظة من حدّ شرف والغلظة بضمّ الغين لغة في الغلظة كذا عند بعضهم والصّحيح أنّ الفظاظة خشونة القلب والغلظة قسوة القلب يدلّ عليه ظاهر قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}1 أي: لتفرّقوا والجبّار المتجبّر والعنيد المخالف للحقّ وقد عند عنودا من حدّ دخل أي عدل عن طريق الحقّ يشتدّ حتّى يستنظف الحقّ في غير جبريّة بالجيم الاستنظاف أخذ الشّيء كلّه والجبريّة من مصادر الجبّار يقال جبّار بيّن الجبروت والجبّورة والجبروّة والجبريّة وقيل في قوله تعالى: {إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ}2 أي أهل سطوة وقهر وقوله: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}3 أي مسلّط وقوله: {بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ}4 أي قتّالين واللّه أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة آل عمران: 159.

2 سورة المائدة: 22.

3 سورة قّ: 45.

4 سورة الشعراء: 130.

 

ص -269-      كتاب الشّهادات:

قال في مجمل اللّغة: الشّهادة الإخبار بما قد شوهد أي مشاهدة عيان أو مشاهدة إيقان والشّهود الحضور وصرفها من حدّ علم وقال فيه شهد عند القاضي أي بيّن وأعلم وقوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}1 أي بيّن وأعلم والشّاهد جمعه الشّهود والشّاهدون والشّهيد الشّاهد أيضا وجمعها الشّهداء والاستشهاد الإشهاد وقال اللّه تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}2 والاستشهاد أيضا طلب الشّهادة وسؤالها قال عليه السلام في القرن الّذي يفشو فيهم الكذب: "حتّى إنّ أحدهم ليشهد قبل أن يستشهد".

وروي حديث امرأتين ضربت إحداهما عين الأخرى بالأشفى وهو بالفارسيّة درفش.

ولا تقبل شهادة صاحب الغناء الّذي يخادن عليه أي المغنّي الّذي يصادق على ذلك والخدن الصّديق وجمعه الأخدان قال اللّه تعالى: {وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}3 والخدين المخادن كالخليط والمخالط والنّديم والمنادم.

ومدمن الخمر ملازمها.

والمصرّ على الزّنا المقيم الثّابت عليه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة آل عمران: 18.

2 سورة البقرة: 282.

3 سورة النساء: 25.

 

ص -270-      وشهادة أهل الأهواء جائزة إلّا الخطّابيّة فإنّ من مذهبهم جواز الشّهادة بقول المدّعي.

الخطابيّة قوم من الرّوافض ينسبون إلى أبي الخطّاب الأسديّ، كان بالكوفة زعم أنّ جعفر بن محمّد الصّادق إله فلعنه جعفر وطرده فادّعى في نفسه أنّه إله فزعم أتباعه أنّ جعفرا إله وأبو الخطّاب أعظم منه وأفضل من عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه ودانت الخطابيّة شهادة الزّور لموافقيها على مخالفيها وخرج أبو الخطّاب بالكوفة على واليها فأنفذ أبو جعفر المنصور إليه بعيسى بن موسى حتّى قتل أبا الخطّاب في سبخة الكوفة.

ومن ترك الصّلاة مجانة لم تقبل شهادته المجانة والمجون من باب دخل أن لا يبالي الإنسان بما صنع والمماجن من النّوق الّتي ينزو عليها غير واحد من الفحول فلا تكاد تلقح.

والتّعزير قد فسّرناه في كتاب النّكاح.

يسخّم وجهه ويسخّم بالخاء والحاء أي يسوّد الأوّل من السّخام وهو الفحم وهو سواد القدر أيضا وشعر سخام أي أسود ليّن والثّاني من الأسحم وهو الأسود والسّحمة السّواد والاستعمال في تسخيم الوجه من الأوّل وهو بالخاء المعجمة ويصحّ من الثّاني وهو بالحاء المعلّمة بعلامة تحتها من الأسحم الّذي قلنا.

والتّهاتر في البيّنات التّساقط والهتر بكسر الهاء السّقط من الكلام والخطأ فيه قال الشّاعر:

تراجع هترا من تماضر هاترا

والهتر أيضا العجب وأهتر الرّجل على ما لم يسمّ فاعله أي خرّف من الكبر وسقط كلامه.

وتقسم على المنازعة أو على العول والمضاربة نفسّر العول في كتاب الفرائض، والنّمط الطّريقة.

 

ص -271-      كتاب الرّجوع عن الشّهادات:

روي أنّ رجلين شهدا عند عليّ رضي اللّه عنه على رجل بالسّرقة فقطعت يده ثمّ أتيا بعد ذلك بآخر فقالا أوهمنا أنّما السّارق هذا الحديث.

هو على ألسنة الفقهاء هكذا والصّحيح وهمنا من حدّ علم أي غلطنا فأمّا أوهمت فمعناه أسقطت ومنه ما يروى أوهم من صلاته ركعة ووهمت إليه من حدّ ضرب أي ذهب وهمي إليه وتوهّمت أي ظننت.

والأملاك المرسلة المطلقة والإرسال خلاف التّقييد فتقييدها بناؤها على أسبابها وإرسالها إثباتها بدون أسبابها.

وقوله: اختصما في مواريث درست أي تقادمت من حدّ دخل فقال اذهبا وتوخّيا أي اطلبا وجه الصّحّة بالتّأمّل والتّفكّر.

واستهما أي اقتسما وقيل اقترعا.

وليحلّل كلّ واحد منكما صاحبه أي ليجعله في حلّ.

ولو رجع عن الشّهادة عند صاحب الشّرط لم يعتبر ولا ضمان عليه صاحب الشّرط أميرهم وهو جمع شرطة بضمّ الشّين وتسكين الرّاء وبفتح الرّاء في الجمع مأخوذ من الشّرط بفتح الرّاء وتسكينها وهو العلامة لأنّهم أعلموا أنفسهم بلبس السّواد ونحو ذلك.

أكّد ضمانا كان على شرف السّقوط أي على قرب السّقوط وأشرف على كذا أي

 

ص -272-      قرب منه وأصله العلوّ والاطّلاع.

وفي حديث القسامة: "أمّا أيمانكم فلحقن دمائكم" أي لحبسها في عروقها ومنعها أن تسفك من حدّ دخل واللّه تعالى أعلم.

 

ص -273-      كتاب الدّعوى:

الدّعوى مؤنّثة وهي فعلى من الدّعاء قال اللّه تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ}1 أي دعائهم وهي إضافة عين عند غيره إلى نفسه أو دين على غيره لنفسه أو حقّ قبل إنسان لنفسه والفعل منه ادّعى يدّعي ادّعاء فهو مدّع والعين أو الدّين الّذي يدّعيه فهو مدّعى ولا يقال مدّعى فيه أو به وإن كان يتكلّم به المتفقّهة وذلك الرّجل الآخر مدّعى عليه وهما متداعيان كما يقال في البيع هما متبايعان.

والبيّنة الحجّة الظّاهرة والبرهان بيان يظهر به الحقّ من الباطل.

المرعزّى يأتيك ذكره في مسائل نظائر النّتاج.

والقائف الّذي يعرف الآثار والشّبه ويقال بالفارسيّة بي شناس وهو الّذي يعرف شبه الأولاد بالآباء فيخبر أنّ هذا الولد من فلان أو فلان ولا حكم له عندنا وعند الشّافعيّ رحمه اللّه يحكم بقوله والفعل منه قافه يقوفه قيافة أي اتّبع أثره وهو مقلوب قولهم قفاه يقفوه قفورا.

وفي حديث القائف: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تبرق أسارير وجهه، أي: تلمع الخطوط الّتي في جبهته من حدّ دخل والواحد سرّ بكسر السّين وجمعه أسرار وجمع الأسرار أسارير.

وإذا اختلفا في دهن سمسم فادّعى أحدهما أنّه عصره وسلأه أي عمله وهو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة يونس: 10.

 

ص -274-      مهموز من حدّ صنع.

إذا حضن الطّائر بيضه أي جلس عليه من حدّ دخل.

وإذا فرّخ الطّائر بالتّشديد أي أخرج الفرخ.

والفرّوج بتشديد الرّاء وفتح الفاء وآخره الجيم ولد الدّجاجة.

وإذا اختلفا في حائط بين دارين ، وهو متّصل ببناء أحدهما اتّصال تربيع يقضى له، وهو أن يبني هذا الحائط، وأنصاف لبن هذا الحائط داخلة في حائط المدّعي فهو أولى به لأنّه كالنّاتج.

وإذا كان الخصّ بين الرّجلين والقمط إلى أحدهما فالخصّ الحائط المتّخذ من القصب وهو بالفارسيّة تواره والقماط هو الحبل من اللّيف ونحوه يشدّ به الخصّ وهو أيضا اسم الحبل الّذي يشدّ به قوائم الشّاة عند الذّبح وجمعه القمط بضمّ القاف والميم.

وليس لصاحب السّفل أن يتد وتدا في حائط السّفل بغير رضا صاحب العلوّ يقال وتد من حدّ ضرب أي ضرب الوتد.

والجذوع الشّاخصة يقال شخص شخوصا من حدّ صنع أي ارتفع ويراد بها الخارجة الظّاهرة.

والتّوأمان ولدان ولدا في بطن واحد أحدهما توأم على وزن فوعل وجمعه التّؤام بضمّ التّاء على وزن فعال مخفّفا.

وعن فروة بن عمير قال: زوّج أبي عبدا له يقال له كيسان أمة له فولدت ولدا فادّعاه أبي ثمّ مات أبي فكتب عمر رضي اللّه عنه بأن يوافى بأبي الموسم أي يؤتى به والموافاة الإتيان وهو لازم، وهاهنا صار متعدّيا بالباء فكتبوا إليه أن قد مات فكتب إليّ أن ابعثوا إليّ بابنه فذهب بي إليه فقال لي ما تقول في ابن كيسان فقلت ادّعاه أبي فإن كان صدق فقد صدق وإن كان كذب فقد كذب فقال عمر رضي اللّه عنه: لو قلت

 

ص -275-      غير هذا لأوجعتك أي لو قلت هو من أبي فهو خلاف الشّرع لأنّ النّسب من الزّوج ولو قلت ليس من أبي ففيه تكذيب الأب قال وأعتقه بالدّعوة وجعله ابن العبد بفراش النّكاح.

الدّعوة بالكسر دعوى النّسب وبالفتح الدّعاء إلى الطّعام ونحوه قال في مجمل اللّغة قال أبو عبيدة: هذا أكثر كلام العرب أي الدّعوة إلى الطّعام بالفتح وفي ادّعاء النّسب بالكسر إلّا عديّ الرّباب فإنّهم ينصبون الدّال في النّسب ويكسرونها في الطّعام.

وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم: "لا يورّث الحميل إلّا ببيّنة" أي الولد المحمول من بلد آخر من فعيل بمعنى مفعول كالقتيل بمعنى المقتول أي الّذي لا يعرف نسبه حقيقة لكونه غيبا لا يثبت نسبه بغير حجّة ولا يستحقّ الميراث به من غير دليل.

وعن الشّعبيّ وهو عامر بن شراحيل أنّ رجلا من جعفيّ هي قرية بالكوفة زوّج ابنته من عبيد اللّه بن الحرّ ثمّ مات الأب أي أبوها ولحق عبيد اللّه بمعاوية أي حين وقع بين عليّ ومعاوية رضي اللّه عنهما ما وقع فزوّج الجارية إخوتها أي وقع عندهم أنّ عبيد اللّه حين لحق بمعاوية وهو على خلاف عليّ رضي اللّه عنه كمن ارتدّ ولحق بدار الحرب وبانت منه امرأته فزوّجوها من غيره فجاء ابن الحرّ فخاصم زوجها إلى عليّ بن أبي طالب فقال له عليّ رضي اللّه عنه أما إنّك أنت الممالئ علينا عدوّنا أي المعاون والممالأة مهموزة فقال أيمنعني ذلك من عدلك يعني وإن خالفتك أعلم أنّك لا تجور عليّ في هذه الحادثة فقال عليّ رضي اللّه عنه لا فقضى بالمرأة له وقضى بالولد للزّوج الآخر وهو موافق لمذهب أبي يوسف ومحمّد رحمهما اللّه في مسألة المرأة الّتي نعي إليها زوجها أي أتاها خبر موته فتزوّجت بعد الاعتداد بزوج آخر فولدت منه أنّ الولد من الثّاني وقال أبو حنيفة رحمه اللّه هو من الأوّل.

وعن زيد بن عبد اللّه بن قسيط قال: أبقت أمة فأتت بعض قبائل العرب فانتمت إلى بعض قبائل العرب أي انتسبت فتزوّجها رجل من عذرة فنثرت له ذا

 

ص -276-      بطنها أي ولدت منه أولادا وظاهره ألقت له حمل بطنها ثمّ جاء مولاها ورفع ذلك إلى عمر رضي اللّه عنه فقضى بها لمولاها وقضى على الأب أن يفدي ولده أي أولاده ففدى الغلام بالغلام والجارية بالجارية أي بقيمة الغلام وقيمة الجارية أفاد أنّ ولد المغرور حرّ بالقيمة.

 

ص -277-      كتاب الإقرار:

الإقرار بالشّيء: تقريره وضدّه إنكاره وهو تنكيره أي تغييره قال اللّه تعالى: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا}1 أي غيّروا والتّنكّر التّغيّر قال الشّاعر:

إنّ الّذي كان لنا تنكّر العام لنا                وما بقي من جفوة إلّا بها عاملنا

واستدلّوا على اعتبار الإقرار بقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}2 الإملال الإملاء يقال أملّ يملّ إملالا وأملى يملي إملاء قال اللّه تعالى في الأوّل: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}3 وقال في الثّاني: {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}4

ولو أقرّ له بكذا من الدّراهم ثمّ قال هي وزن خمسة فعليه من الدّراهم الّتي هي وزن سبعة هي الدّراهم الّتي كلّ عشرة دراهم منها سبعة مثاقيل من ذهب وهي النّقد الغالب فانصرف مطلق إقراره إليه والدّراهم الأصبهبديّة نوع من الدّراهم يوجد بالعراق منسوبة إلى أصبهبد.

وإذا أقرّ بفرق زيت هو مكيال تفتح راؤه وتسكّن قاله في مجمل اللّغة قال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النمل: 41.

2 سورة البقرة: 282.

3 سورة البقرة: 282.

4 سورة الفرقان: 5.

 

ص -278-      وقال القتبيّ: هو الفرق بفتح الرّاء وهو ستّة عشر رطلا.

ولو قال: لي عليك ألف درهم فقال: اتزنها ، وانتقدها فهو إقرار يقال: وزنت له الدّراهم للقضاء، واتّزن هو للاقتضاء، وكذا الكيل، والاكتيال، والنّقد، والانتقاد.

ولو قال نفّسني فيها فهو إقرار أيضا لأنّ التّنفيس هو التّرفيه والتّسهيل وقد أشار إلى ذلك الألف فكان إقرارا بها.

ولو قال في جوابه غدا فكذلك هو إقرار أيضا لأنّ غدا كلام لا يستقلّ بنفسه أي لا يقوم يقال أقللته فاستقلّ أي رفعته فارتفع وأقمته فأقام.

والزّنبق بالزّاي ثمّ النّون ثمّ الباء المعجمة بواحدة تحتها بفتح الزّاي والباء وتسكين النّون هو دهن الياسمين.

ولو كان في أحد وجهي الحائط طاقات أو روازن جمع روزن وهو الكوّة وهو فارسيّ معرّب.

ولو كتب صكّا على نفسه، وفيه ذكر حقّ فلان على فلان، وأجله كذا، وقال في آخره من قام بذكر هذا الحقّ فهو وليّ ما فيه إن شاء اللّه تعالى: أي من أخرج هذا الصّكّ، وقام بطلب هذا الحقّ فله ولاية ذلك فألحق به الاستثناء بطل جميع ما ذكر في الصّكّ عند أبي حنيفة رحمه اللّه لأنّه متّصل بعضه ببعض فدخل الاستثناء في الكلّ، وعندهما يدخل الاستثناء في الكلام الأخير لا غير فلا يبقى حقّ المطالبة بما فيه لمن أخرجه، وقام يطلب الحقّ بل يكون للمقرّ له، ولا يبطل الإقرار لأنّه كلام مستقلّ بنفسه غير مرتبط على غيره فاقتصر الاستثناء عليه.

ولو قال له: عليّ زهاء ألف درهم بضمّ الزّاي ومدّ الآخر أي قريب ألف درهم فهو إقرار بخمسمائة وشيء لأنّه يتناول أكثره وهو هذا وكذلك إذا قال عظم ألف درهم بضمّ العين وتسكين الظّاء أي أكبره وأكبره أكثره لأنّ كبر العدد

 

ص -279-      بالكثرة وكذلك إذا قال جلّ ألف درهم لأنّ جلّ الشّيء معظمه وهو في العدد أكثره.

مائة ونيّف بتشديد الياء وتخفيفها أي زيادة وهو كلّ ما بين عقدين أي بين عشرة وعشرة وقال في ديوان الأدب أصله الواو يقال ناف ينوف نوفا إذا طال وارتفع وأنافت الدّراهم على المائة أي زادت وأناف على الشّيء أي أشرف.

وبضع من واحد إلى عشرة من البضع وهو القطع كأنّه قطعة منه.

ولو قال عليّ مختوم من دقيق برديّ لا بل حوّارى بضمّ الحاء وتشديد الواو وفتح الرّاء وتسكين الياء هو الّذي حوّر أي بيّض.

والصّدع في الحائط هو الشّقّ وأصله مصدر من حدّ صنع.

