برامج مجانية

تحميلات نداء الابمان تحت الصورة

تحميلات : برنامج الذاكرالقرآن مع الترجمةبرنامج القرآن مع التفسيربرنامج القرآن مع التلاوةبرنامج المكتبة الالكترونية.

*********** 9 مصاحف في الوسط جاهزة جديدة

/ /   /

Translate الترجمة

الاثنين، 28 ديسمبر 2020

أولاً : عقوق الوالدين من أكبر الكبائر


سلسلة :" قُرة العين في برالوالدين" 2-3
المقالة الثالثة :عاقبة عقوق الوالدين
صلاح عامر -مصر

بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً : عقوق الوالدين من أكبر الكبائر :

 

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ»، قَالَ: وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: «وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَوْ قَوْلُ الزُّورِ»، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ.(1)

وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكَبَائِرَ، أَوْ سُئِلَ عَنِ الكَبَائِرِ فَقَالَ: " الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، فَقَالَ: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ قَالَ: قَوْلُ الزُّورِ، أَوْ قَالَ: شَهَادَةُ الزُّورِ».(2)

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: «الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ» قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ» قُلْتُ لِعَامِرٍ: مَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ؟ قَالَ: الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ صَبْرٍ، وَهُوَ فِيهَا كَاذِبٌ.(3)

ثانيًا : استحقاق لعنة الله لمن سب والديه أو لعنهما :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أَبَاهُ، مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ أُمَّهُ، مَلْعُونٌ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ، مَلْعُونٌ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَنْ طَرِيقٍ، مَلْعُونٌ مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، مَلْعُونٌ مَنْ عَمِلَ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ".
(4)

وفي رواية ابن حبان: " وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ وَالِدَيْهِ ".(5)

وعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْنَا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبِرْنَا بِشَيْءٍ أَسَرَّهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا أَسَرَّ إِلَيَّ شَيْئًا كَتَمَهُ النَّاسَ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ الْمَنَارَ".(7)

ثالثًا : تعجيل عقوبة العاق لوالديه في الدنيا قبل الآخرة :
عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ , وَالْعُقُوق " .(6)
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " اثْنَتَانِ يُعَجِّلُهُمَا اللهُ فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ "
.(7)

رابعًا : من أسباب دخول النار –أعاذنا الله منها –وأبعده الله وأسحقه :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ"، قِيلَ: مَنْ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ" . (8)

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ , أَوْ أَحَدَهُمَا , ثُمَّ لَمْ يَبَرَّهُمَا , فَدَخَلَ النَّارَ , فأَبْعَدَهُ اللهُ وَأَسْحَقَهُ".(9)

وعنه رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ آمِينَ آمِينَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ».(10)

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «لَا أُقْسِمُ، لَا أُقْسِمُ، لَا أُقْسِمُ» ، ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالَ: «أَبْشِرُوا أَبْشِرُوا، إِنَّهُ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَاَجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ دَخَلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ» ، قَالَ الْمُطَّلِبُ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو: أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهُنَّ؟، قَالَ: نَعَمْ: «عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَالشِّرْكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَأَكْلُ الرِّبَا».(11)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَشْهَدُ لَقَدْ سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ بِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ - الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ - وَالدَّيُّوثُ ".(12)
وفي رواية النسائي وابن حبان : " ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ ".

وعَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ ".(13)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: «يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ».(14)
وفي رواية : " إِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ "، قَالَ: قِيلَ : وَمَا عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ؟ قَالَ: " يَسُبُّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ " .(15)

خامسًا : استجابة دعوة الوالد على ولده العاق :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ".(16)
وذكر ابن قدامة – رحمه الله- في " كتاب التوابين " عن الحسن بن على –رضي الله عنه - : بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ مَعَ أَبِي حَوْلَ الْبَيْتِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ وَقَدْ رَقَدَتِ الْعُيُونُ وَهَدَأَتِ الأَصْوَاتُ إِذْ سَمِعَ أَبِي هَاتِفًا يَهْتِفُ بِصَوْتٍ حَزِينٍ شَجِيٍّ وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَنْ يُجِيبُ دُعَا الْمُضْطَرِّ فِي الظُّلَمِ ... يَا كَاشِفَ الضُّرَّ وَالْبَلْوَى مَعَ السَّقَمِ قَدْ نَامَ وَفْدُكَ حَوْلَ الْبَيْتِ وَانْتَبَهُوا ... وَأَنْتَ عَيْنُكَ يَا قَيُّومُ لَمْ تَنَمِ
هَبْ لِي بِجُودِكَ فَضْلَ الْعَفْوِ عَنْ جُرْمِي ... يَا مَنْ إِلَيْهِ أَشَارَ الْخَلْقُ فِي الْحَرَمِ
إِنْ كَانَ عَفْوُكَ لا يدركه ذو سرف ... فمن يَجُودُ عَلَى الْعَاصِينَ بِالْكَرَمِ