اندملت القرحة أي برأت وصحّت وحقيقته صلحت والدّمل الإصلاح من حدّ دخل.

وإذا أقرّ أنّه افتضّ جارية أي أزال عذرتها وهي بكارتها من الفضّ من باب دخل يقال فضّ اللّؤلؤة أي خرقها.

والإفضاء فسّرناه في كتاب الحدود.

ولو قدم رجل من بلد ومعه رجال ونساء وصبيان يخدمونه فادّعى أنّهم رقيقه وادّعوا أنّهم أحرار كانوا أحرارا وإن كانوا أعاجم أغتاما أو سندا أو حبشا لأنّهم في أيدي أنفسهم.

الغتمة كالعجمة في المنطق قاله في مجمل اللّغة ورجل غتميّ أي أعجميّ وجمعه الأغتام.

وإقرار المفلوج جائز هو الّذي أصابه الفالج وهو ريح يصيب الإنسان فيفسد به نصف بدنه وهو أحد شقّيه يقال فلجت الشّيء فلجين أي شققته نصفين من حدّ ضرب ولو أقرّ أنّه أخذ ثوبا من فناء فلان فلا شيء عليه لأنّه لم يقرّ بالقبض من

 

ص -280-      ملكه ولا من حرزه.

الفناء بكسر الفاء هو الجناب وهو ما حول الدّار وفارسيّته دركاه.

ولو قال أخذت من الجسر وهو القنطرة بفتح الجيم وكسرها.

الرّديء ضدّ الجيّد مهموز من حدّ شرف ردؤ رداءة فهو رديء واللّه تعالى أعلم.

 

ص -281-      كتاب الوكالة:

الوكالة: مصدر الوكيل بكسر الواو وبالفتح لغة الوكيل من وكل إليه الأمر بالتّخفيف أي ترك وسلّم تقول في الدّعاء لا تكلني إلى نفسي وهو من حدّ ضرب ووكّله بالتّشديد أي جعله وكيلا والتّوكّل قبول الوكالة والتّوكّل على اللّه تعالى والاتّكال عليه هو الاعتماد على اللّه تعالى عزّ وجلّ وقال في مجمل اللّغة التّوكّل إظهار العجز والاعتماد على غيرك والوكل بفتح الواو والكاف الرّجل الضّعيف العاجز وواكل فلانا إذا ضيّع أمره متّكلا على غيره والوكال في الدّابّة أن تسير بسير أبطأ.

وروي في الكتاب عن عبد اللّه بن جعفر قال كان عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه لا يحضر خصومة أبدا وكان يقول إنّ الشّيطان يحضرها وإنّ لها قحما جمع قحمة وهي المهلكة بضمّ القاف ويقال معناه أنّ لها أمورا شاقّة والاقتحام هو الوقوع والإيقاع في المشقّة.

قال: وكان إذا خوصم في شيء من أمواله وكّل عقيلا هو أخوه عقيل بن أبي طالب فلمّا كبر عقيل وأسنّ.

كبر من حدّ علم في السّنّ وأسنّ كذلك وكبر من حدّ شرف في معنى العظم وجمع بين اللّفظين ومعناهما واحد لاختلاف اللّفظين قال فلمّا كبر عقيل وأسنّ وكّل عبد اللّه بن جعفر هو ابن أخيه عبد اللّه بن جعفر الطّيّار وهو جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه فقال هو وكيلي فما قضي عليه فهو عليّ وما قضي له فهو لي فخاصمني طلحة بن عبيد اللّه في صفير أحدثه عليّ رضي اللّه عنه بين أرض طلحة وأرضه.

 

ص -282-      قال في الحديث: والصّفير المسنّاة وقالوا هو مثل المسنّاة المستطيلة في أرض فيها خشب وحجارة.

قال فقال طلحة: إنّه قد أضرّني وحمل عليّ السّيل فواعدنا عثمان بن عفّان رضي اللّه عنه أن يركب معنا فينظر إليه قال فركب فقال واللّه إنّي وطلحة لنختصم في الرّكب وهو جماعة من النّاس يركبون مع الأمير قال وإنّ معاوية على بغلة شهباء، الشّهبة من حدّ علم في الألوان سواد يخالطه بياض وفارسيّته خنّك.

قال فألقى كلمة عرفت أنّه أعانني بها قال: أرأيت هذا الصّفير أكان على عهد عمر؟ رضي اللّه عنه قال: نعم، قال: لو كان جورا ما تركه عمر رضي اللّه عنه فسار عثمان حتّى رأى الصّفير، قال: ما أرى جورا، وقد كان على عهد عمر رضي اللّه عنه الواو للحال قال: ولو كان جورا لم يدعه: أي لم يتركه.

وعن شريح أنّه كان يجيز بيع كلّ مجيز ، الوصيّ والوكيل : أي كان يقول بجواز انعقاد البيع على التّوقّف على إجازة من له ولاية الإجازة وهو الوكيل والوصيّ ونحوهما ، وهو حجّتنا على الشّافعيّ رحمة اللّه عليه.

وعن شريح أنّه قال: من اشترط الخلاص فهو أحمق، سلّم ما بعت أو ردّ ما أخذت: أي من باع شيئا، وضمن تخليصه للمشتري إذا ظهر مستحقّ فهو أحمق لأنّه قد لا يقدر على ذلك فعليه أن يسلّم ما باع أو يردّ الثّمن الّذي أخذ إذا استحقّ المبيع.

وإذا وكّل بشراء عبد مولّد هو الّذي ولد في دار الإسلام.

وللوكيل بالشّراء أن يردّ بالعيب من غير استطلاع رأي الموكّل أي استعلامه وقد استطلعته على كذا فأطلعني عليه أي استعلمته فأعلمني.

وقضاء الدّين أداؤه وتقاضيه طلب قضائه واقتضاؤه قبضه.

والوكيل بالبيع إذا باع من ذي رحم محرم منه فالرّحم علاقة القرابة وقال في مجمل اللّغة: وأصل ذلك من رحم الأنثى وهو موضع النّسل منها والقرابة تسمّى بها

 

ص -283-      لحصولها منها والمحرم أن تحرم المناكحة بينهما وقد ينفكّ الرّحم عن المحرم والمحرم عن الرّحم فالإخوة والأخوات والأعمام والعمّات والأخوال والخالات ذوو الأرحام والمحارم وأولادهم ذوو الأرحام.

وليسوا بالمحارم والمحرّمون والمحرّمات بالمصاهرة محارم وليسوا بذوي الأرحام والوكيل بالرّهن إذا أقرّ أنّه فعل كذا سمعة أي ليسمّع النّاس به من غير أن يكون قصد به التّحقيق وهو كالتّلجئة يقال فعل كذا رياء وسمعة إذا فعله ليراه النّاس ويسمعوا به.

وإذا أمره أن يتعيّن عليه كذا هو أمر بعقد العينة وقد فسّرناها آخر كتاب البيوع.

والمضاربة نفسّرها في أوّل كتابها إن شاء اللّه تعالى.

الجريّ على وزن الفعيل بالياء معتلّة هو الوكيل والرّسول قال في مجمل اللّغة ومصدره الجراية بكسر الجيم وقد جرّيته جريّا بالتّشديد أي وكّلته واستجريت كذلك وفي الحديث "فلا يستجرينّكم الشّيطان" أي لا يأخذنّكم جريّه وسمّي الوكيل جريّا لأنّه يجري مجرى موكّله والجمع أجرياء.

وإنّما يطلقها ليتخلّص عن حبالتها هي بكسر الحاء وهي الشّبكة الّتي يصطاد بها.

الوكيل في الخلع سفير قال في ديوان الأدب السّفير الرّسول والسّفير المصلح بين القوم وقال في باب ضرب سفرت بينهم سفارة أي أصلحت ويراد به أنّ حقوق هذا العقد لا يرجع إليه ولا يجعل عاقدا بل يجعل كالرّسول يعبّر عن غيره ولا يضيف إلى نفسه.

ومسألة الدّسكرة مذكورة في هذا الكتاب وفي مواضع من الكتب وهي بناء شبه قصر حواليه بيوت.

الشّجاج من الموضحة وغيرها نفسّرها في الدّيات إن شاء اللّه تعالى

 

ص -284-      كتاب الكفالة والحوالة:

الكفالة: الضّمان، من حدّ دخل وأصلها الضّمّ ومنه قولهم كفل فلان فلانا إذا ضمّه إلى نفسه يمونه ويصونه قال اللّه تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}1 والكفل مواصلة الصّيام وهو الضّمّ بين الصّيامات في الأيّام قال القطاميّ يصف إبلا تقف عند مؤخّرات الحياض فلا تشرب لداء بها:

يلذن بأعقار الحياض كأنّها               نساء النّصارى أصبحت وهي كفّل

وقال في مجمل اللّغة: الكفل بكسر الكاف هو الضّعف من الأجر والإثم يعني به ما روي من فعل كذا فله كفلان من الأجر ومن فعل كذا فله كفلان من الوزر فالكفالة ضمّ ذمّة في التزام المطالبة بالدّين.

وقول النّبيّ عليه السلام: "الزّعيم غارم" أي الكفيل ضامن وقد زعم زعامة من حدّ دخل أي كفل وغرم أي ضمن من حدّ علم والمصدر الغرم والغرام والغرامة والمغرم والنّعت الغريم والغارم.

التّكفيل التّضمين ومن القاضي أخذ الكفيل من الخصم.

وإذا كان الكفيل يسوّف أي يؤخّر ويمطل وهو من كلمة سوف يقول سوف أفعل ولا يفعل.

وإذا كفل بما ذاب له على فلان أي ثبت قاله في ديوان الأدب وقال في مجمل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة آل عمران: 37.

 

ص -285-      اللّغة أي وجب قال والذّوب العسل الأبيض الخالص وأذاب فلان أمره أي أصلحه وذاب الشّيء الجامد أي انحلّ وذابت الشّمس إذا اشتدّ حرّها وكان قولهم ذاب له على فلان كذا مأخوذا من ذوب الجامد فإنّ الجامد ربّما لا يوصل إلى الانتفاع به لاجتماعه وانعقاده فإذا ذاب شيء منه تيسّر الوصول إلى الانتفاع به فقولهم ما ذاب لك على فلان أي حصل وتقرّر وظهر.

وإذا سلّم الكفيل أي الضّامن المكفول بنفسه أي المطلوب أو المكفول به أي المال الواجب إلى المكفول له أي الطّالب فقد تفصّى عن العهدة أي خرج عن الضّمان من الفصية وهي الخروج من الضّيق إلى السّعة والتّفصّي من البليّة التّخلّص.

إذا كفل بنفس فلان فإن لم يواف به فعليه المال الموافاة الإتيان.

وإذا استعدى على المكفول به يقال استعدى المدّعي الأمير أو القاضي على المدّعى عليه فأعداه القاضي وهو طلبه من القاضي أن ينتقم من خصمه باعتدائه عليه واسم هذا الطّلب العدوى قاله في مجمل اللّغة.

وقول المتفقّهة تعليق البروات بالشّروط باطل بترك الهمزة وإثبات الواو غير صحيح في اللّغة بل الصّحيح تعليق البراءات فإنّ الكلمة في الأصل مهموزة وإذا قال كفلت لك بنفس فلان وإن لم أوافك به غدا فعليّ المال الّذي لك على فلان وهو غير المكفول بنفسه لم يصحّ عند محمّد رحمه اللّه لأنّ الكفالة الثّانية ليست بشكل الكفالة الأولى هذا بفتح الشّين وهو المثل والمشاكل المشابه والشّكل بالكسر الدّلال يقال امرأة ذات شكل أي دلال.

الكفالة للاستيثاق أي للأحكام والتّوثيق كذلك والشّيء الوثيق المحكم ومصدره الوثاقة وهو من حدّ شرف.

ولو كفل ثلاثة رهط فالرّهط دون العشرة من الرّجال.

والحوالة مأخوذة من التّحويل وهو النّقل من مكان إلى مكان فهو نقل الدّين من

 

ص -286-      ذمّة إلى ذمّة فيقتضي فراغ الأولى عنه وثبوته في الثّانية وليست الكفالة كذلك فإنّها ضمّ ذمّة فيقتضي بقاء الدّين في الذّمّة الأولى ليتحقّق معنى الضّمّ وعلى حقيقة اللّفظ خرج جواب أصحابنا فيهما أنّ الحوالة مبرّئة والكفالة غير مبرّئة على ما عرف.

والمحيل من عليه الدّين إذا حوّل ذلك الدّين إلى ذمّة غيره.

والمحتال صاحب الدّين ولا يقال المحتال له لأنّه لا حاجة إلى هذه الصّلة وإن كان يتكلّم به المتفقّهة المحال.

والمحال عليه والمحتال عليه كلاهما اسم من قبل الحوالة فصار من عليه الدّين يسمّى محالا عليه بفعل من عليه الدّين وهو الإحالة ومحتالا عليه وبفعل صاحب الدّين وهو الاحتيال فهو مفعول الفعلين جميعا.

وقال النّبيّ عليه السلام: "من أحيل على مليء فليتبع" والمليء القادر على إيفاء الدّين والمصدر الملاءة من حدّ شرف أي من حوّل دينه إلى إنسان قادر عليه فليطلب ذلك من قابل الحوالة.

وعن عثمان رضي اللّه عنه وعن شريح في الحوالة إذا أفلس فلا توى على مال مسلم أي يعود إلى المحيل وهذا عندنا.

أفلس أي صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير ويستعمل مكان افتقر.

وفلّسه القاضي أي قضى بإفلاسه حين ظهر له حاله.

قال: وإذا كفل ثلاثة رهط بعضهم كفلاء عن بعض مليّهم عن معدمهم ، وحيّهم عن ميّتهم يكون القادر كفيلا عن المعدم الّذي يفتقر منهم على إثر إعدامه، ويكون الحيّ كفيلا عن الّذي يموت منهم على إثر موته فهو باطل لأنّه لا يدري من يفتقر، ومن يموت، ولو قال: ما أقرضته فهو عليّ فباعه شيئا بثمن دين فليس ذلك على الكفيل لأنّه كفل بالقرض دون الدّين، والقرض مال يقطعه من أمواله فيعطيه عينا فأمّا حقّ ثبّت له عليه دينا فليس بقرض.

ولو قال: ما داينته فهو عليّ فأقرضه شيئا فهو على الكفيل لأنّ اسم الدّين شامل

 

ص -287-      يتناول ما وجب في ذمّته دينا بالعقد، وما صار دينا في ذمّته أيضا باستقراضه، واستهلاكه فتناول ذلك النّوعين جميعا، والأوّل يتناول المال المستقرض دون الواجب بالعقد لخصوص ذلك ، وعموم هذا.

ولو قال لشريكه أو خليطه: ادفع إلى فلان كذا قضاء عنّي فالخليط المذكور هاهنا هو الّذي بينهما أخذ، وإعطاء ، ومداينات، ولم يرد به الشّريك فقد عطفه عليه، وهما غيران، وكذا فسّره محمّد رحمه اللّه في الكتاب.

والدّراهم البخّيّة بتشديد الخاء والياء نوع من أجود الدّراهم منسوبة إلى بخ وقالوا هي الّتي كتب عليها بخ وذكر في مقابلتها دراهم الغلّة وهي الّتي تروج في السّوق في الحوائج الغالبة.

والدّراهم القسيّة بتشديد الياء وحدها على وزن الفعيلة قال في ديوان الأدب أي فضّة صلبة جعله من قساوة القلب.

وقال في باب الأفعال: قسا الدّرهم يقسو إذا زاف.

وقال في شرح الغريبين: هي نفاية بيت المال وقال في الجامع الكبير في اللّغة القاشي بالشّين المعجمة على وزن القاضي في كلام أهل السّواد الفلس الرّديء قال وقولهم درهم قسيّ بالسّين على وزن فعيل كأنّه إعراب قاش قال وهذا عن الأصمعيّ.

وذكر في المسألة الحسابيّة من هذا الكتاب وهي أصعب مسائل أصحابنا رحمهم اللّه في الحساب وما وقع فيها من الخطأ لأصحابنا وإنّ أبا الحسين الأهوازيّ رحمه اللّه صحّحها وهي تخرج من أربعة آلاف ومائتي ألف وخمسين ألفا كلمات لا بدّ من كشفها وتفسيرها منها.

الجذر النّاطق.

والجذر الأصمّ.

 

ص -288-      ومنها المال.

ومنها العدد المطلق واستخراج الجذور ومقترنات الجبر ومفرداته.

والجذر العدد المضروب في نفسه ويسمّى شيئا والمجتمع من ضرب العدد في نصيبه يسمّى مالا ومفردات الجبر ما لا يعدل جذورا وما لا يعدل عددا وجذور تعدل عددا ومقترنات الجبر مال وجذور تعدل عددا ومال وعدد تعدل جذورا وجذور وعدد تعدل مالا والجذر النّاطق ما يعلم حقيقته والأصمّ يقرب من الصّواب ولا يصل العباد إليه حقيقة قطعا.

وكانت عائشة رضي اللّه عنها تقول في دعائها سبحان الّذي لا يعلم الجذر الأصمّ إلّا هو.

والجذر في اللّغة الأصل وقال الخليل رضي اللّه عنه الجذر أصل الحساب كالعشرة تضرب في عشرة فيكون جذرا للمائة وتمام معرفتها لمن اجتهد في معرفة علم الحساب وكتابنا لهذا القدر.

وقال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه:

أما تراني كيّسا مكيّسا                            بنيت بعد نافع مخيّسا

الكيّس بالتّشديد النّعت من الكياسة من حدّ ضرب وفارسيّته زيرك.