قَالَ: فَقَالَ أَبِي: يَا بُنَيَّ! أَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ النَّادِبِ لِذَنْبِهِ الْمُسْتَقِيلِ لِرَبِّهِ؟ الْحَقْهُ فَلَعَلَّ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ.
فَخَرَجْتُ أَسْعَى حَوْلَ الْبَيْتِ أَطْلُبُهُ فَلَمْ أَجِدْهُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَقَامِ وَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَقُلْتُ: أَجِبِ ابْنَ عَمِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْجَزَ فِي صَلاتِهِ وَاتَّبَعَنِي. فَأَتَيْتُ أَبِي فَقُلْتُ: هَذَا الرَّجُلُ يَا أَبَتِ. فَقَالَ لَهُ أَبِي: مِمَّنِ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مِنَ الْعَرَبِ قَالَ: وَمَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مُنَازِلُ بْنُ لاحِقٍ.
قَالَ: وَمَا شَأْنُكَ وَمَا قِصَّتُكَ؟ قَالَ: وَمَا قِصَّةُ مَنْ أَسْلَمَتْهُ ذُنُوبُهُ وَأَوْبَقَتْهُ عُيُوبُهُ فَهُوَ مُرْتَطِمٌ فِي بَحْرِ الْخَطَايَا.
فَقَالَ لَهُ أَبِي: عَلَيَّ ذَلِكَ فَاشْرَحْ لِي خَبَرَكَ.
قَالَ: كُنْتُ شَابًّا عَلَى اللَّهْوِ وَالطَّرَبِ لا أُفِيقُ عَنْهُ وَكَانَ لِي وَالِدٌ يَعِظُنِي كَثِيرًا وَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ! احْذَرْ هَفَوَاتِ الشَّبَابِ وَعَثَرَاتِهِ فَإِنَّ لِلَّهِ سَطَوَاتٍ وَنَقَمَاتٍ مَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ وَكَانَ إِذَا أَلَحَّ عَلَيَّ بِالْمَوْعِظَةِ أَلْحَحْتُ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنَ الأَيَّامِ أَلَحَّ عَلَيَّ بِالْمَوْعِظَةِ فَأَوْجَعْتُهُ ضَرْبًا فَحَلَفَ بِاللَّهِ مُجْتَهِدًا لَيَأْتِيَنَّ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامِ فَيَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَيَدْعُو عَلَيَّ فَخَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ فَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

يَا مَنْ إِلَيْهِ أَتَى الْحُجَّاجُ قَدْ قَطَعُوا ... عُرْضَ الْمَهَامِهِ مِنْ قُرْبٍ وَمِنْ بُعْدِ
إِنِّي أَتَيْتُكَ يَا مَنْ لا يُخَيِّبُ مَنْ ... يَدْعُوهُ مُبْتَهِلا بِالْوَاحِدِ الصَّمَدِ
هَذَا مُنَازِلٌ لا يَرْتَدُّ عَنْ عُقَقِي ... فَخُذْ بِحَقِّي يَا رَحْمَانُ مِنْ وَلَدِي
وشِلَّ مِنْهُ بِحَوْلٍ مِنْكَ جَانِبَهُ ... يَا مَنْ تَقَدَّسَ لَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَلِدِ

قَالَ: فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَتَمَّ كَلامَهُ حَتَّى نَزَلَ بِي مَا تَرَى ثُمَّ كَشَفَ عَنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ فَإِذَا هُوَ يَابِسٌ.
قَالَ: فَأُبْتُ وَرَجَعْتُ وَلَمْ أَزَلْ أَتَرَضَّاهُ وَأَخْضَعُ لَهُ وَأَسْأَلُهُ الْعَفْوَ عَنِّي إِلَى أَنْ أَجَابَنِي أَنْ يَدْعُوَ لِي فِي الْمَكَانِ الَّذِي دَعَا عَلَيَّ.
قَالَ: فَحَمَلْتُهُ عَلَى نَاقَةٍ عُشَرَاءَ وَخَرَجْتُ أَقْفُو أَثَرَهُ حَتَّى إِذَا صِرْنَا بِوَادِي الأَرَاكِ طَارَ طَائِرٌ مِنْ شَجَرَةٍ فَنَفَرَتِ النَّاقَةُ فَرَمَتْ بِهِ بَيْنَ أَحْجَارٍ فَرَضَخَتْ رأسه فمات فدفتنه هُنَاكَ وَأَقْبَلْتُ آيِسًا وَأَعْظَمُ مَا بِي مَا أَلْقَاهُ مِنَ التَّعْيِيرِ أَنِّي لا أُعْرَفُ إِلا بِالْمَأْخُوذِ بِعُقُوقِ وَالِدَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ أَبِي: أَبْشِرْ فَقَدْ أَتَاكَ الْغَوْثُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَمَرَهُ فَكَشَفَ عَنْ شِقِّهِ بِيَدِهِ وَدَعَا لَهُ مَرَّاتٍ يُرَدِّدُهُنَّ فَعَادَ صَحِيحًا كَمَا كَانَ.
وَقَالَ لَهُ أَبِي: لَوْلا أَنَّهُ قَدْ كَانَ سَبَقْتَ إِلَيْكَ مِنْ أَبِيكَ فِي الدُّعَاءِ لَكَ بِحَيْثُ دَعَا عَلَيْكَ لَمَا دَعَوْتُ لَكَ.
قَالَ الْحَسَنُ: وَكَانَ أَبِي يَقُولُ لَنَا: احْذَرُوا دُعَاءَ الْوَالِدَيْنِ! فَإِنَّ فِي دُعَائِهِمَا النَّمَاءُ وَالانْجِبَارُ وَالاسْتِئْصَالُ وَالْبَوَارُ.(17)