والمكيّس بفتح الياء المجعول كيّسا والمنسوب إلى الكياسة ونافع اسم سجن بناه لحبس الجناة ومخيّس سجن آخر بناه بعد ذلك بكسر الياء من التّخييس وهو التّذليل والقهر والتّليين وقيل سمّي به لأنّ المحبوسين لازموه كما يلازم الأسد خيسه بكسر الخاء وهو الشّجر الملتفّ وعلى هذا يكون مخيّسا بفتح الياء أي ملازما.

وروي عن عمر رضي اللّه عنه أنّ رجلا جاءه فقال أجرني أي أمّنّي يقال آجره أي آمنه فقال: من ماذا فقال من دم عمد أي جنايتي هذه فقال عمر رضي اللّه عنه السّجن بالفتح أي ادخل السّجن وإن رفع فمعناه لك السّجن.

 

ص -289-      ثمّ قال: كأنّي بالطّلبة قد حلّوا أي اعلم بحضور طالبيك كأنّي أعاينهم قد حلّوا أي نزلوا بهذا المنزل لأخذك.

وعن عمر رضي اللّه عنه أنّه خطب وقال: ألا إنّ أسيفع أسيفع جهينة قد رضي من دينه وأمانته أن يقال يسبق الحاجّ فادّان معرّضا فأصبح وقد دين به فمن كان له عليه دين فليغد علينا فإنّا نقسم ماله بين غرمائه فإيّاكم والدّين فإنّ أوّله همّ وآخره حرب.

أسيفع اسم رجل وهو تصغير الأسفع وأسيفع جهينة بدل من الأوّل وكرّره على وجه الإضافة إلى قبيلته وهي جهينة تعريفا وتمييزا عن غيره الّذي يسمّى باسمه.

رضي من دينه وأمانته بقول النّاس إنّ الأسيفع رجل فيه خير يسبق الحاجّ أي يتقدّمهم في المنزل.

فادّان معرّضا بتشديد الدّال على وزن افتعل وأصله أدّتان أي أخذ الدّين أو قبل الدّين أو سأل الدّين كلّ ذلك يستقيم فيه معرّضا أي متعرّضا لكلّ من يعرض له وقيل من أيّ موضع أمكن وقيل أي معرضا عن قول من يقول لا تستدن أي مولّيا من كان له دين وقيل أي مولّيا عن القضاء فأصبح وقد رين به أي غلب بالدّين على ما لم يسمّ فاعله وقد ران يرين قال اللّه تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}1 أي غلب فمن كان له عليه دين فليغد أي فليأتنا بالغداة فإنّا نقسم ماله بالغداة بين غرمائه أي بإذنه ورضائه وهو تأويل أبي حنيفة رحمه اللّه فإنّه لا يرى الحجر على الحرّ على ما يعرف فإيّاكم والدّين فإنّ أوّله همّ وآخره حرب إن صحّت روايته بتسكين الرّاء فهو إحدى الحروب أي يؤدّي ذلك إلى المنازعة والمحاربة وإن صحّت بفتح الرّاء هو مصدر حرب من حدّ دخل أي أخذ ماله وتركه بغير شيء أي يؤخذ ماله في قضاء الدّين فيفتقر.

ويروى فإنّا بائعو ماله فقاسموه بين غرمائه بالحصص وسقطت النّون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة المطففين:14.

 

ص -290-      للإضافة ولو قال بائعون نصب قوله ماله لأنّه مفعول.

وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: ليس في هذه الأمّة صفد ولا تسيير ولا غلّ ولا تجريد الصّفد الشّدّ والإيثاق من حدّ ضرب بتسكين الفاء في المصدر فإذا فتحها فهو اسم الوثاق بفتح الواو والكسر لغة فيه وهو ما يوثق به قال اللّه تعالى: {مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ}1 وهي جمع صفد والتّسيير تفعيل من السّير والغلّ ما يشدّ به اليد إلى العنق والتّجريد الإعراء عن الثّياب أي لا يفعل هذه الأشياء بأصحاب الجنايات.

والدّعّار يحبسون جمع داعر وهو الخبيث الفاسد مأخوذ من العود الدّاعر هو الكثير الدّخان وذلك من حدّ علم.

التّعزير الضّرب دون الحدّ من العزر وهو إيقار الحمار وشدّ الخيط على خياشيم البعير للإيجار وأصله في مجمل اللّغة والتّثقّف التّسوية.

ويعزّر من يؤذي إنسانا ويزدريه الازدراء الاستخفاف والإزراء التّصغير والزّراية العيب من حدّ ضرب يقال أزرى عليه فعله أي عابه.

وقال النّبيّ عليه السلام: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلّا الحدّ" أي اعفوا عن ذوي المروآت والمتجمّلين زلّاتهم.

وقال عليه السلام: "تجافوا عن عقوبة ذوي المروءة إلّا الحدّ" أي تباعدوا والمروءة الإنسانيّة بالهمزة وهي مصدر المرء من غير فعل.

ولا يجب المال على الحويل أي قابل الحوالة إن اتّضعت السّوق أي تراجعت الأسعار فيها.

قلت رغائب النّاس الصّحيح رغبات النّاس فأمّا الرّغائب فهي جمع رغيبة وهي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة ابراهيم: 49.

 

ص -291-      العطاء الكثير ويقع أيضا على الشّيء النّفيس المرغوب فيه فأمّا أن تكون بمعنى الرّغبة فلا استعمال فيه.

ضمان الدّرك ضمان الاستحقاق دون ردّ الثّمن بالعيب وهو من الإدراك أي ما يدركه من جهة نفسه.

تحاصّ الغرماء أي تقاسموا بالحصص جمع حصّة وهي النّصيب.

 

ص -292-      كتاب الصّلح:

الصّلح: الاسم من المصالحة أي المسالمة وهي خلاف المخاصمة وقد صالح فلان فلانا واصطلحا وتصالحا واصّالحا وأصلحا بقطع الألف قال اللّه تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً}1 بضمّ الياء على القراءة المشهورة ويصّالحا بتشديد الصّاد وإثبات الألف بعدها قراءة أيضا وكلّ ذلك من الصّلاح والصّلوح وهما مصدران الصلح.

وصلح من حدّ دخل وشرف جميعا والفتح أفصح وهو ضدّ الفساد وقال اللّه تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا}2 أي خلاف بينهما يقال شاقّه مشاقّة وشقاقا أي خالفه وحقيقته أن يصير هذا في شقّ وذاك في شقّ بالكسر أي ناحية وأصله النّصف فإنّ الشّيء إذا شقّ شقّين صار نصفين.

روي عن عليّ رضي اللّه عنه: أنّه أتي في شيء على ما لم يسمّ فاعله فقال إنّه لجور أي تسليم بعض الواجب في الأصل لولا أنّه صلح لرددته أي صار حطّ البعض برضا الخصم.

وفي الصّلح إطفاء النّائرة هي العداوة والشّحناء.

وعن شريح أنّه قال: أيّما امرأة صولحت على ثمنها لم يبيّن لها كم ترك زوجها فتلك الرّيبة يروى هذا بروايتين الرّيبة على وزن الفعلة بكسر الرّاء من الرّيب وهو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النساء: 128.

2 سورة النساء: 35.

 

ص -293-      الشّكّ أي صلح في صحّته شكّ والرّبية بضمّ الرّاء على وزن الفعيلة من الرّبا على التّصغير أي فيه شبهة الرّبا لاحتمال أن يكون بعض التّركة ديونا على النّاس فيكون تمليك الدّين من غير من عليه الدّين ولاحتمال أن يكون حظّها من النّقد أكثر ممّا أخذت فيكون ربا ويحتمل غير ذلك فلم يتحقّق الفساد لكنّ فيه احتمال الفساد فجعله ربا من وجه.

وروي عن عمر رضي اللّه عنه أنّه قال ردّوا الخصوم حتّى يصطلحوا فإنّ فصل القضاء يحدث بينهم الضّغائن أي اصرفوا الّذين جاءوا للتّخاصم ليصطلحوا فإنّ قطع الحكم قد يظهر بينهم الأحقاد والضّغائن جمع ضغينة وهي الحقد وكذلك الضّغن.

وعن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما قال: يتخارج أهل الميراث أي يصطلحون على إخراج بعضهم عن الميراث بشيء معلوم يعطونه دون كمال حصّته منه.

وعن عائشة رضي اللّه عنها أنّ بريرة أتتها فسألتها أي كانت مكاتبة فسألتها إعطاء شيء يؤدّي بدل كتابتها فقالت عائشة رضي اللّه عنها إن شئت عددتها لأهلك عدّة واحدة ، وأعتقتك: أي نقدت هذه الدّراهم الّتي عليك لمن كاتبك بطريق البيع ، وإعطاء الثّمن دفعة واحدة ، وأعتقتك بعد الشّراء ، وإنّما قالت : إن شئت ليجوز شراؤها لأنّ بيع المكاتب إن كان بإذنه جاز، وتضمّن فسخ الكتابة بتراضيهما، وبدون رضاه لا يجوز.

وذكر الحديث بطوله، وباقيه ظاهر. وعن عليّ رضي اللّه عنه أنّه أتاه رجلان يختصمان في بغل فجاء أحدهما بخمسة رجال فشهدوا أنّه نتجه هو الصّحيح من الرّواية بدون الألف في أوّله بفتح النّون والتّاء من باب ضرب يقال نتجت الدّابّة على ما لم يسمّ فاعله ونتجها صاحبها أي كان نتاجها عنده أي ولادتها.

ويقال نتجها أي ولي نتاجها والنّاتج للإبل كالقابلة للنّساء ولا يصحّ رواية أنتجه يقال أنتجت الفرس أي حان نتاجها قاله في ديوان الأدب.

 

ص -294-      وقال في شرح الغريبين: أنتجت الفرس أي حملت فهو نتوج ولا يقال منتج قال وجاء آخر بشاهدين فشهدا أنّه نتجه فقال للقوم ما ترون هو من رؤية القلب أي ما رأيكم في هذه الحادثة وما جوابكم فقالوا اقض لأكثرهما شهودا فقال فلعلّ الشّاهدين خير من الخمسة ثمّ قال فيها قضاء وصلح وذكر الحديث.

وفيه فإن تشاحّا على اليمين أي تضايقا من الشّحّ من حدّ دخل.

مبنى الصّلح على الإغماض أي المساهلة والمسامحة من تغميض العين وهو ضمّها.

والمماكسة مفاعلة من المكس من حدّ ضرب وهو استنقاص الثّمن.

ولو صالحه من دعواه على أرض فغرقت قبل القبض فله أن يتربّص حتّى ينضب الماء عنها أي يغور من حدّ دخل.

ونهى النّبيّ عليه السلام: عن ضربة الغائص هو الّذي يغوص في البحر أي يدخل فيه لاستخراج الدّرر ونحوها.

والغوّاص من صار ذلك حرفة له وهو نهي عن قول الرّجل يغوص لك في البحر فما أخذته فهو لك بكذا وهذا لا يجوز لأنّه غرر.

ويروى عن ضربة القانص بالقاف والنّون وهو الصّائد يقال قنص من حدّ ضرب أي صاد.

والقنّاص الصّيّاد وهو أن يقول اضرب كذا للاصطياد فما أخذته فهو لك بكذا وهو غرر أيضا فلم يجز.

وإذا قال الوارث للموصى له بخدمة العبد أعطيك هذه الدّراهم مقايضة بخدمة العبد أي مبادلة ومعاوضة والمقايضة المطلقة هو بيع عين بعين من القيض وهو المثل والعوض وهما قيضان أي كلّ واحد منهما عوض الآخر قال ذلك في مجمل اللّغة.

 

ص -295-      من زعم كذا قال في ديوان الأدب الزّعم القول وقال في مجمل اللّغة الزّعم القول من غير صحّة قال اللّه تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}1 وفيه لغتان فتح الزّاي وضمّها والصّرف من حدّ دخل.

رجل بعث بديلا ليغزو عنه فغزا مع الجند فغنموا فالسّهم للبديل لأنّه هو المجاهد فإن كان أعطاه جعلا ردّه البديل لأنّه أخذ الأجر على الجهاد فلم يجز، وهذا إذا كان شرطا لا عونا له من غير شرط.

البديل البدل، والبدل بكسر الباء، وتسكين الدّال كذلك.

ولو أبرأه عن العفن في الثّوب فوجد به خرقا أو وجده مرفوءا فله حقّ الرّدّ العفن البليّ من المال من حدّ علم والخرق التّخريق من حدّ ضرب والمرفوء مفعول من قولك رفأ الثّوب من حدّ صنع رفئا أي أصلح ما وهن منه وهو مهموز فأمّا الرّفو بالواو من غير همز من حدّ دخل فهو التّسكين.

والإقالة الفسخ والرّدّ وأصله الياء.

وقال المبيع يقيله من حدّ ضرب لغة في أقاله يقيله إقالة.

وتحكيم الإنسان جعله حكما أي حاكما.

وروى محمّد رحمه اللّه أنّه كان بين عمر وبين أبيّ بن كعب رضي اللّه عنهما مدارأة في شيء بالهمزة أي مدافعة وقد درأ من حدّ صنع أي دفع وباقي الحديث ذكرناه في أدب القاضي.

وعن الشّعبيّ أنّ عمر رضي اللّه عنه ساوم بفرس فحمّل عليه رجلا يشوره فعطب فقال عمر رضي اللّه عنه: هو من مالك، وقال صاحبه: بل هو من مالك، قال: اجعل بيني وبينك رجلا، قال: نعم شريح العراقيّ فحكّماه، فقال شريح: إن كنت حملته بعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة التغابن: 7.

 

ص -296-      السّوم فهو من مالك يا أمير المؤمنين ، وإن كنت حملته قبل السّوم فلا فعرف عمر رضي اللّه عنه ذلك فبعثه قاضيا على أهل الكوفة.

قوله سام بفرس أي استباع فرسا فحمّل عليه رجلا أي أركبه إيّاه يشوره أي يقبل به ويدبر للعرض على البيع والمشوار المكان الّذي يفعل فيه ذلك يقال إيّاك والخطب فإنّها مشوار كثير العثار، فعطب أي هلك فقال عمر رضي اللّه عنه هو من مالك أي هلك عليك فلا قيمة عليّ وقال الآخر بل عليك لأنّك ساومت فحكّما شريحا فحكم أنّ الإركاب إذا كان بعد السّوم فعلى عمر رضي اللّه عنه فعرف عمر أي استصوب وضدّه أنكر أي لم يستصوب وقلّده قضاء الكوفة حيث رآه عالما به واللّه أعلم.

 

ص -297-      كتاب الرّهن:

الرّهن: حبس العين بالدّين وقد رهنه من حدّ صنع وأرهنه بالألف لغة فيه قاله في ديوان الأدب واستشهد بقول الشّاعر:

فلمّا خشيت أظافيره                             نجوت وأرهنتهم مالكا

قال: وكان الأصمعيّ يرويها وأرهنهم بغير تاء على المستقبل يعني اللّغة الفاشية من حدّ صنع كما تقول قمت وأصكّ عينه يعني عطف المستقبل على الماضي وهو هاهنا للحال دون محض الاستقبال.

وقال في مجمل اللّغة: رهنت الشّيء ولا يقال أرهنت والشّيء الرّاهن الثّابت الدّائم.

ورهن الشّيء أي دام ويقال أقام.

وحكم الرّهن دوام الحبس أيضا إلى أن يفتكّ والرّاهن المهزول من الإبل والنّاس وقال الشّاعر:

إمّا تري جسمي خلّا قد رهن

والخلّ بالفتح الرّجل النّحيف وهو من دوام الهزال به.

والإرهان في السّلعة الإغلاء فيها والإرهان الإسلاف وإرهان الأولاد إخطارهم في الوثائق.

والارتهان أخذ الرّهن والرّهن اسم المرهون أيضا وقول اللّه تعالى: {فَرِهَانٌ

 

ص -298-      مَقْبُوضَةٌ}1 جمع رهن ويقرأ: "فرهن" بضمّ الرّاء والهاء وهو جمع رهان كالحمر جمع حمار وهو جمع الجمع وقال النّبيّ عليه السلام: "الرّهن بما فيه" أي يذهب بما فيه من الدّين.

وقال النّبيّ عليه السلام: "لا يغلق الرّهن" من حدّ علم أي لا يصير للمرتهن بدينه بل للرّاهن افتكاكه بقضاء دينه وأصل الغلق الانسداد والانغلاق وقال زهير:

وفارقتك برهن لا فكاك له                يوم الوداع فأمسى الرّهن قد غلقا

وقوله عليه السلام في آخر هذا الحديث لصاحبه غنمه: "وعليه غرمه" قال القاضي الإمام صدر الإسلام: أي للمرتهن فإنّ صاحب الرّهن هو المرتهن أمّا الرّاهن فهو صاحب المال لا صاحب الرّهن، وغنم الرّهن للمرتهن فإنّه يحيى به حقّه ، وعليه غرمه فإنّه إذا هلك فات دينه قال: ومعنى آخر؛ للرّاهن غنمه: أي إذا بيع، وزادت قيمته على الدّين فهي له، وعليه غرمه: أي إذا بيع بأقلّ من الدّين فعليه أداء الفضل.

وفكّ الرّهن تخليصه من حدّ دخل والاسم الفكاك بفتح الفاء وكسرها والافتكاك كالفكّ وأصله الإزالة ومنه فكّ الرّقبة وفكّ الخلخال وفكّ اليد من المفصل وقد انفكّت يده إذا زالت من المفصل وانفكّت رقبته أي زال رقّها ولا ينفكّ يفعل كذا أي لا يزال والفكك انفراج المنكب عن مفصله من حدّ علم وهو من الضّعف والاسترخاء والنّعت منك الأفكّ.