النهي عن الدعاء على الأبناء :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ».(18)

ولفظه عند مسلم وابن حبان بعد ذكر القصة :" لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ"

النهي عن طاعة الوالدين أو غيرهما في معصية الله :
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ: حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ، وَلَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ، قَالَتْ: زَعَمْتَ أَنَّ اللهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ، وَأَنَا أُمُّكَ، وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا. قَالَ: مَكَثَتْ ثَلَاثًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَهْدِ، فَقَامَ ابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ، فَسَقَاهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي} وَفِيهَا {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].(19)
وهذا آخر ما وفقني الله تبارك وتعالى لجمعه من موضوع بر الوالدين.
و"سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك".


تم بحمد الله وتوفيقه
جمع وترتيب
صلاح عامر –مصر.



------------------------------
1-البخاري(2654)،ومسلم (87)،وأحمد(20385)،والترمذي(1901).
2-البخاري(5977)،ومسلم 144 - (88)،وأحمد(12371)،والترمذي
(1207)،والنسائي(4010).
3-البخاري (6675،6920).
4-حسن : رواه أحمد في" المسند"(1875،2914)،وابن حبان(4417).
5-مسلم44 - (1978).
6-صحيح : رواه الحاكم في"المستدرك"(7350), وانظر "صَحِيح الْجَامِع" (2810).
7-رواه البخاري في"التاريخ"(494), و" كنز العمال" (45458), وانظر "صَحِيح الْجَامِع" (137).
8-مسلم9 - (2551)،وأحمد(8557).
9- صحيح : رواه أحمد(20328)وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط
10-حسن صحيح : رواه ابن حبان(907)وقال الألباني : حسن صحيح.
11-رواه الطبراني في " الكبير" (13/8-9/3)وحسن إسناده الألباني في" الصحيحة"(3451).
12-رواه أحمد في " المسند"(6180)،والنسائي(2562)،وابن حبان
(7340)،وانظر" السلسلة الصحيحة"( 674).
13-البخاري(2408)،ومسلم 12 - (593)،وأحمد(18147)،وابن حبان(5555).
14-البخاري(5973)،ومسلم146 - (90)،وأحمد(6529)،وأبو داود
(5141)،والترمذي(1902).
15-صحيح : رواه أحمد(7004)وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
16-حسن : رواه أحمد(2699)وقال شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره ،وأبو داود
(1536)،والترمذي(1905، 3448)،وابن حبان(3862)وحسنه شعيب الأرنؤوط والألباني .
17-"التوابين"لابن قدامة(1/237).
18-رواه مسلم(3009) ،وأبوداود(1532)واللفظ له ،وابن حبان(5742) بلفظ مسلم
19- مسلم 43 - (1748)،وأحمد(1567)،والترمذي(1567)،وابن حبان
(6992).

إِنَّ اللهَ - عز وجل - لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ؟ , فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ






سلسلة :" قُرة العين في برالوالدين" 2-3
المقالة الثانية: أوجه البر بالوالدين في حياتهما وعند موتهما ومن بعد موتهما






صلاح عامر -مصر



بسم الله الرحمن الرحيم


أولاً : في حياتهما :
حسن الصحبة والانفاق عليهما :
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ نَاعِمًا، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ، قَالَ: «فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟» قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قَالَ: «فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا».(1)
وعَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَاعَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَهُ، وَقَالَ: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، ثُمَّ عَلَى أَبَوَيْكَ، ثُمَّ عَلَى قَرَابَتِكَ، ثُمَّ هَكَذَا، ثُمَّ هَكَذَا " .(2)

وعَنْ أَبِي رِمْثَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: " يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، وَأَدْنَاكَ فَأَدْنَاكَ ".(3)

وعَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: " يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ، أَدْنَاكَ " .(4)

وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ".(5)

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّ لِي مَالًا وَوَلَدًا , وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي , فَقَالَ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ " .(6)

وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي اجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ" وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ".(7)

فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ مُشَارِكٌ لِوَلَدِهِ فِي مَالِهِ، فَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ سَوَاءٌ أَذِنَ الْوَلَدُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ، وَيَجُوزُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهِ كَمَا يَتَصَرَّفُ بِمَالِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ السَّرَفِ وَالسَّفَهِ
وَقَدْ حُكِيَ فِي الْبَحْرِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ مَئُونَةُ الْأَبَوَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ قَوْلُهُ: (يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ) بِالْجِيمِ بَعْدَهَا فَوْقِيَّةٌ وَبَعْدَ الْأَلِفِ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ: وَهُوَ الِاسْتِئْصَالُ كَالْإِجَاحَةِ، وَمِنْهُ الْجَائِحَةُ لِلشِّدَّةِ الْمُجْتَاحَةِ لِلْمَالِ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ قَوْلُهُ: (أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك) قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: اللَّامُ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ، فَإِنَّ مَالَ الْوَلَدِ لَهُ وَزَكَاتَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْه.(8)

وعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24] ، قَالَ: لَا تَمْتَنِعْ مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّاهُ .(9)
الحج أو العمرةعنهما حال كبرهما أوضعفهما لمرض :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ .(10)
وعَنْ أَبِي رَزِينٍ العُقَيْلِيِّ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الحَجَّ، وَلَا العُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ، قَالَ: "حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ".(11)

وفي رواية أبي داود:" احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ".

وعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ وَكُنْتُ أُحِبُّهَا وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا فَقَالَ: لِي طَلِّقْهَا فَأَبَيْتُ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طَلِّقْهَا" .(12)

ثانيًا :أوجه البر بهما عند موتهما :
تلقينه لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه عند الموت :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ".(13)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلِمَتِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ دَخَلَ الْجَنَّةَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه".(14)
ثالثًا : أوجه البر بهما بعد موتهما :
الدعاء لهما بعد موتهما :
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ"، فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ"، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ".(15)

ترك النياحة عليهما :
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ».(16)

وفي رواية : "يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" .(17)

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَتَأَوَّلَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى مَنْ وَصَّى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ وَيُنَاحَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ فَهَذَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَنَوْحِهِمْ لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ وَمَنْسُوبٌ إِلَيْهِ قَالُوا فَأَمَّا مَنْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَنَاحُوا مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْهُ فَلَا يُعَذَّبُ (قَالُوا فَخَرَجَ الْحَدِيثُ مُطْلَقًا حَمْلًا عَلَى مَا كَانَ مُعْتَادًا لَهُمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَوْصَى بِالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِمَا فَمَنْ أَوْصَى بِهِمَا أَوْ أهْمَلَ الْوَصِيَّةَ بِتَرْكِهِمَا يُعَذَّبُ بِهِمَا لِتَفْرِيطِهِ بِإِهْمَالِ الْوَصِيَّةِ بِتَرْكِهِمَا فَأَمَّا مَنْ وَصَّى بِتَرْكِهِمَا فَلَا يُعَذَّبُ بِهِمَا إِذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِمَا وَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ وَحَاصِلُ هَذَا الْقَوْلِ إِيجَابُ الْوَصِيَّةِ بِتَرْكِهِمَا وَمَنْ أَهْمَلَهُمَا عُذِّبَ بِهِمَا.
وَأَجْمَعُوا كُلُّهمْ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُكَاءِ هُنَا الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ ونياحة لا مجرد دمع العين .(18)

الإحسان إليهما بإحسان كفنهما :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ».(19)
الحرص على الصلاة عليهما وزيادة عدد الحضور ليشفعوا لهما
عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ، إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ».(20)

وعَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ - أَوْ بِعُسْفَانَ - فَقَالَ: يَا كُرَيْبُ، انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَخْرِجُوهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ».(21)
الاستغفار والدعاء لهما بالتثبيت بعد دفنهما :
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ".(22)

المسارعة لسداد دينهما :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ».(23)

الصيام عنهما :
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ".(24)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: " نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى ".(25)
وفي رواية ، أَنَّ امْرَأَةً، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ عَلَى أُمِّهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا، فَقَالَ: "لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى».(26)

الحج عنهما :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبِيهَا، مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ؟ قَالَ: "حُجِّي عَنْ أَبِيكِ" .(27)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ، قَالَ: فَقَالَ: "وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ" قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: "صُومِي عَنْهَا" قَالَتْ: إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: "حُجِّي عَنْهَا".(28)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، أَفَأَحُجَّ عَنْهُ قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوَ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «حُجَّ عَنْ أَبِيكَ».(29)

الوفاء بنذرهما في طاعة الله ورسوله :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: "أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ" .(30)

وعَنِه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ، فَقَالَ: «اقْضِهِ عَنْهَا».(31)
وعَنِه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ» .(32)

وعَنِه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ أُطْعِمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ".(33)

التصدق عنهما والوفاء بوصيتهما :
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يُوصِ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ" . (34)

وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رجلًا قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ أمِّي افتُلتَتْ نفسُها، وأظنُّها لو تكلَّمَتْ تصدَّقَتْ؛ فهل لها أجرٌ إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: نعمْ .(35)

وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ، فَأَعْتَقَ ابْنُهُ هِشَامٌ خَمْسِينَ رَقَبَةً، فَأَرَادَ ابْنُهُ عَمْرٌو أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَوْصَى بِعَتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَإِنَّ هِشَامًا أَعْتَقَ عَنْهُ خَمْسِينَ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ رَقَبَةً، أَفَأُعْتِقُ عَنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ بَلَغَهُ ذَلِكَ".(36)
وفي رواية أحمد: "أَمَّا أَبُوكَ، فَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ، فَصُمْتَ، وَتَصَدَّقْتَ عَنْهُ، نَفَعَهُ ذَلِكَ".