والدّين الحالّ خلاف المؤجّل وقد حلّ الدّين وحلّ المال من حدّ ضرب إذا كان مؤجّلا فمضى أجله والمصدر الحلّ بكسر الحاء والمحلّ بكسر الحاء يكون للمصدر وللزّمان والمكان من هذا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 283.

 

ص -299-      وإذا أخرجت الأرض المرهونة ريعا أي غلّة وأصله النّماء والزّيادة والفعل من حدّ ضرب وهذا بفتح الرّاء فأمّا الرّيع بكسر الرّاء فهو المكان المرتفع والجبل والطّريق.

والدّين معدوم حقيقة وهو بعرض الوجود بفتح الرّاء أي بتهيّئه وإمكانه وصار الشّيء معرّضا لكذا أي متهيّئا لأن يصير كذا وأعرض الشّيء أي أمكن.

وإذا قطف التّمر أي جدّه من حدّ ضرب والقطف بكسر القاف العنقود قال اللّه تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}1 والقطاف بكسر القاف اسم وقت القطف والقطاف بفتح القاف لغة فيه.

ومسألة القلب بضمّ القاف أي السّوار مسألة عظيمة والإبريق إناء يقال له بالفارسيّة كوز آبرى.

وإذا ارتهن تورا من صفر هو إناء يشرب فيه.

والشّيوع الطّارئ الحادث بالهمز من حدّ صنع يقال طرأ أي طلع والفقهاء يقولون في مصدره طريانا الشّيوع بالياء المليّنة ولا وجه له في الأصل إلّا على وجه تليين الهمزة.

ولو قال: قد أبق العبد فإنّه قد يستأني أي ينتظر وهو استفعال من الإنى بكسر الهمزة وفتح النّون وتسكينها أيضا وهو أحد الآناء وهي السّاعات وأنى الشّيء يأني أي حان قال اللّه تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّه}2.

ودمه هدر أي باطل وقد هدر من حدّ ضرب وأهدره غيره.

والمضاربة تفسّر في أوّل كتابها.

ينحسر الماء عنه أي ينكشف والحسر الكشف من حدّ ضرب.

فإن فضل من ثمنه شيء أي زاد وبقي من حدّ دخل هي اللّغة الصّحيحة ومن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الحاقة:23.

2 سورة ِالحديد: 16.

 

ص -300-      حدّ علم ضعيفة وبكسر الضّاد في الماضي وضمّها في المستقبل نادرة ومن حدّ شرف مسموعة.

والجثّة العمياء هي شخص الإنسان قائما أو قاعدا.

والتّفاوت الاختلاف، وغشيها زوجها أي جامعها غشيانا من حدّ علم وغشيه أي جاءه كذلك أيضا وتغشّاها زوجها بالتّشديد كذلك.

 

 

ص -301-      كتاب المضاربة:

المضاربة: معاقدة دفع النّقد إلى من يعمل فيه على أنّ ربحه بينهما على ما شرطا مأخوذ من الضّرب في الأرض وهو السّير فيها سمّيت بها لأنّ المضارب يضرب في الأرض غالبا للتّجارة طالبا للرّبح في المال الّذي دفع إليه.

والمقارضة المضاربة أيضا وأهل المدينة يستعملون هذه اللّفظة مأخوذة من القرض وهو القطع من حدّ ضرب سمّيت به لأنّ ربّ المال يقطع رأس المال عن يده ويسلّمه إلى مضاربه وقيل المقارضة المجازاة فربّ المال ينفع المضارب بماله والمضارب ينفع ربّ المال بعمله.

وروي أنّ ابن مسعود رضي اللّه عنه أعطى زيد بن خلدة مالا مضاربة فأسلم زيد إلى عتريس بن عرقوب في قلائص معلومة بأسنان معلومة إلى أجل معلوم القلوص هي النّاقة الشّابّة وجمعها القلائص وقال في مجمل اللّغة يقال إنّ القلوص النّاقة الباقية على السّير قال ويقال هي الطّويلة القوائم وأقلص البعير إذا ظهر سنامه سمنا وقلص من حدّ ضرب أي ارتفع فيجوز أن يكون القلوص سمّيت به لارتفاعها في السّير ولظهور سنامها.

قال فحلّ الأجل فاشتدّ عليه زيد بن خليدة أي شدّد عليه في الطّلب فأتى عتريس إلى عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه يستعين به عليه فذكر له ذلك فقال عبد اللّه رضي اللّه عنه خذ رأس مالك ولا تسلم مالنا في الحيوان أفاد جواز المضاربة وبطلان السّلم في الحيوان.

 

ص -302-      وعن إبراهيم رحمه اللّه قال في المضاربة الوديعة والدّين سواء يتحاضّون في ذلك وفي مال اليتيم إذا مات مجهّلا ضمن الكلّ ولا يجوز المضاربة بالعرض.

هو كلّ ما ليس بنقد قاله في ديوان الأدب أي ليس من جنس الأثمان وإذا دفع شبكة ليصطاد بها هي الخيوط المشدودة بعضها ببعض والاشتباك التّداخل والاختلاط ومنه تشبيك الأصابع واشتباك الأرحام والشّبك الخلط من حدّ ضرب.

وإذا دفع إليه غزلا ليحوك ثوبا سبعا في أربع: أي سبع أذرع طولا في أربع أذرع عرضا.

وإذا كان الرّجل نشأ بالكوفة أي كبر وإذا دفع إليه مالا ليشتري به جلودا ويقطعها ويخرزها دلاء أو روايا الدّلاء جمع دلو والرّوايا جمع راوية وهي المزادة هاهنا والرّاوية أيضا البعير الّذي يستقى عليه واشتقاقهما من الرّيّ من حدّ علم يقال روي من الماء يروى ريّا فهو ريّان وهو خلاف العطشان فالرّاوية ما تحمل الماء الرّويّ وهو الّذي يروي الشّارب.

ولو خرج إلى سواد الكوفة أي قراها.

ولو قال للمضارب اشتر الثّياب فله أن يشتري به الخزّ والحرير والفراء وهي جمع فرو وثياب القطن والكتّان والأكسية والأنبجانيّات.

ثياب منسوب إلى أهل.

والطّيالسة جمع طيلسان.

وليس له أن يشتري المسوح وهي جمع مسح وفارسيّته بلاس.

والسّتور وهي جمع ستر.

والأنماط جمع نمط بفتح النّون والميم وهو بالفارسيّة نهالين.

والوسائد جمع وسادة.

والطّنافس وهي جمع طنفسة ويقول في الأسامي هي كلّ بساط له خمل بفتح الحاء.

 

ص -303-      وتسكين الميم أي هدب وهو الّذي يقال له مخمل بفتح الميم والصّحيح مخمل بضمّ الميم الأولى وفتح الثّانية وهو الّذي جعل له خمل وهو كالهدب والرّيش.

ولو أراد العاشر أن يأخذ من المضارب شيئا فصانعه حتّى يكفّ عنه ضمن.

المصانعة المداراة أي المساهلة بإعطاء شيء دون ما يطلب ليكفّ عنه أي يمسك.

المئونة بالهمزة لاجتماع الواوين كما في الجمل الصّئول والرّجل القئول وجمعها المون بدون الهمزة لأنّه كان عند اجتماع الواوين وقد عادت إلى الواحدة الأصليّة وقد مانه يمونه أي عاله.

والسّابريّ ضرب من الثّياب.

وتعرف القيمة بطريق الحزر وهو التّقدير بالظّنّ من حدّ دخل وضرب.

والوضيعة الخسران وقد وضع الرّجل في كذا على ما لم يسمّ فاعله أي خسر واللّه أعلم.

 

ص -304-      كتاب المزارعة:

المزارعة: معاقدة دفع الأرض إلى من يزرعها على أنّ الغلّة بينهما على ما شرطا.

والزّرع والزّراعة الحرث والحراثة والأوّل من حدّ صنع والثّاني من حدّ دخل قال اللّه تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ}1 وبين الفعلين فرق وهو أنّ الحرث أصله التّفتيش والزّرع الإنبات وهو المراد في هذه الآية فكأنّه باعتبار أوّل فعله حارث وباعتبار آخر فعله على التّسبيب أو على القصد.

زارع والمزارعة بين اثنين فيجوز أن يكون المزارع اسما لكلّ واحد من العاقدين لكنّ الاستعمال في إطلاقه على الّذي أخذ الأرض ليزرعها دون الّذي دفعها إليه لأنّ فعل الزّراعة منه والاسم أخذ منها ويقع اسم الزّرع على المزروع ويجمع على الزّروع على الأصل المعهود من إطلاق اسم المصدر على المفعول.

وعن النّبيّ عليه السلام أنّه: نهى عن المحاقلة، قيل هي المزارعة وقيل هي إكراء الأرض بالحنطة وقيل بيع الطّعام في سنبله بالبرّ.

والحقل الزّرع قبل أن يغلظ سوقه وهي جمع ساق إذا تشعّب ورقه.

والحقل القراح ويقول في مجمل اللّغة الحقل القراح الطّيّب والقراح الأرض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الواقعة:63.

 

ص -305-      البارزة الّتي لم يختلط بها شيء وفي المثل لا تنبت البقلة إلّا الحقلة.

ونهى عن المزابنة وهي بيع التّمر على رءوس النّخيل بالتّمر كيلا سمّيت بها لتدافع العاقدين عند القبض وقد زبن أي دفع بشدّة وعنف من حدّ ضرب ومنه اشتقاق الزّبانية وهي الغلاظ الشّداد من الملائكة عليهم السلام الّذين يدفعون أهل النّار إليها.

وناقة زبون تدفع حالبها وحرب زبون تدفع أهلها.

والمعاملة معاقدة دفع الأشجار إلى من يعمل فيها على أنّ التّمر بينهما على ما شرطا مفاعلة من العمل والمعاملة من العاقدين واختصّ العامل باسم المعامل لأنّ حقيقة العمل منه مع أنّ المفاعلة تقتضي تسمية كلّ واحد من العاقدين به.

وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه دفع النّخيل معاملة إلى أهل خيبر بالشّطر من التّمر أي بالنّصف وسمّيت المزارعة مخابرة مشتقّة من خيبر لأنّ النّبيّ عليه السلام: فعل ذلك مع أهل خيبر.

وقيل: سمّيت بها من الخبير وهو الأكّار.

وقيل: هي من الخبرة بضمّ الخاء وهي النّصيب وفيها بيانه.

والخبراء الأرض اللّيّنة وكذلك الخبار والخبير النّبات ويجوز أن يجعل اشتقاقها من هذين أيضا والخبر بالضّمّ العلم قال اللّه تعالى: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً}1 فيجوز أن يكون سمّي الأكّار خبيرا لكونه عالما بنوع علم كالشّاعر والطّبيب والفقيه معنى كلّ اسم من ذلك العالم واختصّ كلّ واحد باسم فهذا مثله.

وعن طاوس رحمه اللّه أنّه كان يجيز المزارعة بالثّلث، والرّبع فرووا له حديث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الكهف: 68.

 

ص -306-      رافع بن خديج رضي اللّه عنه أنّ النّبيّ عليه السلام: نهى عن كراء المزارع فقال طاوس إنّ معاذا رضي اللّه عنه كان يجيز دفع الأرض مزارعة بالثّلث، والرّبع، وليس هذا من طاوس معارضة الخبر بالأثر لكن بيان أنّ معاذا رضي اللّه عنه كان عالما بالأحاديث، ومع ذلك أفتى بخلاف هذا الحديث فالظّاهر أنّه علم أنّ النّهي في هذا الحديث ليس عن المزارعة بل هو عن كراء مخصوص ، وهو ما لا تعامل فيه أو البدل فيه مجهول أو كان نهي عن استحباب الإعارة أو نحو ذلك.

وروى محمّد رحمه اللّه عن أبي العطوف عن الزّهريّ أنّه قال حدّثني من لا أتّهمه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لليهود حين عاملهم بخيبر -أي دفع إليهم النّخيل معاملة: "أقرّكم ما أقرّكم اللّه تعالى" أي أجعل لكم قرارا فيها إلى الغاية الّتي يأمر اللّه تعالى بذلك وما كلمة غاية.

وإنّ بني عذرة قلت لهم وهم قبيلة جاءوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين افتتح خيبر.

وجاءته يهود وادي القرى وهم قوم سوى يهود خيبر شركاء بني عذرة في الوادي قلت هو رفع على البدل من قوله يهود وادي القرى فأعطوا بأيديهم أي انقادوا واستسلموا وخشوا أن يغزوهم فلمّا أعطوا بأيديهم والوادي حين فعلوا ذلك نصفان نصف لبني عذرة ونصف لليهود أي كان الوادي مشتركا بينهم نصفين فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الوادي أثلاثا ثلثا له وللمسلمين وثلثا لخاصّة بني عذرة وثلثا لليهود أي أخذ سدس هؤلاء وسدس هؤلاء فصار ذلك للمسلمين وبقي لكلّ واحد من بني عذرة واليهود ثلث فكان الوادي على ذلك حتّى أجلى عمر رضي اللّه عنه اليهود من خيبر.

أي أمر يهود هذا الوادي أن يتجهّزوا للجلاء إلى الشّام أي يتهيّئوا للخروج عن الأوطان إلى بلاد الغربة.

 

ص -307-      والجلاء بفتح الجيم بالفارسيّة أتؤمّنونا قوهيّة وبكسر الجيم زدودن وصرفهما من حدّ دخل.

فقالت له يهود الوادي: نحن في أموالنا قد أقرّنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقاسمنا أي احتجّوا على عمر رضي اللّه عنه وقالوا أقرّنا رسول اللّه فكيف تزعجنا وتخرجنا فقال لهم عمر رضي اللّه عنه: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لكم أقرّكم ما أقرّكم اللّه تعالى وإنّ رسول اللّه عهد أن لا تجتمع دينان في أرض العرب وإنّي مجل من لم يكن معه عهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أي إنّي أجليكم أي أخرجكم إلى الشّام وإنّي مقوّم أموالكم هذه فمعطيكم أثمانها أي أنظر إلى قيمتها وأعطيكم ذلك وآخذها منكم بالبدل فقوّمت أموالهم تسعين ألف دينار فدفعها عمر رضي اللّه عنه إليهم وأجلاهم وأخذ أموالهم.

ثمّ قال لبني عذرة إنّا لن نظلمكم ولن نستأثر أي لن نختار أنفسنا عليكم بأخذ كلّ أموالكم بل نجعل لكم فيها شركة يقال آثر فلان على نفسه أي اختاره واستأثر به أي اختاره لنفسه.

ثمّ قال: أنتم شفعاؤنا في أموال اليهود أي لكم الشّفعة فيها بالشّركة ولنا أيضا بشركتنا إن شئتم أدّيتم نصف ما أعطيناهم وأعطيكم نصف أموالهم وإن شئتم سلّمتم لنا البيع فتولّينا الّذي لهم أي سلّمتم الشّفعة أخذناها بأنفسنا لأنفسنا.

فقال بنو عذرة: لا بل نعطيكم نصف الّذي أعطيتم من الأموال وتقاسموننا أموالهم فباعت بنو عذرة في ذلك الرّقيق والإبل والغنم أي احتاجوا إلى بيع هذه الأشياء لدفع ثمن النّصف حتّى دفعوا إلى عمر رضي اللّه عنه خمسة وأربعين ألف دينار فقسم عمر رضي اللّه عنه الوادي نصفين بين الإمارة وبين بني عذرة أي بين ما يأخذه من كان له الإمارة على المسلمين نيابة عن المؤمنين وبين بني عذرة.

قال: وذلك زمان التّحظير حين حظر عمر رضي اللّه عنه الوادي نصفين التّحظير تفعيل من الحظر وهو المنع من حدّ دخل أي جعل بين النّصفين بعد القسمة

 

ص -308-      والإفراز علما فاصلا مانعا عن الاختلاط دالّا على الامتياز.

أورد الحديث بطوله دلالة على جواز المعاملة المذكورة في أوّله.

قال الزّهريّ: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين صالح أهل خيبر أعطاهم النّخيل على أن يعملوا فيها وكان يقاسمهم نصف الثّمار وكان يبعث لقسمة ذلك عبد اللّه بن رواحة رضي اللّه عنه فيخرص عليهم.

وخرص النّخلة حزر ما عليها من التّمر من حدّ دخل وأصله القول بالظّنّ.

ثمّ يقول إن شئتم فلكم وإن شئتم فلنا أي إن شئتم أخذتم على خرصنا وأعطيتمونا أنصباءنا وإن شئتم أخذنا الكلّ نحن وأعطيناكم أنصباءكم أي لا بخس فيه بزيادة أو نقصان.

وعن سليمان بن يسار أنّ النّبيّ عليه السلام: بعث ابن رواحة إلى قرى اليهود ليخرص عليهم التّمر فجمعوا له حليّا من حليّ نسائهم فقالوا له هذا لك وخفّف عنّا وتجاوز في القسم.

كذا رأيته في الأصل بالألف وأظنّ الصّحيح من الرّواية.

وتجوّز في القسم أي تسهّل في القسم أي القسمة وأمّا التّجاوز بالألف فهو العفو فإن صحّت هذه الرّواية فالمراد به ترك الاستقصاء.

فقال يا معشر اليهود إنّكم لمن أبغض خلق اللّه إليّ أي لكفركم وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم أي لا يحملني بغضكم على ظلمكم وأمّا الّذي عرضتم من الرّشوة فإنّها سحت وإنّا لا نأكلها الرّشوة بكسر الرّاء والضّمّ لغة فيه ويقال بالفتح أيضا وهو مصدر والفعلة للمرّة والسّحت ما لا يحلّ من المال سمّي به لأنّه يسحت آكله أي يستأصله يقال سحت من حدّ صنع وأسحته أيضا.

فقالوا بهذا قامت السّموات والأرض أي قيام العالم بالعدل والصّدق.

 

ص -309-      وفي رواية: قالوا بعد ما خرص عليهم مائة وسق أشططتم علينا أي جرتم وأبعدتم فقال ابن رواحة: نحن نأخذه ونعطيكم خمسين وسقا قالوا بهذا تنصرون أي بالإنصاف. وفي رواية قال لهم خذوه فإنّ لكم فيه منافع فأخذوه فوجدوا فيه فضلا قليلا وروي أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أعطى خيبر بالشّطر وقال لكم السّواقط أي ما يسقط من النّخيل فهو لكم بغير قسمة.

وعن طاوس قال: خابروا بالثّلث والرّبع ولا تخابروا بكيل معلوم.

قد ذكرنا أنّ المخابرة هي المزارعة.

وسعد وعبد اللّه رضي اللّه عنهما كانا يعطيان الأرض بالثّلث والرّبع أي سعد بن أبي وقّاص وعبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنهما.

وروي أنّ النّبيّ عليه السلام: بعث رجلا إلى قوم يطمس عليهم نخيلا أي يخرص ويحزر والمصدر الطّماسة من حدّ ضرب فأمّا الطّموس الّذي هو الدّروس فهو من حدّ دخل وضرب جميعا والطّمس المحو والتّغيير من حدّ ضرب أيضا وذكر الحديث وعن عمر رضي اللّه عنه أنّه كان يكري الأرض الجرز بالثّلث والرّبع.

الجرز الأرض الّتي لم يصبها مطر وقيل الّتي لا نبات بها وأصله من الجرز وهو القطع من حدّ ضرب وسيف جراز بضمّ الجيم أي قطّاع سمّيت الأرض به لانقطاع المطر عنها أو النّبات.

وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما: كنّا نكري الأرض على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أنّ لربّ الأرض ما في الرّبيع السّاقي ينفجر منه الماء وطائفة من التّبن.

الرّبيع الجدول والسّاقي صفته أي يسقي الأرض بمائه.

وطائفة من التّبن أي بعضه فنهى النّبيّ عليه السلام: عن ذلك لجهالة النّصيب وقيل الرّبيع النّهر وجمعه الأربعاء ومنه الحديث كانوا يكرون الأرض بما ينبت على

 

ص -310-      الأربعاء. وقوله عليه السلام: "ازرعها أو امنحها أخاك أي أعطها أخاك عاريّة ليزرعها لنفسه أو ازرعها أنت بنفسك لنفسك".

ما سقته السّماء أو يسقى سيحا هو الماء الجاري على وجه الأرض.

وما يسقى بغرب بتسكين الرّاء أي دلو عظيمة.

أو بدالية أي منجنون.

وعن جعفر الصّادق رضي اللّه عنه قال: لم ينه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عنها حتّى تظالموا كان الرّجل يكري أرضه ويشترط ما يسقي الرّبيع والنّطف قد ذكرنا أنّ الرّبيع النّهر أو النّهر الصّغير والنّطف جمع نطفة وهي الماء الصّافي قلّ أو كثر وفي الحديث: "يسير الرّاكب بين النّطفتين" أي بحر المشرق وبحر المغرب.

وعن أبي حازم قال: ولو شرطا في المزارعة على أنّ ما خرج من زرع على الأواغي وهي الجداول فهو فاسد قال في مجمل اللّغة الأواغي مفاخر الدّيار من المزارع قال هو جمع الوغى وجمعه الأوغاء ثمّ الأواغي.

وعن ابن عمر رضي اللّه عنه: أنّه كان إذا أكرى أرضه شرط على صاحبه أن لا يدخلها كلبا ولا يعرّها أي لا يسرقنها من حدّ دخل والعرّة بالضّمّ القذر والعرّة البعرة وقيل العرّة العذرة لا يختلط بها غيرها.

وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه ازدرع بالجرف الازدراع الزّراعة وقد يطلق الزّراعة على زرع الإنسان بنفسه والازدراع على أمره غيره بزرع أرضه وكذلك يقال في كتب واكتتب والجرف اسم موضع والازدراع في هذا الحديث على زرع غيره بأمره، الفدّان البقر الّتي يحرث بها على وزن الفعّال بالتّشديد وجمعه الفدّادين.

والبذر بالفارسيّة تخم والبزر بالزّاي للبقل وغيره وبذر البذر في الأرض من حدّ دخل وبذّر المال بالتّشديد تبذيرا أي أسرف في إنفاقه قال اللّه تعالى: {وَلاَ

 

ص -311-      تُبَذِّرْ تَبْذِيراً}1 مأخوذ من تفريق البذر في الأرض.

والدّياسة كوفتن وقد داس يدوس.

والتّنقية باكيزه كردن والنّقيّ باكيزه من حدّ علم والمصدر النّقاوة بالفتح وهو واويّ والنّقاية والنّقاوة بضمّ النّون وآخره بالواو والياء هي المنتقى من الشّيء.

والتّذرية بباد كردن وهي تفعيل من ذرو الرّيح من حدّ دخل.

والتّثنية دوباره شذّ كار كردن من الاثنين قيل يراد بها الكراب مرّتين قبل الزّراعة وقيل إحدى المرّتين للزّراعة والأخرى بعد رفع الغلّة ليردّها على صاحبها مكروبة والثّنيّان اسم منها والتّثنية مصدر وذكر الثّنيّان هاهنا في مواضع.

وكرى النّهر حفره من حدّ ضرب وقيل استحداث حفره.

والمسنّاة العرم وأن يسرقنها أي يلقي فيها السّرقين.

وإذا أوصى بنخلة لإنسان وبغلته لآخر وأحال سنة كذا رأيته في مواضع في هذا الكتاب أحال بالألف والصّحيح فحال سنة من حدّ دخل أي لم تحمل والحايل خلاف الحامل.

وتأبيرها تلقيحها والإبار بكسر الهمزة تلقيحها أيضا وقد أبر من حدّ ضرب.

ونوى التّمر حبّه.

وسعف النّخل بفتح العين غصونها والواحدة سعفة.

وفي حديث الفارس في أرض الغير رأيت أصولها تقطع بالفؤوس جمع فأس.

قال: وكان النّخيل عمّا أي طويلا بضمّ العين وهي جمع العميم على غير قياس هو الطّويل التّامّ.

وقال النّبيّ عليه السلام: "ليس لعرق ظالم حقّ" يروى هذا بروايتين

 

ص -312-      بتنوين القاف في قوله لعرق وهو عرق الشّجرة أي ليس لعرق شجرة تعدّى إلى أرض أخرى من تحتها ونبت حقّ قرار بل لصاحب تلك الأرض تفريغ أرضه منه فيكون قوله ظالم نعتا للعرق وفي رواية بغير تنوين القاف على الإضافة أي ليس لعرق رجل ظالم غرسه في أرض غيره فنبت حقّ القرار فيكون الظّالم مضافا إليه نعتا لغارسه.

والعبهر نيلوفر.

والقرطم بضمّ القاف والطّاء حبّ العصفر وبكسر القاف والطّاء لغة أيضا.

والفرخ الزّرع إذا تهيّأ للانشقاق وجمعه الفراخ.

والأشجار والكروم إذا أطعمت أي أثمرت.

والأرض البيضاء هي الّتي لا شجر فيها ولا نبات.

والضّاحية البارزة للشّمس يقال ضحي من حدّ علم.

وإذا أخرجت النّخل كفرّى وقيمته، كذا ثمّ صار بسرا فازدادت قيمته ثمّ صار حشفا فقلّت قيمته.

الكفرّى والكافور هو الطّلع وهو أوّل ما ينشقّ عنها ويطلع.

والبسر البلح إذا عظم والبلح بفتح الباء واللّام قبل أن يصير بسرا والبسر فارسيّته غوره والحشف التّمر الفاسد يقال في المثل أحشفا وسوء كيلة بفتح الحاء والشّين والكيلة فعلة بكسر الفاء من الكيل وهي للحالة أي اجتمع على إعطاء الرّديء ونقصان الكيل.

والدّقل بفتح الدّال والقاف أردأ التّمر.

وإذا لم تخرج الأرض بدون السّقي إلّا ضامرا عطشان أي دقيقا قليل الماء.

 

ص -313-      كتاب الشّرب:

الشّرب: بكسر الشّين الحظّ من الماء وبضمّها فعل الشّارب وهو المصدر من حدّ علم وبفتحها المصدر أيضا ويكون جمع شارب أيضا كالصّاحب والصّحب والرّاكب والرّكب.

والشّاربة المذكورة في هذه المسائل هم أصحاب الشّرب وهو في الحقيقة جمع شارب بهاء التّأنيث كما يقال رفقة شاربة.

روي عن النّبيّ عليه السلام أنّه قال: "من حفر بئرا فله ما حولها أربعين ذراعا عطنا لماشيته" أي مبركا لها حول الماء يقال عطنت عطونا من حدّ ضرب أي بركت حوالي الماء والعطن بالفارسيّة مغل كاه والماشية الإبل والبقر والغنم والخيل وجمعها المواشي.

وقال النّبيّ عليه السلام: "حريم العين خمسمائة ذراع وحريم بئر العطن أربعون ذراعا وحريم بئر النّاضح ستّون ذراعا".

الحريم الحمى والعطن فسّرناه والنّاضح البعير الّذي يستقى عليه.

وقال النّبيّ عليه السلام: "إذا بلغ الوادي إلى الكعبين فليس لأهل الأعلى أن يحبسوا عن أهل الأسفل" أي: كعبي الرّجلين، أي إذا كان في الوادي والنّهر من الماء ما يصل إلى كعبي الإنسان، فالظّاهر أنّه يصل إلى أهل الأسفل من شاربته فليس لصاحب الأعلى أن يسدّوه لأنفسهم ويمنعوه عن شركائهم فإذا قلّ ولم يصل إلى أهل الأسفل فلهم أن يسدّوه وينتفعوا به.

 

ص -314-      وقال ابن مسعود رضي اللّه عنه: أهل أسفل النّهر أمراء على أهل الأعلى حتّى يرووا أي ليس لأهل الأعلى منع الماء عن أهل الأسفل إلى أن يستوفوا شربهم فيرووا.

وهو كقول النّبيّ عليه السلام: "صاحب الدّابّة القطوف أمير على الرّكب" والقطوف البطيء والرّكب أصحاب الإبل في السّفر.

وقال عليه السلام: "المسلمون شركاء في الثّلاث في الماء والكلإ والنّار" الكلأ العشب أي لهم الشّرب والاستقاء من الأنهار والآبار والحياض المملوكة والاحتشاش من الأراضي المملوكة والاستصباح والاصطلاء بنار في ملك غيره موجودة.

وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه نهى عن بيع نقع الماء النّقع محبس الماء وجمعه أنقع ومنه المثل إنّه لشرّاب بأنقع وقيل هو الماء المجتمع في موضع يقال استنقع الماء في موضع كذا أي اجتمع وثبت وقيل هو الماء الّذي ينقع به أي يروى يقال نقع أي روى من حدّ صنع.

وعن الهيثم أنّ قوما وردوا ماء فسألوا أهله أن يدلّوهم على البئر فأبوا ولم يفعلوا وسألوهم أن يعطوهم دلوا فأبوا أن يعطوهم فقالوا لهم: إنّ أعناقنا وأعناق مطايانا كادت تقطّع.

المطايا جمع مطيّة وهي الرّاحلة وتقطّع بفتح التّاء وتشديد الطّاء وأصله تتقطّع سقطت إحدى التّاءين تخفيفا كما في قوله تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}1 قال: فأبوا أن يعطوهم فذكروا ذلك لعمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه فقال: هلّا وضعتم فيهم السّلاح؟ أي هلّا قاتلتموهم بالسّلاح فإذا كان الماء للعامّة فمن منعهم حقّهم فلهم أن يقاتلوه بالسّلاح والدّلو إذا كان للعامّة فكذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة الملك: 8.

 

ص -315-      ولو كان ملكا للمانع فللممنوع أن يقاتله بغير سلاح إذا كان يخاف على نفسه الهلاك.

وقوله عليه السلام: "ليس لعرق ظالم حقّ" ما فسّرناه في كتاب المزارعة.

وقوله عليه السلام: "من أحيا أرضا ميّتة فهي له وليس للمتحجّر بعد ثلاث سنين حقّ" هو الّذي يأذن له الإمام بإحياء أرض ميّتة أي إصلاح أرض لا تصلح للاستغلال فيجعل حول هذه الأرض أحجارا يعلم بها أنّه قد استولى عليها ليعمرها أو يخطّ حولها خطوطا يحجر بها من أراد الاستيلاء عليها والاشتغال بعمارتها ويغيب مدّة أو يشتغل بعمل آخر فينبغي أن لا يتعرّض لهذه الأرض وتترك له فإذا مضت ثلاث سنين استدلّ بذلك على أنّه قد تركها وهو لا يريد عمارتها فلغيره أن يأخذها ولم يكن هو أحقّ بها.

وقال عليه السلام: "إنّ عاديّ الأرض للّه ولرسوله فمن أحيا أرضا ميّتة فهي له" أي القديم من الأرض الموات الّتي لا مالك لها وهو منسوب إلى عاد وهم كانوا في قديم الزّمان.

وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه قضى في الشّراج من ماء المطر إذا بلغ الكعبين لا يحبسه الأعلى عن جاره.

الشّراج السّواقي وهي الأنهار الصّغار جمع شرج بفتح الشّين وتسكين الرّاء وقال في ديوان الأدب هو مسيل الماء في الحرّة والحرّة بالفارسيّة سنكستان.

وقال عليه السلام: "لا تمنعوا الماء مخافة الكلإ". أي لا تمنعوا الماء أن يدخل أراضيكم مخافة أن ينبت العشب فيثبت للنّاس فيه حقّ لأنّه شحّ وهو مذموم.

وقال عليه السلام: "لا تمنعوا عباد اللّه ماء ولا كلأ ولا نارا فإنّه متاع للمقوين وقوّة للمستمتعين".

المقوون هم المسافرون يقال أقوى أي نزل بالقيّ بكسر القاف وهي الأرض

 

ص -316-      الخالية وأقوى أي فني زاده وهما جميعا من صفات المسافرين والمتاع ما يستمتع به.

القناة كاريز وجمعها قنوات وقنيّ بضمّ القاف وكسر النّون وتشديد الياء وهو على وزن فعول كالحليّ.

ومرافق الأرض جمع مرفق بفتح الميم وكسر الفاء وبكسر الميم وفتح القاف لغتان وهو ما يرتفق به أي ينتفع به.

وسكر النّهر حبسه من حدّ دخل بفتح السّين والسّكر بكسر السّين ما يسكر به الماء وفارسيّته ورغّ بستنّ والسّكر بالكسر ورغّ.

وبثق السّكر من حدّ دخل شقّه وانبثاقه انشقاقه وفارسيّته ورغّ ربودن.

وحافة النّهر جانبه.

وأهل الشّفة هم الّذين لهم حقّ الشّرب بشفاههم وسقي دوابّهم والاستقاء بالأواني دون سقي الأراضي والشّفة واحدة الشّفاه وأصله شفهة سقطت الهاء تخفيفا وتصغيرها شفيهة على الأصل.

والبركة الحوض وجمعها البرك.

وإذا كان لقوم كوى بكسر الكاف جمع كوّة بفتح الكاف وهي مفتح يدخله الماء.

وفوّهة النّهر بضمّ الفاء وبتشديد الواو رأسه وفمه.

نزّت أرضه أي صارت ذات نزّ من حدّ ضرب والنّزّ ما تحلّب من الأرض من الماء وفارسيّته زهاب.

والفرات يجزر عن الأرض العظيمة فيصلها الرّجل بأرضه فيتملّكها يجزر أي ينضب عنه الماء فيظهر وجه الأرض من حدّ دخل وهو نقيض المدّ فالمدّ ارتفاع الماء حتّى يغمر السّواحل والجزر نقصانه وظهور ما تحته.

والموات الأرض الميّتة أي الخربة الّتي لم تعمر قطّ.

 

ص -317-      ولو أراد أن يقنطر فم النّهر أي يجعل عليه قنطرة.

ولو أصفى أمير خراسان شرب رجل وأرضه وأقطعه رجلا قوله أصفى شرب رجل أي أخلصه لنفسه وهو كناية عن الغصب لكنّه أظرف في العبارة حيث لم يطلق لفظة الغصب على فعل الأمراء وله نظائر ذكرناها في آخر كتاب الصّلاة وإنّما وضع المسألة في أمير خراسان لأنّ أميرهم كان أمير العراق فتحامى عن وضع المسألة في أمير ولايتهم لئلّا يلحقه إنكار منهم.

والإقطاع من السّلطان رجلا أرضا هو إعطاؤه إيّاها وتخصيصه بها.

وإذا سقى أرضه ومحزها أي سيّل فيها ماء كثيرا لتطيب من حدّ صنع.

وإذا أحرق الحصائد جمع حصيدة وهي بقايا قوائم الزّرع بعدما حصدت أعاليها والحصد جزّ الزّرع من حدّ دخل.

ولو أنّ طائفة من البطيحة قد غلب عليها الماء بعدما حصدت أعاليها فضرب المسنّيات وقطع القصب واستخرج الماء ملك ذلك قال في مجمل اللّغة البطيحة والأبطح والبطحاء كلّ مكان متّسع وقال في ديوان الأدب الأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى وكذلك قال في البطحاء ولم يذكر البطيحة فيه.