الدعاء والاستغفار لهما :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ".(37)
وعنه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ - عز وجل - لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ؟ , فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ " .(38)

وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " سَبْعَةٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ أَجْرَى نَهَرًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ".(39)

صلة الولد ود أهل أبيه :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ لَقِيَهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ، وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ. وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً، كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ: فَقُلْنَا لَهُ: أَصْلَحَكَ اللهُ إِنَّهُمُ الْأَعْرَابُ وَإِنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ" .(40)

وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فقَالَ: أَتَدْرِي لِمَ أَتَيْتُكَ ،قَالَ: قُلْتُ لَا ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ أَبَاهُ فِي قَبْرِهِ فَلْيَصِلْ إِخْوَانَ أَبِيهِ بَعْدَهُ" وَإِنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَبِي عُمَرَ وَبَيْنَ أَبِيكَ إِخَاءٌ وَوُدٌّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصِلَ ذاك".(41)

سلسلة :" قُرة العين في برالوالدين" 3-3 المقالة الثالثة :عاقبة عقوق الوالدين

-------------------------
1-مسلم 6 - (2549).
2 -مسلم (41 - (997)،وأحمد(14970)،وابن حبان(3339) واللفظ له ،وصححه الألباني.
3 -صحيح :رواه أحمد في" المسند"(7105، 17495)وقال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح .
4 - صحيح :رواه أبو داود(3341)،والنسائي(2532)وصححه الألباني .
5 - صحيح : رواه أحمد (24148)، وأبو داود (3528)، والترمذي (1358) وابن ماجة (2137)،والنسائي (4450)،وابن حبان (4261)وصححه الألباني وشعيب الارنؤوط.
6 - صحيح : رواه ابن ماجة(2291)وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط
7 - صحيح : رواه أحمد في" المسند"(6678،7001)وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره وهذا إسناد حسن ،وأبو داود(3530)،وابن ماجة(2292) وصححه الألباني.
8-"نيل الأوطار"للشوكاني (6/17)ط.دار الحديث –مصر-الطبعة الأولى.
9-صحيح : رواه البخاري في " الأدب المفرد"(9)وصححه الألباني .
10- البخاري(1513)،ومسلم407 - (1334)،وأحمد(3375)،وأبو داود(1809)،والترمذي(928)،وابن ماجة(2909)،والنسائي(2641).
11- صحيح : رواه أحمد(16185،16184،16194)،وأبو داود(1810)،
والترمذي(930)،والنسائي(2637)،وابن ماجة(2906)وصححه الألباني
12-صحيح : رواه أحمد(4711)،وأبو داود(5138)،والترمذي(1189)،وابن ماجة(2088) ،وابن حبان(426).
وقوله: "أطع أباك". قال السندي: فيه أن طاعة الوالدين متقدمة على هوى النفس إذا كان أمرُهما أوفق بالدين، إذ الظاهر أن عمر ما كان يكرهها، ولا أمر ابنه بطلاقها إلا لما يظهر له فيها من قلة الدين.
13- رواه مسلم1 - (916)،وأحمد(10993)،وأبوداود(3117)،والترمذي
(976)،وابن ماجة(1445)،والنسائي(1826)،وابن حبان(3003)،ورواه مسلم2 - (917)،وابن ماجة(1444)،وابن حبان(3004)عن أبي هريرة.
14- رواه ابن حبان(3004)وحسنه الألباني وصححه شعيب الأرنؤوط.
15-مسلم7-(920)،وأحمد(26543)،وأبو داود(3118)، وابن ماجة(1454)
،وابن حبان(7041).
16-البخاري(1292)،ومسلم 17 - (927)،وأحمد(247)،وابن ماجة(1593)
،والنسائي(1853)
17-البخاري (1292)،و مسلم 16 - (927) ،وأحمد(248)،والنسائي(1848).
18-"النووي على مسلم" (6/228-229)دار إحياء التراث العربي –بيروت-الطبعة الثانية .
19-مسلم 49 - (943)،وأحمد(14145)،وأبو داود(3148)،والنسائي
(1895)وابن حبان(3034).
20-مسلم 58 - (947)،وأحمد(13804)،والترمذي(، والنسائي(1992) ، والنسائي(1992)،وابن حبان(3081).
21-مسلم59 - (948)،وأبو داود(3170).
22-صحيح : رواه أبو داود(3221)وصححه الألباني.
23-مسلم119 - (1886)،وأحمد(7051).
24- البخاري(1952) ، ومسلم 153 - (1147)،وأبو داود(2400)،وابن خزيمة(2052)،وابن حبان(3569).
25-البخاري(1953)، ،وأحمد(2336).
26-صحيح :البخاري(1953)،ومسلم 154 - (1148) ، وأحمد(3420) وأبو داود(3310)واللفظ له.
27-صحيح : رواه النسائي(2634) وصححه الألباني
28-مسلم 157 - (1149)،وأحمد(23032)،وأبو داود(2877)،
والترمذي(667)
29- رواه ابن حبان(3992)وصححه الألباني وحسنه شعيب الأرنؤوط.
30-مسلم 156 - (1148)واللفظ له ، وابن حبان(4396).
31-البخاري(2761) ،ومسلم 1 - (1638)،وأحمد(1893)،وأبو داود(3307)،والترمذي(1546)،وابن ماجة(2132)،والنسائي(3659)،وابن حبان(4393)
32-البخاري(1852،7315).
33- صحيح موقوف : رواه أبو داود(2401) وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط.
34-مسلم 11 - (1630)،وأحمد(8841)،وابن ماجة(2716)،والنسائي
(3652)،وابن خزيمة(2498).
35-البخاري(1388، 2760)،ومسلم 51 - (1004).
36- حسن :رواه أحمد (6704)،وأبو داود(2883) وحسنه الألباني وشعيب الأرنؤوط.
37-مسلم14 - (1631)،وأحمد(8844)،وأبو داود(2880)،والترمذي
(1376)،والنسائي(3651)،وابن حبان(3016).
38- رواه أحمد(10610) وحسنه شعيب الأرنؤوط ،وابن ماجة(3660)
وصححه الألباني في " صحيح الجامع"(1617).
39-رواه البزار في " البحر الزخار"( 7289)،والبيهقي في " الشعب"( 3175)،
وأبو نعيم في " الحلية"(2/343)وحسنه الألباني في" صحيح الجامع"(3602) ، و"صحيح الترغيب والترهيب"(73).
40-مسلم 11 -(2552)،وأحمد(5653)،وأبوداود(5143)،والترمذي(1903).
41-صحيح : رواه ابن حبان(432)،وأبو يعلى في " مسنده"( 5669)،وصححه الألباني في " صحيح الجامع"( 5960)، و" الصحيحة"(1432).