قال الشّيخ المؤلّف: قلت وبين الكوفة والحلّة من الفرات مكان يسمّى البطيحة قطعناها بالسّفينة وفيها قصب كثير ملتفّ ولا أرى محمّدا رحمه اللّه إلّا وقد عناها بعينها فيما ذكره هاهنا فإنّ هذه الصّفات المجموعة في هذه المسألة لا تعدوها.

والمقصبة موضع القصباء وهي جمع القصبة.

وإذا اتّخذ شرعة على الفرات أي موضع شروع في الماء وفارسيّته بايكاه.

وإذا كبس البئر أي طمّها من باب ضرب وفارسيّته بياكند.

وإذا تشاجر القوم في الطّريق أي اختلفوا وقول اللّه تعالى: {فِيمَا شَجَرَ

 

ص -318-      بَيْنَهُمْ}1 أي فيما وقع بينهم من الاختلاف وهو من حدّ دخل.

قوم لهم عشر بستّات فأصفى الأمير بستّتين أصلها فارسيّة وهي الكوى الّتي فسّرناها أو نحوها واللّه أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النساء: 65.

 

ص -319-      كتاب الأشربة:

الأشربة: جمع الشّراب وهو ما يتأتّى فيه الشّرب بالضّمّ: وهو ابتلاع ما كان مائعا أي ذائبا ويراد به المسائل وقد شرب يشرب شربا من حدّ علم فأمّا شرب يشرب شربا من حدّ دخل فمعناه فهم يقال في الكلام اسمع ثمّ اشرب أي افهم.

وذكر في هذا الكتاب الأشربة المحرّمة. ومنها الخمر وهي النّيء من ماء العنب مهموز الآخر وقبله ياء معتلّة وفارسيّته خامّ وفي اشتقاق الخمر كلام قيل سمّيت بها لأنّها تخمّر العقل بالتّشديد أي تغطّيه ومنه اختمار المرأة بخمارها أي تغطّيها به وقيل لأنّ شاربها يخمر النّاس من حدّ ضرب أي يستحيي منهم وقال الخليل بن أحمد سمّيت بها لاختمارها وهو إدراكها وغليانها وقال ابن الأعرابيّ سمّيت بها لأنّها تركت فاختمرت واختمارها تغيّر ريحها وخمرة الطّيب بضمّ الخاء وتسكين الميم وخمرته بفتح الخاء والميم ريحه وقيل هو من قولك خمر عليه الخبر أي خفي من حدّ علم سمّيت بها لأنّ من سكر منها خفي عليه كلّ شيء وقيل هو من قولك خمر الشّهادة أي كتمها من حدّ دخل سمّيت بها لأنّها تكتم المحاسن وقيل هو من الخمرة بضمّ الخاء وهي الّتي تجعل في العجين ويسمّيها النّاس الخمير وهي مادّته وأصله سمّيت بها لأنّها أمّ الخبائث أي أصلها كما ورد به الحديث وقيل هي من قولهم فلان يدبّ في الخمر بفتح الخاء والميم إذا كان يستخفي وهو ما واراك من جرف وشجر ونحو ذلك وهو كناية عن الاغتيال والخمر تغتال العقل وهو الإهلاك على خفاء وقيل هي من قولهم خامر الرّجل المكان أي لازمه فلم يبرحه سمّيت بها لأنّ أكثر من شرع في شربها لازمها وقيل هي من قولهم داء مخامر أي مخالط سمّيت بها لأنّ

 

ص -320-      من أدمنها خالطه الأدواء والأسواء فهذه عشرة أقاويل.

وقول اللّه تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}1 الآية الميسر ضرب من القمار والأنصاب جمع نصب بفتح النّون وتسكين الصّاد وهو ما نصب فعبد من دون اللّه والنّصب بضمّ النّون والصّاد كذلك والأزلام جمع زلم بفتح الزّاي واللّام وهي السّهام الّتي كانوا في الجاهليّة يستقسمون بها والرّجس النّتن وهو أيضا كلّ شيء يستقذر والنّجس بالكسر كذلك وهو اتّباع الرّجس على نظمه فإذا أفردوه قالوا نجس بفتح النّون والجيم إذا أريد به الاسم.

فإذا أريد به النّعت فهو نجس بفتح النّون وكسر الجيم من حدّ علم.

{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ}2 فالعداوة مصدر العدوّ وهو الّذي يعدو أي يظلم فعلا والبغضاء هي شدّة البغض وهي في القلب.

وقوله: {وَيَصُدَّكُمْ}3 أي يصرفكم والمصدر الصّدّ وصدّ أي أعرض والمصدر الصّدود.

وإذا قذف بالزّبد وسكن نشيشه أي غليانه من حدّ ضرب.

والباذق المطبوخ أدنى طبخة من ماء العنب وهو معرّب وأصله باذّه.

والمنصّف الّذي طبخ حتّى ذهب نصفه وبقي نصفه.

والمثلّث الّذي طبخ حتّى ذهب ثلثاه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة المائدة: 90.

2 سورة المائدة: 91.

3 سورة المائدة: 91.

 

ص -321-      وقول النّبيّ عليه السلام: "ما أسكر الفرق منه فملء الكفّ منه حرام" الفرق بفتح الفاء والرّاء مكيال يسع فيه ستّة عشر رطلا.

وفي حديث تبوك: مرّ بقوم يزفنون الزّفن الرّقص من حدّ ضرب.

وفي آخر الحديث: شكوا إليه التّخمة هي بضمّ التّاء وفتح الخاء وهي من الوخامة وأصله الوخمة بنيت بالتّاء على الاتّخام مثل قولك قعد تجاهه وهو من الوجه لأنّ أصله وجاه وفارسيّتها ناكوارد.

والبختج المطبوخ من ماء العنب الّتي يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ثمّ يصبّ عليه من الماء مقدار ما ذهب منه ثمّ يطبخ أدنى طبخة حتّى لا يفسد ثمّ يترك حتّى يشتدّ ويقذف بالزّبد وهو معرّب وأصله بخته.

ويسمّى الجمهوريّ منسوبا إلى جمهور النّاس وهو جلّهم كأنّه شراب يتّخذه جلّ النّاس.

ويسمّى الحميديّ ولعلّه منسوب إلى حميد رجل من النّاس استخرجه واتّخذه.

والسّكر بفتح السّين والكاف المذكور في كتاب اللّه تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً}1 هو النّيء من ماء التّمر ويقول في ديوان الأدب هو خمر التّمر والسّكر في غير هذا السّكر بضمّ السّين وهما مصدرا السّكران من حدّ علم.

والفضيخ بالخاء المعجمة من فوقها شراب يتّخذ من البسر المفضوخ أي المدقوق وهو أن يشدخ البسر ويجعل في حبّ ويصبّ عليه الماء الحارّ حتّى ينتقل حلاوتها إلى الماء ثمّ يترك حتّى يشتدّ ويصير مسكرا.

البتع بكسر الباء وفتح التّاء نبيذ العسل.

والمزر بكسر الميم نبيذ الذّرة يقال له بالفارسيّة أخسمه والسكركة كذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النحل: 67.

 

ص -322-      والجعة نبيذ الحنطة والشّعير يقال له بالفارسيّة بكنى وهو بكسر الجيم وتخفيف العين.

الطّلاء بكسر الطّاء والمدّ هو المثلّث وقيل الخمر والنّبيذ ما ينبذ فيه أي يلقى تمر أو نحوه ويترك حتّى يستخرج حلاوته وهو من حدّ ضرب.

وروى محمّد رحمه اللّه عن ابن زياد قال سقاني ابن عمر رضي اللّه عنهما شربة ما كنت أهتدي إلى أهلي فغدوت إليه فأخبرته بذلك فقال ما زدناك على عجوة وزبيب أراد أنّه سكر به واختلط عليه عقله فما اهتدى إلى أهله فأخبره ابن عمر رضي اللّه عنه أنّه كان نبيذ تمر وزبيب والعجوة ضرب من أجود التّمر فدلّ أنّه مباح وإن كان مسكرا.

وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما أنّه سأل عن السّكر فقال هو الخمر ليس لها كنية وقد ذكرنا أنّ السّكر هو النّيء من ماء التّمر وهو حرام.

وقوله: الخمر ليس لها كنية أي حكمه حكمها في الحرمة ولا يتغيّر الحكم بتغيّر الاسم.

وسئل عن الفضيخ فقال: ذلك الفضوح قد فسّرنا الفضيخ أنّه شراب يتّخذ من البسر المدقوق، وقوله ذلك الفضوح هذا بحاء معلّمة بعلامة تحتها وهو مبالغة الفاضح أي يسكره فيفضحه ويهتك ستره ويزيل عدالته وهذا فيما لم يطبخ منه.

وسئل عن نبيذ الزّبيب يعتّق شهرا فقال الخمر أحييتها.

تعتيق الخمر تركها لتصير عتيقة أي قديمة شديدة وقوله الخمر أحييتها أي أظهرت صفة الخمريّة من الشّدّة والإسكار وهذا فيما لم يطبخ منه أيضا.

وعن النّبيّ عليه السلام أنّه قال لمعاذ بن جبل رضي اللّه عنه لمّا وجّهه إلى اليمن فقال له: "انههم عن غبيراء السّكر" الغبيراء نبيذ الذّرة، قال ذلك في مجمل اللّغة وكذلك في شرح الغريبين وفي الحديث: "إيّاكم والغبيراء فإنّها خمر العالم".

 

ص -323-      وقوله: وصف لي السّكر أي ذكر لي أنّ خمر التّمر تنفع منه فقال لا شفاء في الحرام.

وقوله عليه السلام: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا" أي فحشا يقال أهجر أي أفحش وهجر من حدّ دخل أي هذى وردّد الكلام.

وكنت نهيتكم عن النّبيذ في الدّبّاء والحنتم والمزفّت الدّبّاء القرعة وكان ينبذ فيها فيشتدّ والحنتم جرار خضر كانت تحمل إلى المدينة فيها الخمر والمزفّت هو الإناء المطليّ جوفه بالزّفت بكسر الزّاي أي القير وكان ينبذ فيه فيشتدّ.

ونهى عن النّقير أيضا وهو أصل النّخلة ينقر جوفها ويشدخ فيها الرّطب والبسر ويترك حتّى يشتدّ ويغلي والنّقر عمل النّقّار بالمنقار من حدّ دخل وفارسيّته ملطية وبركندن وقال في ديوان الأدب النّقير أصل خشبة تنقر وكانوا ينبذون في هذه الأوعية فيشتدّ وقيل كانوا يحملون فيها الخمور ويقولون هي أنبذة وكانت تخفى على النّاظرين فنهاهم عن الشّرب في هذه الأوعية لئلّا يلبسوا ويجعلوها في أوان تظهر فلا يمكنهم شرب الخمور بتأويل الأنبذة فلمّا امتنعوا عن شرب الخمور أطلق لهم جعلهم الأنبذة فيها إعلاما أنّ الأنبذة غير محرّمة.

وقول عمر رضي اللّه عنه في ذلك الحديث: إذا رابكم شرابكم أي شكّكم أي أوقع الشّكّ في قلوبكم أنّه يسكر أو لا يسكر فاكسروه بالماء أي صبّوا فيه الماء لتقلّ قوّته وشدّته.

ونقيع الزّبيب شراب يتّخذ من نقع الزّبيب في الماء فتخرج حلاوته إليه والإنقاع فرغار كردن والنّقع فرغار شدّن وسيربّ شدّن من حدّ صنع.

ولو مجّ الخمر من فيه أي رماها من حدّ دخل وقيل صبّها.

والتّمر المطبوخ يمرس فيه العنب أي يثرث من حدّ دخل وفارسيّته ماليدن

 

ص -324-      إنّه الشّراب من الذّرة وهي تصغير الغبراء وهي تأنيث الأغبر وهو الّذي لونه لون الغبار فيحتمل أن يكون غبيراء السّكر هو شراب يتّخذ من النّيء من ماء التّمر على هذا اللّون فالغبيراء على الإطلاق بغير إضافة إلى السّكر هو نبيذ الذّرة.

وقول النّبيّ عليه السلام: "من بلغ حدّا في غير حدّ فهو من المعتدين" أي بلغ مقدار الحدّ ما ليس فيه وجوب الحدّ بل فيه التّعزير فهو من المجاوزين حدّ الشّرع.

وعن أمّ خداش أنّها قالت رأيت عليّا رضي اللّه عنه يخرج خبزا من سلّة ويصطبغ في خلّ خمر فيأكله السّلّة وعاء يتّخذ من الخوص منسوجا والاصطباغ الائتدام والصّبغ بكسر الصّاد الإدام والصّباغ بزيادة الألف كذلك. وقال عمر رضي اللّه عنه في ذلك الشّراب الشّديد ما أشبه هذا بطلاء الإبل بكسر الطّاء والمدّ وهو القطران الّذي يطلى به الإبل الجربى.

وقال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما كلّ نبيذ يفسد عند إبّانه بكسر الألف وتشديد الباء على وزن فعّال أي وقته.

وعن عائشة رضي اللّه عنها أنّها قالت: كنت أنبذ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلم يستمره فأمرني فألقيت فيه زبيبا أنبذ أي أتّخذ نبيذا فلم يستمرّه أصله فلم يستمرئه بالهمزة فليّنت ثمّ حذفت الياء للجزم بلم أي لم يعدّه مريئا أي سائغا وقد مرء الطّعام أي صار مريئا من حدّ شرف وأمرأني الطّعام من باب الإفعال أي ساغ لي.

وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنّ إنسانا أتاه وفي بطنه صفر فقال: وصف لي السّكر فقال: إنّ اللّه تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم.

الصّفر اجتماع الماء في البطن وقد صفر من حدّ علم فهو صفر وصفر على ما لم يسمّ فاعله فهو مصفور.

 

ص -325-      ودرآب فرغار كردن.

والشّراب البحت الصّرف.

وقال ابن مسعود رضي اللّه عنه: إنّ أولادكم ولدوا على الفطرة أي حكم بإسلامهم تبعا لكم فلا تغذوهم بالخمر أي لا تربّوهم وهو من حدّ دخل والمصدر من الأوّل الغذاء ومن الثّاني التّربية. ولو داوى دبر دابّته بالخمر يقال دبر ظهر الدّابّة من حدّ علم إذا ثرح.

ولو جعل في الخمر السّمك والملح وجعل ذلك مرّيّا بتشديد الرّاء والياء وضمّ الميم منسوب إلى المرّيّ بياء النّسبة وفارسيّته آب كامه.

وراوية الخمر مزادتها.

وإنفحة الميتة بكسر الألف وفتح الفاء وتخفيف الحاء وفارسيّتها بنيرمايه هي في ديوان الأدب مخفّفة ويقال هي في كتاب اختيار فصيح الكلام بتشديد الحاء وهي اللّبن الأصفر الّذي يظهر بعد ولادة العنز يتّخذ منه الجبن يصبّ اللّبن عليه والجبن يخفّف ويشدّد.

وفي حديث حدّ الشّارب: "احثوا على وجهه التّراب" أي ارموا وهو بالواو والياء جميعا يقال حثا يحثو حثوا وحثى يحثي حثيا من حدّ دخل وطرب جميعا.

ثمّ قال: بكّتوه فبكّتوه هو الاستقبال بما يكره.

ضرب بجريدتين الجريدة غصن النّخل.

الدّورق مكيال الشّراب وهراق الخمر يهريقها بفتح الهاء هراقة فهو مهريق ومهراق بفتح الهاء فيهما أي صبّها وأهراقها يهريقها إهراقا فهو مهريق ومهراق بتسكين الهاء في الماضي والمستقبل والفاعل والمفعول.

 

ص -326-      كتاب الإكراه:

الإكراه: الإجبار وهو الحمل على فعل الشّيء كارها وقد كره من حدّ علم كراهة وكراهية بالتّخفيف وهي ضدّ الطّواعية والكره بالضّمّ المشقّة والكره بالفتح تكليف ما يكره فعله وقيل هما لغتان في المشقّة.

وروي أنّ رجلا كان مع امرأته فأخذت سكّينا وجلست على صدره ووضعت السّكّين على حلقه وقالت لتطلّقنّي ثلاثا ألبتّة وإلّا لأقتلنّك فناشدها باللّه تعالى فأبت فطلّقها ثلاثا فقال النّبيّ عليه السلام: "لا قيلولة في الطّلاق".

المناشدة المقاسمة ويقال منها في الثّلاثي نشده باللّه نشده معناه سوكند دادش بخداي عزّ وجلّ وهو من حدّ دخل.

وقوله: "لا قيلولة في الطّلاق" أي لا رجوع فيه وفي رواية أخرى وضعت السّيف على بطنه وقالت واللّه لأنفذنّك به أو لتطلّقنّي ثلاثا الإنفاذ والتّنفيذ كذاشتن والنّفوذ كذاشتن من حدّ دخل.

وقال عليه السلام لعمّار رضي اللّه عنه حين أخذه الكفّار حتّى سبّ النّبيّ عليه السلام ثمّ رجع إلى النّبيّ عليه السلام فقال له النّبيّ عليه السلام: "ما وراءك يا عمّار" أي ما الخبر خلفك فقال ما تركوني حتّى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير النّيل منه من حدّ علم ذكره بسوء أراد به السّبّ الّذي ذكره فقال: "كيف تجد

 

ص -327-      قلبك" قال: مطمئنّا بالإيمان، فقال: "إن عادوا فعد".

وعن الحسن قال: التّقيّة جائزة إلى يوم القيامة هي أن يقي الإنسان نفسه عن الهلاك أي يحفّها بإجراء كلمة الكفر على لسانه والتّقاة كذلك قال اللّه تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}1 ولو هدّدوه أي خوّفوه وتهدّدوه أكثر استعمالا منه.

والنّشّاب بضمّ النّون وتشديد الشّين السّهم.

وقعت في يده آكلة بالمدّ وفارسيّتها خوره.

وفي حديث زيد بن وهب رضي اللّه عنه بلغوا نهرا لم يكن عليه مخاض أي موضع خوض في الماء، أي دخول فيه. شاهرا سيفه أي مجرّدا من حدّ صنع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة آل عمران: 28.

 

ص -328-      كتاب الحجر:

الحجر المنع من حدّ دخل والحجر بكسر الحاء الحرام لأنّه منع عنه والحجر العقل لأنّه مانع عن القبائح والحجر حطيم الكعبة في مكّة لأنّه منع عن الإدخال في قواعد البيت وحجر السّفيه منعه عن التّصرّفات.

وقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى}1 أي امتحنوهم {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}2 أي إذا بلغوا وقت الوطء أي قدروا عليه ولم يرد به العقد لأنّ العقد يجوز عقيب ما ولد: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً}3 أي أبصرتم منهم طريقا مستقيما في حفظ المال والاستيناس كالإيناس قال اللّه تعالى: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا}4 أي تنظروا هل هاهنا أحد والإنس سمّوا إنسانا لأنّهم مبصرون والجنّ سمّوا به لاجتنانهم أي استتارهم من حدّ دخل عن إبصار النّاس والرّشد والرّشاد الاستقامة في الطّريق من حدّ دخل والرّشد كذلك بفتح الرّاء والشّين من حدّ علم. وحديث أسيفع جهينة فسّرناه في كتاب الحوالة والكفالة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النساء: 6.

2 سورة النساء: 6.

3 سورة النساء: 6.

4 سورة النور: 27.

 

ص -329-      كتاب المأذون:

الإذن: الإطلاق من حدّ علم وفارسيّته أجزرني دادن وحقيقته الإعلام وإسماع الأذن الكلام قال اللّه تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}1 بالمدّ وهو أمر بالإعلام وقال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ}2 أي أعلم وشرطنا إسماع الأذن لأنّه منها أخذ ولذلك قال أبو حنيفة ومحمّد رحمهما اللّه فيمن حلف على امرأته أن لا تخرج من الدّار إلّا بإذنه فأذن لها من حيث لم تسمع فخرجت أنّه حانث.

والمأذون له العبد أو الصّبيّ الّذي أطلق له التّصرّف.

والمأذون لها الصّبيّة والأمة ولا بدّ من ذكر الصّلة والاقتصار على لفظة المأذون بدون قولك له ولها خطأ لأنّ هذا الفعل لا يتعدّى بدون اللّام.

وروي عن النّبيّ عليه السلام: أنّه كان يركب الحمار ويخصف النّعل ويرقع الثّوب ويحلب الشّاة ويجيب دعوة المملوك أي كان متواضعا وخصف النّعل خرزها من حدّ ضرب ورقع الثّوب توصيله بالرّقعة من حدّ صنع وحلب الشّاة بفتح اللّام المصدر استدرار لبنها من حدّ دخل وإجابة دعوة المملوك هو حضوره ضيافة المأذون له.

وعن الشّعبيّ أنّه قال: إذا أخذ الرّجل من عبده المملوك ضريبة فهي تجارة أي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة البقرة: 279.

2 سورة ابراهيم: 7.

 

ص -330-      إذا أخذ منه غلّة ضربها عليه وبيّن قدرها ومدّتها فقد أذن له بالتّجارة لأنّه لا يتمكّن من تحصيلها إلّا بالتّجارة.

وإذا أذن رجل لعبده في الصّباغة فأجاز شريح عليه ثمن العصفر.

والقلى فارسيّته خشار.

وإذا رفع الغرماء المأذون له إلى القاضي وطلبوا بيعه بديونهم فإنّ القاضي يتأنّى في ذلك أي يتوقّف وينتظر وهو من الأناة مقصورة وهي التّؤدة.

المحاباة في البيع حطّ بعض الثّمن وهي مفاعلة من الحباء وهو العطاء من حدّ دخل.

وإذا كان الدّين محيطا برقبته أي يستغرق قيمته.

 

ص -331-      كتاب الدّيات:

الدّية: بدل النّفس وجمعها الدّيات وقد وديت المقتول أي أدّيت ديته من حدّ ضرب فالدّية اسم للمال ومصدر أيضا لهذا الفعل.

والقصاص القتل بإزاء القتل وإتلاف الطّرف بإزاء إتلاف الطّرف وقد اقتصّ وليّ المقتول من القاتل أي استوفى قصاصه وأقصّه السّلطان من القاتل أي أوفاه قصاصه وهو من قولك قصّ الأثر واقتصّه أي اتّبعه وقصّ الحديث واقتصّه أي رواه على جهته وهو كذلك أيضا أي من الاتّباع والقصّ من حدّ دخل والقصص الاسم من حدّ دخل ويستعمل استعمال المصدر في اقتصاص الحديث والأثر جميعا والقصيصة البعير الّذي يقصّ أثر الرّكاب والقصاص من ذلك كلّه اتّباع الفعل الفعل.

والقود القصاص أيضا بفتح الواو وقد أقاد السّلطان من قاتل وليّه واستقاد هو من قاتل وليّه فهو كالأوّل في الإيفاء والاستيفاء.

وقال عليه السلام: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبّوا قتلوا وإن أحبّوا فادوا" الخيرة بكسر الخاء وفتح الياء الاسم من الاختيار.

وقوله: "فادوا" بفتح الدّال هو جمع قولك فادى وهو فعل ماض من المفاداة وهي ما بين اثنين من أحدهما دفع الفداء ومن الآخر أخذه.

والفداء: ما يقوم مقام الشّيء دافعا عنه المكروه ودلّت اللّفظة على أنّ أخذ الدّية ليس باختيار من له القصاص وحده بأن يترك القصاص ويأخذ المال من غير رضا من

 

ص -332-      عليه القصاص وإن تعلّق الخصم بظاهره لإثبات ذلك له لما أنّ المفاداة تقوم باثنين بالفادي وبالقاتل وبه نقول.

وقول اللّه تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}1 يفسّره الشّافعيّ رحمه اللّه على هذا الوجه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} وهو وليّ المقتول {شَيْءٍ} أي قصاص فليتّبعه الطّالب بمعروف وليؤدّ القاتل إلى وليّ القتيل الدّية بإحسان وتفسيره الصّحيح عندنا على وجهين.

أحدهما: أنّه في العفو عن بعض القصاص إذا كان القصاص بين اثنين فعفا أحدهما عن القاتل في نصيبه وهذا عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما ويدلّ عليه قوله: {مِنْ أَخِيهِ شَيْءٍ} وهو البعض كما يقال خذ هذا الرّغيف فكل شيئا منه وبه نقول إذا عفا أحدهما صار نصيب الآخر مالا.

والثّاني: أنّه في جواز الصّلح عن دم العمد وهذا عن عمر وعليّ وابن مسعود رضي اللّه عنهم.

وتقدير الآية فمن أعطى له عفوا أي سهلا من أخيه القاتل شيء من المال فليتّبع صاحب الحقّ من عليه الحقّ بالمعروف وليؤدّ من عليه إلى من له بإحسان فالصّحابة لم يحملوها إلّا على هذين الوجهين فكان اتّفاقا منهم على أنّ كلّ قول يعدوهما فهو مردود.

وقول النّبيّ عليه السلام: "ألا إنّ قتيل خطأ العمد قتيل السّوط والعصا فيه مائة من الإبل".

قتل خطأ العمد أي يتعمّد ضربه بسوط أو عصا ولا يقصد قتله به فيسري إلى النّفس فيموت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1سورة البقرة: 178.

 

ص -333-      وقوله: قتيل السّوط والعصا بالنّصب وهو بدل عن قوله: "ألا إنّ قتيل خطأ العمد" وهو كالتّفسير له.

فيه مائة من الإبل أي الدّية الكاملة.

وشبه العمد شبيه العمد وفيه لغتان فتح الشّين والباء وكسر الشّين وتسكين الباء، ونظيره المثل والمثل بفتح الميم والثّاء وكسر الميم وتسكين الثّاء.

وفي الحديث: "في النّفس الدّية" أي في قتلها.

وفي اللّسان الدّية أي في قطعه.

وفي الحشفة الدّية بفتح الحاء والشّين وهو ما فوق الختان من الذّكر.

وفي بعض الرّوايات في الأداف الدّية أي الذّكر وأصل الهمزة الواو من قولك ودف الشّيء أي قطر من حدّ ضرب سمّي به لتقاطر البول منه وفي الأنف الدّية إذا اصطلم الاصطلام الاستيصال أراد به قطعه من أصله وفي الأنثيين الدّية أي الخصيتين.

وفي الجائفة ثلث الدّية هي الطّعنة الّتي تبلغ الجوف.

وفي قطع المارن الدّية كاملة هو ما لان من الأنف.

وفي الصّلب إذا احدودب أو انقطع الماء كمال الدّية والصّلب الظّهر ما كان فيه فقار واحدودب أي صار أحدب والثّلاثيّ منه حدب من حدّ علم وفارسيّته كوزبشت وانقطاع الماء هو انقطاع المنيّ.

الإبهام الأصبع الكبرى الأولى ثمّ السّبّابة وتسمّى السّبّاحة والمسبّحة والمشيرة ثمّ الوسطى ثمّ البنصر ثمّ الخنصر.

وفي الأشفار كلّها الدّية هي جمع شفر بضمّ الشّين.

قال القتبيّ: تذهب العامّة في أشفار العين بأنّها الشّعر النّابت على حروف العين

 

ص -334-      وذلك غلط إنّما الأشفار حروف العين الّتي ينبت عليها الشّعر والشّعر هو الهدب قال.

وقال الفقهاء المتقدّمون: في كلّ شفر من أشفار العين ربع الدّية يعنون في كلّ جفن وشفر كلّ شيء حرفه وكذلك شفيره ومنه شفير الوادي وشفر الرّحم وكان أحد من الفصحاء سمّى الشّعر شفرا فإنّما سمّاه بمنبته مجازا للمجاورة.

وفي ديوان الأدب جعل الشّفر بضمّ الشّين حرف كلّ شيء وبالفتح من قولهم ما بالدّار شفر أي ما بها أحد وفي الغريبين الشّفر الّذي هو منبت الأهداب بضمّ الشّين وفتحها وفي إصلاح المنطق قال ما بالدّار شفر بالفتح أي ما بها أحد والضّمّ لغة في هذا والشّفر بالضّمّ شفر العين وحرف الفرج فهذه أصول معروفة والاختلاف في هذا كما ترى ثمّ قال وفي الأهداب الدّية فدلّ أنّ أصحابنا رحمهم اللّه ذكروا الأشفار وأرادوا المنابت والحروف دون الأهداب كما هو في الحقيقة ثمّ ذكروا الأهداب وهي جمع هدب وفارسيّته مزّه.

وقال بعد ذكر الأشفار أيضا وفي إحداهما ربع الدّية فدلّ على ما قلنا.

وفي الحديث: "سبحان من زيّن الرّجال باللّحى والنّساء بالقرون" أي الضّفائر وفارسيّتها كيّسوها.

والشّجاج الّتي في الرّأس والوجه عشرة وهي جمع شجّة وهي فعلة من الشّجّ وهو كسر الرّأس من حدّ دخل. أوّلها الحارصة ثمّ الدّامعة ثمّ الدّامية ثمّ الباضعة ثمّ المتلاحمة ثمّ السّمحاق ثمّ الموضحة ثمّ الهاشمة ثمّ المنقّلة ثمّ الآمّة.

فالحارصة الّتي تحرص الجلد من حدّ ضرب أي تخدشه ولا يخرج الدّم وقال القتبيّ هي الّتي تقشر الجلد قليلا بوست بازكردن وقيل تشقّه وحرص القصّار الثّوب كذلك.

 

ص -335-      والدّامعة هي الّتي تخدش الجلد وتخرج الدّم ولا تسيله كالدّمع في العين من حدّ صنع.

والدّامية الّتي تخدش الجلد وتسيل الدّم.

والباضعة هي الّتي تبضع الجلد أي تقطعه وتصل إلى اللّحم من حدّ صنع وقال في شرح الغريبين تأخذ في اللّحم وقال القتبيّ تشقّ اللّحم شقّا خفيفا.

والمتلاحمة هي الّتي تقطع الجلد وتؤثّر في اللّحم وقال القتبيّ تأخذ في اللّحم.

والسّمحاق هي الّتي تقطع الجلد واللّحم ويصل إلى السّمحاق وهي جلدة تكون بين اللّحم وعظم الرّأس رقيقة فهو اسم لهذه الشّجّة وللقشرة الرّقيقة الّتي يكون بين اللّحم والعظم ويقال على السّماء سماحيق من غيم وعلى ثرب الشّاة أي الشّحم الّذي غشي الكرش والأمعاء سماحيق من شحم.

والموضحة الّتي تقطع السّمحاق وتوضح العظم أي تبيّنه يقال وضح من حدّ ضرب وضوحا أي تبيّن.

والهاشمة الّتي تهشم العظم من حدّ ضرب أي تكسره.

والمنقّلة هي الّتي تنقّل العظم بعد الكسر أي تحوّل من موضع إلى موضع والآمّة على وزن الفاعلة هي الّتي تصل إلى أمّ الرّأس أي أصله وهو الّذي فيه الدّماغ ومنهم من بدأ بالدّامعة والصّحيح ما قلنا يقال أمّ فلانا أي شجّه آمّة من حدّ دخل.

والأرش دية الجراحة. واندمل الجرح أي صحّ وصلح والدّمل الإصلاح من حدّ دخل.

وإذا قطع حلمة ثدي المرأة بفتح اللّام هي رأس الثّدي.

والشّلل: مصدر الأشلّ من حدّ علم.

والأسنان في الدّيات بنت مخاض وهي الّتي أتت عليها سنة ودخلت في الثّانية.

وبنت لبون وهي الّتي أتت عليها سنتان ودخلت في الثّالثة.

وحقّة وهي الّتي أتت عليها ثلاث سنين ودخلت في الرّابعة سمّيت بها لأنّها استحقّت الحمل والرّكوب.

 

ص -336-      وجذعة بفتح الذّال وهي الّتي أتت عليها أربع سنين ودخلت في الخامسة.

وثنيّة هي الّتي أتت عليها خمس سنين ودخلت في السّادسة.

ثمّ رباعية بفتح الرّاء إذا دخلت في السّابعة.

ثمّ سديس بفتح السّين إذا دخلت في الثّامنة.

ثمّ بازل إذا دخلت في التّاسعة.

ثمّ مخلف عام ثمّ مخلف عامين فصاعدا.

والخلفات بفتح الخاء وكسر اللّام الحوامل من النّوق جمع خلفة والدّية من الورق عشرة آلاف درهم هو الفضّة والدّراهم المضروبة أيضا وفيه لغات ذكرناه في كتاب الزّكاة.

والدّية أيضا مائتا حلّة وهي ثوبان إزار ورداء ولا يكون الحلّة إلّا ثوبين.

وفي الحديث: "المرأة تعاقل الرّجل إلى ثلث ديتها" أي تساويه في عقلها أي ديتها إلى الثّلث فموضحتاهما سواء فإذا بلغ العقل زيادة على ذلك صارت دية المرأة على النّصف.

ومنه الحديث: "إنّا لا نتعاقل المضغ بيننا" أي لا يأخذ بعضنا من بعض العقل وهو الدّية في قطع اللّحم وهي جمع مضغة وإذا كسر التّرقوة هي عظم الصّدر وجمعها التّراقي.

والضّلع بكسر الضّاد وفتح اللّام وتسكينها عظم الجنب والزّندان طرفا عظم السّاعد.

وقال في ديوان الأدب: الزّند ما انحسر عنه اللّحم من الذّراع والبطش الأخذ من حدّ ضرب ودخل جميعا.

وفي الأذن إذا ضربت فيبست والعين إذا انخسفت الدّية أي عميت قاله في

 

ص -337-      مجمل اللّغة وقال في ديوان الأدب خسوف العين ذهابها في الرّأس قلت فالأوّل من خسوف القمر والثّاني من الخسف في الأرض.

وفي حديث حمل بن مالك: وكانت تحته ضرّتان أي في نكاحه امرأتان فضربت إحداهما بطن صاحبتها بمسطح أي عود من عيدان الخباء فألقت جنينا ميّتا وماتت هي فأوجب النّبيّ عليه السلام دية الجنين على إخوتها، فقالوا يا رسول اللّه أندي من لا صاح ولا استهلّ ولا شرب ولا أكل ومثل دمه يطلّ.

قولهم: أندي أي نؤدّي دية من لم يصح ولم يستهلّ أي لم يرفع صوته عند الولادة ولم يشرب ولم يأكل ومثل دمه يطلّ أي يهدر وهو من حدّ دخل.

فقال النّبيّ عليه السلام: "أسجع كسجع الكهّان" أي أتتكلّمون بكلام منظوم ككلام الكاهنين وفي رواية قال: "دعوني وأراجيز العرب" هي جمع أرجوزة وهي الرّجز بفتح الجيم وهو كلام موزون على غير وزن الشّعر وقد رجز الرّاجز من حدّ دخل. أي تكلّم بذلك. وحزّ رقبته أي قطعها من حدّ دخل.

وسئل زفر رحمه اللّه عن الجنين إذا سقط بالضّرب لماذا يجب بها ضمان ولم يعلم حياته فسكت فقال السّائل أعتقتك سائبا.