================================

 نفس الموضوع لكن علي خلفية غامقة


سلسلة :" قُرة العين في برالوالدين" 2-3
المقالة الثانية: أوجه البر بالوالدين في حياتهما وعند موتهما ومن بعد موتهما
صلاح عامر -مصر
بسم الله الرحمن الرحيم


أولاً : في حياتهما :
حسن الصحبة والانفاق عليهما :
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ نَاعِمًا، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ، قَالَ: «فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟» قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قَالَ: «فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا».(1)
وعَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَاعَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَهُ، وَقَالَ: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، ثُمَّ عَلَى أَبَوَيْكَ، ثُمَّ عَلَى قَرَابَتِكَ، ثُمَّ هَكَذَا، ثُمَّ هَكَذَا " .(2)

وعَنْ أَبِي رِمْثَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: " يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، وَأَدْنَاكَ فَأَدْنَاكَ ".(3)

وعَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: " يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ، أَدْنَاكَ " .(4)

وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ".(5)

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّ لِي مَالًا وَوَلَدًا , وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي , فَقَالَ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ " .(6)

وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي اجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ" وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ".(7)

فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ مُشَارِكٌ لِوَلَدِهِ فِي مَالِهِ، فَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ سَوَاءٌ أَذِنَ الْوَلَدُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ، وَيَجُوزُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهِ كَمَا يَتَصَرَّفُ بِمَالِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ السَّرَفِ وَالسَّفَهِ
وَقَدْ حُكِيَ فِي الْبَحْرِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ مَئُونَةُ الْأَبَوَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ قَوْلُهُ: (يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ) بِالْجِيمِ بَعْدَهَا فَوْقِيَّةٌ وَبَعْدَ الْأَلِفِ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ: وَهُوَ الِاسْتِئْصَالُ كَالْإِجَاحَةِ، وَمِنْهُ الْجَائِحَةُ لِلشِّدَّةِ الْمُجْتَاحَةِ لِلْمَالِ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ قَوْلُهُ: (أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك) قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: اللَّامُ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ، فَإِنَّ مَالَ الْوَلَدِ لَهُ وَزَكَاتَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْه.(8)

وعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24] ، قَالَ: لَا تَمْتَنِعْ مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّاهُ .(9)
الحج أو العمرةعنهما حال كبرهما أوضعفهما لمرض :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ .(10)
وعَنْ أَبِي رَزِينٍ العُقَيْلِيِّ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الحَجَّ، وَلَا العُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ، قَالَ: "حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ".(11)

وفي رواية أبي داود:" احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ".

وعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ وَكُنْتُ أُحِبُّهَا وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا فَقَالَ: لِي طَلِّقْهَا فَأَبَيْتُ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طَلِّقْهَا" .(12)

ثانيًا :أوجه البر بهما عند موتهما :
تلقينه لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه عند الموت :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ".(13)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ آخِرُ كَلِمَتِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ دَخَلَ الْجَنَّةَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه".(14)
ثالثًا : أوجه البر بهما بعد موتهما :
الدعاء لهما بعد موتهما :
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ"، فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ"، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ".(15)

ترك النياحة عليهما :
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ».(16)

وفي رواية : "يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" .(17)