كانوا في الجاهليّة إذا أعتقوا على أن لا ولاء للمعتق قالوا أعتقه سائبا وهو من سيب الماء أي جريه وتسييب الدّابّة أي إهمالها.

والغرّة الّتي تجب في الجنين هي عبد أو أمة أو فرس قيمته خمسمائة وقال في مجمل اللّغة غرّة الشّيء أكرمه.

يستأني في السّنّ سنة أي ينتظر مأخوذة من الأناة وهي التّثبّت والتّوقّف.

وإذا ضربه بالعصا ووالى في الضّربات أي تابع وواصل.

والمفصل بفتح الميم وكسر الصّاد واحد مفاصل الأصابع وسائر الجسد وأصله موضع الفصل أي الإبانة.

 

ص -338-      والقسامة الأيمان تقسم على أهل المحلّة الّذين وجد المقتول فيهم وليس القسم في الأصل مطلق اليمين بل هو مأخوذ من هذه القسامة الّتي هي قسمة الأيمان عليهم أشار إلى ذلك في مجمل اللّغة.

فإن كان المقتول طريّا أي غضّا ومصدره الطّراوة.

وفي الحديث: وجد قتيل في قليب من قلب خيبر القليب البئر قبل أن تطوى بالحجارة.

وفي الحديث: وجد قتيل بين وادعة وأرحب وهما قبيلتان من همدان فأمر عمر رضي اللّه عنه أن يقاس بين الفريقين القيس والقياس التّقدير.

وفي هذا الحديث: "أمّا أيمانكم فلحقن دمائكم" أي لمنعها من أن تسفك وقد حقن اللّبن في السّقاء أي حبسه وهما من حدّ دخل.

والقسامة على أهل الخطّة هي ما اختطّه الإمام أي أفرزه وميّزه من أراضي الغنيمة وأعطاه إنسانا يريد به الملّاك القدماء.

وإذا كسر سنّ إنسان يبرد بالمبرد من سنّه بقدره.

البرد السّحق من حدّ دخل والمبرد آلته وهي بالفارسيّة سوهان والبرد سوذان.

إذا أخذت الشّجّة ما بين قرني المشجوج أي جانبي رأسه وسمّي ذو القرنين بذلك لأنّه ضرب على جانبي رأسه.

والبزّاغ للدّوابّ هو الّذي يسيّل دماءها والبزغ من حدّ دخل.

ولو طعنه برمح فأجافه أي بلغ جوفه وجافه يجوفه كذلك.

ولو ذبحه بليطة القصب هي قشرة القصب في الأصل ويريد بها هنا أنّ القصب يشقّ فيقطع بحدّه.

رضح رأسه بالحاء المعلّمة من تحتها أي دقّه من حدّ صنع وبالخاء المعجمة فوقها أي كسر من حدّ صنع أيضا.

 

ص -339-      وبها رمق بفتح الميم أي بقيّة نفس أي روح.

والسّياسة حياطة الرّعيّة بما يصلحها لطفا وعنفا.

والخنق فعل الخناق وهو من حدّ دخل وفي المصدر لغتان بتسكين النّون وكسرها.

وإذ سقاه سمّا أو أوجره أي صبّه في فيه ووجره من باب ضرب كذلك واسم ما يصبّ في الفم الوجور.

وفي القصاص درك الثّأر هو الدّخل المطلوب وهو ثاره أي قاتل حميمه يقال ثأرت فلانا بفلان أي قتلت قاتله وإذا وجأ رأسه بالسّكّين أي ضربه بها يقال وجأه يجؤه من حدّ صنع.

ولو غصب صبيّا ونقله إلى أرض وبئة بالهمزة على وزن فعلة وفعيلة أي وخيمة وهي الّتي لا توافق ساكنها والاسم الوبا بفتح الواو والباء بغير مدّ.

وإذا ساق الدّابّة فأوطأت إنسانا الصّحيح وطئت وأوطأها صاحبها.

إذا كان يستمسك على الدّابّة أي يقدر أن يثبت عليه ولا يسقط وكذلك يتماسك.

والدّابّة إذا كدمت بفيها أي عضّت من حدّ دخل وضرب جميعا.

ولو نفحت برجلها أو يدها هو ضربها من حدّ صنع.

ولو حبطت بيدها أي ضربت من حدّ ضرب.

وإذا كبحها بلجام أي مدّها إلى نفسه به لتقف ولا تجري من حدّ صنع.

ولو نخسها أي طعنها بعود ونحوه من حدّ صنع ومنه النّخّاس.

وزلق أي: زلّ من حدّ علم.

 

ص -340-      ولو تعقّل به أي تعلّق ولو عطفت يمينا وشمالا أي مالت من حدّ ضرب وعطفه غيره متعدّ أيضا.

وإذا اصطدم الفارسان أي صدم كلّ واحد منهما صاحبه والصّدم من حدّ ضرب وفارسيّته كوشت زدن وقال في مجمل اللّغة الصّدم ضرب الشّيء بمثله.

وإذا قاد قطار الإبل هو بكسر القاف وقطر الإبل تقطيرا أي جعلها قطارا بعضها على أثر بعض.

وإذا أشرع كنيفا أي أخرج إلى الطّريق الأعظم مستراحا فانهارت البئر أي انهدمت وكذلك هار يهور هورا وتهوّر تهوّرا.

وإذا كبسها بتراب أو نحوه أي طمّها من حدّ ضرب وفارسيّته بيا كندّ.

وإذا انخسف به الجسر أي انخرق وتسفّل من الخسف في الأرض والجسر القنطرة.

لا يترك في الإسلام مفرج بالجيم من باب الأفعال هو قتيل يوجد في مفازة بعيدة عن القرى لا يدرى من قتله لا يهمل هذا بل تؤدّى ديته من بيت المال.

والمفرج أيضا الحميل الّذي لا ولاء له ولا نسب.

ويروى مفرح بحاء معلّمة من تحتها وهو المثقل بالدّين قال الشّاعر:

إذا أنت لم تبرح تؤدّي أمانة.

وتحمل أخرى أفرحتك الودائع

ويروى مفروح وهو المثقل بالدّين أيضا فقال فدحه الدّين من حدّ صنع.

وإذا التقى حرّ وعبد فاضطربا أي ضرب كلّ واحد منهما صاحبه والافتعال قد يكون للاشتراك كالاقتتال والاختصام.

والعقل الدّية وعقلت القتيل أي أعطيت ديته وعقلت عن القاتل أي لزمته دية ففأدّيتها عنه.

 

ص -341-      قال الأصمعيّ: كلّمت أبا يوسف القاضي في ذلك بحضرة الرّشيد فلم يفرّق بين عقلته وعقلت عنه حتّى فهّمته.

والعاقلة: الّذين يؤدّون الدّية جمع عاقل وصار دم فلان معقلة بضمّ القاف أي دية والمعاقل جمعها وكتاب العاقل لأصحابنا من ذلك سمّيت الدّية عقلا لوجهين:

أحدهما: أنّ الإبل كانت تعقل بفناء وليّ المقتول فسمّيت الدّيات كلّها بذلك وإن كانت دراهم أو دنانير.

والثّاني: أنّها تعقل الدّماء عن السّفك أي تمسك.

وعن عمر رضي اللّه عنه: أنّه فرض العقل على أهل الدّيوان أي جعل الدّية على الّذين كتبت أساميهم في الدّيوان وهم أهل الرّايات، قال: فإن قتل واحد من أهل راية إنسانا خطأ فإن كان فيهم كثرة لو فضّت الرّاية عليهم أي فرّقت من حدّ دخل أصاب كلّ واحد منهم ثلاثة فهي عليهم وإلّا فعلى جميع الجيش.

 

ص -342-      كتاب الوصايا:

الوصايا: جمع وصيّة وهي الاسم من أوصى يوصي إيصاء ووصّى يوصي توصية.

والوصاة: بفتح الواو وكسرها مصدر الوصيّ.

وأوصى لفلان بكذا: أي جعل له ذلك من ماله وذاك موصى له.

وأوصى إلى فلان بكذا: أي جعله وصيّا وذلك موصى إليه وأوصى بولده إلى فلان أي جعله تحت ولايته وحمايته والولد موصى به وأوصى بعمل كذا والعمل موصى به أيضا وفلانة وصيّ فلان بدون التّأنيث إذا أريد به الاسم دون الصّفة وكذا الوكيل ونحوه.

وفي آخر حديث وصيّة سعد بن أبي وقّاص رضي اللّه عنه: "لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون النّاس".

العالة: جمع عائل وهو الفقير يقال عال يعيل عيلة أي افتقر.

والتّكفّف: مدّ الكفّ للسّؤال.

وعن عمر رضي اللّه عنه قال: إذا أوصى الرّجل بوصيّتين فآخرهما أملك أي أقوى وأثبت.

وقال عليّ رضي اللّه عنه: من أوصى بالثّلث فلم يترك شيئا أي من حقّه للورثة.

 

ص -343-      وقال إبراهيم: المرأة إذا ضربها الطّلق بفتح الطّاء وتسكين اللّام أي وجع الولادة فهي بمنزلة المريض مرض الموت في الوصيّة.

ولو أوصى لأنسبائه جمع نسيب وهو المناسب أي المساوي في النّسب.

ولو أوصى لعقب فلان بفتح العين وكسر القاف لم يصحّ لأنّ العقب هو الخلف وهم الّذين يعقبونه أي يخلفونه من حدّ دخل أي يبقون بعد موته ولا يدري ذلك وإذا أوصى لعتق نسمة أي ذي روح وقال في ديوان الأدب النّسمة الإنسان والنّسمة النّفس.

وإذا أوصى له بنخل فحملت عاما وأحالت عاما كذا كتب في الأصل والصّحيح حالت أي لم تحمل من حدّ دخل والحائل خلاف الحامل.

وإذا اعتقل لسانه على ما لم يسمّ فاعله أي أرتج عليه فلم يقدر على الكلام.

الإيصاء مندوب إليه النّدب الدّعاء إلى أمر جميل من حدّ دخل.

وإذا أوصى بحنطة في جوالق هو بضمّ الجيم في الواحد وبفتحها في الجمع.

وصفة السّرج الأدم الّذي يغشّيه.

وإذا أوصى له بحجلة فله الكسوة دون العيدان الحجلة بفتح الحاء والجيم السّتر قاله في ديوان الأدب وقال في مجمل اللّغة هي العروس وحقيقته أنّه شيء يوضع على البعير تحمل فيه العروس لتكون مستورة على وجه التّعظيم ويحصل ذلك بالكسوة لا بالعيدان.

وأخسّ السّهام أدناها والفعل من حدّ ضرب.

 

ص -344-      كتاب الفرائض:

الفرائض: جمع فريضة وهي المقدّرة والفرض التّقدير من حدّ ضرب قال اللّه تعالى: {نَصِيباً مَفْرُوضاً}1 أي مقدّرا فالفرائض الأنصباء المقدّرة المسمّاة لأصحابها مأخوذة من قول اللّه تعالى في آية المواريث: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}2.

والعصبة: قرابة الرّجل لأبيه من قولهم عصب القوم بفلان من حدّ ضرب أي أحاطوا به قال ذلك في مجمل اللّغة، وقال الفقهاء: هو الذّكر الّذي يدلي إلى الميّت بذكور أي يتوصّل يقال أدلى دلوه أي أرسلها وأدلى بحجّته أتى بها وأدلى بماله إلى الحاكم أي رفعه إليه وأدلى إليه برحمه أي توصّل.

وذوو الأرحام يرثون عندنا بالتّعصيب أي نجعلهم كالعصبة وعند قوم بالتّنزيل أي بإنزالهم منازل أصولهم الّتي بها يتّصلون بالميّت {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ}3 قالوا كلمة فوق صلة كما في قوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ}4.

ومسائل التّشبيب من قولهم شبّب بالمرأة أي قال فيها شعرا مطربا وهو من الشّباب بالفتح الّذي هو مصدر الشّابّ أي هو عمل أهل الشّباب،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النساء: 7.

2 سورة النساء: 11.

3 سورة النساء: 11.

4 سورة الأنفال: 12.

 

ص -345-      وقيل التّشبيب هو التّنشيط مأخوذ من شباب الفرس بكسر الشّين من حدّ دخل وهو أن ينشط ويرفع يديه جميعا وهذه المسائل تنشّط الشّارع فيها وقيل هو من شبّ النّار من حدّ دخل أي أوقدها أي هي تذكي الخاطر.

وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً}1 الرّجل هاهنا هو الميّت وقوله: يورث أي ينال ميراثه على ما لم يسمّ فاعله من قولك ورث لا من قولك أورث ويصحّ فعل ما لم يسمّ فاعله منه لأنّه فعل متعدّ تقول ورثت فلانا ولا تقول ورثت من فلان قال تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}2 وقال: {وَهُوَ يَرِثُهَا}3 وقال: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ}4 ومنه قول النّبيّ عليه السلام: "إنّا معاشر الأنبياء لا نورث" هو بفتح الرّاء رواية مشهورة وظنّ بعض الفقهاء أنّه نورّث بكسر الرّاء أي لا نورّث أموالنا ورثتنا والصّحيح المنقول لا نورث أي لا يرثنا أحد وقوله {يُورَثُ كَلالَةً}5 أي ينال إرثه على كونه ميّتا لا ولد له ولا والد والكلالة مصدر الكلّ وهو الّذي لا ولد له ولا والد له بل له إخوة وأخوات من قولك تكلّل به الشّيء أي أحاط به فتفهّمه فقد شرحت الآية شرحا شافيا {وَوَرِثَهُ} أي بقي بعده فأخذ ماله واللّه الوارث أي بعد فناء خلقه وهو خير الوارثين.

ورجل هلك أي مات.

وفي الخبر: "ما دام هذا الحبر بين أظهركم" أي العالم بفتح الحاء وكسرها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 سورة النساء: 12.

2 سورة النساء: 11.

3 سورة النساء: 176.

4 سورة النمل: 16.

5 سورة النساء: 12.

 

ص -346-      قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: إنّ الّذي أحصى رمل عالج عددا لم يكن بالّذي يجعل في مال واحد نصفين وثلثا أو ثلثين ونصفا فلو قدّموا ما قدّم اللّه وأخّروا ما أخّر اللّه ما عالت فريضة قطّ.

الإحصاء: الإحاطة بكلّ العدد.

وعالج اسم موضع معروف في العرب.

والعول: من حدّ دخل الزّيادة والارتفاع وهو أن يجاوز سهام الميراث سهام المال.

من شاء باهلته أي لاعنته وهو أن يجتمع المختلفان فيقولان بهلة اللّه بضمّ الباء أي لعنة اللّه على المبطل منّا.

المشرّكة: بالتّشديد مسألة إثبات الشّركة بين الإخوة الّذين هم عصبة وبين الزّوج والأمّ والأختين لأمّ.

والأكدريّة: مسألة موت المرأة عن زوج وأخت وأمّ وجدّ سمّيت بها لأنّها وقعت لرجل اسمه أكدر وقيل لأنّها كدّرت على زيد مذهبه حيث خالف في هذه المسألة أصله في غيرها.

أطعم الجدّة السّدس أي أعطاها.

القربى والبعدى: تأنيث الأقرب والأبعد.

والمناسخة: من النّسخ وهو النّقل والتّحويل من حدّ صنع ومنه نسخ الكتاب وانتساخه ونسخ الشّمس الظّلّ ونسخ النّحل العسل من خليّة إلى خليّة وهي بيت النّحل الّذي يعسل فيه فالمناسخة أن يموت إنسان عن مال وورثة فقبل أن يقسم بينهم مات بعضهم فصار نصيبه لغيره فيقسم الميراثان على أنصباء الباقين.

 

ص -347-      كتاب الخنثى:

الخنثى: الّذي له ما للذّكر وما للأنثى.

والانخناث التّثنّي والتّكسّر.

وتخنيث الكلام تليينه واشتقاق المخنّث منه وجمع الخنثى الخناث كالأنثى والإناث والخناثى كالحبلى والحبالى.

وعن عامر بن ظرب العدوانيّ وكان من حكماء العرب عاش نيّفا وثلثمائة سنة.

النّيّف: بالتّخفيف والتّثقيل الزّيادة وهو ما بين العقدين.

سئل عن الخنثى فأشكل عليه فاستمهل أيّاما وكان يتململ على فراشه ليلة أي يقلق فلا يستقرّ كأنّه على ملّة أي تراب أو رماد حارّ فقالت له جاريته ما لك فنهرها أي زجرها فأعادت عليه فذكر لها ذلك فقالت حكّم مباله أي اجعل موضع بوله حاكما في هذا.

 

ص -348-      كتاب الحيل:

الحيل: جمع حيلة وأصلها الواو وهو ما يتلطّف بها لدفع المكروه أو لجلب المحبوب.

وإنّ في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب المعاريض التّعرّضات أي الكنايات جمع معراض والمندوحة السّعة والغنى.

وروي أنّ رجلا عيونا رأى بغلة شريح أي رجلا كان يصيب الأشياء بعينه فيهلكها.

كتاب الاستحلاف والتّزكية:

الاستحلاف: هو التّحليف والتّزكية هي التّعديل والزّكيّ والزّاكي الطّاهر من حدّ دخل والتّرجمة بفتح التّاء والجيم والتّرجمان بضمّها واللّه أعلم بالصّواب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج5.معاني القران للنحاس

ج5.معاني القران للنحاس ج5. الكتاب : معاني القرآن الكريم المؤلف : ابو جعفر احمد بن محمد بن اسماعيل النحاس أي والحافظاتها ونظيره ... ...