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَتَأَوَّلَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى مَنْ وَصَّى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ وَيُنَاحَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَنُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ فَهَذَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَنَوْحِهِمْ لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ وَمَنْسُوبٌ إِلَيْهِ قَالُوا فَأَمَّا مَنْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَنَاحُوا مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنْهُ فَلَا يُعَذَّبُ (قَالُوا فَخَرَجَ الْحَدِيثُ مُطْلَقًا حَمْلًا عَلَى مَا كَانَ مُعْتَادًا لَهُمْ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَوْصَى بِالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِمَا فَمَنْ أَوْصَى بِهِمَا أَوْ أهْمَلَ الْوَصِيَّةَ بِتَرْكِهِمَا يُعَذَّبُ بِهِمَا لِتَفْرِيطِهِ بِإِهْمَالِ الْوَصِيَّةِ بِتَرْكِهِمَا فَأَمَّا مَنْ وَصَّى بِتَرْكِهِمَا فَلَا يُعَذَّبُ بِهِمَا إِذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِمَا وَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ وَحَاصِلُ هَذَا الْقَوْلِ إِيجَابُ الْوَصِيَّةِ بِتَرْكِهِمَا وَمَنْ أَهْمَلَهُمَا عُذِّبَ بِهِمَا.
وَأَجْمَعُوا كُلُّهمْ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُكَاءِ هُنَا الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ ونياحة لا مجرد دمع العين .(18)

الإحسان إليهما بإحسان كفنهما :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ».(19)
الحرص على الصلاة عليهما وزيادة عدد الحضور ليشفعوا لهما
عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ، إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ».(20)

وعَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ - أَوْ بِعُسْفَانَ - فَقَالَ: يَا كُرَيْبُ، انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَإِذَا نَاسٌ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَخْرِجُوهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ».(21)
الاستغفار والدعاء لهما بالتثبيت بعد دفنهما :
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ".(22)

المسارعة لسداد دينهما :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ».(23)

الصيام عنهما :
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ، صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ".(24)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: " نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى ".(25)
وفي رواية ، أَنَّ امْرَأَةً، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ عَلَى أُمِّهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا، فَقَالَ: "لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى».(26)

الحج عنهما :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبِيهَا، مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ؟ قَالَ: "حُجِّي عَنْ أَبِيكِ" .(27)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ، قَالَ: فَقَالَ: "وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ" قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: "صُومِي عَنْهَا" قَالَتْ: إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: "حُجِّي عَنْهَا".(28)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، أَفَأَحُجَّ عَنْهُ قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوَ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «حُجَّ عَنْ أَبِيكَ».(29)

الوفاء بنذرهما في طاعة الله ورسوله :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: "أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ" .(30)

وعَنِه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ، فَقَالَ: «اقْضِهِ عَنْهَا».(31)
وعَنِه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ» .(32)

وعَنِه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ أُطْعِمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ".(33)

التصدق عنهما والوفاء بوصيتهما :
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يُوصِ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ" . (34)

وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رجلًا قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ أمِّي افتُلتَتْ نفسُها، وأظنُّها لو تكلَّمَتْ تصدَّقَتْ؛ فهل لها أجرٌ إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: نعمْ .(35)

وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ، فَأَعْتَقَ ابْنُهُ هِشَامٌ خَمْسِينَ رَقَبَةً، فَأَرَادَ ابْنُهُ عَمْرٌو أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَوْصَى بِعَتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَإِنَّ هِشَامًا أَعْتَقَ عَنْهُ خَمْسِينَ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ رَقَبَةً، أَفَأُعْتِقُ عَنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ بَلَغَهُ ذَلِكَ".(36)
وفي رواية أحمد: "أَمَّا أَبُوكَ، فَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ، فَصُمْتَ، وَتَصَدَّقْتَ عَنْهُ، نَفَعَهُ ذَلِكَ".

الدعاء والاستغفار لهما :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ".(37)
وعنه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ - عز وجل - لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ؟ , فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ " .(38)

وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " سَبْعَةٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ أَجْرَى نَهَرًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ".(39)

صلة الولد ود أهل أبيه :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ لَقِيَهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ، وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ. وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً، كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ: فَقُلْنَا لَهُ: أَصْلَحَكَ اللهُ إِنَّهُمُ الْأَعْرَابُ وَإِنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ" .(40)

وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فقَالَ: أَتَدْرِي لِمَ أَتَيْتُكَ ،قَالَ: قُلْتُ لَا ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ أَبَاهُ فِي قَبْرِهِ فَلْيَصِلْ إِخْوَانَ أَبِيهِ بَعْدَهُ" وَإِنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَبِي عُمَرَ وَبَيْنَ أَبِيكَ إِخَاءٌ وَوُدٌّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصِلَ ذاك".(41)

سلسلة :" قُرة العين في برالوالدين" 3-3 المقالة الثالثة :عاقبة عقوق الوالدين

-------------------------
1-مسلم 6 - (2549).
2 -مسلم (41 - (997)،وأحمد(14970)،وابن حبان(3339) واللفظ له ،وصححه الألباني.
3 -صحيح :رواه أحمد في" المسند"(7105، 17495)وقال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح .
4 - صحيح :رواه أبو داود(3341)،والنسائي(2532)وصححه الألباني .
5 - صحيح : رواه أحمد (24148)، وأبو داود (3528)، والترمذي (1358) وابن ماجة (2137)،والنسائي (4450)،وابن حبان (4261)وصححه الألباني وشعيب الارنؤوط.
6 - صحيح : رواه ابن ماجة(2291)وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط
7 - صحيح : رواه أحمد في" المسند"(6678،7001)وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره وهذا إسناد حسن ،وأبو داود(3530)،وابن ماجة(2292) وصححه الألباني.
8-"نيل الأوطار"للشوكاني (6/17)ط.دار الحديث –مصر-الطبعة الأولى.
9-صحيح : رواه البخاري في " الأدب المفرد"(9)وصححه الألباني .
10- البخاري(1513)،ومسلم407 - (1334)،وأحمد(3375)،وأبو داود(1809)،والترمذي(928)،وابن ماجة(2909)،والنسائي(2641).
11- صحيح : رواه أحمد(16185،16184،16194)،وأبو داود(1810)،
والترمذي(930)،والنسائي(2637)،وابن ماجة(2906)وصححه الألباني
12-صحيح : رواه أحمد(4711)،وأبو داود(5138)،والترمذي(1189)،وابن ماجة(2088) ،وابن حبان(426).
وقوله: "أطع أباك". قال السندي: فيه أن طاعة الوالدين متقدمة على هوى النفس إذا كان أمرُهما أوفق بالدين، إذ الظاهر أن عمر ما كان يكرهها، ولا أمر ابنه بطلاقها إلا لما يظهر له فيها من قلة الدين.
13- رواه مسلم1 - (916)،وأحمد(10993)،وأبوداود(3117)،والترمذي
(976)،وابن ماجة(1445)،والنسائي(1826)،وابن حبان(3003)،ورواه مسلم2 - (917)،وابن ماجة(1444)،وابن حبان(3004)عن أبي هريرة.
14- رواه ابن حبان(3004)وحسنه الألباني وصححه شعيب الأرنؤوط.
15-مسلم7-(920)،وأحمد(26543)،وأبو داود(3118)، وابن ماجة(1454)
،وابن حبان(7041).
16-البخاري(1292)،ومسلم 17 - (927)،وأحمد(247)،وابن ماجة(1593)
،والنسائي(1853)
17-البخاري (1292)،و مسلم 16 - (927) ،وأحمد(248)،والنسائي(1848).
18-"النووي على مسلم" (6/228-229)دار إحياء التراث العربي –بيروت-الطبعة الثانية .
19-مسلم 49 - (943)،وأحمد(14145)،وأبو داود(3148)،والنسائي
(1895)وابن حبان(3034).
20-مسلم 58 - (947)،وأحمد(13804)،والترمذي(، والنسائي(1992) ، والنسائي(1992)،وابن حبان(3081).
21-مسلم59 - (948)،وأبو داود(3170).
22-صحيح : رواه أبو داود(3221)وصححه الألباني.
23-مسلم119 - (1886)،وأحمد(7051).
24- البخاري(1952) ، ومسلم 153 - (1147)،وأبو داود(2400)،وابن خزيمة(2052)،وابن حبان(3569).
25-البخاري(1953)، ،وأحمد(2336).
26-صحيح :البخاري(1953)،ومسلم 154 - (1148) ، وأحمد(3420) وأبو داود(3310)واللفظ له.
27-صحيح : رواه النسائي(2634) وصححه الألباني
28-مسلم 157 - (1149)،وأحمد(23032)،وأبو داود(2877)،
والترمذي(667)
29- رواه ابن حبان(3992)وصححه الألباني وحسنه شعيب الأرنؤوط.
30-مسلم 156 - (1148)واللفظ له ، وابن حبان(4396).
31-البخاري(2761) ،ومسلم 1 - (1638)،وأحمد(1893)،وأبو داود(3307)،والترمذي(1546)،وابن ماجة(2132)،والنسائي(3659)،وابن حبان(4393)
32-البخاري(1852،7315).
33- صحيح موقوف : رواه أبو داود(2401) وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط.
34-مسلم 11 - (1630)،وأحمد(8841)،وابن ماجة(2716)،والنسائي
(3652)،وابن خزيمة(2498).
35-البخاري(1388، 2760)،ومسلم 51 - (1004).
36- حسن :رواه أحمد (6704)،وأبو داود(2883) وحسنه الألباني وشعيب الأرنؤوط.
37-مسلم14 - (1631)،وأحمد(8844)،وأبو داود(2880)،والترمذي
(1376)،والنسائي(3651)،وابن حبان(3016).
38- رواه أحمد(10610) وحسنه شعيب الأرنؤوط ،وابن ماجة(3660)
وصححه الألباني في " صحيح الجامع"(1617).
39-رواه البزار في " البحر الزخار"( 7289)،والبيهقي في " الشعب"( 3175)،
وأبو نعيم في " الحلية"(2/343)وحسنه الألباني في" صحيح الجامع"(3602) ، و"صحيح الترغيب والترهيب"(73).
40-مسلم 11 -(2552)،وأحمد(5653)،وأبوداود(5143)،والترمذي(1903).
41-صحيح : رواه ابن حبان(432)،وأبو يعلى في " مسنده"( 5669)،وصححه الألباني في " صحيح الجامع"( 5960)، و" الصحيحة"(1432).

 

 










=====================

ج5.معاني القران للنحاس

ج5.معاني القران للنحاس ج5. الكتاب : معاني القرآن الكريم المؤلف : ابو جعفر احمد بن محمد بن اسماعيل النحاس أي والحافظاتها ونظيره ... ...